top of page

30/6/2021

نتائج قمة بايدن – بوتين.. وردود الأفعال الغربية

التقى‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬كرئيس‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬16‭ ‬يونيو،‭ ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الأولى‭ ‬الشهيرة‭ ‬بين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬والروس،‭ ‬مثل‭ ‬الاجتماعات‭ ‬بين‭ ‬جون‭ ‬إف‭ ‬كينيدي‭ ‬ونيكيتا‭ ‬خروتشوف‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬1961،‭ ‬وبين‭ ‬رونالد‭ ‬ريجان‭ ‬وميخائيل‭ ‬جورباتشوف‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬1985،‭ ‬قد‭ ‬دخلت‭ ‬التاريخ‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬لحظات‭ ‬حاسمة‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬القوتين‭ ‬العظميين،‭ ‬سيكون‭ ‬من‭ ‬المنصف‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬القمة‭ ‬في‭ ‬جنيف‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2021‭ ‬تمثل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬إعادة‭ ‬ضبط‭ ‬الوضع‭ ‬السابق‭ ‬بين‭ ‬موسكو‭ ‬وواشنطن،‭ ‬بعد‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الارتباك‭ ‬بفترة‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭.‬

تعد‭ ‬القمة‭ ‬الاجتماع‭ ‬الرئيسي‭ ‬ضمن‭ ‬جولة‭ ‬بايدن‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬والتي‭ ‬جرت‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬التقى‭ ‬بقادة‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬السبع‭ ‬الكبرى‭ ‬وحلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬حيث‭ ‬أتاح‭ ‬الاجتماع‭ ‬الفرصة‭ ‬الأولى‭ ‬لبايدن‭ ‬لتحديد‭ ‬نهجه‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الخاص‭ ‬ضد‭ ‬أحد‭ ‬المنافسين‭ ‬العالميين‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬

كانت‭ ‬تفاصيل‭ ‬المناقشات،‭ ‬وخاصة‭ ‬محادثات‭ ‬بايدن‭ ‬الشخصية‭ ‬الفردية‭ ‬مع‭ ‬بوتين،‭ ‬تحت‭ ‬حراسة‭ ‬مشددة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬نقاط‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬كانت‭ ‬معروفة‭ ‬جيدًا‭ ‬مسبقًا،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬معارضة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لخط‭ ‬أنابيب‭ ‬نورد‭ ‬ستريم‭ ‬2‭ ‬الروسي‭ ‬مع‭ ‬أوروبا،‭ ‬مما‭ ‬يثير‭ ‬القلق‭ ‬بشأن‭ ‬العدوان‭ ‬الروسي‭ ‬على‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي،‭ ‬وتفسير‭ ‬حدوث‭ ‬الهجمات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الضارة‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬يُزعَم‭ ‬أن‭ ‬موسكو‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬دبرتها‭.‬

ربما‭ ‬كان‭ ‬أهم‭ ‬عنصر‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمحللين‭ ‬هو‭ ‬كيفية‭ ‬إجرائها؛‭ ‬فلم‭ ‬تتحول‭ ‬المحادثات‭ ‬لتصبح‭ ‬متوترة‭ ‬أو‭ ‬تصادمية‭ ‬بشكل‭ ‬علني،‭ ‬وذلك‭ ‬نظرًا‭ ‬للإدارة‭ ‬الدقيقة‭ ‬لإجراءاتها‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬الأمريكيين‭ ‬الحاضرين،‭ ‬وقد‭ ‬أشار‭ ‬ديفيد‭ ‬إي‭ ‬سانجر‭ ‬ومايكل‭ ‬دي‭. ‬شير‭ ‬وأنتون‭ ‬ترويانوفسكي،‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬في‭ ‬تحليلهم،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الزعيمين‭ ‬لم‭ ‬‮«‬يتركا‭ ‬الانطباع‭ ‬بأنهما‭ ‬كانا‭ ‬يحاولان‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬بعضهما‭ ‬البعض،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬إجراء‭ ‬الاجتماع‭ ‬بحذر‭ ‬شديد؛‭ ‬لتجنب‭ ‬إظهار‭ ‬وجود‭ ‬صداقة‭ ‬بينهما‮»‬‭. ‬وتأكيدًا‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬كانت‭ ‬جميع‭ ‬اجتماعات‭ ‬القمة‭ ‬رسمية‭ ‬بطبيعتها،‭ ‬وانتهت‭ ‬المناقشات‭ ‬قبل‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬الموعد‭ ‬المخطط‭ ‬لها‭.‬

وتعد‭ ‬الاحترافية‭ ‬المتعمدة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬المناقشات‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مؤشرًا‭ ‬واضحًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬نهج‭ ‬بايدن‭ ‬تجاه‭ ‬روسيا‭ ‬سيكون‭ ‬مختلفًا‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬عن‭ ‬نهج‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭. ‬وقد‭ ‬سلّط‭ ‬روبين‭ ‬ديكسون،‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬واشنطن‭ ‬بوست،‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬‮«‬الطابع‭ ‬العملي‮»‬‭ ‬للقمة،‭ ‬في‭ ‬تناقض‭ ‬حاد‭ ‬مع‭ ‬الاجتماع‭ ‬السابق‭ ‬بين‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬وبوتين،‭ ‬الذي‭ ‬استضافته‭ ‬هلسنكي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018‭. ‬بينما‭ ‬أشارت‭ ‬كاثرين‭ ‬فيليب،‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬التايمز،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬تم‭ ‬الترتيب‭ ‬لكل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬بايدن‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬بوتين‭ ‬لتجنب‭ ‬أي‭ ‬أصداء‭ ‬لمقابلة‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬الكارثية‭ ‬في‭ ‬فنلندا‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬اختار‭ ‬ترامب‭ ‬الوقوف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الزعيم‭ ‬الروسي‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬وكالات‭ ‬استخباراته‭ ‬بشأن‭ ‬التدخل‭ ‬الروسي‭ ‬المزعوم‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لعام‭ ‬2016‭. ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬اللهجة‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬واشنطن،‭ ‬أعلن‭ ‬لوك‭ ‬هاردينج،‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان،‭ ‬بشكل‭ ‬قاطع‭ ‬أن‭ ‬‮«‬عصر‭ ‬ترامب‭ ‬الغريب‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التنبؤ‭ ‬بأحداثه‭ ‬قد‭ ‬انتهى‮»‬‭.‬

ونظرًا‭ ‬لأن‭ ‬تفاصيل‭ ‬المناقشة‭ ‬بينهما‭ ‬غير‭ ‬معروفة،‭ ‬فقد‭ ‬رأى‭ ‬المعلقون‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬بين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬والروس‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬نقاط‭ ‬قليلة،‭ ‬وذكرت‭ ‬شبكة‭ ‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إشادة‭ ‬الزعيمين‭ ‬بالمحادثات‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المفاوضات‭ ‬‮«‬أحرزت‭ ‬تقدمًا‭ ‬ملموسًا‭ ‬ضئيلًا‮»‬،‭ ‬وفقًا‭ ‬لهاردينج،‭ ‬تعتبر‭ ‬القضية‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إحراز‭ ‬تقدم‭ ‬بشأنها‭ ‬علنًا‭ ‬كانت‭ ‬تتعلق‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وروسيا‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬وهي‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬المشاورات‭ ‬المستقبلية‭ ‬بشأن‭ ‬معاهدة‭ ‬ستارت‭ ‬الثالثة‭ ‬النووية‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬المواقف‭ ‬الدولية‭ ‬لروسيا‭ ‬عقب‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬جنيف،‭ ‬اعتبر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬أن‭ ‬القمة‭ ‬تعد‭ ‬انتصارًا‭ ‬دبلوماسيًّا‭ ‬لفلاديمير‭ ‬بوتين،‭ ‬حيث‭ ‬إنه،‭ ‬وفقًا‭ ‬لروبين‭ ‬ديكسون،‭ ‬سافر‭ ‬إلى‭ ‬الاجتماع‭ ‬‮«‬دون‭ ‬أن‭ ‬يخسر‭ ‬شيئًا،‭ ‬وعاد‭ ‬إلى‭ ‬بلده‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬تقريبًا‮»‬‭. ‬وانتقد‭ ‬جاري‭ ‬كاسباروف،‭ ‬بطل‭ ‬الشطرنج‭ ‬السابق‭ ‬والرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬لمبادرة‭ ‬تجديد‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬انعقاد‭ ‬القمة،‭ ‬بحجة‭ ‬أن‭ ‬بوتين‭ ‬قد‭ ‬استفاد‭ ‬منها‭ ‬لأن‭ ‬‮«‬الحكام‭ ‬المستبدين‭ ‬يحبون‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬تضعهم‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬المساواة‭ ‬مع‭ ‬القادة‭ ‬الديمقراطيين،‭ ‬وتعتبر‭ ‬المحادثات‭ ‬الفردية‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬هي‭ ‬أكثر‭ ‬الجوائز‭ ‬المرغوبة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬لبوتين‮»‬‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬عكست‭ ‬الصحافة‭ ‬الروسية‭ ‬مدى‭ ‬رضاها‭ ‬عن‭ ‬سياسات‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وتحوّلت‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬معادية‭ ‬له‭ ‬إلى‭ ‬داعمة‭ ‬لتكتيكاته‭ ‬التفاوضية‭ ‬الحثيثة‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬القمة،‭ ‬لدرجة‭ ‬أنها‭ ‬وصفته‭ ‬بـالقيادي‭ ‬‮«‬المنصف‮»‬‭ ‬و«البنّاء‮»‬‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬الرضا‭ ‬والدعم‭ ‬لا‭ ‬يرتكز‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬الأخير‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬العلاقات،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬من‭ ‬الرضا‭ ‬التي‭ ‬تعتري‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الروسية‭ ‬لبايدن‭ ‬تعود‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬إلى‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يرونه‭ ‬الآن‭ ‬منافسًا‭ ‬أو‭ ‬مناهضًا‭ ‬قويًّا‭ ‬لخطط‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬لموسكو‭.‬

وقد‭ ‬تباينت‭ ‬تحليلات‭ ‬المعلقين‭ ‬والخبراء‭ ‬الغربيين‭ ‬بشدة‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬بايدن‭ ‬قد‭ ‬نجح‭ ‬حقًّا‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬جنيف؛‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬القمة،‭ ‬قال‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬للصحفيين‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬فعل‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬أجله‮»‬‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وضع‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الخطوط‭ ‬الحمراء‭ ‬للرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬لعدم‭ ‬تجاوزها،‭ ‬وكشف‭ ‬عن‭ ‬تسليمه‭ ‬لنظيره‭ ‬الروسي‮ ‬قائمة من‭ ‬16‭ ‬نموذجًا‭ ‬من‭ ‬‮«‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الحيوية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬‮«‬محظورة‮»‬‭ ‬على‭ ‬الهجمات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الروسية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬المساس‭ ‬بها‭ ‬فيمكن‭ ‬لواشنطن‭ ‬الرد‭ ‬المباشر‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬في‭ ‬النهاية‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬جادل‭ ‬روجر‭ ‬بويز،‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬التايمز‭ ‬البريطانية،‭ ‬بأن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬كان‭ ‬‮«‬ساذجًا‮»‬‭ ‬خلال‭ ‬محادثاته‭ ‬مع‭ ‬بوتين،‭ ‬وأن‭ ‬قمة‭ ‬جنيف‭ ‬تمثل‭ ‬‮«‬فعلًا‭ ‬حالة‭ ‬أشبه‭ ‬بالتهدئة‮»‬‭ ‬مع‭ ‬الجانب‭ ‬الروسي،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬ريبيكا‭ ‬هاينريش،‭ ‬الزميلة‭ ‬البحثية‭ ‬في‮ ‬معهد‭ ‬هدسون،‭ ‬أوضحت‭ ‬أن‭ ‬معارضة‭ ‬بايدن‭ ‬غير‭ ‬الحازمة‭ ‬لخط‭ ‬أنابيب‭ ‬نورد‭ ‬ستريم‭ ‬2‭ ‬خلال‭ ‬انعقاد‭ ‬القمة‭ ‬أظهرت‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يتصدى‭ ‬بحزم‭ ‬ضد‭ ‬بوتين‮»‬‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬علق‭ ‬‮«‬ماكس‭ ‬بيرجمان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬التقدم‭ ‬الأمريكي،‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬لن‭ ‬تحبس‭ ‬أنفاسها‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬صامتة‮»‬‭ ‬بشأن‭ ‬أي‭ ‬تغير‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬بوتين‭ ‬لما‭ ‬تمت‭ ‬مناقشته‭ ‬في‭ ‬جنيف‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الثناء‭ ‬لـ‭ ‬بايدن،‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬باستخدامه‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬الحذرة‭ ‬والحنكة‭ ‬السياسية‭ ‬لمواجهة‭ ‬بوتين؛‭ ‬حيث‭ ‬وصف‭ ‬جيه‭ ‬بريان‭ ‬أتوود،‭ ‬الباحث‭ ‬الزائر‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬واتسون‭ ‬بجامعة‭ ‬براون‭ ‬ووكيل‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬السابق‭ ‬خلال‭ ‬إدارة‭ ‬كلينتون،‭ ‬تكتيكات‭ ‬قمة‭ ‬بايدن‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬تتسم‭ ‬بالدبلوماسية»؛‭ ‬لأنها‭ ‬‮«‬وضعت‭ ‬آلية‭ ‬للحوار‭ ‬المستقبلي‭ ‬مع‭ ‬الروس‮»‬‭ ‬كما‭ ‬سمحت‭ ‬لبايدن‭ ‬بتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬اعتراضات‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬الخطورة‭ ‬التي‭ ‬تمثلها‭ ‬الهجمات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬والتهديدات‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬والتوترات‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الاعتراض‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬معاملة‭ ‬زعيم‭ ‬المعارضة‭ ‬الروسي‭ ‬أليكسي‭ ‬نافالني‭. ‬وأضاف‭ ‬أتوود‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬معرفة‭ ‬الآثار‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬لهذه‭ ‬القمة‭ ‬بعد،‭ ‬‮«‬لكن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬واضح‭ ‬من‭ ‬القمة‭ ‬في‭ ‬جنيف‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬نتائج‭ ‬حقيقية‭ ‬وقتية‭ ‬تم‭ ‬إنجازها‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬استخدام‭ ‬السياسة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الفعالة‮»‬‭.‬

واتفق‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬كاتب‭ ‬العمود‭ ‬والمؤرخ‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬بوست‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬ماكس‭ ‬بوت‮»‬،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬‮«‬مسح‭ ‬ابتسامة‭ ‬الغرور‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬بوتين‮»‬‭ ‬بأهدافه‭ ‬‮«‬المتواضعة‮»‬‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬‮«‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الاستقرار‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬ضبط‭ ‬تحركات‭ ‬الكرملين‭ ‬المثيرة‭ ‬للجدل‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬وصفه‭ ‬‮«‬بوت‮»‬‭ ‬بأنه‭ ‬جعل‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬‮«‬خافتة‭ ‬وبعيدة‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬شعور‭ ‬بالانتصار‭ ‬والغطرسة‮»‬‭ ‬خلال‭ ‬المؤتمرات‭ ‬الصحفية‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬القمة‭. ‬ومن‭ ‬جانبه‭ ‬أيضًا،‭ ‬يرى مدير‭ ‬مركز‭ ‬أوراسيا‭ ‬التابع‭ ‬للمجلس‭ ‬الأطلسي‭ ‬‮«‬جون‭ ‬هيربست‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬القمة‭ ‬ذاتها‭ ‬تعتبر‭ ‬‮«‬تنازلاً‭ ‬من‭ ‬الكرملين»؛‭ ‬لأن‭ ‬‮«‬أداء‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬جنيف‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يمنح‭ ‬الطمأنينة‮»‬‭ ‬للبلدان‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬المهددة‭ ‬بالفعل‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬أفعالها‭ ‬العدائية‭.‬

ولعل‭ ‬الانتقادات‭ ‬الموجهة‭ ‬إلى‭ ‬اللهجة‭ ‬التي‭ ‬اعتمدها‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬وقوتها‭ ‬ضد‭ ‬تصرفات‭ ‬بوتين‭ ‬الدولية،‭ ‬قادت‭ ‬إلى‭ ‬استنتاجات‭ ‬نهائية‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬بشأن‭ ‬أن‭ ‬القمة‭ ‬نفسها‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬كافية‭ ‬للحكم‭ ‬بشكل‭ ‬فعال‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الروسية‭ ‬خلال‭ ‬الأربع‭ ‬سنوات‭ ‬القادمة‭. ‬وأشار‭ ‬الباحث ستيفن‭ ‬بيفر،‭ ‬في‮ ‬معهد‭ ‬بروكينجز‮ ‬الأمريكي،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬من‭ ‬السابق‭ ‬لأوانه‭ ‬معرفة‭ ‬ذلك‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬خلص‭ ‬هيربست‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬بينما‭ ‬تمتع‭ ‬بوتين‭ ‬بميزة‭ ‬الخروج‭ ‬بصورة‭ ‬القوي‭ ‬من‭ ‬قمة‭ ‬جنيف،‭ ‬فإن‭ ‬اللعبة‭ ‬الحقيقية‭ ‬قادمة‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬المقبلة‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬أيضًا‭ ‬توقع‭ ‬بأن‭ ‬الأسلوب‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬لبايدن‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬سيتعين‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يفسح‭ ‬المجال‭ ‬أمامه‭ ‬ليصبح‭ ‬أكثر‭ ‬تشددًا‭ ‬مع‭ ‬بوتين‭. ‬وقد‭ ‬أوضح‭ ‬كاسباروف‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬فشلت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬عدوان‭ ‬روسي‭ ‬مستقبلي،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬بوتين‭ ‬سيقتنع‭ ‬بأن‭ ‬بايدن‭ ‬هو‭ ‬نمر‭ ‬من‭ ‬ورق‭ ‬أمريكي‭ ‬آخر‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الكلمات‭ ‬والتعهدات‭ ‬سهلة‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬العمل‭ ‬والالتزام‭ ‬بها‭ ‬صعب‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‮»‬‭. ‬ومن‭ ‬جانبه‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬جون‭ ‬سوبيل‮»‬،‭ ‬مراسل‭ ‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬السيد‭ ‬بوتين‭ ‬سيختبر‭ ‬في‭ ‬النهاية‮»‬‭ ‬‮«‬حدود‮»‬‭ ‬بايدن،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬‮«‬سيتعين‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬أن‭ ‬يقرر‭ ‬كيف‭ ‬سيرد‭ ‬عليه‭ ‬حال‭ ‬تجاوزه‭ ‬الخطوط‭ ‬الحمراء‭ ‬المتفق‭ ‬عليها‮»‬‭. ‬

في‭ ‬النهاية‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬قمة‭ ‬جنيف‭ ‬بين‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬وفلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬كانت‭ ‬بداية‭ ‬جديدة‭ ‬متفائلة‭ ‬ومهنية‭ ‬للعلاقات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الروسية،‭ ‬فمن‭ ‬الواضح‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬القمة‭ ‬لن‭ ‬تمثل‭ ‬سوى‭ ‬حلقة‭ ‬أولى‭ ‬من‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬اللقاءات‭ ‬المقرر‭ ‬انعقادها‭ ‬بين‭ ‬موسكو‭ ‬وواشنطن‭ ‬أثناء‭ ‬وجودهما‭ ‬في‭ ‬السلطة‭. ‬

{ انتهى  }
bottom of page