top of page

مقالات رئيس المركز 

د. عمر الحسن

Picture No.3.JPG
4/1/2020

الحالة الأمنية في البحرين عام 2019.. نظرة تقييمية (2-2)

استندت وزارة الدَّاخلية في تَّعاملها مع التَّحدّيات والتهديدات التي تواجه المملكة على استراتيجية قائمة على ضرورة التَّكامل بين الجهود الدَّاخلية والخارجية، ورفع كفاءة الأجهزة الأمنية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان والتَّعاون بين الوزارات المختلفة، وتعزيز المشاركة المجتمعيَّة، وبناء جسور الثِّقة بين المجتمع وجهاز الشرطة، وأهمية إدراك أنَّ مواجهة المؤامرة ضدّ البحرين بحاجة إلى مشاركة من كل مسؤولي ومؤسَّسات الدَّولة، والتَّنسيق معهم، وتبصرتهم بحقائق الأمور؛ ليكونوا سندًا للوزارة في أداء رسالتها، وهو ما دأبَ عليه وزير الدَّاخليَّة من خلال تواصله مع الجهات المعنيَّة بالهمّ الأمنيِّ، والتي تمثِّل الشَّعب أو لها دور مهمّ في توعيته، سواء أكانتْ هذه الجهات برلمانيَّة أو تعليميَّة أو دينيَّة أو إعلاميَّة أو منظَّمات مجتمع مدنيّ أو محافظات وغيرها؛ ولهذا، حرص الوزير على نشر إحصائيات وبيانات توضح جهود الوزارة في مكافحة الإرهاب، ونشر دليل بالمنظمات الإرهابية، بالإضافة إلى نصائحه وتوجيهاته لأولياء الأمور بمتابعة أبنائهم وحمايتهم من الانحراف وضرورة العمل على ما يقيهم من الوقوع في فخِّ المخرِّبين والدَّاعين إلى الفرقة والكراهية. 
واتّخذت الوزارة خلال عام 2019 العديد من الإجراءات التي هي نتاج لجهود متواصلة واستراتيجية مدروسة ومحدّدة مسبقًا تهدف إلى تطوير أداء أفرادها ومنتسبيها، وكان ذلك من خلال: 
- تطوير المنظومة الأمنية؛ إذ قامت الوزارة عام 2019 بتطوير عددٍ من الاستراتيجيات الأمنيَّة التي مكَّنتها من تكثيف جهودها وزيادة قدراتها الاستباقيَّة.. من أهمها عقد عدد من الدَّورات التَّدريبيَّة التي تنطلق من أهمّيَّة الاستثمار في العنصر البشريّ كمحورٍ رئيسيٍّ في مسيرة التَّحديث والتَّطوير والعصرنة، والتي بلغت (162) دورة تدريبية؛ لمواجهة التَّحدّيات، إذ يتمّ أخذ التَّطوّرات والمتغيّرات المستمرّة بعين الاعتبار؛ لتطوير البرامج، خاصَّة المتعلِّقة بالإرهاب والجرائم الاقتصاديَّة والإلكترونيَّة. 
- تطوير الأساليب المتَّبعة، في إتمام العمليَّات الجنائيَّة أو الخدميَّة؛ بهدف تحقيق الدِّقَّة والسُّرعة اللازمتين للعمل الأمنيّ، باستحداث عدد من الأنظمة والخدمات المتقدمة، من بينها؛ نظام البيئة لرصد الإشعاع النووي والتلوث البيئي، والنظام الجنائي الموحد، وتتبع الدوريات، والكاميرات الأمنية، والبدالة الإلكترونية، وأجهزة الإنذار، ونظام تسجيل السفن، وتطبيقات إدارة الموارد والواجبات، وهي إحدى تطبيقات النظام الجغرافي الأمني الجديد. وبالنظر إلى ما تمَّ خلال العام؛ نجد أنَّ ذلك تمَّ على عدَّة مستويات، منها:
الجهود الاستباقيَّة؛ تمكَّنت الأجهزة الأمنيَّة من إحباط (6) مخططات إرهابيَّة، تم خلالها القبض على أكثر من (14) فردا من العناصر التي تنتمي إلى تنظيمات إرهابيّة متعددة، كتنظيم سرايا الأشتر الإرهابي، وجماعة شباب 14 فبراير المصنفة كجماعة إرهابية. 
الأمن المعلوماتيّ وحماية منظوماته، تمَّ تفعيل برامج للتَّوعية الأمنيَّة، وتشغيل نظام منع اختراق الأجهزة الحكوميَّة، وتفعيل أنظمة الجدار الناريّ، واتباع نهج المراقبة الاستباقية وهو ما تمكنت هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية من خلاله من كشف ورصد أي هجمات إلكترونية والقضاء عليها في مهدها، وحجب كل بريد إلكتروني ضار، والتصدي لمحاولات استهداف الأنظمة الحكومية.
- التَّعاون مع السُّلطة التَّشريعيَّة: في إطار حرص وزير الداخلية الدائم على إطلاع المجلس الوطنيّ بغرفتيه النّوَّاب والشّورى على التَّطوُّرات والمستجدَّات على السَّاحة الأمنيَّة، وتبصرته بحقائق الأمور، التقى الوزير بأعضاء المجلس الوطني مرتين هذا العام، إذ شرح المستجدات على الساحة الأمنية، وبحث معهم سبل تعزيز التَّعاون من خلال تطوير التَّشريعات التي تحفظ مكتسبات الوطن وتضمن حفظ أمنه واستقراره. 
وهو ما تجاوب معه النواب بمناقشة (11) مشروعًا بقانون و(4) مقترحات بنسبة 23.5% من إجمالي ما عرض على المجلس من مقترحات تتعلق بتعديلات على قوانين: «حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية والمواد المخدرة، والعقوبات، ومؤسسة الإصلاح، والمرور، وغسيل الأموال، وتنظيم استخدام الطائرات المسيرة آليًا أو ذاتيًا «الدرونر». بالإضافة إلى أمر ملكي رقم (54) بتعيين مستشار للأمن القومي، وقرار من مجلس الوزراء رقم (6- 2533) بقائمة مملكة البحرين للإرهاب. 
- تفعيل المشاركة المجتمعيَّة، وهو ما تجسَّد في عقد وزير الداخلية لقاءات مع كل مكوّنات الشَّعب البحرينيّ، من رجال الدِّين، والأكاديميين، والوجهاء، ورجال الإعلام، ومنظمات وهيئات المجتمع المدني وأعضاء في غرفة تجارة وصناعة البحرين، والجمعيات النسائية، وشخصيَّات عامَّة، لإطلاعهم على مستجدات الأوضاع، فضلا عن التواصل مع وسائل الإعلام وإمدادها بالمعلومات التي تمكِّنها من نقل صُّورة حقيقية لعمل جهاز الشُّرطة، عبرَ اللقاءات بهم، والاستماع إليهم، وهو ما يتجلَّى في حوارات الوزير الصَّحفيَّة، وذلك في إطار سياسة المكاشفة التي دأبَ على انتهاجها في الأمور المتعلِّقة بالوضع الأمنيِّ، إضافة إلى ردود الإعلام الأمنيّ على ما يُثَار في الصَّحافة من أخبار أو تعليقات تخصُّ الوزارة، والتي بلغَ عددها (24) تصريحًا وبيانًا.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ فقد دأبَ وزير الدَّاخليَّة على القيام بزيارات ميدانيَّة للمحافظات لمتابعة سير العمل فيها، وليؤكِّد فيها ضرورة وجود قواعد للمعلومات والبيانات لديها، يتمُّ الارتكاز عليها في اتِّخاذ القرارات؛ ما يسهم في تصميم الفعاليَّات والمشاريع التي تخدم المجتمع، فضلا عن تأكيده أهمّيَّة رفع تقارير دوريَّة عن مدى التَّواصل مع الأهالي بالمحافظات، والاستماع والاهتمام بشكاويهم. 
2- المواجهة الخارجية
في ظلِّ تعاظم التَّهديدات الأمنيَّة واتّساع دائرة مخاطرها وامتداد تداعياتها، تزداد أهمّيَّة التَّعاون الأمنيّ الخارجيّ، إقليميًّا ودوليًّا، واستنادًا إلى ذلك تعاونت وزارة الداخلية مع وكالات الشرطة وأجهزة الاستخبارات في العالم، إلى جانب المشاركة في الاجتماعات الإقليميَّة والدّوليّة، بهدف تحسين القدرات الأمنيَّة والدِّفاعيَّة، ورفع الجهوزيَّة، والإفادة من تجارب وخبرات الدّول الأخرى.. وهو ما يمكننا معه القول: إن تدويل وزارة الداخلية البحرينية لممارساتها الأمنية ساعدها على درء العديد من المخاطر والتهديدات التي تعرضت لها، وذلك من خلال:
أ- اللقاءات والزيارات
 والفعاليات الأمنية 
شاركت البحرين في «25» اجتماعا أمنيًّا منها؛ «16» اجتماعا على المستويين الخليجيّ والعربيّ، يأتي على رأسها مشاركة وزير الداخلية في اجتماعات الدورة السادسة والثلاثين لمجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب في تونس، وترؤس رئيس هيئة الأركان وفد البحرين في أعمال الاجتماع التشاوري الثامن للجنة العسكرية العليا لرؤساء أركان القوات المسلحة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والذي عقد في مسقط بعُمان. 
أمَّا على المستوى الدّوليّ، فقد شاركتْ في (9) اجتماعات دولية، من أهمِّها مشاركة وزير شؤون الدفاع في «مؤتمر الأمن الدولي الثامن»، المنعقد في موسكو بروسيا، ومشاركة وزارة الداخلية في «اجتماع الدورة الـ62 للجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة»، والذي عقد في العاصمة النمساوية «فيينا»، إذ تمَّ بحث الجهود الدّوليَّة المبذولة لمكافحة المخدرات والقضاء عليها.
ولم تقتصر جهودها في الانفتاح على خبرات وتجارب الدول الأخرى في المجال الأمني على الاستقبالات وتبادل الزيارات بينها وبين دول العالم فحسب، وإنما عملت المملكة أيضًا على استضافة وتنظيم الفعاليات الأمنية الإقليمية والدولية، والتي بلغت حوالي «6» فعاليات أبرزها، «حوار المنامة 2019»، والذي يعد أكبر قمة أمنية عالمية متخصصة في المنطقة تعقد سنويًّا وفعاليات النسخة الثانية من معرض البحرين الدولي للدفاع «بايدك 2019»، والذي يعرض أبرز الابتكارات والإبداعات العسكرية في العالم، وأعمال مؤتمر «التكنولوجيا العسكرية في الشرق الأوسط»، «MEMTEC» والذي ناقش عددا من المسائل المهمة بما في ذلك الوضع الحالي للتكنولوجيا العسكرية ومستقبلها. 
ب- التَّعاون الأمنيّ المشترك 
وتمثَّل في تبادل الزِّيارات التي تخطَّت الـ(150) زيارة وتنوَّعت ما بين زيارات لهيئات ومؤسَّسات إقليميَّة ودوليَّة وزيارات لمسؤولين أمنيين من وإلى البحرين، والتي تُساعد على زيادة المعرفة بأحدث الأساليب الأمنيَّة المتَّبعة في مكافحة الجرائم بكل أشكالها، إضافة إلى التنسيق الأمني وتبادل الخبرات. 
ج- التمارين المشتركة 
شاركت البحرين في «11» تمرينا مشتركا مع دول شقيقة وصديقة، وذلك بهدف تفعيل برامج وخطط التَّدريب، وتعزيز التَّعاون الدِّفاعيّ للوصول إلى رؤية موحّدة للتَّنسيق والتَّعاون، ومن أبرزها التَّمرين المشترك «حمد/3» الذي نفَّذته قوَّة دفاع البحرين ممثّلة بالقوَّة الخاصَّة الملكيَّة بالتعاون مع القوَّات المسلّحة المصريَّة، ومشاركة سلاح البحرية الملكيّ في المرحلة النهائية للتمرين البحري الثنائي «جسر 20» بالتعاون مع القوات البحرية الملكية السعودية، بالإضافة إلى المشاركة في فعاليات التمرين الأول للتحالف الأمني الدولي 2019 والذي تستضيفه الإمارات. ومن خلال القراءة السابقة للمهددات التي واجهت البحرين والإجراءات التي اتخذتها للمواجهة خلال عام 2019 يمكننا رصد بعض النتائج:
أولا: تبني عاهل البلاد - عبر متابعته الدءوبة والدائمة لكل هموم أبناء الوطن- استراتيجية علمية في إدارة الملف الأمني ارتكزت على الأسس والخطوات المنهجية المتعارف عليها في إدارة الأزمات، بداية من الإقرار بوجود الأزمة، مرورًا بوضع الاستراتيجيات والبدائل الملائمة لمواجهتها، وصولاً إلى تعبئة وحشد كل موارد وإمكانيات الدولة بجميع أجهزتها ومؤسساتها وعلى رأسها وزارة الداخلية وقوة دفاع البحرين للتعامل مع الأزمة.
ثانيا: المراقب لأداء قوة دفاع البحرين بقيادة المشير الركن الشيخ «خليفة بن أحمد آل خليفة»، ووزارة الداخلية بقيادة الفريق الركن الشيخ «راشد بن عبدالله آل خليفة»، يلاحظ أنهما طبقا بنجاح ما يطلق عليه بـ«الأمن الابتكاري» بانتهاج طرق غير تقليدية في مواجهة ما تشهده المملكة من تحديات، ما كان نتيجته النجاح في مواجهة كل المؤامرات التي تهدد أمن واستقرار البحرين. 
ثالثا: الأداء الأمني لوزارة الداخلية البحرينية منذ أزمة فبراير2011 وحتى اليوم يعد نموذجًا تحتذي به وزارات الداخلية في المنطقة بفضل المهارة العالية في سرعة احتواء الأزمات، والحد من تداعياتها، والتصدي لكل الأعمال الإجرامية التي يتم التخطيط لها، وإجهاضها قبل وقوعها، والعمل على إعادة الحياة الطبيعية وفق عمل أمني منضبط يراعي حقوق الإنسان، دون السماح بنشر الفوضى وإشاعة عدم الاستقرار، وهو ما ظهر واضحا في تراجع هذه الأعمال وتقلص الخسائر البشرية والمادية بدرجة غير مسبوقة. 
وعليه، لم يكن غريبًا جراء هذه الجهود نجاح تجربة البحرين في عبور مرحلة الاضطراب التي شهدتها المنطقة في2011. وتحويلها إلى نقطة الانطلاق وتحقيق الإنجازات الدولية واحدًا تلو الآخر، والتي كان منها عام 2019:
‭{‬ حصول الشرطة البحرينية على المركز الرابع دوليًا في مؤشر الأمن وفق تقرير التنافسية العالمي2019 من بين 141 دولة، وتحقيقها المركز الثالث في التعامل مع الجرائم المنظمة، والخامس في جدارة خدمات الشرطة، والتاسع في تدني جرائم القتل. 
‭{‬ إشادة تقرير «الخارجية الأمريكية» في الأول من نوفمبر 2019. بجهود البحرين في مجال مكافحة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله.
‭{‬ اختيار «البنك الدولي» للجنة التخليص الجمركي نموذجًا عالميًا في تيسير حركة التجارة ومعالجة المعوقات بين الجمارك والجهات العاملة في المنافذ. 
‭{‬ تحقيق الحرس الوطني المركز الثاني عالميا خلال مشاركته في مسابقة المشاة بعصا قياس الخطوات العسكرية، والتي أقيمت في كلية «ساند هيرست» الملكية البريطانية.
‭{‬ حصول مديرية شرطة مطار البحرين الدولي على شهادة نظام إدارة الجودة من قبل شركة TUV NORD الألمانية.
‭{‬ فوز وزارة الداخلية ممثلة في إدارة الموارد البشرية بجائزة «ستيفي العالمية» المعنية بالإبداع والتميز المؤسسي والأعمال الدولية في دورتها السادسة عشرة عن برنامج «معًا» المخصص لمكافحة العنف والإدمان.
‭{‬ فوز وزارة الداخلية ممثلة في إدارة مكافحة المخدرات بالمركز الثاني عربيًا في مسابقة أفضل تعاون معلوماتي عملياتي على المستوى العربي والإقليمي والدولي والتي تصدر عن الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب.
‭{‬ فوز وزارة الداخلية ممثلة بالإدارة العامة للدفاع المدني، بالمركز الثاني في المسابقة الدورية للملصقات التثقيفية المتعلقة بالحماية المدنية في فعاليات المؤتمر العربي السابع عشر لرؤساء أجهزة «الدفاع المدني»، الذي نظمته الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب في مدينة «مراكش» بالمغرب.
خلاصة القول: إن قائمة الإنجازات التي تحققت خلال عام 2019 تطول رغم ما شهدته المنطقة والعالم من أحداث وتحديات، وهي المؤشرات التي جعلت البحرين في مصاف الدول الآمنة، وأثبتت أن المنظومة الأمنية تسير بخطى ثابتة وتدرك وتواكب التطورات الدولية في التعامل مع كل التحديات، وذلك بفضل من الله، ثم بحكمة عاهل البلاد الذي وضع ثقته في فريق أمني يشهد الجميع له بالقدرة والكفاءة والإنسانية، يقوده المشير الركن الشيخ «خليفة بن أحمد آل خليفة»، قائد قوة الدفاع، والفريق الركن الشيخ «راشد بن عبدالله آل خليفة»، وزير الداخلية، اللذان حازا ثقة الشعب ومحبته وإشادة القيادة السياسية التي تابعت جاهزية وزارة الداخلية وقوة الدفاع ووفرت لهما الإمكانات الضرورية، ووجهت بضرورة التصدي لكل ما يهدد أمن الوطن وسلامة المواطنين. ومن ثم، أثبتا أن للوطن درعا يحميه. 

{ انتهى  }
bottom of page