top of page

13/8/2021

دول الخليج والتغيرات المناخية

أصبح‭ ‬تأثير‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬خطرًا‭ ‬ماثلاً‭ ‬تتعرض‭ ‬له‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬ولا‭ ‬توجد‭ ‬دولة‭ ‬بمنأى‭ ‬عنه،‭ ‬وقد‭ ‬رأينا‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬الفيضانات‭ ‬التي‭ ‬اجتاحت‭ ‬دولا‭ ‬أوروبية‭ ‬وآسيوية‭ ‬وإفريقية،‭ ‬وحرائق‭ ‬الغابات‭ ‬في‭ ‬كندا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وتركيا‭ ‬واليونان،‭ ‬وتقلبات‭ ‬الطقس‭ ‬واختلاف‭ ‬مواعيد‭ ‬دخول‭ ‬المواسم‭ ‬المناخية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭. ‬وتشير‭ ‬التقديرات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬إلى‭ ‬خسارة‭ ‬سنوية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬نتيجة‭ ‬لذلك‭ ‬بمقدار‭ ‬1‭.‬7‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬وتقارب‭ ‬30‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2075‭.‬

وكانت‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬فرانس‭ ‬برس‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬أطلقت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬تقريرًا‭ ‬عن‭ ‬تأثير‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬على‭ ‬البشرية،‭ ‬ذكرت‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬نحو‭ ‬166‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬احتاجوا‭ ‬المساعدة‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2015–2019؛‭ ‬بسبب‭ ‬حالات‭ ‬الطوارئ‭ ‬الغذائية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بتغير‭ ‬المناخ،‭ ‬وأن‭ ‬نحو‭ ‬80‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬أكثر‭ ‬عرضة‭ ‬لخطر‭ ‬المجاعة‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2050‭. ‬وخلال‭ ‬الـ30‭ ‬عامًا‭ ‬الماضية‭ ‬بلغ‭ ‬معدل‭ ‬انخفاض‭ ‬إنتاج‭ ‬المحاصيل‭ ‬الزراعية‭ ‬عالميًا‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬4–10‭%‬،‭ ‬وتراجعت‭ ‬كميات‭ ‬صيد‭ ‬الأسماك‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الآستوائية‭ ‬بمعدل‭ ‬يتراوح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬40–70‭%‬،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬نحو‭ ‬2‭.‬25‭ ‬مليار‭ ‬نسمة‭ ‬معرضون‭ ‬لخطر‭ ‬الإصابة‭ ‬بحمى‭ ‬الضنك‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬وإفريقيا‭ ‬وأوروبا،‭ ‬مع‭ ‬توقع‭ ‬أن‭ ‬تتزايد‭ ‬الهجرة‭ ‬بسبب‭ ‬الفقر‭ ‬المائي‭ ‬إلى‭ ‬ستة‭ ‬أضعاف‭ ‬النسبة‭ ‬الحالية‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2050‭. ‬وبسبب‭ ‬الإجهاد‭ ‬المائي‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬تتأثر‭ ‬حياة‭ ‬180‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬الوسطى‭ ‬والجنوبية،‭ ‬وبسبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬أصبحت‭ ‬الظواهر‭ ‬المناخية‭ ‬القصوى‭ ‬أكثر‭ ‬تواترًا،‭ ‬وتحذر‭ ‬هيئة‭ ‬المناخ‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬احتمال‭ ‬زيادة‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة‭.‬

وكاستجابة‭ ‬لذلك،‭ ‬أطلقت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬حملة‭ ‬‮«‬اعملوا‭ ‬الآن‮»‬،‭ ‬دعت‭ ‬فيها‭ ‬الحكومات‭ ‬والشركات،‭ ‬بل‭ ‬والمواطنين‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬مناخ‭ ‬صالح‭ ‬للعيش،‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬خفض‭ ‬انبعاث‭ ‬الغازات‭ ‬الدفيئة‭ ‬إلى‭ ‬معدل‭ ‬صفر‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2050،‭ ‬فيما‭ ‬أطلقت‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬الأغذية‭ ‬والزراعة‮»‬،‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ (‬الفاو‭)‬،‭ ‬تحذيرًا‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬على‭ ‬نظم‭ ‬الإنتاج‭ ‬الزراعي‭ ‬والحيواني‭ ‬والأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬ودخل‭ ‬السكان‭ ‬والنظم‭ ‬البيئية‭ ‬وسبل‭ ‬عيش‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭. ‬

وعلى‭ ‬خطى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬دشن‭ ‬‮«‬البنك‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬2021–‭ ‬2025؛‭ ‬بهدف‭ ‬تحقيق‭ ‬مستويات‭ ‬قياسية‭ ‬من‭ ‬التمويل‭ ‬المتعلق‭ ‬بالأنشطة‭ ‬المناخية‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬النامية،‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الانبعاثات،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التكيف،‭ ‬وتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬يبذلها‭ ‬البنك‭ ‬في‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬المشروعات‭ ‬الخضراء،‭ ‬بما‭ ‬يدمج‭ ‬الأهداف‭ ‬المناخية‭ ‬والإنمائية‭ ‬معًا،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬البنك‭ ‬قد‭ ‬قدم‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬التمويل‭ ‬المناخي‭ ‬متعدد‭ ‬الأطراف‭ ‬للبلدان‭ ‬النامية،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬ثلثي‭ ‬تمويل‭ ‬أنشطة‭ ‬التكيف‭. ‬

وفي‭ ‬تقرير‭ ‬برنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للبيئة‭ ‬بعنوان‭: ‬‮«‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬والبيئي‭ ‬في‭ ‬حوض‭ ‬المتوسط‭.. ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬والمخاطر‭ ‬المستقبلية‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬في‭ ‬حوض‭ ‬المتوسط‭ ‬يحدث‭ ‬بوتيرة‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬الاتجاهات‭ ‬العالمية،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬المعدل‭ ‬السنوي‭ ‬الحالي‭ ‬لدرجات‭ ‬الحرارة‭ ‬برًا‭ ‬وبحرًا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬أعلى‭ ‬بمقدار‭ ‬1‭.‬5‭ ‬درجة‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية،‭ ‬وقد‭ ‬يرتفع‭ ‬بمقدار‭ ‬3.8‭ ‬–‭ ‬6.5‭ ‬درجات‭ ‬قبل‭ ‬نهاية‭ ‬القرن،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تتخذ‭ ‬إجراءات‭ ‬جدية‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭. ‬

وفي‭ ‬يونيو2021‭ ‬في‭ ‬الاجتماع‭ ‬السنوي‭ ‬التاسع‭ ‬للجنة‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬المنبثقة‭ ‬عن‭ ‬البرنامج‭ ‬المذكور‭ ‬بعاليه،‭ ‬جاءت‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬معدل‭ ‬هطول‭ ‬الأمطار‭ ‬الصيفية‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬10–30‭%‬،‭ ‬وتفاقم‭ ‬شح‭ ‬المياه،‭ ‬وزيادة‭ ‬التصحر،‭ ‬ونقص‭ ‬الإنتاجية‭ ‬الزراعية،‭ ‬وارتفاع‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬العميقة‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ارتفاع‭ ‬تركيز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون،‭ ‬وزيادة‭ ‬حموضة‭ ‬مياه‭ ‬المتوسط‭ ‬السطحية‭. ‬

وفيما‭ ‬ارتفع‭ ‬منسوب‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬6سم‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬العشرين‭ ‬الأخيرة،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الزيادة‭ ‬قد‭ ‬ترتفع‭ ‬إلى‭ ‬متر‭ ‬إذا‭ ‬تسارع‭ ‬ذوبان‭ ‬الجليد‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬القطب‭ ‬الجنوبي،‭ ‬وقد‭ ‬تواكب‭ ‬هذا‭ ‬مع‭ ‬تغير‭ ‬نمط‭ ‬استخدامات‭ ‬الأراضي‭ ‬لحساب‭ ‬التوسع‭ ‬العمراني،‭ ‬وتكثيف‭ ‬الإنتاج‭ ‬الزراعي‭ ‬والصيد‭ ‬المفرط‭ ‬والتلوث‭ ‬بجميع‭ ‬أشكاله،‭ ‬وازدياد‭ ‬تركيز‭ ‬الأوزون‭ ‬الأرضي‭ ‬وزيادة‭ ‬انبعاث‭ ‬أكاسيد‭ ‬الأزوت‭ ‬وزيادة‭ ‬عواصف‭ ‬الغبار،‭ ‬وزيادة‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬مياه‭ ‬الري‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬70‭%‬‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬التغيرات‭ ‬السكانية‭ ‬ونمو‭ ‬المراكز‭ ‬الحضرية‭. ‬وعليه،‭ ‬توقع‭ ‬التقرير‭ ‬انقراض‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬20‭%‬‭ ‬من‭ ‬الأسماك‭ ‬واللافقاريات‭ ‬البحرية‭ ‬بحلول‭ ‬2050،‭ ‬كما‭ ‬سجل‭ ‬تفشي‭ ‬قنديل‭ ‬البحر‭ ‬وازدياد‭ ‬الطحالب‭ ‬وفقدان‭ ‬التنوع‭ ‬الحيوي‭ ‬ونقص‭ ‬المخزونات‭ ‬السمكية‭.‬

وبالنسبة‭ ‬لدول‭ ‬الخليج،‭ ‬فإن‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬والتلوث‭ ‬البيئي‭ ‬يعتبران‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬التهديدات‭ ‬إلحاحًا‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬حيث‭ ‬شهدت‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬ظواهر‭ ‬دالة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التغير‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬والرطوبة‭ ‬والعواصف‭. ‬وطبقًا‭ ‬للتصنيف‭ ‬العالمي،‭ ‬تعتبر‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬انبعاثات‭ ‬غازات‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬للفرد‭. ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬حذر‭ ‬تقرير‭ ‬أممي‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الهيئة‭ ‬الحكومية‭ ‬الدولية‭ ‬بشأن‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬2019،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬المحيطة‭ ‬بالخليج‭ ‬وبحر‭ ‬العرب‭ ‬والبحر‭ ‬الأحمر‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للتضرر‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬التغير‭ ‬المناخي؛‭ ‬لارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬بها‭ ‬طوال‭ ‬الصيف،‭ ‬وندرة‭ ‬الموارد‭ ‬المائية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عما‭ ‬تتسم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬خلل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬استهلاك‭ ‬الموارد‭ ‬وحماية‭ ‬البيئة‭ ‬مع‭ ‬ضخ‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية،‭ ‬وتعرض‭ ‬التربة‭ ‬والمياه‭ ‬للتلوث‭ ‬والرعي‭ ‬الجائر،‭ ‬وتلوث‭ ‬الهواء‭. ‬ومع‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬ستكون‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬أكبر‭ ‬لاستهلاك‭ ‬الطاقة‭ ‬لتشغيل‭ ‬المكيفات،‭ ‬ومع‭ ‬ارتفاع‭ ‬مستوى‭ ‬سطح‭ ‬البحر‭ ‬ستكون‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬أكبر‭ ‬للإنفاق‭ ‬لحماية‭ ‬البيئة‭ ‬الساحلية‭. ‬ومع‭ ‬انخفاض‭ ‬هطول‭ ‬الأمطار،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬حين‭ ‬تأتي‭ ‬تهطل‭ ‬بغزارة‭ ‬ما‭ ‬يقتضي‭ ‬إنفاق‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬الصرف‭.‬

وتقع‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬متزايد‭ ‬لإزالة‭ ‬الكربون‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي،‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬تحديًا،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬توجه‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تخفيض‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬النفط؛‭ ‬مما‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬إيرادات‭ ‬الدول‭ ‬النفطية،‭ ‬كما‭ ‬تتأثر‭ ‬الواردات‭ ‬الغذائية‭ ‬لهذه‭ ‬الدول؛‭ ‬بسبب‭ ‬تأثر‭ ‬الإنتاج‭ ‬الزراعي‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المصدرة‭ ‬نتيجة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭. ‬وتتوقع‭ ‬‮«‬أوبك‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬انخفاضًا‭ ‬بنسبة‭ ‬9‭%‬‭ ‬في‭ ‬2045،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ2019،‭ ‬بينما‭ ‬يرتفع‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬بنسبة‭ ‬36‭%‬‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬سارعت‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬إلى‭ ‬توجيه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬استثماراتها‭ ‬نحو‭ ‬إنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬والمتجددة،‭ ‬وتخصيص‭ ‬الأموال‭ ‬للبحوث‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتكنولوجيا‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭. ‬وفيما‭ ‬تخضع‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬ومنها‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬للتدقيق‭ ‬الدولي‭ ‬بموجب‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بشأن‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬فقد‭ ‬قامت‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬بدور‭ ‬نشط‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬حيث‭ ‬استضافت‭ ‬قطر‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأطراف‭ ‬السنوي‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬عام‭ ‬2012،‭ ‬وقدمت‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬المجلس،‭ ‬خطة‭ ‬عملها‭ ‬تطبيقًا‭ ‬لاتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بشأن‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭. ‬

وفي‭ ‬نطاق‭ ‬الحلول‭ ‬التي‭ ‬تتبناها‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬يأتي‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬لإدارة‭ ‬محطات‭ ‬المياه،‭ ‬والعناية‭ ‬بنظافة‭ ‬مياه‭ ‬الخليج،‭ ‬وزراعة‭ ‬الأشجار،‭ ‬وترشيد‭ ‬استهلاك‭ ‬المياه،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الحيوانات‭ ‬والنباتات‭ ‬البرية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تحسين‭ ‬نظام‭ ‬تخزين‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية،‭ ‬ومعالجة‭ ‬وإعادة‭ ‬تدوير‭ ‬مياه‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي‭ ‬وتوظيفها‭ ‬لزراعة‭ ‬محاصيل‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬غذائية‭ ‬عالية،‭ ‬وحماية‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الساحلية‭ ‬بوضع‭ ‬دعامات‭ ‬أقوى،‭ ‬وتطوير‭ ‬أنظمة‭ ‬مشتركة‭ ‬للإنذار‭ ‬المبكر،‭ ‬وتطوير‭ ‬أنظمة‭ ‬البناء‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الحرارة‭ ‬المرتفعة‭.‬

وفي‭ ‬واقع‭ ‬الأمر،‭ ‬يزيد‭ ‬دور‭ ‬شركات‭ ‬الطاقة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬عبر‭ ‬تقليل‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الكربونية‭ ‬في‭ ‬الجو،‭ ‬والدور‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬في‭ ‬تلبية‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬الطاقة،‭ ‬فكلما‭ ‬زاد‭ ‬حجم‭ ‬موجوداتها،‭ ‬كلما‭ ‬زادت‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬مكافحة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭. ‬وهنا‭ ‬تبرز‭ ‬نماذج‭ ‬شركات‭ ‬‮«‬أرامكو‮»‬‭ ‬السعودية،‭ ‬و«أدونك‮»‬‭ ‬الإماراتية،‭ ‬حيث‭ ‬تسعى‭ ‬الحكومات‭ ‬لتوجيه‭ ‬شركاتها‭ ‬للإنتاج‭ ‬بتكلفة‭ ‬أقل‭ ‬وأخف‭ ‬انبعاثًا‭ ‬للكربون،‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬التي‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬تقليل‭ ‬انبعاثات‭ ‬الكربون،‭ ‬وسحبه‭ ‬من‭ ‬الهواء‭ ‬وتخزينه‭ ‬وإعادة‭ ‬استخدامه‭. ‬ومع‭ ‬سعي‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬تنويع‭ ‬اقتصادها‭ ‬وتقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬النفط،‭ ‬يبرز‭ ‬دور‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬مزيج‭ ‬الطاقة‭ ‬وإنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭.‬

وفي‭ ‬أبريل‭ ‬2021،‭ ‬استضافت‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬الحوار‭ ‬الإقليمي‭ ‬للتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬الذي‭ ‬جمع‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬المعنيين‭ ‬بشؤون‭ ‬المناخ‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬والذي‭ ‬استبق‭ ‬قمة‭ ‬المناخ‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬فيما‭ ‬مهد‭ ‬لانعقاد‭ ‬مؤتمر‭ ‬الدول‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتغير‭ ‬المناخي‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2021‭ ‬في‭ ‬‮«‬جلاسجو‮»‬،‭ ‬باسكتلندا‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة؛‭ ‬لتسريع‭ ‬الجهود‭ ‬الرامية‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬باريس‭ ‬للمناخ‭. ‬وأتاح‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬الإقليمي‭ ‬منصة‭ ‬مختصة‭ ‬لتبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬في‭ ‬الاستجابة‭ ‬لتغير‭ ‬المناخ،‭ ‬حيث‭ ‬طرح‭ ‬حلول‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬الخالية‭ ‬من‭ ‬الكربون،‭ ‬وسبل‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬آثار‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والمائي‭ ‬ومكافحة‭ ‬التصحر‭.‬

وتحقيقًا‭ ‬لجاهزية‭ ‬الإمارات‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬رفعت‭ ‬قدراتها‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬إلى‭ ‬14‭ ‬جيجاوات‭ ‬بحلول‭ ‬2030،‭ ‬بينما‭ ‬كانت‭ ‬10‭ ‬ميجاوات‭ ‬في‭ ‬2015،‭ ‬وطورت‭ ‬‮«‬منشأة‭ ‬الريادة‮»‬،‭ ‬كأول‭ ‬شبكة‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬تجاري‭ ‬لالتقاط‭ ‬الكربون‭ ‬واستخدامه‭ ‬وتخزينه‭. ‬وبحلول‭ ‬2030،‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬حققت‭ ‬خفضًا‭ ‬في‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الكربونية‭ ‬بحوالي‭ ‬70‭ ‬طنا‭. ‬

وفي‭ ‬الإطار‭ ‬ذاته‭ ‬أعلنت‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2021‭ ‬عن‭ ‬مبادرتي‭ ‬‮«‬السعودية‭ ‬الخضراء‮»‬،‭ ‬و«الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الأخضر‮»‬‭. ‬وأكد‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي،‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬مثلما‭ ‬تقوم‭ ‬بدورها‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬استقرار‭ ‬أسواق‭ ‬الطاقة‭ ‬خلال‭ ‬عصر‭ ‬الطاقة‭ ‬والغاز،‭ ‬فإنها‭ ‬ستعمل‭ ‬على‭ ‬قيادة‭ ‬المنطقة‭ ‬الخضراء‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة‭. ‬وتقوم‭ ‬السعودية‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬تقليل‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الكربونية‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬4‭%‬‭ ‬من‭ ‬الإسهامات‭ ‬العالمية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشاريع‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬إنتاج‭ ‬50‭%‬‭ ‬من‭ ‬احتياجات‭ ‬الكهرباء‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030،‭ ‬كما‭ ‬تسعى‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لزراعة‭ ‬40‭ ‬مليار‭ ‬شجرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برنامج‭ ‬إعادة‭ ‬التشجير‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

وفي‭ ‬نفس‭ ‬السياق،‭ ‬وضعت‭ ‬الكويت‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬لمشاريع‭ ‬الطاقة‭ ‬البديلة،‭ ‬حيث‭ ‬تستهدف‭ ‬تحقيق‭ ‬15‭%‬‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬بحلول‭ ‬2030‭. ‬كما‭ ‬تعاونت‭ ‬البحرين‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عبر‭ ‬اجتماع‭ ‬المبعوث‭ ‬الخاص‭ ‬البحريني‭ ‬لشؤون‭ ‬المناخ،‭ ‬مع‭ ‬مبعوث‭ ‬واشنطن‭ ‬‮«‬جون‭ ‬كيري‮»‬‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2021؛‭ ‬لبحث‭ ‬التعاون‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المناخ‭. ‬وسبق‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2021‭ ‬تدشين‭ ‬المملكة‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الخطط‭ ‬وسياسات‭ ‬الحكومة‭ ‬البحرينية‭. ‬ومن‭ ‬جانبها،‭ ‬أكدت‭ ‬سلطنة‭ ‬عُمان‭ ‬استمرار‭ ‬دعمها‭ ‬للجهود‭ ‬الدولية‭ ‬لمكافحة‭ ‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬وحرصها‭ ‬المستمر‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬كافة‭ ‬مقومات‭ ‬النجاح‭ ‬لهذه‭ ‬الجهود‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬تسعى‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬إلى‭ ‬دمج‭ ‬الأهداف‭ ‬المناخية‭ ‬في‭ ‬أهدافها‭ ‬التنموية‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬ظروفها‭ ‬الخاصة‭ ‬كدول‭ ‬تعتمد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬فيما‭ ‬تصدر‭ ‬الاهتمام‭ ‬بمواجهة‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬أعمال‭ ‬المجلس‭ ‬الوزاري‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬148‭ ‬بالرياض‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬الماضي،‭ ‬والتي‭ ‬أشادت‭ ‬بكلمة‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬العزيز،‭ ‬أمام‭ ‬قمة‭ ‬القادة‭ ‬حول‭ ‬المناخ‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2021،‭ ‬والتي‭ ‬نوه‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬جهود‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬لإيجاد‭ ‬بيئة‭ ‬أفضل‭.‬

وما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬السعودية‭ ‬وكل‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬بكامل‭ ‬مكوناتها،‭ ‬والمبادرة‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي‭ ‬المشار‭ ‬إليها،‭ ‬فيما‭ ‬تتجه‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬لاستضافة‭ ‬الدورة‭ ‬28‭ ‬لمؤتمر‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتغير‭ ‬المناخي‭ ‬في‭ ‬2023‭.‬

{ انتهى  }
bottom of page