top of page

23/4/2022

هل تقوض الحرب في أوكرانيا حكم بوتين؟.. وجهات نظر غربية

أثارت‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬النظام‭ ‬الحالي‭ ‬في‭ ‬موسكو‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬السلطة‭. ‬وللإجابة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال؛‭ ‬يجب‭ ‬فهم‭ ‬فشل‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬إخضاع‭ ‬الأوكرانيين،‭ ‬وحجم‭ ‬المساعدات‭ ‬الغربية‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬والتكاليف‭ ‬المتصاعدة‭ ‬للعقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬الكرملين،‭ ‬والتي‭ ‬نال‭ ‬الكثير‭ ‬منها‭ ‬أيضًا‭ ‬المواطنين‭ ‬الروس‭ ‬العاديين،‭ ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬تذمرهم‭ ‬وعدم‭ ‬رضاهم‭ ‬كما‭ ‬تقول‭ ‬التقارير‭.‬

فقد‭ ‬صرح‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬‭ ‬بأن‭ ‬بوتين‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬المكوث‭ ‬في‭ ‬السلطة‮»‬‭. ‬وتساءل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬عن‭ ‬حالته‭ ‬العقلية،‭ ‬وتفكيره‭ ‬الاستراتيجي‭. ‬وداخل‭ ‬روسيا‭ ‬نفسها،‭ ‬يحتفظ‭ ‬الكرملين‭ ‬بقبضته‭ ‬القوية‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬لكن‭ ‬الخسائر‭ ‬المتزايدة‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬طويل‭ ‬الأمد،‭ ‬ستشهد‭ ‬بمرور‭ ‬الوقت‭ ‬تزايد‭ ‬المعارضة،‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬تساؤلاً‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬قوته‭ ‬ستتعرض‭ ‬لتحدّ‭ ‬فعال‭. ‬وكتبت‭ ‬‮«‬هولي‭ ‬إليات‮»‬،‭ ‬من‭ ‬قناة‭ ‬‮«‬سي‭ ‬إن‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬عقدين‭ ‬في‭ ‬السلطة،‭ ‬‮«‬طور‭ ‬بوتين‭ ‬بعناية‭ ‬صورة‭ ‬لنفسه‭ ‬كزعيم‭ ‬صارم‭ ‬وقوي،‭ ‬يقاتل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مصالح‭ ‬بلاده‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬غزو‭ ‬أوكرانيا‭ ‬هو‭ ‬‮«‬أكبر‭ ‬خطأ‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬السياسية،‭ ‬وسيضعف‭ ‬روسيا‭ ‬لسنوات‭ ‬قادمة‮»‬‭.‬

وعلق‭ ‬‮«‬مايكل‭ ‬كوفمان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬التحليلات‭ ‬البحرية‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬منذ‭ ‬20‭ ‬عامًا‭ ‬يكون‭ ‬نظام‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬مشكوك‭ ‬فيه‮»‬‭. ‬وزعم‭ ‬‮«‬ألكسندر‭ ‬موتيل‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬ذا‭ ‬هيل‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الحجة‭ ‬المؤيدة‭ ‬لنهايته‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬ضد‭ ‬أوكرانيا‮»‬‭. ‬وأضافت‭ ‬‮«‬روزان‭ ‬مكمانوس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬بنسلفانيا‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬استهداف‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬للمدنيين‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬إلصاق‭ ‬تهمة‭ ‬التهور‭ ‬ببوتين‭. ‬ووصفه‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق،‭ ‬‮«‬هربرت‭ ‬ماكماستر‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يعد‭ ‬فاعلًا‭ ‬عقلانيًا‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬علق‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني‭ ‬‮«‬جونسون‮»‬‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬لاعب‭ ‬غير‭ ‬عقلاني‮»‬‭. ‬وحكمت‭ ‬‮«‬فيونا‭ ‬هيل‮»‬،‭ ‬مسؤولة‭ ‬سابقة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬عليه‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬منعزل‮»‬‭ ‬وساهم‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬‮«‬تصور‭ ‬مشوه‭ ‬للواقع‮»‬‭.‬

وبالنسبة‭ ‬للمراقبين‭ ‬الغربيين،‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬لا‭ ‬عقلانية‮»‬،‭ ‬و«عزلة‭ ‬بوتين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬الرئيسية‭ ‬لضعف‭ ‬أداء‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭. ‬ورأت‭ ‬‮«‬روث‭ ‬ديرموند‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬كينجز‭ ‬كوليدج‭ ‬لندن‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬تسير‭ ‬بشكل‭ ‬سيئ‭ ‬للغاية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لروسيا،‭ ‬مع‭ ‬توقعاتها‭ ‬الخاطئة‭ ‬لقدراتها‭ ‬العسكرية‭ ‬وقدرات‭ ‬الأوكرانيين‮»‬‭. ‬ورأى‭ ‬‮«‬كير‭ ‬جايلز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬موسكو‭ ‬أدركت‭ ‬بعد‭ ‬شهر‭ ‬من‭ ‬القتال‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬في‭ ‬غزو‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بالقوة‭ ‬العسكرية‮»‬،‭ ‬ويجب‭ ‬عليها‭ ‬الآن‭ ‬توفير‭ ‬بديل‭ ‬لنزيفها‭ ‬من‭ ‬المقاتلين‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬عملياتها‭ ‬الحالية‮»‬‭. ‬وبالتالي،‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬الأولية‭ ‬وإعادة‭ ‬ضبط‭ ‬عملياتها‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬أوكرانيا‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬اعتراف‭ ‬بأن‭ ‬هدفها‭ ‬الأولي‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬النظام‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬ممكنًا‮»‬‭. ‬وعلق‭ ‬‮«‬تاراس‭ ‬كوزيو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جمعية‭ ‬هنري‭ ‬جاكسون‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬بوتين‭ ‬أخطأ‭ ‬التقدير‭ ‬بشكل‭ ‬بالغ‮»‬‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الإخفاقات‭ ‬العسكرية،‭ ‬فإن‭ ‬شدة‭ ‬العقوبات‭ ‬الدولية‭ ‬والأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬السيئة‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬سقوط‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬‭. ‬ففي‭ ‬6‭ ‬أبريل‭ ‬2022،‭ ‬استهدفت‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬‮«‬بنات‮»‬‭ ‬بوتين،‭ ‬وأكبر‭ ‬البنوك‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭ ‬في‭ ‬روسيا،‭ ‬حيث‭ ‬ربط‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات،‭ ‬رداً‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ارتكبته‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬‮«‬بوتشا‮»‬‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬بحجة‭ ‬أن‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬دفع‭ ‬ثمن‭ ‬باهظ‭ ‬وفوري‮»‬‭ ‬لاستهداف‭ ‬المدنيين‭ ‬الذي‭ ‬نفته‭ ‬روسيا‭. ‬وبالمثل،‭ ‬جمدت‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬أصول‭ ‬بنك‭ ‬‮«‬سبيربنك‮»‬،‭ ‬وبنك‭ ‬موسكو‭ ‬الائتماني،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬فرض‭ ‬حظر‭ ‬كامل‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬المتجه‭ ‬إلى‭ ‬روسيا،‭ ‬والذي‭ ‬بلغت‭ ‬قيمته‭ ‬حوالي‭ ‬11‭ ‬مليار‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭.‬

وبالفعل،‭ ‬أصبحت‭ ‬آثار‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬واضحة‭. ‬وتوقع‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬التمويل‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬أن‭ ‬ينكمش‭ ‬اقتصادها‭ ‬بنسبة‭ ‬15‭%‬‭ ‬بحلول‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬مع‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الانخفاض‭ ‬بنسبة‭ ‬3‭%‬‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬موضحا‭ ‬كيف‭ ‬إن‭ ‬الغزو‭ ‬‮«‬سيقضي‭ ‬على‭ ‬15‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وسط‭ ‬هجرة‭ ‬الأدمغة،‭ ‬ونقص‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الخدمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للبلاد‮»‬‭. ‬وتوقع‭ ‬‮«‬بنك‭ ‬جولدمان‭ ‬ساكس‮»‬،‭ ‬و«البنك‭ ‬الأوروبي‭ ‬لإعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬والتنمية‮»‬،‭ ‬انكماشًا‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬بنسبة‭ ‬10‭%‬‭ ‬لعام‭ ‬2022،‭ ‬في‭ ‬أسوأ‭ ‬ركود‭ ‬تشهده‭ ‬البلاد‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬عامًا‭. ‬وعلق‭ ‬‮«‬غاري‭ ‬هوفباور‮»‬،‭ ‬و«ميجان‭ ‬هوجان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬بيترسون‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬التجميد‭ ‬المالي‭ ‬والتجاري‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يجلب‭ ‬البؤس‭ ‬للشعب‭ ‬الروسي‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬يواجه‭ ‬المواطنون‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬ارتفاع‭ ‬تكلفة‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية،‭ ‬وخطر‭ ‬فقدان‭ ‬الوظائف‭ ‬الذي‭ ‬يلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق،‭ ‬وشعورا‭ ‬متزايدا‭ ‬بالعزلة‮»‬‭.‬

ويبقى‭ ‬السؤال‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬المشاكل‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لروسيا،‭ ‬والسخط‭ ‬الشعبي‭ ‬المزعوم،‭ ‬سيدفعان‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬مساره‭. ‬وكما‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬دان‭ ‬باير‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬كارنيجي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المعروف‭ ‬للمراقبين،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬القمع‭ ‬الواضحة‭ ‬للمعارضة‭ ‬داخل‭ ‬البلاد‭. ‬وقال‭ ‬‮«‬جيمس‭ ‬هوهمان‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬،‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬إشارات‮»‬‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬يواجه‭ ‬‮«‬تحديات‭ ‬متزايدة‭ ‬في‭ ‬الداخل‮»‬‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬ألكسندر‭ ‬موتيل‮»‬‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مزيجًا‭ ‬من‭ ‬الاحتجاج‭ ‬الشعبي،‭ ‬ومكائد‭ ‬النخبة،‭ ‬وفشل‭ ‬الدولة،‭ ‬وتدهور‭ ‬الشرعية‭ ‬وحربا‭ ‬طاحنة،‭ ‬وعزلة‭ ‬دولية‮»‬‭ ‬ستؤدي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬نتيجة‭ ‬واحدة‭ ‬فقط؛‭ ‬هي‭ ‬الإطاحة‭ ‬ببوتين‮»‬‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أقر‭ ‬‮«‬هوهمان‮»‬‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬‮«‬الخطر‮»‬‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬احتمالية‭ ‬اندلاع‭ ‬انتفاضة‭ ‬شعبية‭ ‬ضد‭ ‬الكرملين‭. ‬وأدت‭ ‬حملات‭ ‬القمع‭ ‬المزعومة‭ ‬للسلطات‭ ‬الروسية‭ ‬إلى‭ ‬جعل‭ ‬المعارضة‭ ‬تمثل‭ ‬تهديدًا‭ ‬ضئيلا‭ ‬لسيطرة‭ ‬الكرملين‭ ‬على‭ ‬سلطة‭ ‬لطالما‭ ‬طال‭ ‬أمدها‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬هوفباور‮»‬،‭ ‬و‮«‬هوجان‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬المعارضة‭ ‬الحالية‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬أضعف‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تتغلب‭ ‬على‭ ‬بوتين‮»‬‭. ‬وذكرت‭ ‬‮«‬جينيفر‭ ‬حسن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الدلائل‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الغزو‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬شعبيته‭ ‬الداخلية،‭ ‬حيث‭ ‬سجلت‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬قفزة‭ ‬لصالحه‭ ‬من‭ ‬69‭%‬‭ ‬إلى‭ ‬83‭%‬‭ ‬بين‭ ‬يناير‭ ‬ومارس‭ ‬2022‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬أدت‭ ‬سيطرة‭ ‬نظام‭ ‬بوتين‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬الدعم‭ ‬للحكومة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬المشاعر‭ ‬المعادية‭ ‬للغرب‭. ‬ولفت‭ ‬‮«‬سيلفانوس‭ ‬أفيسورغبور‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الدولي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاجتماعية‮»‬،‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬زيادة‭ ‬عزل‭ ‬روسيا‭ ‬وبوتين‭ ‬عن‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬‮«‬تتيح‭ ‬له‭ ‬الفرصة‭ ‬لـ«فرض‭ ‬سياسات‭ ‬أكثر‭ ‬قمعية‭ ‬على‭ ‬مواطنيه‭ ‬وأحزاب‭ ‬المعارضة‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬موتيل‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاعتقاد‭ ‬بتغيير‭ ‬نظام‭ ‬قوي،‭ ‬مثل‭ ‬بوتين،‭ ‬يعيد‭ ‬إلى‭ ‬الأذهان‭ ‬سابقة‭ ‬تاريخية‭ ‬هي‭ ‬سقوط‭ ‬آخر‭ ‬القياصرة‭ ‬الروس‭ ‬‮«‬نيكولاس‭ ‬الثاني‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬‮«‬فرّ‭ ‬هاربًا‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬المطلوب‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬والشرطة‮»‬‭. ‬لكن‭ ‬‮«‬هوفباور‮»‬‭ ‬و«هوجان‮»‬‭ ‬عارضا‭ ‬هذا‭ ‬الرأي،‭ ‬بحجة‭ ‬أن‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬ساهم‭ ‬فيها‭ ‬استخدام‭ ‬العقوبات‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬النظام‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬‮«‬البلدان‭ ‬الصغيرة‭ ‬الذي‭ ‬شهدت‭ ‬ظروفا‭ ‬فوضوية‭ ‬مقترنة‭ ‬بأمن‭ ‬داخلي‭ ‬ضعيف‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬ثم،‭ ‬فإن‭ ‬التنبؤات‭ ‬بأن‭ ‬روسيا‭ ‬تواجه‭ ‬المصير‭ ‬نفسه‭ ‬‮«‬مفرط‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬التفاؤل‮»‬‭. ‬وبالمثل،‭ ‬اعتبر‭ ‬‮«‬آدم‭ ‬توز‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬‮«‬غير‭ ‬الواقعي‮»‬‭ ‬توقع‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الجبهة‭ ‬الداخلية‮»‬‭ ‬سيقنع‭ ‬بوتين‭ ‬بتغيير‭ ‬رأيه‭ ‬بشأن‭ ‬الحرب‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المعارضة‭ ‬الداخلية،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الشعبي‭ ‬أو‭ ‬داخل‭ ‬الحكومة،‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تحدي‭ ‬سلطة‭ ‬بوتين،‭ ‬فقد‭ ‬تكون‭ ‬العزلة‭ ‬الدولية‭ ‬المتزايدة‭ ‬لموسكو‭ ‬سببًا‭ ‬محتملاً‭ ‬وراء‭ ‬سقوطه‭ ‬من‭ ‬السلطة‭. ‬وأشارت‭ ‬‮«‬إليات‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬موسكو‭ ‬لديها‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬الأصدقاء‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬العالمية‮»‬،‭ ‬وأنه‭ ‬حتى‭ ‬الصين‭ ‬‮«‬تبدو‭ ‬قلقة‭ ‬بشأن‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يطول‭ ‬أمده‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وتأثيره‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬تصويت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لإدانة‭ ‬الغزو،‭ ‬فقط‭ ‬سوريا،‭ ‬وكوريا‭ ‬الشمالية،‭ ‬وبيلاروسيا،‭ ‬وإريتريا،‭ ‬أعربت‭ ‬عن‭ ‬دعمها‭ ‬للكرملين،‭ ‬بينما‭ ‬اختارت‭ ‬كوبا‭ ‬والصين،‭ ‬حليفتا‭ ‬روسيا،‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬لحفظ‭ ‬ماء‭ ‬الوجه‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي‮»‬‭.‬

وهكذا،‭ ‬لاحظ‭ ‬المعلقون‭ ‬الغربيون‭ ‬كيف‭ ‬إن‭ ‬الغزو،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬روسيا‭ ‬العالمية،‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إضعافها‭ ‬اقتصاديا‭ ‬وعسكريا‭ ‬وسياسيا‭ ‬واستراتيجيا‭. ‬واعتبر‭ ‬‮«‬كورت‭ ‬فولكر‮»‬،‭ ‬سفير‭ ‬واشنطن‭ ‬السابق‭ ‬لدى‭ ‬الناتو،‭ ‬أن‭ ‬بوتين‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬أضعف‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬النواحي‮»‬،‭ ‬وأضاف‭ ‬‮«‬كوزيو‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬الآن‭ ‬بلا‭ ‬خيارات‭ ‬جيدة‭ ‬لإنهاء‭ ‬حرب‭ ‬ستؤدي‭ ‬حتمًا‭ ‬إلى‭ ‬التراجع‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬لروسيا‭ ‬كقوة‭ ‬عظمى‮»‬‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬موتيل‮»‬‭ ‬كيف‭ ‬أدت‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬تضرر‭ ‬الوضع‭ ‬الأمني‭ ‬الروسي‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تقوية‭ ‬شوكة‭ ‬الناتو،‭ ‬وإعادة‭ ‬تسليح‭ ‬ألمانيا‭ ‬بمئات‭ ‬المركبات‭ ‬وآلاف‭ ‬الجنود‭. ‬وذهب‭ ‬‮«‬ميشال‭ ‬بارانوفسكي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬مارشال‭ ‬الألماني‮»‬،‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬حيث‭ ‬افترض‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬نهاية‭ ‬روسيا‭ ‬التي‭ ‬عرفناها‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الأضرار‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بروسيا،‭ ‬فإن‭ ‬سيطرة‭ ‬بوتين‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬وعزمه‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬بغضّ‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الخسائر‭ ‬تعد‭ ‬سببًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬لاستمرار‭ ‬الحرب‭ ‬فترة‭ ‬أطول‭. ‬وكتب‭ ‬‮«‬جايلز‮»‬‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الخطر‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬استنزاف‮»‬،‭ ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الخسائر‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬جانبها،‭ ‬أو‭ ‬الضرر‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يلحق‭ ‬باقتصادها‮»‬،‭ ‬وأنها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬لفترة‭ ‬أطول‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬أوكرانيا‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬المصالح‭ ‬الغربية‭ ‬ودعمها‭ ‬لها‮»‬‭. ‬من‭ ‬جانبه،‭ ‬تطرق‭ ‬‮«‬إيان‭ ‬ليسر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬مارشال‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬النوايا‭ ‬الروسية‮»‬‭ ‬يكتنفها‭ ‬الغموض،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬المسار‭ ‬الطويل‭ ‬الأمد‭ ‬الذي‭ ‬سيتبعه‭ ‬الكرملين‭ ‬لإخضاع‭ ‬أوكرانيا‭ ‬غير‭ ‬معروف‮»‬‭.‬

ويري‭ ‬الخبراء‭ ‬الغربيون‭ ‬أن‭ ‬الفشل‭ ‬العسكري‭ ‬وحده‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬سينهي‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬لأوكرانيا‭. ‬وعلق‭ ‬‮«‬جايلز‮»‬‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الشيء‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬سيغير‭ ‬طموح‭ ‬بوتين‭ ‬هو‭ ‬الفشل‭ ‬الذي‭ ‬سيجبره‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تعريف‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬من‭ ‬الحرب‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يُظهر‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬أي‭ ‬تصريح‭ ‬علني‭ ‬جاد‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬سلام‭ ‬تفاوضي‭. ‬ولطالما‭ ‬تم‭ ‬اتهام‭ ‬مشاركة‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬المحادثات‭ ‬مع‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأوكرانيين،‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬بيلاروسيا‭ ‬وتركيا،‭ ‬كتكتيك‭ ‬سمح‭ ‬لقواتها‭ ‬بإعادة‭ ‬تجميع‭ ‬صفوفها‭ ‬لشن‭ ‬هجمات‭ ‬مستقبلية‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬مسيطرًا‭ ‬بقوة‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬وأجهزتها‭ ‬الأمنية‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إخفاقاته‭ ‬الواضحة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه،‭ ‬فإن‭ ‬الدعم‭ ‬على‭ ‬الجبهة‭ ‬الداخلية‭ ‬للنظام‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قويًا،‭ ‬ويضمن‭ ‬الدعم‭ ‬العام‭ ‬والكامل‭ ‬للحرب‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬سيطرته‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬إذا‭ ‬استمرت‭ ‬الخسائر‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬الازدياد‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬نتائج‭ ‬عسكرية‭ ‬واستراتيجية،‭ ‬فإن‭ ‬قوة‭ ‬بوتين‭ ‬ستضعف،‭ ‬وعندما‭ ‬يقترن‭ ‬ذلك‭ ‬بالعزلة‭ ‬الدولية‭ ‬والركود‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬فإن‭ ‬التهديدات‭ ‬المحتملة‭ ‬لنظامه‭ ‬ستكون‭ ‬من‭ ‬الداخل‭. ‬

{ انتهى  }
bottom of page