top of page

21/5/2022

حروب مواقع التواصل الاجتماعي في الشرق الأوسط

لم‭ ‬تعد‭ ‬المنافسة‭ ‬داخل‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬قاصرة‭ ‬على‭ ‬الساحتين‭ ‬السياسية‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬فقط،‭ ‬فعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬التكنولوجي،‭ ‬برزت‭ ‬أهمية‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬الماضي،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬غالبية‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لهم‭ ‬وجود‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر‭. ‬ويُثير‭ ‬صعود‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل‭ ‬تحديات‭ ‬خاصة‭ ‬للمجتمع،‭ ‬والتي‭ ‬تضم‭ ‬زيادة‭ ‬حدة‭ ‬الحوار‭ ‬السياسي،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬استخدامها‭ ‬لارتكاب‭ ‬الجرائم،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ظهور‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬الاستراتيجية‭.‬

ولمناقشة‭ ‬هذه‭ ‬الديناميكية،‭ ‬عقد‭ ‬معهد‭ ‬‮«‬بروكينجز‮»‬،‭ ‬ندوة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬حروب‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬أدارها‭ ‬‮«‬دانيال‭ ‬بايمان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬سياسات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بالمعهد،‭ ‬وشارك‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬دينا‭ ‬حسين‮»‬،‭ ‬رئيسة‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬والمنظمات‭ ‬الخطرة‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وإفريقيا‭ ‬بـ«فيسبوك‮»‬،‭ ‬و«أليكساندرا‭ ‬سيغل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬برنامج‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬بالمعهد،‭ ‬و«كريس‭ ‬ميسيرول‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مبادرة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬بالمعهد،‭ ‬و«عفيفي‭ ‬أبروجي‮»‬،‭ ‬الباحثة‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬سميكس‮»‬‭.‬

في‭ ‬البداية،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬بايمان‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬لطالما‭ ‬عُرفت‭ ‬بأنها‭ ‬منطقة‭ ‬‮«‬صراع‭ ‬ومنافسة‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬‮«‬تتدخل‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬بعضها؛‭ ‬بهدف‭ ‬زعزعة‭ ‬الاستقرار‮»‬،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬امتداد‭ ‬هذه‭ ‬الديناميكية‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬بالأمر‭ ‬الغريب‮»‬‭.‬

وحول‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لمواجهة‭ ‬‮«‬النشاطات‭ ‬الحكومية‮»‬،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬دينا‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نهج‭ ‬الشركة‭ ‬التحليلي‭ ‬يدور‭ ‬حول‭ ‬تتبع‭ ‬‮«‬المحتوى‮»‬‭ ‬و«السلوكيات‮»‬‭. ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المحتوى‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬مشاركته،‭ ‬فقد‭ ‬تمكنت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬إساءة‭ ‬الاستخدام‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشاركة‭ ‬معلومات‭ ‬خاطئة‭ ‬عن‭ ‬عمد‭. ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالسلوكيات،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬ارتفاع‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الحسابات‭ ‬المشكوك‭ ‬في‭ ‬صحتها،‭ ‬وتحديدا‭ ‬الحسابات‭ ‬الاصطناعية‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الروبوتات‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬أنشأتها‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬وإيران‭ ‬وغيرها‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬قامت‭ ‬دول‭ ‬بتعيين‭ ‬‮«‬جهات‭ ‬فاعلة‭ ‬خاصة،‭ ‬للقيام‭ ‬بالأعمال‭ ‬الخبيثة‭ ‬حتى‭ ‬تتجنب‭ ‬خطر‭ ‬المساءلة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬استفادت‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬‮«‬غموض‭ ‬القوانين‮»‬،‭ ‬الخاصة‭ ‬بأمور‭ ‬التكنولوجيا‭. ‬وبالفعل،‭ ‬كشفت‭ ‬‮«‬ميتا‮»‬،‭ ‬الشركة‭ ‬الأم‭ ‬لفيسبوك،‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2022،‭ ‬أنها‭ ‬أزالت‭ ‬ما‭ ‬وصفته‭ ‬‮«‬إليزابيث‭ ‬كوليفورد‮»‬،‭ ‬في‭ ‬‮«‬رويترز‮»‬،‭ ‬بـ«شبكة‭ ‬من‭ ‬الحسابات‭ ‬المزيفة،‭ ‬التي‭ ‬أنشأتها‭ ‬إيران‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬استهدفت‭ ‬مستخدمي‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬إنستجرام‮»‬‭. ‬ورداً‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬بين‭ ‬نيمو‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬قسم‭ ‬استخبار‭ ‬التهديدات‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬‮«‬ميتا‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الشركة‭ ‬‮«‬حددت‭ ‬مجموعة‭ ‬مماثلة‭ ‬لهذه‭ ‬العمليات‭ ‬مصدرها‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‮»‬‭.‬

وعن‭ ‬‮«‬أدوات‭ ‬السيطرة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تستعملها‭ ‬الدول،‭ ‬لتسخير‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لمصلحتها،‭ ‬تحدثت‭ ‬‮«‬سيغل‮»‬‭ ‬عن‭ ‬ثلاث‭ ‬أدوات‭ ‬هي،‭ ‬‮«‬الخوف‮»‬،‭ ‬و«الغزو‮»‬،‭ ‬و«العزل‮»‬‭. ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الخوف،‭ ‬فهو‭ ‬يشمل‭ ‬‮«‬المراقبة‮»‬‭ ‬و«القمع‭ ‬الجسدي‮»‬،‭ ‬أما‭ ‬‮«‬الغزو‮»‬،‭ ‬فيشير‭ ‬إلى‭ ‬موجات‭ ‬من‭ ‬‮«‬النشاطات‭ ‬المصنوعة‮»‬‭ ‬على‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬روبوتاتها‭ ‬الخاصة‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬توظيفها‮»‬‭ ‬لأفراد‭ ‬وجماعات‭ ‬لدعم‭ ‬رواياتها‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت،‭ ‬فيما‭ ‬وصفته‭ ‬بـ«المرتزقة‭ ‬الرقميين‮»‬،‭ ‬الذين‭ ‬يهدفون‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬حجب‮»‬‭ ‬الأصوات‭ ‬الأخرى‭. ‬وبشأن‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬العزل‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬بعض‭ ‬الأنظمة‭ ‬تُقيد‭ ‬وصول‭ ‬مواطنيها‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬المنصات‭ ‬والمحتوى‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭. ‬ومثال‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬قيام‭ ‬المتمردين‭ ‬الحوثيين‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬بحجب‭ ‬الإنترنت‭ ‬جزئيا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إحكام‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬البلاد‭.‬

ومن‭ ‬جانبها،‭ ‬أكدت‭ ‬‮«‬أبروجي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأدوات‭ ‬تمثل‭ ‬‮«‬تهديدا‭ ‬دائما‮»‬‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬حماية‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭. ‬وفي‭ ‬حديثها‭ ‬عن‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬المنظمات‭ ‬لمواجهة‭ ‬التهديدات،‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬الاهتمام‭ ‬الخارجي‭ ‬الكبير‭ ‬بـ‮«‬دعم‭ ‬الأمن‭ ‬الرقمي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مساعدتهم‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الأمنية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أنهم‭ ‬بدأوا‭ ‬في‭ ‬التنسيق‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭ ‬مع‭ ‬شركات‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬نفسها‭ ‬لمواجهة‭ ‬حملات‭ ‬التلاعب‭.‬

وبشأن‭ ‬إساءة‭ ‬استخدام‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬في‭ ‬‮«‬سياق‭ ‬عالمي‮»‬،‭ ‬وصف‭ ‬‮«‬ميسيرول‮»‬،‭ ‬روسيا‭ ‬والصين،‭ ‬بأنهما‭ ‬أبرز‭ ‬مؤيدي‭ ‬فرض‭ ‬المراقبة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬يمثل‭ ‬وسيلة‭ ‬أسهل‭ ‬لتتبع‭ ‬المعارضين‭ ‬من‭ ‬تتبعهم‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬مشيرا‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬انتشار‭ ‬‮«‬عمليات‭ ‬التأثير‮»‬‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬المحلي‭ ‬والدولي‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بأهداف‭ ‬الحكومات‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل،‭ ‬أوضح‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬منها‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬تغيير‭ ‬رأي‭ ‬شخص‭ ‬ما‮»‬‭ ‬حول‭ ‬مسألة‭ ‬اجتماعية،‭ ‬أو‭ ‬سياسية‭ ‬معينة،‭ ‬ولكن‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تأكيد‭ ‬تحيزاتهم‭ ‬الخاصة‭. ‬وكمثال‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬ذكر‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬بدأت‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬ادعت‭ ‬منشورات‭ ‬صفحات‭ ‬التواصل‭ ‬الموالية‭ ‬لإيران،‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬صنعت‭ ‬الفيروس،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تدعيم‭ ‬ذلك‭ ‬بدليل‭. ‬لذا،‭ ‬فإن‭ ‬استخدام‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تأكيد‭ ‬التحيزات‭ ‬واستقطابها،‭ ‬استنادا‭ ‬على‭ ‬حدس‭ ‬الشعب‭.‬

وتأكيدا‭ ‬لذلك،‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2019،‭ ‬أفادت‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬إن‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬نيوز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬حسابات‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬المزيفة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬مصدرها‭ ‬إيران،‭ ‬انتحلت‭ ‬صفة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬السياسيين‭ ‬والصحفيين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬البارزين‭ ‬‮«‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لتعزيز‭ ‬مصالحها‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬علق‮»‬‭ ‬لي‭ ‬فوستر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬فاير‭ ‬آي‮»‬،‭ ‬إن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأساليب‭ ‬تُظهر‭ ‬‮«‬أن‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬التي‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأنشطة‭ ‬تستخدم‭ ‬جميع‭ ‬أنواع‭ ‬التكتيكات‭ ‬والتقنيات‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تمتد‭ ‬عبر‭ ‬مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬الوسائط‭ ‬والمنصات‭ ‬الإلكترونية‮»‬‭.‬

وحول‭ ‬فرض‭ ‬بعض‭ ‬الأنظمة‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬القيود‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬استشهد‭ ‬‮«‬ميسيرول‮»‬‭ ‬بقيام‭ ‬تركيا،‭ ‬بتمرير‭ ‬تشريع‭ ‬جديد‭ ‬يقضي‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬لمواقع‭ ‬التواصل‭ ‬مسؤولون‭ ‬محليون‭ ‬في‭ ‬تركيا،‭ ‬وأن‭ ‬تلتزم‭ ‬تلك‭ ‬المواقع‭ ‬بمطالب‭ ‬الحكومة‭ ‬إن‭ ‬رغبت‭ ‬في‭ ‬شطب‭ ‬محتوى‭ ‬ما،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬القيود‭ ‬تجعل‭ ‬تلك‭ ‬المواقع‭ ‬أشبه‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬بـ«رهائن‭ ‬تحت‭ ‬رحمة‭ ‬الحكومة‭ ‬التركية‮»‬‭. ‬وخلص،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬استخدام‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجهات‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬‮«‬استغلال‭ ‬تأثيرها‭ ‬وتلبيتها‭ ‬لأهداف‭ ‬بعينها‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬الطرق‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تمكنت‭ ‬بها‭ ‬الأنظمة‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬ضوابط‭ ‬معينة‭ ‬أمام‭ ‬إساءة‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل،‭ ‬هي‭ ‬‮«‬اتجاه‭ ‬مثير‭ ‬للقلق‮»‬،‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المراقبين‭ ‬الغربيين‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭.‬

وحول‭ ‬إجراءات‭ ‬شركات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬فيسبوك‮»‬‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬الانتهاكات‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬وسائلها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬الجهات،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬حسين‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬نهج‭ ‬‮«‬ثلاثي‮»‬‭ ‬لمعالجة‭ ‬تلك‭ ‬الانتهاكات،‭ ‬والذي‭ ‬يشمل‭ ‬‮«‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬المواقع‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬استهدافها‮»‬،‭ ‬و«فهم‭ ‬الأساليب‭ ‬ونقاط‭ ‬الضعف‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تلك‭ ‬الانتهاكات‮»‬،‭ ‬واللجوء‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الجانب‭ ‬التشريعي‭ ‬لمنعها‭ ‬تمامًا‮»‬،‭ ‬موضحة‭ ‬أن‭ ‬شركات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬‮«‬تواجه‭ ‬باستمرار‭ ‬تحديات‭ ‬تشريعية‭ ‬جديدة‭ ‬لضبط‭ ‬أنشطتها‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬يجعل‭ ‬مهمة‭ ‬تلك‭ ‬الشركات‭ ‬تتسم‭ ‬بالصعوبة‭ ‬في‭ ‬محاسبة‭ ‬الحكومات‭. ‬وعندما‭ ‬سُئلت‭ ‬عما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفعله‭ ‬هذه‭ ‬الشركات،‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الانتهاكات،‭ ‬أجابت‭ ‬‮«‬أبروجي‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬مواقع‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬فيسبوك‮»‬،‭ ‬يمكنها‭ ‬بالتأكيد‭ ‬إعطاء‭ ‬الأولوية‭ ‬لجهودها‭ ‬نحو‭ ‬حماية‭ ‬الحسابات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬للمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تستهدفها‭ ‬الجهات‭ ‬الخبيثة‭. ‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بسبل‭ ‬الاستجابة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تقدمها‭ ‬الدول‭ ‬الديمقراطية‭ ‬مثل‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬ميسيرول‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تواجه‭ ‬هذه‭ ‬الانتهاكات‭ ‬بمهارة‮»‬،‭ ‬لاسيما‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بنشر‭ ‬المعلومات‭ ‬التضليلية‭ ‬وبث‭ ‬الروايات‭ ‬المثيرة‭ ‬للانقسام‭ ‬عبر‭ ‬المواقع،‭ ‬مضيفا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬‮«‬تحديد‮»‬‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬للدول‭ ‬الغربية‭ ‬ككل‭ ‬اتباعها‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬المسار،‭ ‬وأنه‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يجب‭ ‬توجيه‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬لمساعدة‭ ‬النشطاء‭ ‬والمنظمات‭ ‬الأخرى‭ ‬الداعية‭ ‬إلى‭ ‬ممارسة‭ ‬مبادئ‭ ‬الحرية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬وإيران،‭ ‬إلخ‭.‬

وعن‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬أكسبت‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬الأنشطة‭ ‬الخبيثة،‭ ‬‮«‬خبرة‭ ‬تكنولوجية‮»‬،‭ ‬للقيام‭ ‬بتلك‭ ‬الأنشطة،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬سيغل‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬توجيه‭ ‬‮«‬قدر‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‮»‬‭ ‬لدى‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬نحو‭ ‬ضرورة‭ ‬مواجهة‭ ‬الصين،‭ ‬باعتبارها‭ ‬‮«‬مصدرا‮»‬‭ ‬للأنشطة‭ ‬الضارة‭ ‬الرائجة‭ ‬عبر‭ ‬الشبكة‭ ‬العنكبوتية‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الرقمية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬لخدمات‭ ‬الإنترنت‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬مختلفة‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬مثيلاتها‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالصين،‭ ‬فقد‭ ‬أضافت‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأدوات‭ ‬والآليات‭ ‬السيبرانية،‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬الصين‭ ‬بدأ‭ ‬الاعتماد‭ ‬عليها‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬أنظمة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬مثل‭ ‬طهران‭. ‬وردًا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬أيضًا،‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬ميسيرول‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬قدمت‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬‮«‬نموذجًا‮»‬‭ ‬للأنظمة‭ ‬الأخرى‭ ‬لتتبعها،‭ ‬وأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬‮«‬فطنت‭ ‬لهذه‭ ‬القضية‮»‬‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬لكنه‭ ‬أضاف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬معالجتها‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يتطلب‭ ‬مراقبة‭ ‬مستمرة‭ ‬لأنشطتها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‮»‬‭. ‬

ولاحظت‭ ‬‮«‬حسين‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬فيسبوك‮»‬‭ ‬يدرك‭ ‬ما‭ ‬وصفته‭ ‬بالديناميكية‭ ‬‮«‬الحساسة‮»‬‭ ‬للمنطقة،‭ ‬ويسعى‭ ‬إلى‭ ‬تجنب‭ ‬‮«‬المعاملة‭ ‬التفضيلية‮»‬‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تبني‭ ‬مبادئ‭ ‬الشفافية‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬كونه‭ ‬‮«‬متاحًا‭ ‬للجميع‮»‬‭ ‬بلا‭ ‬استثناء‭.‬

وحول‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬المتعلقة‭ ‬باستخدام‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬ميسيرول‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬مسألة‭ ‬‮«‬الانقسام‭ ‬والتشعب‭ ‬لخدمة‭ ‬الإنترنت‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬المختلفة‮»‬‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬تمثل‭ ‬خطرًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬يجب‭ ‬مراقبته‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬مواجهته‭. ‬واستشهد‭ ‬كذلك‭ ‬بكيفية‭ ‬نجاح‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬إنترنت‭ ‬معزول‭ ‬و«مؤمم‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬باتت‭ ‬تتمتع‭ ‬الحكومة‭ ‬بالسيطرة‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬انتشار‭ ‬المعلومات‭ ‬المتاحة،‭ ‬وكيف‭ ‬أصبح‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬‮«‬شفا‮»‬‭ ‬تبني‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭. ‬وعلى‭ ‬صعيد‭ ‬أوسع،‭ ‬أوضح‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب،‭ ‬قد‭ ‬يشهد‭ ‬العالم‭ ‬تطورا‭ ‬لشبكات‭ ‬إنترنت‭ ‬منفصلة‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية‭ ‬وأوروبا‭ ‬وآسيا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬بسبب‭ ‬إدخال‭ ‬تشريعات‭ ‬تنظم‭ ‬استخدام‭ ‬خدمة‭ ‬الإنترنت‭ ‬في‭ ‬أجزاء‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬العالم‭.‬

وبالمثل،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬‮«‬منظور‭ ‬تقني‮»‬،‭ ‬سلطت‭ ‬‮«‬حسين‮»‬،‭ ‬الضوء‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬قضية‭ ‬الاختصاص‭ ‬التشريعي‭ ‬والقضائي،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬تطبيق‭ ‬التشريعات‭ ‬التي‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬طرق‭ ‬استخدام‭ ‬الإنترنت‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬ما‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬‮«‬تأثير‮»‬‭ ‬على‭ ‬البلدان‭ ‬المجاورة‭ ‬أيضًا‭. ‬وذكرت‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬التشريعات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يتم‭ ‬تطبيقها‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬بادرة‭ ‬عن‭ ‬‮«‬نوايا‭ ‬حسنة‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬يتم‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬القوانين‭ ‬نفسها‭ ‬تلبية‭ ‬‮«‬لنواياها‭ ‬السيئة‭. ‬ولمعالجة‭ ‬هذا‭ ‬التحدي،‭ ‬أوضحت‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬العالم‮»‬‭ ‬مطلوب،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬تتم‭ ‬تحديد‭ ‬ما‭ ‬سيترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الحوار‭ ‬بالضبط،‭ ‬فإنها‭ ‬أقرت‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬أحد‮»‬‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬شركات‭ ‬تكنولوجية‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬فيسبوك‮»‬،‭ ‬‮«‬متحكمة‮»‬‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬‮«‬جيد‮»‬‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬وخلافه،‭ ‬ومن‭ ‬هي‭ ‬الأطراف‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعتبر‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التزاماتها‭ ‬المختلفة‭ ‬وغيرها‭. ‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬قدمت‭ ‬الندوة‭ ‬عرضا‭ ‬مفصلاً‭ ‬للتهديدات‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وعكست‭ ‬مدى‭ ‬قلق‭ ‬المعلقين‭ ‬الغربيين‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬من‭ ‬مسار‭ ‬القيود‭ ‬وضوابط‭ ‬السيطرة‭ ‬والتحكم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وتم‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬النماذج‭ ‬الصينية‭ ‬والروسية‭ ‬والإيرانية‭ ‬المعنية‭ ‬بالتحكم‭ ‬في‭ ‬إتاحة‭ ‬المعلومات،‭ ‬ونشر‭ ‬بيانات‭ ‬كاذبة،‭ ‬وتطبيق‭ ‬تدابير‭ ‬تشريعية‭ ‬صارمة؛‭ ‬تعد‭ ‬‮«‬تطورات‭ ‬مقلقة‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‮»‬‭. ‬

وبصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الاقتراحات‭ ‬الغامضة‭ ‬لضرورة‭ ‬وجود‭ ‬‮«‬حوار‭ ‬عالمي‮»‬‭ ‬والدعم‭ ‬الغربي‭ ‬للشركات‭ ‬التكنولوجية،‭ ‬فإن‭ ‬الاقتراحات‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬معالجة‭ ‬انتشار‭ ‬آليات‭ ‬السيطرة‭ ‬والمعلومات‭ ‬المضللة‭ ‬عبر‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل،‭ ‬كانت‭ ‬غائبة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الندوة‭.

{ انتهى  }
bottom of page