top of page

31/5/2022

هل ينجو رئيس الوزراء البريطاني من فضيحة «بارتي جيت»؟

وصلت‭ ‬أكبر‭ ‬فضيحة‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬ولاية‭ ‬‮«‬بوريس‭ ‬جونسون‮»‬،‭ ‬كرئيس‭ ‬للوزراء‭ ‬إلى‭ ‬ذروتها‭ ‬مع‭ ‬إصدار‭ ‬‮«‬سو‭ ‬جراي‮»‬‭ -‬أحد‭ ‬كبار‭ ‬موظفي‭ ‬الخدمة‭ ‬المدنية‭- ‬تقريرها‭ ‬عن‭ ‬التجمعات‭ ‬والحفلات‭ ‬المحظورة،‭ ‬التي‭ ‬عُقدت‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬أثناء‭ ‬عمليات‭ ‬الإغلاق‭ ‬لمكافحة‭ ‬انتشار‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬عامي‭ ‬2020‭ ‬و2021‭. ‬ففي‭ ‬وقت‭ ‬كان‭ ‬آلاف‭ ‬البريطانيين‭ ‬يلتزمون‭ ‬بقيود‭ ‬صارمة‭ ‬على‭ ‬مقابلة‭ ‬الآخرين‭ ‬والاختلاط؛‭ ‬منعا‭ ‬لانتشار‭ ‬الفيروس،‭ ‬كان‭ ‬مسؤولون‭ ‬حكوميون‭ -‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭- ‬يشاركون‭ ‬في‭ ‬أنشطة‭ ‬غير‭ ‬مسموح‭ ‬بها‭ ‬أو‭ ‬مقبولة‭.‬

وفي‭ ‬أعقاب‭ ‬التقارير‭ ‬الأولية‭ ‬والتسريبات‭ ‬التي‭ ‬أفادت‭ ‬بأن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التجمعات‭ ‬قد‭ ‬عُقدت‭ ‬في‭ ‬مقرات‭ ‬حكومية‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬متجاوزة‭ ‬قيود‭ ‬الإغلاق؛‭ ‬فقد‭ ‬طلبت‭ ‬الحكومة‭ ‬رسميا‭ ‬التحقيق‭ ‬فيما‭ ‬حدث‭ ‬وتحديد‭ ‬المسؤول‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬ووصفت‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الإيكونوميست،‭ ‬‮«‬جراي‮»‬،‭ ‬بـ«المحقق‭ ‬الرئيسي‮»‬،‭ ‬و‮«‬أقوى‭ ‬شخصية‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬لم‭ ‬يُسمع‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬قبل‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬حين،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التقرير‭ ‬لم‭ ‬يقدم‭ ‬اقتراحات‭ ‬بشأن‭ ‬الإجراء‭ ‬السياسي،‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬اتخاذه‭ ‬بشأن‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬ثبت‭ ‬أنهم‭ ‬ارتكبوا‭ ‬مخالفات‭ ‬في‭ ‬مناصبهم،‭ ‬فقد‭ ‬شكلت‭ ‬فضيحة‭ ‬‮«‬بارتي‭ ‬جيت‮»‬‭ ‬هذه،‭ ‬‮«‬ضغطًا‭ ‬كبيرًا‮»‬‭ ‬على‭ ‬مصداقية‭ ‬حكومة‭ ‬المحافظين‭ ‬وشعبيتها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أزمة‭ ‬تكلفة‭ ‬المعيشة‭ ‬والحرب‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إصدار‭ ‬نسخة‭ ‬محدودة‭ ‬من‭ ‬التقرير‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2022،‭ ‬فإنه‭ ‬–بحسب‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‮»‬‭- ‬قدم‭ ‬‮«‬دليلًا‭ ‬دامغًا‮»‬‭ ‬على‭ ‬التجاوزات‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬مقرات‭ ‬الحكومة‭ ‬أثناء‭ ‬الوباء‭. ‬وتم‭ ‬إصدار‭ ‬النتائج‭ ‬الكاملة‭ ‬للتقرير‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬مايو‭ ‬2022،‭ ‬وسط‭ ‬توقعات‭ ‬إعلامية‭ ‬وسياسية‭ ‬كثيرة‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـ«مارك‭ ‬لاندر‮»‬،‭ ‬و«ستيفن‭ ‬كاسل‮»‬،‭ ‬و‮«‬ميغان‭ ‬سبيشيا‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬أفاد‭ ‬التقرير‭ ‬الكامل،‭ ‬أن‭ ‬جونسون‭ ‬‮«‬ترأس‭ ‬مكان‭ ‬عمل‭ ‬غير‭ ‬منظم،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬انتهاكات‭ ‬لقيود‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‮»‬،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬‮«‬فشل‭ ‬جسيم‮»‬‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬الالتزام‭ ‬بـ«المعايير‭ ‬المتوقع‭ ‬الأخذ‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬البريطانيين‮»‬‭. ‬وتم‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬‮«‬استهلاك‭ ‬مفرط‭ ‬للكحول‮»‬‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الحفلات‭ ‬خلال‭ ‬أول‭ ‬إغلاق‭ ‬للوباء‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2020،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬أمثلة‭ ‬متعددة‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬الاحترام‭ ‬وسوء‭ ‬معاملة‭ ‬موظفي‭ ‬الأمن‭ ‬وعمال‭ ‬النظافة‮»‬‭.‬

وقبل‭ ‬إصدار‭ ‬التقرير،‭ ‬تم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬صور‭ ‬ضارة‭ ‬لـ‮«‬جونسون‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬يرفع‭ ‬كأسًا‭ ‬من‭ ‬الكحول‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬هذه‭ ‬الحفلات،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬لاندر‮»‬،‭ ‬و«كاسل‮»‬،‭ ‬و«سبيشيا‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬أشاروا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التقرير‭ ‬الكامل‭ ‬نفسه‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يحتو‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬اعترافات‭ ‬جديدة‭ ‬حول‭ ‬سلوك‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬بل‭ ‬‮«‬نسب‭ ‬التقرير‭ ‬بعض‭ ‬الفضل‭ ‬إلى‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬محاولتها‭ ‬تغيير‭ ‬بعض‭ ‬ممارساتها‭ ‬لتحسين‭ ‬صورتها‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي،‭ ‬تمت‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الفضيحة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬ضارة‭ ‬بمصداقية‭ ‬حكومة‭ ‬المحافظين‭ ‬الحالية‭. ‬واعتذر‭ ‬‮«‬جونسون‮»‬،‭ ‬علنًا‭ ‬عما‭ ‬حدث‭ ‬وتلقى‭ ‬غرامة‭ ‬من‭ ‬الشرطة،‭ ‬لكنه‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬ملتزم‭ ‬بالبقاء‭ ‬كرئيس‭ ‬للوزراء،‭ ‬وأنه‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يضلل‭ ‬مجلس‭ ‬العموم‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬‮«‬الوقت‭ ‬قد‭ ‬حان‭ ‬للبلاد‭ ‬للمضي‭ ‬قدمًا‭ ‬وتجاوز‭ ‬الأمر‮»‬‭. ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬وصفه‭ ‬‮«‬لاندر‮»‬،‭ ‬و«كاسل‮»‬،‭ ‬و‮«‬سبيشيا‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬مزيج‭ ‬من‭ ‬الندم‭ ‬والتحدي‮»‬،‭ ‬واعتراف‭ ‬بأن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬‮«‬تعلم‭ ‬درسًا‮»‬‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬علق‭ ‬‮«‬كريس‭ ‬ميسون‮»‬،‭ ‬في‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬اعتذر،‭ ‬وبصورة‭ ‬محددة،‭ ‬بذل‭ ‬قصارى‭ ‬جهده‭ ‬لشرح‭ ‬سبب‭ ‬اعتقاده‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يضلل‭ ‬مجلس‭ ‬العموم‭ ‬عن‭ ‬قصد‭ ‬في‭ ‬رواياته‭ ‬السابقة‭ ‬لما‭ ‬حدث‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬كانت‭ ‬الانتقادات‭ ‬الموجهة‭ ‬إلى‭ ‬الحكومة‭ ‬ورئيسها‭ ‬‮«‬شديدة‮»‬‭. ‬ووصف‭ ‬زعيم‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬المعارض،‭ ‬‮«‬كير‭ ‬ستارمر‮»‬،‭ ‬إصدار‭ ‬التقرير،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬إدانة‭ ‬لغطرسة‭ ‬الحكومة‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬ينبغي‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ستارمر‮»‬،‭ ‬نفسه‭ ‬يخضع‭ ‬للتحقيق‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الشرطة‭ ‬لاحتمال‭ ‬انتهاكه‭ ‬قواعد‭ ‬الإغلاق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حضور‭ ‬حفلة‭. ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬ذلك،‭ ‬تعهد‭ ‬بالاستقالة‭ ‬إذا‭ ‬ثبت‭ ‬أنه‭ ‬خالف‭ ‬القانون‭.‬

ومن‭ ‬جانبه،‭ ‬وصف‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السابق،‭ ‬‮«‬توبياس‭ ‬إلوود‮»‬،‭ ‬التقرير‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬مُدين‮»‬،‭ ‬سائلا‭ ‬زملاءه‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬العموم،‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬بإمكانهم‭ ‬‮«‬التفكير‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬آخر‭ ‬كان‭ ‬سيسمح‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الانضباط‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الاستقالة‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لاحظ‭ ‬محررو‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إلوود‮»‬،‭ ‬كان‭ ‬النائب‭ ‬المحافظ‭ ‬الوحيد،‭ ‬الذي‭ ‬تحدث‭ ‬بصوت‭ ‬مسموع‭ ‬فور‭ ‬صدور‭ ‬التقرير،‭ ‬وأن‭ ‬معارضته‭ ‬لـ‮«‬جونسون‮»‬،‭ ‬‮«‬راسخة‮»‬‭ ‬بالفعل‭. ‬وبالمثل،‭ ‬دعا‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬المحافظين،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬ديفيد‭ ‬سيمونز‮»‬،‭ ‬و«جوليان‭ ‬ستوردي‮»‬،‭ ‬و«جون‭ ‬بارون‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬الاستقالة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يتضح‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬قد‭ ‬ارتفع‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬يُتيح‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬سحب‭ ‬الثقة‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭.‬

وبصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬هذا،‭ ‬تم‭ ‬انتقاد‭ ‬تحقيق‭ ‬‮«‬جراي‮»‬‭ ‬أيضًا‭. ‬وعلق‭ ‬‮«‬تيم‭ ‬بيل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬كوين‭ ‬ماري‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يكون‭ ‬أبدًا‭ ‬هو‭ ‬التحقيق‭ ‬المستقل‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يأمله‭ ‬الكثيرون‮»‬،‭ ‬لأن‭ ‬‮«‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬كلف‭ ‬الموظفة‭ ‬بإجراء‭ ‬التحقيق‮»‬‭. ‬وبالمثل،‭ ‬قُوبل‭ ‬تحقيق‭ ‬شرطة‭ ‬لندن‭ ‬الكبرى،‭ ‬بشأن‭ ‬التجمعات‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬بالانتقاد‭. ‬واستشهدت‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الإيكونوميست‮»‬،‭ ‬بشكاوى‭ ‬حول‭ ‬‮«‬نفقة‭ ‬التحقيقات‭ ‬ومدتها‭ ‬وغموضها‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬إصدار‭ ‬غرامات‭ ‬بحق‭ ‬83‭ ‬شخصًا،‭ ‬بمجموع‭ ‬126‭ ‬غرامة‭. ‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬لاندر‮»‬‭ ‬و«كاسل‮»‬‭ ‬و‮«‬سبيشيا‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬إصدار‭ ‬التقرير‭ ‬نفسه،‭ ‬باعتباره‭ ‬‮«‬لحظة‭ ‬لإعادة‭ ‬حسابات‭ ‬زعيم‭ ‬بريطاني‭ ‬تعرض‭ ‬لفضيحة»؛‭ ‬لكنهم‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬خلصوا‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الفضيحة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬‮«‬بالضربة‭ ‬القاتلة،‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬ترديه‭ ‬أرضًا‮»‬‭. ‬وبالمثل،‭ ‬ذكر‭ ‬‮«‬جورج‭ ‬باركر‮»‬،‭ ‬و‮«‬جيم‭ ‬بيكارد‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فاينانشيال‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬خرج‭ ‬منها‭ ‬‮«‬متأثرًا‭ ‬بعض‭ ‬الشيء‭.. ‬لكن‭ ‬غير‭ ‬منكسر‮»‬‭. ‬ورأى‭ ‬‮«‬ميسون‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬جونسون‭ ‬بمأمن‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‮»‬‭.‬

الأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أن‭ ‬النواب‭ ‬المحافظين‭ ‬لم‭ ‬ينقلبوا‭ ‬على‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬كما‭ ‬توقع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭. ‬ووصفت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬رد‭ ‬فعلهم‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬هادئ‭ ‬نسبيًا‮»‬‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أشارت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فاينانشيال‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬انحسار‭ ‬‮«‬أي‭ ‬شعور‭ ‬بالاستياء‭ ‬سريعًا‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬جراي‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬ميسون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬تخفيف‭ ‬جونسون‭ ‬لبعض‭ ‬التوترات‭ ‬بعد‭ ‬تقديمه‭ ‬اعتذارًا‭ ‬للنواب‭ ‬خلال‭ ‬أحد‭ ‬الاجتماعات‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬ظهور‭ ‬نتائج‭ ‬التقرير‭ ‬وتحقيقاته‭ ‬بشأن‭ ‬القضية‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬رفض‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬حزبه‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬هذه‭ ‬الفضيحة؛‭ ‬لإدراكهم‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الأخطاء‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التغاضي‭ ‬عنها،‭ ‬أو‭ ‬محوها‭ ‬كليًا‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأن‭ ‬أي‭ ‬جهود‭ ‬للإطاحة‭ ‬بـ«جونسون‮»‬‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬مجدية‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬17‭ ‬نائبا‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬قدموا‭ ‬خطابات‭ ‬بحجب‭ ‬الثقة‭ ‬عنه،‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬54‭ ‬خطابا‭ ‬لإجراء‭ ‬انتخابات‭ ‬لرئاسة‭ ‬الحزب،‭ ‬وإجراء‭ ‬تصويت‭ ‬بحجب‭ ‬الثقة‭ ‬عن‭ ‬قيادته‭. ‬وذكرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فاينانشيال‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الموالين‭ ‬لـ«جونسون‮»‬،‭ ‬واثقون‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يواجه‭ ‬تصويتًا‭ ‬بحجب‭ ‬الثقة‮»‬‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬روب‭ ‬ميريك‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الإندبندنت‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬بدت‭ ‬‮«‬ضعيفة‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬نواب‭ ‬حزبه‭ ‬ينتظرون‭ ‬استنتاجات‭ ‬‮«‬جراي‮»‬،‭ ‬قبل‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬في‭ ‬بادئ‭ ‬الأمر‭ ‬تعكس‭ ‬مدى‭ ‬‮«‬الغضب‮»‬‭ ‬إزاء‭ ‬القضية؛‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬هدأت‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‮»‬‭. ‬وكما‭ ‬أشارت‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬نيوز‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬رئيس‭ ‬‮«‬لجنة‭ ‬المحافظين‭ ‬لعام‭ ‬1922‮»‬،‭ ‬‮«‬جراهام‭ ‬برادي‮»‬،‭ ‬‮«‬اعترف‭ ‬بمدى‭ ‬قلة‭ ‬الخطابات‭ ‬الداعية‭ ‬بحجب‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬أبقوا‭ ‬غضبهم‭ ‬إزاء‭ ‬قيادة‭ ‬جونسون‭ ‬للحزب‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬ردة‭ ‬فعل‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ميسون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الوزراء‭ ‬عبروا‭ ‬علنًا‭ ‬عن‭ ‬ولائهم‭ ‬لجونسون‮»‬‭. ‬وأصر‭ ‬وزير‭ ‬الصحة،‭ ‬‮«‬ساجد‭ ‬جاويد‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬تركز‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬‮«‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الهائلة‭ ‬المقبلة‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬أليكس‭ ‬كولبيرتسون‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬وزيرة‭ ‬الخارجية،‭ ‬‮«‬ليز‭ ‬تروس‮»‬،‭ ‬ووزير‭ ‬العدل،‭ ‬‮«‬دومينيك‭ ‬راب‮»‬،‭ ‬لجونسون‮»‬‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬فقد‭ ‬تحول‭ ‬اهتمامه‭ ‬الآن‭ ‬نحو‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬والتركيز،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬القضايا‭ ‬المحلية‭ ‬والدولية‭. ‬وفي‭ ‬خطابه‭ ‬بمجلس‭ ‬العموم،‭ ‬علق‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬إن‭ ‬إرادة‭ ‬تلك‭ ‬الدولة‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬تجعلنا‭ ‬الآن‭ ‬نثني‭ ‬على‭ ‬جهود‭ ‬‮«‬جراي‮»‬،‭ ‬ونتائج‭ ‬تقريرها،‭ ‬وأن‭ ‬نبدأ‭ ‬‮«‬في‭ ‬طي‭ ‬الماضي‭ ‬والتحرك‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬حديثه،‭ ‬لاحقًا‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحفي‭ ‬لتناول‭ ‬نتائج‭ ‬التقرير،‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬معالجة‭ ‬‮«‬الارتفاع‭ ‬الهائل‭ ‬في‭ ‬تكاليف‭ ‬المعيشة،‭ ‬وارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الغذاء‭ ‬والوقود‮»‬،‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬‮«‬وقوع‭ ‬أكبر‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬منذ‭ ‬70‭ ‬عامًا‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعد‭ ‬دليلاً‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬تركيزه‭ ‬‮«‬نحو‭ ‬التقدم‭ ‬وخدمة‭ ‬شعب‭ ‬هذا‭ ‬البلد‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬تأييد‭ ‬لهذا،‭ ‬أوضح‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬لاندر‮»‬،‭ ‬و«كاسل‮»‬،‭ ‬و«سبيشيا‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الفضيحة‭ ‬‮«‬تم‭ ‬تخفيف‭ ‬آثارها‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬والدور‭ ‬الذي‭ ‬لعبه‭ ‬‮«‬جونسون‮»‬،‭ ‬في‭ ‬القيادة‭ ‬الغربية‭ ‬أثناء‭ ‬الغزو‭ ‬وتجاوز‭ ‬ما‭ ‬دار‭ ‬من‭ ‬سجالات‭ ‬في‭ ‬الدوائر‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬أعقابها،‭ ‬مشيرين‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬بدا‭ ‬أكثر‭ ‬عزما‭ ‬على‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬معالجة‭ ‬القضايا‭ ‬الأكثر‭ ‬اهتمامًا‭ ‬بعد‭ ‬إصدار‭ ‬التقرير‮»‬‭. ‬وانعكاسًا‭ ‬لهذا‭ ‬النهج،‭ ‬أعلنت‭ ‬‮«‬الحكومة‮»‬،‭ ‬بالفعل‭ ‬عن‭ ‬ضرائب‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬أرباح‭ ‬منتجي‭ ‬النفط‭ ‬والغاز؛‭ ‬بهدف‭ ‬خفض‭ ‬أسعار‭ ‬الوقود‭ ‬المرتفعة‭ ‬للمستهلكين‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬حزمة‭ ‬بقيمة‭ ‬15‭ ‬مليار‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني،‭ ‬وافقت‭ ‬عليها؛‭ ‬بغرض‭ ‬إتاحة‭ ‬مبلغ‭ ‬قدره‭ ‬650‭ ‬جنيهًا‭ ‬إسترلينيًا‭ ‬لمرة‭ ‬واحدة‭ ‬إلى‭ ‬ثمانية‭ ‬ملايين‭ ‬أسرة‭ ‬منخفضة‭ ‬الدخل‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬قد‭ ‬نجت‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الفضيحة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهل‭ ‬الآثار‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬لها‭. ‬ومع‭ ‬توقع‭ ‬الانتخابات‭ ‬العامة‭ ‬المقبلة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024؛‭ ‬صرح‭ ‬‮«‬جونسون‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬يعتقد‭ ‬بشكل‭ ‬قاطع‭ ‬أن‭ ‬حزبه‭ ‬سيفوز‭ ‬بها‭ ‬بـ«أغلبية‭ ‬ساحقة‮»‬،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تأكيد‭ ‬زعيم‭ ‬حزب‭ ‬العمال،‭ ‬‮«‬كير‭ ‬ستارمر‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬احتمالات‭ ‬فوز‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين،‭ ‬بها‭ ‬تعد‭ ‬‮«‬معجزة‮»‬‭. ‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬تحليل‭ ‬المعلقين‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬بوريس‭ ‬جونسون‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الفضيحة؛‭ ‬لكن‭ ‬مصداقيتها‭ ‬قد‭ ‬تضررت‭ ‬بين‭ ‬الجمهور‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكاره‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تأكيد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬أن‭ ‬اهتمام‭ ‬الحكومة‭ ‬سوف‭ ‬ينصب‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬تناول‭ ‬القضايا‭ ‬المحلية‭ ‬والدولية،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الواضح‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬أحزاب‭ ‬المعارضة‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬ستتغاضى‭ ‬عن‭ ‬متابعة‭ ‬التحقيقات‭ ‬بتلك‭ ‬القضية،‭ ‬خاصة‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يخضع‭ ‬لتحقيق‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬‮«‬لجنة‭ ‬الامتيازات‮»‬،‭ ‬التابعة‭ ‬لمجلس‭ ‬العموم‭. ‬

ومع‭ ‬استمرار‭ ‬التحقيقات‭ ‬وظهور‭ ‬نتائجها،‭ ‬فإنه‭ ‬وفقا‭ ‬لـ«بي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬نيوز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يستقيل‭ ‬‮«‬جونسون‮»‬‭. ‬وبالمثل،‭ ‬سيتم‭ ‬معرفة‭ ‬الآثار‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الانتخابات‭ ‬العامة‭ ‬المقبلة،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬فضيحة‭ ‬‮«‬بارتي‭ ‬جيت‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬اختفت‭ ‬تمامًا‭.

{ انتهى  }
bottom of page