top of page

15/6/2022

ماذا بعد أن عرقلت إيران مراقبة منشآتها النووية؟

شهدت‭ ‬مفاوضات‭ ‬فيينا‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬عودة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيران‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الاتفاق‭ ‬النووي‮»‬،‭ ‬لعام‭ ‬2015،‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الوسائل‭ ‬للتأثير‭ ‬أو‭ ‬التصعيد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬كلا‭ ‬الجانبين،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬أخفقت‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬لأي‭ ‬اتفاق‭. ‬وعلى‭ ‬الأخص،‭ ‬رفضت‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬رفع‭ ‬‮«‬الحرس‭ ‬الثوري‮»‬‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬القائمة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لـ«المنظمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الأجنبية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬كثفت‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬جهودها‭ ‬لتخصيب‭ ‬اليورانيوم،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تصاعدت‭ ‬فيه‭ ‬التوترات‭ ‬نتيجة‭ ‬قيام‭ ‬إسرائيل‭ ‬بعرقلة‭ ‬تطلعات‭ ‬إيران‭ ‬النووية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬استخدام‭ ‬ضربات‭ ‬واغتيالات‭ ‬وهجمات‭ ‬إلكترونية‭.‬

وفي‭ ‬أحدث‭ ‬انتكاسة‭ ‬لهذه‭ ‬المفاوضات،‭ ‬أزالت‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬كاميرات‭ ‬المراقبة‭ ‬التابعة‭ ‬للوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية،‭ ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬تبني‭ ‬الأخيرة‭ ‬قرارا‭ ‬ينتقدها‭ ‬رسميا‭ ‬لعدم‭ ‬تعاونها‭ ‬بشكل‭ ‬ملائم‭ ‬معها‭. ‬وعليه،‭ ‬حذر‭ ‬محللون‭ ‬غربيون‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الإشراف‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬صنع‭ ‬سلاح‭ ‬نووي‭ ‬إيراني،‭ ‬أصبح‭ ‬الآن‭ ‬ضعيفًا‭ ‬للغاية،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تُظهر‭ ‬طهران‭ ‬أي‭ ‬علامة‭ ‬على‭ ‬الالتزام‭ ‬بالجهود‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لحل‭ ‬الأزمة‭.‬

وبعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬امتثال‭ ‬إيران‭ ‬للشروط‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليها‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬وافق‭ ‬مجلس‭ ‬محافظي‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2022،‭ ‬بأغلبية‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬‮«‬أمريكي،‭ ‬بريطاني،‭ ‬فرنسي،‭ ‬ألماني‮»‬‭ ‬مشترك،‭ ‬يدين‭ ‬طهران؛‭ ‬بسبب‭ ‬مخاوفهم‭ ‬‮«‬العميقة؛‭ ‬بشأن‭ ‬الضمانات‭ ‬والتعاون‭ ‬الموضوعي‭ ‬غير‭ ‬الكافي‭ ‬من‭ ‬جانبها‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬تركز‭ ‬عدم‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬إحجامها‭ ‬عن‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬آثار‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب‭ ‬المكتشفة‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬مواقع‭ ‬نووية‭ ‬غير‭ ‬مُعلنة‭. ‬وأوضحت‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬نيوز‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬فصلها‭ ‬للكاميرات‭ ‬التابعة‭ ‬للوكالة‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ -‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لزيادة‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬واشنطن‭- ‬فإن‭ ‬الوكالة‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬متابعة‭ ‬أنشطتها‭ ‬النووية‮»‬‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬،‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬تصويت‭ ‬ممثلين‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬روسيا‮»‬،‭ ‬و«الصين‮»‬،‭ ‬ضد‭ ‬القرار،‭ ‬الذي‭ ‬يدين‭ ‬إيران،‭ ‬فقد‭ ‬أفاد‭ ‬‮«‬مارتن‭ ‬تشولوف‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬30‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬35‭ ‬عضوًا‭ ‬في‭ ‬الوكالة،‭ ‬صوتوا‭ ‬لإدانتها‭ ‬علنًا،‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬‮«‬التوبيخ‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬قبلها‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬عامين،‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬الإحباطات‭ ‬المتزايدة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدول،‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬الصفقة‭ ‬تتلاشى،‭ ‬بينما‭ ‬تظل‭ ‬الأطراف‭ ‬المتنافسة‭ ‬متمسكة‭ ‬بمواقفها‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬ردها‭ ‬على‭ ‬القرار،‭ ‬أعلنت‭ ‬‮«‬إيران‮»‬،‭ ‬إزالة‭ ‬27‭ ‬كاميرا‭ ‬من‭ ‬منشآتها‭ ‬النووية‭ ‬الرئيسية،‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬وكالة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬المراقبة‭. ‬وعلى‭ ‬الأخص،‭ ‬في‭ ‬منشآت‭ ‬‮«‬أصفهان‮»‬،‭ ‬و«طهران‮»‬،‭ ‬والمنشآت‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬‮«‬نطنز‮»‬‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـ‮«‬مدير‭ ‬عام‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‮»‬،‭ ‬‮«‬رافائيل‭ ‬غروسي‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭ ‬يمثل‭ ‬أساسًا‭ ‬جميع‭ ‬الكاميرات،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬وضعها‭ ‬بموجب‭ ‬شروط‭ ‬اتفاقية‭ ‬عام‭ ‬2003،‭ ‬بشأن‭ ‬عمليات‭ ‬التفتيش‭ ‬على‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬بقاء‭ ‬حوالي‭ ‬40‭ ‬كاميرا‭ ‬تفتيش‭ ‬في‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭ -‬بموجب‭ ‬شروط‭ ‬اتفاقية‭ ‬الضمانات‭ ‬الشاملة‭- ‬فقد‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬ستيفاني‭ ‬ليختنشتاين‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬بوليتيكو‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الخطوة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬ستترك‭ ‬‮«‬المراقبين‭ ‬الدوليين‭ ‬يتخبطون‮»‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬‮«‬تُعرض‭ ‬للخطر،‭ ‬صفقة‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬طموحات‭ ‬طهران‭ ‬النووية‮»‬،‭ ‬موضحة‭ ‬أن‭ ‬الكاميرات‭ ‬‮«‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنها‭ ‬‮«‬لمراقبة‭ ‬إنتاج‭ ‬أجهزة‭ ‬الطرد‭ ‬المركزي‭ ‬المتقدمة‮»‬،‭ ‬مشيرًة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إزالة‭ ‬هذه‭ ‬الكاميرات‭ ‬‮«‬يمثل‭ ‬تحديًا‭ ‬خطيرًا‮»‬‭ ‬لقدرة‭ ‬الوكالة‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬عمليات‭ ‬التفتيش‭.‬

وبالمثل،‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬كيلسي‭ ‬دافنبورت‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جمعية‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬الهيئة‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬متابعة‭ ‬برنامج‭ ‬إيران‭ ‬النووي،‭ ‬فلن‭ ‬تستطيع‭ ‬تنفيذ‭ ‬بند‭ ‬المراقبة‭ ‬والتحقق‭ ‬الخاص‭ ‬بالاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬لعام‭ ‬2015‮»‬‭. ‬وأشارت‭ ‬‮«‬ليختنشتاين‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬بدون‭ ‬كاميرات‭ ‬لمراقبة‭ ‬التغييرات‭ ‬في‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية،‭ ‬‮«‬ستتولد‭ ‬فجوة‭ ‬حول‭ ‬المعلومات‭ ‬الحاسمة‮»‬،‭ ‬وكلما‭ ‬طال‭ ‬أمد‭ ‬ذلك،‭ ‬‮«‬سيكون‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬المفتشين‭ ‬إعادة‭ ‬حصر‭ ‬عدد‭ ‬أجهزة‭ ‬الطرد‭ ‬المركزي‭ ‬المتقدمة‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬إنتاجه‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬فرانسوا‭ ‬مورفي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬رويترز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إيران‭ ‬تحتفظ‭ ‬بالبيانات‭ ‬المسجلة‭ ‬بواسطة‭ ‬معدات‭ ‬المراقبة‭ ‬الإضافية‭ ‬للوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬منذ‭ ‬فبراير‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2021‭. ‬لكن‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬هناك‭ ‬احتمال‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات،‭ ‬حيث‭ ‬تحتفظ‭ ‬بكاميرات‭ ‬في‭ ‬منشآتها‭ ‬النووية‭ ‬لاستخدامها‭ ‬كأدوات‭ ‬مساومة‭ ‬في‭ ‬الخلافات‭ ‬أو‭ ‬المفاوضات‭ ‬اللاحقة‭. ‬وكتب‭ ‬‮«‬تشولوف‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ورقة‭ ‬مساومة‭ ‬إضافية‭ ‬في‭ ‬يدها‭ ‬مستقبلا‮»‬‭.‬

وأثار‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬انتقادات‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية،‭ ‬إدانة‭ ‬دولية‭ ‬وإقليمية‭. ‬وأوضح‭ ‬بيان‭ ‬‮«‬بريطاني،‭ ‬فرنسي،‭ ‬ألماني‮»‬،‭ ‬مشترك،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أنشطة‭ ‬إيران‭ ‬النووية،‭ ‬ليست‭ ‬خطيرة‭ ‬وغير‭ ‬قانونية‭ ‬فقط‮»‬،‭ ‬لكنها‭ ‬أيضًا‭ ‬تخاطر‭ ‬بـ«تدمير‭ ‬الصفقة‮»‬،‭ ‬وأنه‭ ‬كلما‭ ‬تقدمت‭ ‬في‭ ‬نهجها،‭ ‬زادت‭ ‬صعوبة‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الصفقة‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬البيان،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تصويت‭ ‬أغلبية‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الذرية،‭ ‬بعث‭ ‬‮«‬رسالة‭ ‬لا‭ ‬لبس‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬إيران‮»‬‭. ‬وعلَّق‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي،‭ ‬‮«‬أنتوني‭ ‬بلينكين‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬رد‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬الوكالة‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لمعالجة‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬التعاون‭ ‬والشفافية‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬لـ«التهديد‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬الاستفزاز،‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬تقليل‭ ‬الشفافية‮»‬‭.‬

من‭ ‬جهتها،‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬إيران‮»‬،‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬لن‭ ‬تتراجع‭ ‬ذرة‭ ‬واحدة‭ ‬عن‭ ‬مواقفها‮»‬‭. ‬ورفضت‭ ‬‮«‬الخارجية‭ ‬الإيرانية‮»‬،‭ ‬انتقادات‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية،‭ ‬ووصفتها‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬مسيسة‭ ‬وغير‭ ‬بناءة،‭ ‬وغير‭ ‬صحيحة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العملية‮»‬‭. ‬وعلَّق‭ ‬‮«‬تشولوف‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬تصرفات‭ ‬إيران‭ ‬وخطاباتها،‭ ‬‮«‬تؤكد‭ ‬تبني‭ ‬سياسة‭ ‬حافة‭ ‬الهاوية‭ ‬المتزايدة‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يهدد‭ ‬بالتصعيد‭ ‬الإقليمي،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬قادت‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬لشل‭ ‬القدرة‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬عمليات‭ ‬الاغتيال‮»‬،‭ ‬و«الهجمات‭ ‬الإلكترونية‮»‬،‭ ‬و«مداهمة‭ ‬مستودع‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬وثائق‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالبرنامج‭ ‬النووي‮»‬‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المحللين‭ ‬الغربيين،‭ ‬فإن‭ ‬الاستفزاز‭ ‬الإيراني‭ ‬الأخير،‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬ضربة‭ ‬أخرى‭ ‬لآفاق‭ ‬إحياء‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‮»‬‭. ‬وحذر‭ ‬‮«‬غروسي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬قد‭ ‬توقف‭ ‬المفاوضات‭ ‬‮«‬بشكل‭ ‬نهائي‮»‬‭. ‬ووصفها‭ ‬‮«‬تشولوف‮»‬،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬أخطر‭ ‬ضربة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬هنري‭ ‬روما‮»‬،‮ ‬من‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬أوراسيا‮»‬،‮ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬تهدف‭ ‬المراقبة‭ ‬إلى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬أو‭ ‬الإكراه‭ ‬لإيران‭ ‬ليس‭ ‬إلا،‭ ‬فإن‭ ‬إزالة‭ ‬الأخيرة‭ ‬للكاميرات‭ ‬تقوض‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬أي‭ ‬منطق‭ ‬بأنها‭ ‬تحاول‭ ‬إحياء‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬‮«‬يقلل‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬ما‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬55‭%‬‭ ‬إلى‭ ‬40‭%‬‮»‬،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬أيضًا‭ ‬‮«‬تبذل‭ ‬جهودًا‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الامتيازات‭ ‬الرمزية‭ ‬قبل‭ ‬إحياء‭ ‬المحادثات‭ ‬النووية‭ ‬بجدية‭ ‬في‭ ‬فيينا‮»‬‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬كريم‭ ‬فهيم‮»‬،‭ ‬و‮«‬كارين‭ ‬يونج‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬لديهم‭ ‬‮«‬تشاؤم‭ ‬متزايد‭ ‬بشأن‭ ‬إمكانية‭ ‬استعادة‭ ‬الاتفاق‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬كون‭ ‬العودة‭ ‬للاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬تبدو‭ ‬‮«‬أقل‭ ‬احتمالية‮»‬‭ ‬الآنً،‭ ‬عاد‭ ‬التساؤل‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬اقتراب‭ ‬‮«‬طهران‮»‬‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬سلاح‭ ‬نووي‭ ‬مجددًا‭. ‬وحذر‭ ‬‮«‬غروسي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬‮«‬في‭ ‬وضع‭ ‬يرثى‭ ‬له‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬وأن‭ ‬إيران‭ ‬‮«‬قريبة‭ ‬للغاية‮»‬‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬كميات‭ ‬كافية‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬اللازمة‭ ‬لصنع‭ ‬قنبلة‭ ‬نووية‮»‬‭. ‬ووفقًا‭ ‬لأحدث‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬توصلت‭ ‬إليها‭ ‬‮«‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية»؛‭ ‬فقد‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬43‭ ‬كيلوجرامًا‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب‭ ‬بدرجة‭ ‬نقاء‭ ‬60‭%‬،‭ ‬وهي‭ ‬عتبة‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬الـ90‭%‬‭ ‬المطلوبة‭ ‬لصنع‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية،‭ ‬ولكن‭ ‬ربما‭ ‬تزيد‭ ‬تلك‭ ‬النسبة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تدابير‭ ‬رقابية‭ ‬أو‭ ‬مساءلة‭ ‬محدودة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬غروسي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬اقتراب‭ ‬طهران‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب،‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬ذلك،‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬من‭ ‬‮«‬امتلاك‭ ‬قنبلة‭ ‬نووية‮»‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬وقت،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬محدودًا،‭ ‬لتجنب‭ ‬وقوع‭ ‬هذه‭ ‬النتيجة‭. ‬وبالمثل،‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬دافنبورت‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬زيادة‭ ‬نقاء‭ ‬مخزونها‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب‭ ‬سيستغرق‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬إلى‭ ‬عامين‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنه‭ ‬مع‭ ‬انخفاض‭ ‬آليات‭ ‬الإشراف‭ ‬الدولي،‭ ‬سيكون‭ ‬‮«‬من‭ ‬الصعب‭ ‬كشف‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬وتعطيله‮»‬،‭ ‬بمجرد‭ ‬نقلها‭ ‬‮«‬هذا‭ ‬المخزون‭ ‬من‭ ‬منشآت‭ ‬التخصيب‭ ‬المعلنة‭ ‬إلى‭ ‬مواقع‭ ‬تطوير‭ ‬سرية‮»‬‭.‬

وبات‭ ‬واضحًا‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬رفضت‭ ‬علنًا‭ ‬الخضوع‭ ‬للإشراف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬لافتقادها‭ ‬أي‭ ‬اهتمام‭ ‬بإحراز‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬المحادثات‭ ‬النووية،‭ ‬مما‭ ‬أثار‭ ‬انتقادات‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬الغربيين‭ ‬للنهج‭ ‬التي‭ ‬تتبناه‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬التعنت‭ ‬الإيراني‭. ‬وواصلت‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬المسؤولية‭ ‬النهائية‭ ‬لتجنب‭ ‬التصعيد‭ ‬الإقليمي‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬علق‭ ‬المبعوث‭ ‬الأمريكي‭ ‬الخاص‭ ‬لشؤون‭ ‬إيران،‭ ‬‮«‬روبرت‭ ‬مالي‮»‬،‭ ‬على‭ ‬استفزازها‭ ‬الأخير‭ ‬قائلاً‭: ‬إنها‭ ‬‮«‬تمتلك‭ ‬آليات‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬الأزمة‭ ‬التي‭ ‬أحدثتها‭ ‬عبر‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية،‭ ‬وحل‭ ‬مشكلة‭ ‬الضمانات‭ ‬المعلقة،‭ ‬والموافقة‭ ‬على‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬والخيار‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬النهاية‮»‬‭. ‬

وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬تعرض‭ ‬التوجه‭ ‬الأمريكي‭ ‬وافتقاره‭ ‬لاستراتيجية‭ ‬واضحة‭ ‬لحل‭ ‬الأزمة‭ ‬لانتقادات‭ ‬واسعة‭. ‬وأعرب‭ ‬‮«‬آرون‭ ‬ميلر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬كارنيجي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬أسفه‭ ‬كون‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬‮«‬تعاني‭ ‬الأمرين‮»‬‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬‮«‬آملاً‭ ‬ألا‭ ‬تندفع‭ ‬إيران‭ ‬نحو‭ ‬العتبة‭ ‬النووية؛‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لن‭ ‬تفعل‭ ‬شيئًا‭ ‬يذكر‭ ‬لمواجهة‭ ‬ذلك‮»‬،‭ ‬كونها‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬‮«‬إيران‭ ‬ووكلاؤها‭ ‬على‭ ‬قتل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬آخر‮»‬،‭ ‬معتبرين‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الافتقار‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يعد‭ ‬استراتيجية‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬التحديات‮»‬‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭. ‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬مايكل‭ ‬هيرش‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬السياسات‭ ‬المتشددة‭ ‬من‭ ‬كلا‭ ‬الجانبين‮»‬،‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬‮«‬إحباط‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‮»‬‭. ‬ورأى‭ ‬‮«‬علي‭ ‬فائز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬مستعدًا‭ ‬لدفع‭ ‬ثمن‭ ‬سياسي‭ ‬مقابل‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‮»‬،‭ ‬شريطة‭ ‬موافقته‭ ‬على‭ ‬شطب‭ ‬‮«‬الحرس‭ ‬الثوري‮»‬،‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬قائمة‭ ‬المنظمات‭ ‬الإرهابية‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬الغربيين‭ ‬مترددون‭ ‬في‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالهزيمة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬بعضهم‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬إنقاذ‭ ‬الوضع،‭ ‬وتجنب‭ ‬طهران‭ ‬المسلحة‭ ‬نوويًا‭. ‬وأكد‭ ‬‮«‬غروسي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الجمود‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬‮«‬نهاية‭ ‬الطريق‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬عدم‭ ‬امتثال‭ ‬إيران‭ ‬يأتي‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬العقبات‭ ‬المعنية‭ ‬بإبرام‭ ‬الاتفاق،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬موقفها‭ ‬التفاوضي‭ ‬الذي‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يتغير‮»‬،‭ ‬وأنها‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬‮«‬مسؤولية‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬كاهل‭ ‬واشنطن‭ ‬وأوروبا‭ ‬مع‭ ‬رفضهما‭ ‬الوفاء‭ ‬بشروطها‭ ‬والتفاوض‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬وسط‭ ‬يرضي‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‮»‬‭. ‬

وعند‭ ‬التمعن‭ ‬في‭ ‬سيناريو‭ ‬رفض‭ ‬طهران‭ ‬للرقابة‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬أنشطتها،‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬التعليقات‭ ‬الغربية،‭ ‬أن‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬لعام‭ ‬2015،‭ ‬أصبحت‭ ‬الآن‭ ‬احتمالًا‭ ‬بعيدًا،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تحدث‭ ‬تغييرات‭ ‬جذرية‭ ‬لكلا‭ ‬الجانبين‭ ‬الأمريكي‭ ‬والإيراني‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭.

{ انتهى  }
bottom of page