top of page

22/6/2022

رؤى غربية لحل أزمة تصدير الغذاء من أوكرانيا

بعد‭ ‬مرور‭ ‬أربعة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الحل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬للصراع‭ ‬بعيد‭ ‬المنال‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬التوترات‭ ‬ثارت‭ ‬قضايا‭ ‬جديدة‭ ‬تُعقد‭ ‬أي‭ ‬تسوية‭ ‬محتملة،‭ ‬حيث‭ ‬تزايد‭ ‬القلق‭ ‬العالمي‭ ‬بشأن‭ ‬نقص‭ ‬المعروض‭ ‬من‭ ‬السلع‭ ‬والحبوب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬والتي‭ ‬يتم‭ ‬تصدير‭ ‬معظمها‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وإفريقيا،‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬منع‭ ‬روسيا‭ ‬تدفقها‭ ‬عبر‭ ‬الموانئ‭ ‬الرئيسية‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭.‬

وتنبع‭ ‬المخاوف‭ ‬المتزايدة‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬من‭ ‬الحصار‭ ‬الروسي‭ ‬للموانئ‭ ‬الأوكرانية‭ ‬التي‭ ‬تُبحر‭ ‬منها‭ ‬صادرات‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭ ‬قبل‭ ‬الغزو‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2022‭. ‬وقبل‭ ‬الحرب‭ ‬أنتجت‭ ‬كييف‭ ‬86‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬الحبوب‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬بينما‭ ‬كانت‭ ‬خامس‭ ‬أكبر‭ ‬منتج‭ ‬للذرة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬توفر‭ ‬3‭.‬7‭%‬‭ ‬من‭ ‬إمدادات‭ ‬القمح‭ ‬العالمية‭. ‬وإلى‭ ‬جانب‭ ‬تصدير‭ ‬سلع‭ ‬مماثلة‭ ‬من‭ ‬روسيا،‭ ‬سجلت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬أن‭ ‬حوالي‭ ‬40‭%‬‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬المستهلك‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬هذين‭ ‬البلدين،‭ ‬مما‭ ‬يبرز‭ ‬كيفية‭ ‬تأثير‭ ‬اضطرابات‭ ‬الإمدادات‭ ‬على‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭.‬

 

 
ومع‭ ‬انقطاع‭ ‬الموانئ‭ ‬الأوكرانية‭ ‬الرئيسية،‭ ‬مثل‭ ‬أوديسا،‭ ‬عن‭ ‬إمداد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي؛‭ ‬بسبب‭ ‬الحصار‭ ‬الروسي،‭ ‬والألغام‭ ‬الأوكرانية‭ ‬المزروعة‭ ‬لردع‭ ‬أي‭ ‬غزو‭ ‬برمائي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬موسكو؛‭ ‬انخفضت‭ ‬الصادرات‭ ‬الغذائية‭ ‬الأوكرانية‭. ‬وأوضحت‭ ‬كييف،‭ ‬أن‭ ‬إنتاجها‭ ‬السنوي‭ ‬من‭ ‬الحبوب‭ ‬سينخفض‭ ‬من‭ ‬86‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬إلى‭ ‬48‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬طن‭. ‬وأشار‭ ‬أندرس‭ ‬آسلوند،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬جورج‭ ‬تاون،‭ ‬أنه‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مشاكل‭ ‬الإنتاج‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬أجزاء‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬فإن‭ ‬أسعار‭ ‬القمح‭ ‬والحبوب‭ ‬العالمية‭ ‬تضاعفت‭ ‬منذ‭ ‬أوائل‭ ‬عام‭ ‬2021‭. ‬ومع‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬بالفعل‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬أعلنت‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬يونيو‭ ‬2022،‭ ‬أنها‭ ‬ستدعم‭ ‬مصر‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الأوسع‭ ‬بـ3‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬لمواجهة‭ ‬الخطر‭ ‬المتزايد‭ ‬لنقص‭ ‬الإمدادات‭.‬

وتعقيبا‭ ‬على‭ ‬احتجاز‭ ‬حوالي‭ ‬20‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬الحبوب‭ ‬في‭ ‬موانئ‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وعجز‭ ‬الطرق‭ ‬البرية‭ ‬البديلة‭ ‬عن‭ ‬تأمين‭ ‬نقل‭ ‬سوى‭ ‬عُشر‭ ‬الطلب‭ ‬من‭ ‬الإمدادات؛‭ ‬أكد‭ ‬آسلوند،‭ ‬أن‭ ‬افتتاح‭ ‬ميناء‭ ‬أوديسا،‭ ‬تحديدا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحظى‭ ‬بأولوية‭ ‬دولية‭ ‬عاجلة،‭ ‬مع‭ ‬التحذير‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬إغلاق‭ ‬هذه‭ ‬الموانئ‭ ‬قد‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬مجاعة‭ ‬لما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬47‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭. ‬وبالمثل،‭ ‬أوضح‭ ‬ديفيد‭ ‬بيزلي،‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬لبرنامج‭ ‬الأغذية‭ ‬العالمي،‭ ‬أن‭ ‬الإخفاق‭ ‬في‭ ‬فتح‭ ‬موانئ‭ ‬أوكرانيا‭ ‬لصادرات‭ ‬الحبوب‭ ‬والسلع،‭ ‬سيكون‭ ‬بمثابة‭ ‬إعلان‭ ‬حرب‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬العالمي‭.‬

وبشكل‭ ‬أساسي،‭ ‬ألقى‭ ‬المعلقون‭ ‬الغربيون‭ ‬اللوم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬على‭ ‬روسيا‭. ‬واتهم‭ ‬فريدريك‭ ‬كيمبي،‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬بوتين،‭ ‬بأنه‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬للمخاطرة‭ ‬بإحداث‭ ‬مجاعة‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يراهن‭ ‬على‭ ‬إمكانية‭ ‬صموده‭ ‬أمام‭ ‬الدعم‭ ‬الغربي‭ ‬لكييف‭. ‬وأوضح‭ ‬آسلوند،‭ ‬أنه‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬تجاهل‭ ‬موسكو‭ ‬لأزمة‭ ‬الغذاء‭ ‬العالمية،‭ ‬اختارت‭ ‬تأجيجها‭ ‬واستغلالها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قصف‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الزراعية‭ ‬لأوكرانيا‭.

وكما‭ ‬لاحظ‭ ‬توفان‭ ‬جومروكو،‭ ‬وميشيل‭ ‬نيكولز،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬رويترز،‭ ‬فإن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬تحاول‭ ‬التوسط‭ ‬في‭ ‬صفقة‭ ‬لاستئناف‭ ‬الصادرات‭ ‬الأوكرانية‭ ‬والروسية‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬أبدت‭ ‬تركيا‭ ‬حرصها‭ ‬على‭ ‬المساعدة؛‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أهمية‭ ‬دورها‭ ‬المتحكم‭ ‬في‭ ‬مضيق‭ ‬البوسفور،‭ ‬الذي‭ ‬يصل‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭ ‬بالبحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭. ‬وأوضحت‭ ‬جوانا‭ ‬بارتريدج،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان،‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬سفن‭ ‬شحن‭ ‬لنقل‭ ‬الحبوب‭ ‬تغادر‭ ‬أوديسا،‭ ‬أو‭ ‬موانئ‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬الأسود،‭ ‬ستكون‭ ‬برفقة‭ ‬البحرية‭ ‬التركية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬حذر‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ستيفان‭ ‬دوجاريك،‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لكي‭ ‬يمضي‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬قُدما،‭ ‬ستكون‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬الجانبين؛‭ ‬الأوكراني‭ ‬والروسي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التوصل‭ ‬له‭ ‬بعد‭. ‬ويمثل‭ ‬القبول‭ ‬عملية‭ ‬معقدة‭ ‬بسبب‭ ‬إحجام‭ ‬الطرفين‭ ‬عن‭ ‬التعامل‭ ‬دبلوماسيا‭ ‬معا،‭ ‬أثناء‭ ‬الحرب‭ ‬الدائرة‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬رغبة‭ ‬الأوكرانيين‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬دفاعاتهم‭ ‬البحرية‭ ‬ضد‭ ‬هجوم‭ ‬برمائي‭ ‬روسي‭ ‬محتمل‭ ‬على‭ ‬الموانئ‭ ‬الرئيسية‭. ‬وذكرت‭ ‬وكالة‭ ‬رويترز،‭ ‬أنه‭ ‬بينما‭ ‬وافق‭ ‬بوتين،‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬تركيا،‭ ‬لتسهيل‭ ‬تصدير‭ ‬الحبوب‭ ‬دون‭ ‬عوائق‭ ‬من‭ ‬الموانئ‭ ‬الأوكرانية؛‭ ‬فقد‭ ‬أصر‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬مسؤولاً‭ ‬عن‭ ‬توفير‭ ‬ممرات‭ ‬آمنة‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭. ‬وأشار‭ ‬بارتريدج،‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬توفير‭ ‬تأمين‭ ‬خاص‭ ‬للسفن،‭ ‬وتقديم‭ ‬تأكيدات‭ ‬بشأن‭ ‬سلامة‭ ‬أطقمها‭ ‬قبل‭ ‬إرسالها‭ ‬إلى‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭. ‬

وبعيدًا‭ ‬عن‭ ‬خطة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المقترحة‭ ‬لتعزيز‭ ‬الصادرات،‭ ‬ذكرت‭ ‬وكالة‭ ‬رويترز،‭ ‬أن‭ ‬روسيا،‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬تسهيل‭ ‬تصدير‭ ‬الحبوب‭ ‬والبذور‭ ‬الزيتية‭ ‬من‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬عبر‭ ‬موانئ‭ ‬تخضع‭ ‬لسيطرتها،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬توضيح‭ ‬ماهية‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬وفرت‭ ‬تلك‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬للتصدير‭. ‬ورغم‭ ‬تأكيد‭ ‬موسكو،‭ ‬أنها‭ ‬ستستأنف‭ ‬تصدير‭ ‬الحبوب‭ ‬من‭ ‬ميناء‭ ‬بيرديانسك‭ ‬المحاصر،‭ ‬عقب‭ ‬اجتماع‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الروسي،‭ ‬سيرجي‭ ‬لافروف،‭ ‬مع‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬التركي،‭ ‬مولود‭ ‬جاويش‭ ‬أوغلو؛‭ ‬فقد‭ ‬أوضحت‭ ‬نائبة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الروسي،‭ ‬فيكتوريا‭ ‬أبرامشينكو،‭ ‬بشكل‭ ‬منفصل،‭ ‬أن‭ ‬بلادها،‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬خطط‭ ‬حالية‭ ‬لتعديل‭ ‬رسوم‭ ‬تصدير‭ ‬الحبوب‭ ‬الخاصة‭ ‬بها،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تساعد‭ ‬بنشاط‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬مخاوف‭ ‬الإمدادات‭ ‬الغذائية‭ ‬العالمية‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬حث‭ ‬آسلوند،‭ ‬واشنطن،‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬إنشاء‭ ‬تحالف‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬يمكنها‭ ‬توفير‭ ‬ممرات‭ ‬بحرية‭ ‬آمنة‭ ‬إلى‭ ‬أوديسا،‭ ‬ومرافقة‭ ‬السفن‭ ‬المحملة‭ ‬بالصادرات‭ ‬الغذائية‭ ‬للمياه‭ ‬المحايدة،‭ ‬مثل‭ ‬تركيا‭ ‬والدول‭ ‬التي‭ ‬تستورد‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬إمداداتها‭ ‬الغذائية‭ ‬من‭ ‬كييف،‭ ‬واصفا‭ ‬مساهمة‭ ‬أنقرة،‭ ‬بأنها‭ ‬ضرورية،‭ ‬واقترح‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭ ‬البحرية‭ ‬المصرية‭ ‬في‭ ‬إزالة‭ ‬الألغام‭ ‬الموضوعة‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬الموانئ‭ ‬الأوكرانية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يعترض‭ ‬تلك‭ ‬الجهود‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لإعادة‭ ‬تدفق‭ ‬السلع‭ ‬الغذائية‭ ‬عبر‭ ‬الموانئ‭ ‬الأوكرانية؛‭ ‬التداعيات‭ ‬المستمرة‭ ‬للعقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ضد‭ ‬روسيا،‭ ‬وإصرار‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬على‭ ‬التصدي‭ ‬لعدوانية‭ ‬موسكو،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعمها‭ ‬لانضمام‭ ‬أوكرانيا‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭. ‬وفي‭ ‬16‭ ‬يونيو‭ ‬2022،‭ ‬أعلن‭ ‬قادة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬فرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬ورومانيا،‭ ‬خلال‭ ‬اجتماعهم‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الأوكراني،‭ ‬زيلينسكي،‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬كييف،‭ ‬تأييدهم‭ ‬لهذا‭ ‬المقترح‭. ‬وأشارت‭ ‬صحيفة‭ ‬لوس‭ ‬أنجلوس‭ ‬تايمز،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬للاجتماع،‭ ‬أوصت‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬رسميًا‭ ‬بمنح‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وضع‭ ‬المرشح،‭ ‬بحيث‭ ‬ستنضم‭ ‬يومًا‭ ‬ما‭ ‬إلى‭ ‬التكتل‭.‬

وردا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع،‭ ‬قامت‭ ‬موسكو،‭ ‬باستغلال‭ ‬وضعها‭ ‬كمصدر‭ ‬للطاقة‭ ‬للدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬عبر‭ ‬تعمد‭ ‬نقص‭ ‬إمدادات‭ ‬الوقود‭ ‬لألمانيا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬اليوم‭. ‬وأوضح‭ ‬المراقبون،‭ ‬أنهم‭ ‬غير‭ ‬مقتنعين‭ ‬بمزاعم‭ ‬شركة‭ ‬غازبروم‭ ‬الروسية‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬النقص‭ ‬بسبب‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الضرورية‭ ‬لخطوط‭ ‬الأنابيب‭. ‬وأشارت‭ ‬كاترين‭ ‬بينهولد‭ ‬وميليسا‭ ‬إيدي،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬سيطرة‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬الغاز‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬تعتبر‭ ‬أداة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬قوية‭ ‬للتأثير‭ ‬وفرض‭ ‬الهيمنة‭ ‬ويجري‭ ‬استخدامها‭ ‬الآن‭. ‬

ومن‭ ‬جانبه،‭ ‬انتقد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإيطالي،‭ ‬ماريو‭ ‬دراجي،‭ ‬تسييس‭ ‬موسكو‭ ‬لصادراتها‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬والحبوب‭ ‬واستخدامها‭ ‬كسلاح،‭ ‬واصفا‭ ‬الأعذار‭ -‬المذكورة‭ ‬سابقا‭- ‬بأنها‭ ‬أكاذيب‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬أشار‭ ‬فيه‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الروسي،‭ ‬ألكسندر‭ ‬نوفاك،‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬الكرملين‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬أكثر‭ ‬تعنتًا‭ ‬تجاه‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بصادرات‭ ‬الطاقة،‭ ‬وأن‭ ‬التخفيضات‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬إمداداتها‭ ‬لفنلندا‭ ‬وبولندا‭ ‬ليست‭ ‬الحد‭ ‬الأقصى‭ ‬للتدابير‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يتم‭ ‬ممارستها‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬سيطرة‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬إمدادات‭ ‬الغذاء‭ ‬والطاقة‭ ‬العالمية،‭ ‬أيد‭ ‬المعلقون‭ ‬الغربيون‭ ‬الفكرة‭ ‬القائلة‭ ‬بمعاقبة‭ ‬موسكو،‭ ‬لما‭ ‬خلفته‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬وتداعيات،‭ ‬ونفي‭ ‬أي‭ ‬اقتراحات‭ ‬للتفاوض‭. ‬وتتناقض‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬مع‭ ‬موقف‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي،‭ ‬ماكرون،‭ ‬الذي‭ ‬لطالما‭ ‬واجه‭ ‬انتقادات‭ ‬شديدة‭ ‬لتلميحه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التسوية‭ ‬النهائية‭ ‬للحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إذلال‭ ‬روسيا‭ ‬بالنهاية‭.‬

ويدعم‭ ‬السفير‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬لدى‭ ‬موسكو،‭ ‬مايكل‭ ‬ماكفول،‭ ‬فكرة‭ ‬عدم‭ ‬التسوية‭ ‬والدفع‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إمدادها‭ ‬بأسلحة‭ ‬أكثر‭ ‬تقدمًا،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬بوتين‭ ‬سيتفاوض‭ ‬فقط‭ ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬جيشه‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬تقدمه‭. ‬وأشار‭ ‬فريدريك‭ ‬كيمبي،‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أوكرانيا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تفوز‭ ‬بالحرب،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يخسرها‭ ‬بوتين،‭ ‬وأن‭ ‬اختيار‭ ‬أي‭ ‬نتيجة‭ ‬أخرى‭ ‬ستكون‭ ‬غير‭ ‬أخلاقية‭ ‬وسابقة‭ ‬تاريخية‭ ‬ذات‭ ‬خسائر‭ ‬كارثية‭.‬

في‭ ‬المقابل،‭ ‬انتقد‭ ‬المعلقون‭ ‬والمسؤولون‭ ‬الغربيون‭ ‬تصريحات‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬يونيو‭ ‬2022،‭ ‬بأنه‭ ‬يجب‭ ‬السماح‭ ‬لبوتين،‭ ‬بمخرج‭ ‬من‭ ‬خطئه‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬غزو‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يهين‭ ‬بلاده‭. ‬واتهم‭ ‬إليوت‭ ‬كوهين،‭ ‬من‭ ‬كلية‭ ‬جونز‭ ‬هوبكينز،‭ ‬ماكرون‭ ‬بالغرور‭. ‬وعلق‭ ‬جون‭ ‬تشيبمان،‭ ‬من‭ ‬المعهد‭ ‬الدولي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬على‭ ‬الجهود‭ ‬الفرنسية‭ ‬للسماح‭ ‬لموسكو‭ ‬بحفظ‭ ‬ماء‭ ‬وجهها،‭ ‬بأنها‭ ‬هدف‭ ‬دبلوماسي‭ ‬ضعيف‭ ‬الحجة،‭ ‬وعقوبة‭ ‬مخففة‭ ‬جراء‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭. ‬وبالمثل،‭ ‬انتقد‭ ‬الرئيس‭ ‬البولندي،‭ ‬أندريه‭ ‬دودا‭ ‬تصريحات‭ ‬ماكرون‭ ‬عبر‭ ‬سؤاله‭.. ‬هل‭ ‬تحدث‭ ‬أي‭ ‬مسؤول‭ ‬عن‭ ‬إتاحة‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الخيار‭ ‬لـ‮«‬أدولف‭ ‬هتلر‮»‬،‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭.‬

وكتب‭ ‬ميشيل‭ ‬باربيرو،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬فورين‭ ‬بوليسي،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬ماكرون،‭ ‬تعرض‭ ‬لانتقادات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحلفاء‭ ‬الأوروبيين‭ ‬المرتبكين؛‭ ‬فإن‭ ‬نهجه‭ ‬يهدف‭ ‬بوضوح‭ ‬إلى‭ ‬الاضطلاع‭ ‬بدور‭ ‬قيادي‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وضمان‭ ‬أن‭ ‬تؤمن‭ ‬باريس‭ ‬دورًا‭ ‬بارزًا‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬السلام‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬غيوم‭ ‬ديفين،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬الدراسات‭ ‬السياسية،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬دبلوماسية‭ ‬التوازن،‭ ‬التي‭ ‬تنتهجها‭ ‬باريس،‭ ‬هي‭ ‬وسيلة‭ ‬مقصودة‭ ‬لتكون‭ ‬على‭ ‬تقارب‭ ‬مع‭ ‬كافة‭ ‬حلفائها،‭ ‬ولكنها‭ ‬تحافظ‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬استقلالية‭ ‬مواقفها‭ ‬واختلافها‭ ‬قليلاً‭ ‬عن‭ ‬شركائها‭. ‬وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬أصر‭ ‬ماكرون،‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬دور‭ ‬فرنسا‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قوة‭ ‬وسيطة‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬فشل‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬أو‭ ‬إنهائها‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬جهود‭ ‬التسوية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتوقف‭. ‬وبمجرد‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬يكون‭ ‬فيها‭ ‬أحد‭ ‬الطرفين‭ ‬قويًا‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬الكفاية،‭ ‬أو‭ ‬أصبحت‭ ‬تكلفة‭ ‬الحرب‭ ‬بالنسبة‭ ‬لكليهما‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬اللازم،‭ ‬يمكن‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬أن‭ ‬تثبت‭ ‬أنها‭ ‬أداة‭ ‬ناجحة‭ ‬لإبرام‭ ‬اتفاق‭ ‬سلام‭. ‬وطالما‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو،‭ ‬فإن‭ ‬معالجة‭ ‬الأزمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أساليب‭ ‬دبلوماسية‭ ‬بين‭ ‬طرفين‭ ‬غير‭ ‬مهتمين‭ ‬وغير‭ ‬موثوقين‭ ‬ببعضهما‭ ‬البعض‭ ‬ستذهب‭ ‬سدى‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬نهاية‭ ‬واضحة‭ ‬للعنف‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬الاضطرابات‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬الإمدادات‭ ‬الغذائية‭ ‬العالمية،‭ ‬ومن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تواجه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬تحديات‭ ‬اقتصادية‭ ‬كبرى‭ ‬نتيجة‭ ‬لذلك‭. ‬وكما‭ ‬لاحظت‭ ‬عبير‭ ‬عطيفة،‭ ‬من‭ ‬برنامج‭ ‬الغذاء‭ ‬العالمي،‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬حالة‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬وبالتالي‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الاضطرابات‭ ‬والعنف،‭ ‬مما‭ ‬يسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬المخاطر‭ ‬النهائية‭ ‬لهذه‭ ‬الاضطرابات‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬خطة‭ ‬حماية‭ ‬السفن‭ ‬التي‭ ‬اقترحتها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬قد‭ ‬لقيت‭ ‬ترحيبا،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المؤكد‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬أوكرانيا‭ ‬أو‭ ‬روسيا‭ ‬ستوافقان‭ ‬على‭ ‬شروطها‭ ‬أو‭ ‬تدعمان‭ ‬تنفيذها‭. ‬وطالما‭ ‬استمر‭ ‬مأزق‭ ‬تأمين‭ ‬الشحن؛‭ ‬ستستمر‭ ‬قضايا‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬في‭ ‬النمو‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمستوردي‭ ‬الأغذية‭ ‬والمستهلكين‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭.

{ انتهى  }
bottom of page