13/6/2019
«تمكين المرأة في مصر.. الواقع ومقترحات التعامل»
ندوة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة تناقش:
تمكين المرأة المصرية من المحاور الرئيسية في خطة التنمية المستدامة 2030
نظمت كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، مؤخرا ، ندوة بعنوان «تمكين المرأة في مصر.. الواقع ومقترحات التعامل»، بهدف مناقشة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لتمكين المرأة، ووضعها في سوق العمل وفي الحياة السياسية، وجهود كل من وزارة التضامن الاجتماعي والمجلس القومي للمرأة في هذا الإطار، فضلا عن محددات تمكينها، ووضعها في الإطار الإقليمي والدولي.
وكان أبرز المتحدثين، الدكتور «محمد عثمان الخشت»، رئيس جامعة القاهرة، والدكتور «محمود سعيد»، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، والدكتورة «غادة والي»، وزيرة التضامن الاجتماعي، والنائبة «كارولين ماهر»، عضو لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب، والأستاذة «جيلان المسيري»، مدير برنامج الأمم المتحدة للمرأة في مصر، والأستاذة «نسرين البغدادي»، عضو المجلس القومي للمرأة، بالإضافة إلى نخبة من أساتذة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية منهم؛ «ياسمين فؤاد»، و«أمل حمادة»، و«رشا رمضان»، فضلا عن مشاركة عدد من المهتمين من الأكاديميين والإعلاميين والمجتمع المدني.
في البداية، أكد «محمد عثمان الخشت»، أهمية التعاون بين جامعة القاهرة ووزارة التضامن الاجتماعي، والذي كان ثمرته إطلاق برامج لمكافحة الإدمان، وكذلك مشروع «مودة» لمساعدة الشباب المقبلين على الزواج وتوعيتهم خاصة في ضوء ارتفاع نسبة الطلاق في مصر والتي ترجع إلى أسباب نفسية واجتماعية واقتصادية.
وقال، إن المرأة المصرية تعد محركا فاعلا في الاقتصاد والسياسة، ولها دور قيادي في المجتمع، مشيرًا إلى تقلد عدة سيدات العديد من المناصب داخل الجامعة، مثل، الدكتورة «هبة نوح»، نائبة شؤون التعليم والطلاب، وكذلك عميدة كلية الطب والإعلام، فضلا عن شغلها لأغلب الإدارات في الجامعة.
ومن جانبه، أكد «محمود السعيد»، أن محور تمكين المرأة من المحاور الرئيسية في خطة التنمية المستدامة 2030، إذ ترتكز على أبعاد ثلاثة هي؛ البعد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وتقتضي تلك الأبعاد الاهتمام بقضية تمكين المرأة، إذ إنه لا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية دون تمكينها اقتصاديا، ولا يمكن الوصول إلى التنمية الاجتماعية دون تحقيق مساواة كاملة بين الجنسين والقضاء على كل أشكال التمييز، ولا استدامة بيئية دون دور فاعل للنساء كرائدات أساسيات للتنمية.
وأشار، إلى أن نتائج التعداد لعام 2017 تضمنت العديد من المؤشرات الذي يجب مراعاتها عند مناقشة قضايا تمكين المرأة منها؛ أولا: وصول نسبة الأمية بين الإناث إلى 30,8% بينما كانت 21,2% بين الذكور، وهو ما يعد شكلا من أشكال التمييز. ثانيًا: بلوغ نسبة الأمية بين الإناث في الحضر 20,6%، بينما بلغت في الريف 38,8%، وهو شكل آخر من أشكال التمييز بين النساء.
ثمّ تحدثت «غادة والي»، عن أهمية أن يكون تمكين المرأة في إطار أشمل وهو وجود عدالة اجتماعية، والتي تتحقق عند وجود عدالة الفرصة بين الجنسين في الحصول على الخدمات والتعليم والرعاية الصحية والمعلومات اللازمة لسوق العمل، مشيرة إلى أن مصر تمكنت من رفع نسبة إسهام المرأة في الحكومة لتصل إلى 25%، وفي البرلمان لتصل إلى نسبة 15%، كما أن المرأة قطعت شوطًا جيدًا في التعليم وهو ما يؤدي إلى تحسن مؤشرات التنمية لوجود نسبة جيدة للمرأة في التعليم الابتدائي والإعدادي.
وذكرت، أن أحد المشكلات التي تواجه المرأة تتمثل في صعوبة حصولها على حصتها العادلة في سوق العمل، حيث تعمل لساعات طويلة في العديد من المجالات، وقد يكون عملا غير رسمي لا تتوافر فيه عدالة اجتماعية ولا تحصل فيه على راتب جيد. ولفتت إلى أن وزارة التضامن الاجتماعي تولي اهتمامًا شديدًا بأهمية التمكين الاقتصادي للمرأة، حيث صممت العديد من البرامج والمبادرات لمساندة المرأة، سواء كان في شكل دعم نقدي أو في فرص الحصول على قروض ميسرة وتنفيذ مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر.
وتطرقت «والي» إلى عديد من برامج ومبادرات الوزارة التي تسعى إلى زيادة تمكين المرأة؛ ومنها: أولا برنامج الدعم النقدي المشروط «تكافل وكرامة»، وهو ما يعطيها شمولا ماليا واستقلالية، والثاني برنامج «الألف يوم الأولى»، والموجه إلى سيدات الصعيد، ويعتمد على تقديم الدعم العيني. والثالث برنامج «مودة» لتوعية الشباب والفتيات بواجبات ومسؤوليات الزواج. والرابع برنامج «وعي»، وهو برنامج جديد بصدد إصداره، عبارة عن حزمة من برامج التوعية، خاصة لمحافظات الصعيد للوعي بخطورة الزواج المبكر وختان الإناث والتوعية بمواد القوانين والحقوق القانونية. والخامس برنامج «2 كفاية» يستهدف مليون سيدة في 10 محافظات هي الأفقر والأعلى خصوبة.
وفي ختام كلمتها، أشارت إلى قيام الوزارة بتطوير 8 مراكز لحماية المرأة المعنفة، تمنحها إقامة 3 شهور، وتوفير خدمات للنساء العاملات من أجل تشجيعهن على المشاركة في سوق العمل، تتلخص في توفير وجبات نصف مطهية وخدمات تنظيف جاف، وتأسيس قاعدة بيانات للحضانات وتطويرها والتوسع فيها حتى تتفرغ المرأة للعمل وتضع أبناءها في مكان آمن. كما شجعت الوزارة حوالي 5000 سيدة تعمل بمجال الحرف التراثية، عن طريق تسويق منتجاتهن في عدة معارض ومحلات تجارية، وكان نتاج ذلك حصول وزارة التضامن على جائزة «سمو الأميرة سبيكة» قرينة جلالة الملك لأفضل منتج لعام 2019.
وفي الإطار ذاته، أشارت «نسرين البغدادي»، إلى جهود المجلس القومي للمرأة خلال الأعوام الأخيرة، والتي تتمثل في إطلاق حملة «لأني رجل»، لدعم المرأة ولكن من خلال الرجل نفسه، ليعلن مساندته للفتيات والسيدات عن طريق تشجيعهن على ممارسة الرياضة واستكمال تعليمهن والمشاركة في سوق العمل، وتستهدف الحملة تسليط الضوء على النماذج الإيجابية لدور الرجل في دعم المرأة. كما استعرضت الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030 والتي أطلقها المجلس وأقرها الرئيس عبدالفتاح السيسي في عام المرأة 2017، وأعلنها وثيقة عمل الحكومة للأعوام القادمة، والتي تم وضعها بناء على احتياجات المرأة المصرية، وتنبثق من أهداف التنمية المستدامة، وتشمل أربعة محاور للتمكين، هي الاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي، وحماية المرأة من جميع أشكال العنف.
وذكرت، «البغدادي»، أن هناك حملات «طرق الأبواب»، التي تتضمن مجموعة رسائل تتضمن تأكيد القبول الإنساني، وخلق حوار إيجابي داخل الأسرة والمجتمع حول الأزمات الحالية وإيجاد حلول مجتمعية لها، والتوعية بحق المرأة في حياة آمنة خالية من العنف، والتعريف بأهمية استخراج وتجديد بطاقة الرقم القومي في الاستفادة من الخدمات الحكومية المقدمة للمواطن، وكذلك إطلاق حملات للتوعية بأهمية المشاركة السياسية، ومبادرات لدعم النساء من ذوى الاحتياجات الخاصة، مثل مبادرة «كوني منتجة» لتأهيل المرأة ذات الإعاقة على بعض الحرف اليدوية.
أما عن المقترحات البرلمانية لتمكين المرأة، فقد ذكرت النائبة «كارولين ماهر»، أن هناك العديد من المواد الدستورية تهدف إلى مساندة المرأة، فضلا عن عدد الكبير من مشروعات القوانين التي تهتم بالمرأة ويتم إعدادها حاليا، والخاصة بالرقابة على الحضانات، وحالات الخطف والاغتصاب والحرمان من الميراث والزواج المبكر، مشيرة إلى دور القيادة السياسية في الإسهام في رفع مكانة المرأة في المجتمع، من خلال المكتسبات التي تحصل عليها، إذ أصبح العديد منهن محافظات ووزيرات ورائدات أعمال، كما سيكون هناك تمكين لهن في المحليات أيضًا.
في حين تطرقت «جيلان المسيري»، إلى وضع المرأة المصرية في الإطار الإقليمي والدولي، حيث أشارت إلى أن ترتيب دول العالم في مؤشر المساواة بين الجنسين والذي نشره المنتدى الاقتصادي العالمي، استند إلى أربعة مؤشرات هي؛ الفرص الاقتصادية والمشاركة في سوق العمل وإتاحة التعليم والصحة والتمكين السياسي، وجاءت مصر في المركز الـ135 من بين 144 دولة، وأفضل مؤشراتها هو الصحة «المركز الـ99»، كما أغلقت مصر الفجوة بين الجنسين في عدة مؤشرات فرعية بينها الالتحاق بالتعليم في المرحلتين الأساسية والثانوية. واحتلت المركز السابع عربيًا في التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين 2018 في حين احتلت تونس المركز الأول عربيًا، وجاء أقوى أرقامها في مؤشر التمكين السياسي «المركز الـ55».
في حين، أشارت «ياسمين فؤاد»، إلى العديد من المؤشرات التي يمكن بها قياس مستوى تمكين المرأة في مصر ومنها؛ توزيع المشتغلين من السيدات حسب نوع التعليم، ومستوى تشغيل المرأة في مصر مقارنة بالدول الأخرى، ومؤشر فجوة الأجور بين الجنسين، فضلا عن مؤشر المساواة بين النوعين. وتطرقت، إلى أسباب عدم تمكينها، ومنها؛ الثقافة الذكورية في المجتمعات العربية التي تقوم على فكر تفوق الذكور على الإناث في عديد من المجالات، وكذلك الخلل في تقاسم المسؤوليات العائلية والذي يجعل المرأة مضطرة إلى ترك العمل حتى تهتم بشؤون منزلها وعائلتها، وعدم رغبة القطاع الخاص في تعيينها نظرًا إلى اضطرارها للتغيب عن العمل في حالات الحمل والولادة.
وفي ضوء الحديث عن محددات تمكين المرأة، قالت «رشا رمضان»، إن هذه المحددات تتزايد كلما كان المجتمع يتمتع بمستويات عليا في قضية تمكين المرأة، وكلما زادت قدرة المرأة على اتخاذ القرارات داخل أسرتها، وكلما تحركت بسهولة ويسر دون الحاجة إلى اصطحاب ولي أمرها أو استئذانه، وأيضًا كلما أسهمت في نفقات الزواج بشكل أكبر، وأخيرا إذا كان المحيط الذي تعيش فيه يدعم فكرة مشاركتها في سوق العمل.
ومن جانبها، ركزت «أمل حمادة»، على دور الفضاء الافتراضي في التضامن مع حقوق المرأة من أجل رفض المعايير الغربية للحكم على جمال المرأة، وعلى أهمية النظر إلى قضية تمكينها من المنظور الاجتماعي وليس السياسي أو الاقتصادي فقط.
واختتمت الندوة بفتح باب الأسئلة والمداخلات للحضور، وكان أبرزها سؤال حول تخصيص نسبة 25% من المقاعد البرلمانية للنساء في التعديلات الدستورية المصرية الأخيرة، وهو ما أجابت عنه «نسرين البغدادي»، بأن هذا القانون يعد من أنواع التمييز الإيجابي لصالح المرأة حتى يصل النضج المجتمعي للنقطة التي تتمكن عندها من المنافسة على المقاعد البرلمانية أمام المترشحين الذكور دون حاجتها إلى نظام «الكوتة».
ومنها أيضًا سؤال حول أهم المقترحات لزيادة تمكينها، وأجابت عنه «ياسمين فؤاد»، بأن ما تحتاج إليه المرأة هو الدعم الأسرى والمجتمعي، وتوفير بيئة عمل مشجعة وقوانين وتشريعات تزيد من التمكين السياسي والاقتصادي لها، وكذلك دراسة أسباب عزوفها عن العمل والتي تتمثل في مضايقاته والضغوط الأسرية.