top of page

7/7/2022

تأثير اتفاقيات التجارة على المنافسة في الشرق الأوسط

مع‭ ‬إعادة‭ ‬صياغة‭ ‬المشهد‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬والخطط‭ ‬الأمريكية‭ ‬لإعادة‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬حلفائها‭ ‬الخليجيين،‭ ‬وتصاعد‭ ‬التوترات‭ ‬الإقليمية‭ ‬بشأن‭ ‬طموحات‭ ‬إيران‭ ‬النووية،‭ ‬والتداعيات‭ ‬الإقليمية‭ ‬المستمرة‭ ‬للحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬على‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭ ‬وانعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي؛‭ ‬أولى‭ ‬المراقبون‭ ‬الغربيون‭ ‬اهتماما‭ ‬متزايدا،‭ ‬باتفاقيات‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬والشراكة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬والقوى‭ ‬الخارجية،‭ ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إلغاء‭ ‬التعريفات‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية،‭ ‬وفتح‭ ‬أسواق‭ ‬جديدة‭ ‬للتجارة‭ ‬الدولية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬آفاق‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬العالمية‭ ‬وتقليل‭ ‬المنافسة‭. ‬

وبشكل‭ ‬خاص،‭ ‬يظهر‭ ‬نهج‭ ‬إعطاء‭ ‬الأولوية‭ ‬للنشاط‭ ‬التجاري‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬مع‭ ‬جهات‭ ‬خارجية،‭ ‬فيما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬الإمارات؛‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭ ‬القائلة‭ ‬بأن‭ ‬تراجع‭ ‬الدور‭ ‬الأمريكي‭ ‬عن‭ ‬المنطقة،‭ ‬دفع‭ ‬بكين،‭ ‬لتقويض‭ ‬الدور‭ ‬السياسي‭ ‬والأمني‭ ‬التقليدي‭ ‬لواشنطن‭ ‬في‭ ‬الخليج‭. ‬وكما‭ ‬أوضح‭ ‬جوناثان‭ ‬فولتون،‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬فإن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬النظرة‭ ‬لا‭ ‬تأخذ‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭ ‬تأثير‭ ‬الصفقات‭ ‬التجارية‭ ‬على‭ ‬الاعتبارات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬لدول‭ ‬المنطقة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬وبكين‭ ‬ليستا‭ ‬الفاعلين‭ ‬الوحيدين‭ ‬اللذين‭ ‬يسعيان‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬علاقاتهما‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭. ‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬ديناميكيات‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭ ‬وروسيا‭ ‬تعزز‭ ‬المنافسة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية،‭ ‬ومع‭ ‬تأكيد‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬على‭ ‬الهوة‭ ‬الهائلة‭ ‬بين‭ ‬رؤية‭ ‬واشنطن‭ ‬للنظام‭ ‬العالمي،‭ ‬ورؤية‭ ‬بكين‭ ‬وموسكو‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى؛‭ ‬فإن‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الديناميكيات‭ ‬يراه‭ ‬فولتون،‭ ‬يهدد‭ ‬ما‭ ‬أسماه‭ ‬نرجسية‭ ‬القوى‭ ‬العظمى،‭ ‬التي‭ ‬تتباين‭ ‬نظرة‭ ‬قادتها‭ ‬إلى‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭. ‬وتفسيرًا‭ ‬لهذا‭ ‬المفهوم،‭ ‬أوضح‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬بكين،‭ ‬وواشنطن،‭ ‬تسعيان‭ ‬إلى‭ ‬تأكيد‭ ‬نفوذهما‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬مختلفة‭ ‬بالعالم؛‭ ‬فإن‭ ‬بقية‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الهش،‭ ‬معرض‭ ‬للخطر،‭ ‬ما‭ ‬يهدد‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬العالمي‭.‬

واستكمالا‭ ‬لذلك،‭ ‬رأى‭ ‬أن‭ ‬تفضيل‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لإحدى‭ ‬القوتين‭ ‬العالميتين،‭ ‬سواء‭ ‬أمريكا‭ ‬أو‭ ‬الصين،‭ ‬جيوسياسيًا،‭ ‬يعد‭ ‬أمرا‭ ‬غير‭ ‬عملي‭. ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تتمتع‭ ‬فيه‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬بعلاقات‭ ‬سياسية‭ ‬وأمنية‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬مع‭ ‬واشنطن،‭ ‬تعتبر‭ ‬بكين‭ ‬أيضًا‭ ‬أكبر‭ ‬شريك‭ ‬تجاري‭ ‬لها‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـ«كاثرين‭ ‬شاير‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬دويتشه‭ ‬فيله،‭ ‬فإن‭ ‬السعودية‭ ‬تصدر‭ ‬حوالي‭ ‬ربع‭ ‬إجمالي‭ ‬صادراتها‭ ‬النفطية‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬بلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬الواردات‭ ‬والصادرات‭ ‬بينهما‭ ‬67‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬تبلغ‭ ‬قيمة‭ ‬تجارة‭ ‬الإمارات‭ ‬معها‭ ‬حوالي‭ ‬75‭.‬6‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭- ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬وصفه‭ ‬فولتون،‭ ‬بأنه‭ ‬مثير‭ ‬للإعجاب‭ -‬،‭ ‬تليها‭ ‬الهند،‭ ‬61‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬واليابان‭ ‬37‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭.‬

وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬واشنطن،‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬التصور‭ ‬السائد‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بأنها‭ ‬تركز‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬القضايا‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والأمنية،‭ ‬وتتعامل‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬كرد‭ ‬فعل‭ ‬على‭ ‬المنافسة‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬مساعدة‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لشركائها‭. ‬وعلى‭ ‬عكس‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الخليجية‭ ‬مع‭ ‬آسيا،‭ ‬بلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬التجارة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والإمارات‭ ‬24‭.‬3‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬حيث‭ ‬احتلت‭ ‬الأخيرة‭ ‬المرتبة‭ ‬الثامنة‭ ‬عشرة‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬أكبر‭ ‬أسواق‭ ‬التصدير‭ ‬لواشنطن،‭ ‬كما‭ ‬احتلت‭ ‬المرتبة‭ ‬52‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أكبر‭ ‬موردي‭ ‬السلع‭ ‬لها‭.‬

وفي‭ ‬مقابل‭ ‬تركيز‭ ‬واشنطن،‭ ‬و‭ ‬بكين،‭ ‬على‭ ‬التنافس‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط؛‭ ‬أشار‭ ‬فولتون،‭ ‬إلى‭ ‬اهتمام‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بالقضايا‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتنموية،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الاعتبارات‭ ‬الجيوسياسية،‭ ‬تأكيد‭ ‬لمقولة‭ ‬أن‭ ‬زيادة‭ ‬التجارة‭ ‬تبني‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬السياسي‭ ‬وتقود‭ ‬علاقات‭ ‬أعمق‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الاستثمار‭ ‬والمنافسة‭ ‬أمران‭ ‬جيدان،‭ ‬لأنهما‭ ‬يخلقان‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الثروة‭ ‬والخيارات،‭ ‬فإن‭ ‬تركيز‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬اصطفاف‭ ‬البلدان‭ ‬ضد‭ ‬بكين‭ ‬عالميًا،‭ ‬يمثل‭ ‬إشكالية‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تحقيقه‭ ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬نفس‭ ‬النظرة‭ ‬السلبية‭ ‬اتجاه‭ ‬بكين‭.‬

وفي‭ ‬واقع‭ ‬الأمر،‭ ‬تولي‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬أولوية‭ ‬متزايدة‭ ‬للتجارة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الاعتبارات‭ ‬الجيوسياسية،‭ ‬ويبرز‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقيات‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ (‬FTAs‭)‬،‭ ‬واتفاقيات‭ ‬الشراكة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الشاملة‭ (‬CEPA‭)‬،‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬والاقتصادات‭ ‬الخارجية،‭ ‬والتي‭ ‬يراها‭ ‬فولتون،‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬الاستقرار‭ ‬والازدهار‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭. ‬وبشكل‭ ‬خاص،‭ ‬تأتي‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬طليعة‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭. ‬وكتب‭ ‬سيميون‭ ‬كير،‭ ‬وبنجامين‭ ‬باركين،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬فاينانشيال‭ ‬تايمز،‭ ‬أن‭ ‬أبوظبي،‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬التجارة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬جزء‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬اقتصادها‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬النفط‭. ‬مستشهدين‭ ‬باستخدام‭ ‬شراكات‭ ‬اقتصادية‭ ‬شاملة‭ ‬لمضاعفة‭ ‬حجم‭ ‬اقتصادها‭ ‬من‭ ‬381‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬إلى‭ ‬762‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030‭.‬

وبالمثل،‭ ‬وقعت‭ ‬الإمارات،‭ ‬أول‭ ‬اتفاقية‭ ‬تجارة‭ ‬حرة‭ ‬كبرى‭ ‬مع‭ ‬الهند‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2022،‭ ‬والذي‭ ‬أوضح‭ ‬المراقبون‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تزيد‭ ‬التجارة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬من‭ ‬61‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬إلى‭ ‬115‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬خمس‭ ‬سنوات،‭ ‬حيث‭ ‬سيتم‭ ‬إزالة‭ ‬التعريفات‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬80‭%‬‭ ‬من‭ ‬المنتجات‭ ‬والخدمات،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬تجارة‭ ‬المعادن‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تجري‭ ‬أبوظبي،‭ ‬مناقشات‭ ‬مع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭. ‬وأشارت‭ ‬صحيفة‭ ‬فاينانشيال‭ ‬تايمز،‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬المقترحة‭ ‬بين‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬ومجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬والمحادثات‭ ‬بشأن‭ ‬اتفاقية‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬مع‭ ‬إندونيسيا‭. ‬وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬آسيا،‭ ‬أشار‭ ‬ألكسندر‭ ‬كورنويل،‭ ‬وفرانسيسكا‭ ‬نانجوي،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬رويترز،‭ ‬إلى‭ ‬الكتلة‭ ‬التجارية‭ ‬لمجموعة‭ ‬شرق‭ ‬إفريقيا‭ (‬EAC‭) -‬التي‭ ‬تضم‭ ‬في‭ ‬عضويتها‭ ‬كينيا‭ ‬وتنزانيا‭ ‬وأوغندا‭ ‬وبوروندي‭ ‬ورواندا‭ ‬وجنوب‭ ‬السودان‭- ‬كمرشح‭ ‬مستقبلي‭ ‬لتوقيع‭ ‬اتفاقية‭ ‬شراكة‭ ‬اقتصادية‭ ‬شاملة‭ ‬مع‭ ‬الإمارات‭.‬

وهناك‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬مهم‭ ‬لاتفاقيات‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة،‭ ‬كونها‭ ‬تفتح‭ ‬أسواقًا‭ ‬جديدة‭ ‬للبلدان‭ ‬وتزيد‭ ‬تأثيرها‭. ‬وعند‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقية‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬بين‭ ‬الهند‭ ‬والإمارات،‭ ‬أشادت‭ ‬وزيرة‭ ‬مالية‭ ‬نيودلهي،‭ ‬نيرمالا‭ ‬سيترامان،‭ ‬بأبوظبي‭ ‬باعتبارها‭ ‬مدخلا‭ ‬للاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬بأكمله‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬

وفي‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬التجارة‭ ‬المستقبلية‭ ‬بين‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬والإمارات،‭ ‬أوضحت‭ ‬كيم‭ ‬سو‭ ‬وان،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬هانكوك،‭ ‬أن‭ ‬الشركات‭ ‬الكورية‭ ‬ستكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬كسب‭ ‬وزيادة‭ ‬حصتها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬السوق‭ ‬المتعطش‭ ‬بالمنطقة‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يجب‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الاعتبارات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬تتداخل‭ ‬أيضًا‭ ‬مع‭ ‬الاعتبارات‭ ‬التجارية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الأمن‭ ‬والدفاع‭. ‬وأشار‭ ‬فولتون،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬انهيار‭ ‬المحادثات‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وأبو‭ ‬ظبي‭ ‬بشأن‭ ‬شراء‭ ‬طائرات‭ ‬اف‭ ‬35‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2021؛‭ ‬تلاه‭ ‬إعلانها‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2022،‭ ‬عن‭ ‬شراء‭ ‬طائرات‭ ‬إل‭-‬15‭ ‬الصينية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬بأنه‭ ‬مهم؛‭ ‬لإظهار‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬خيارات‭ ‬في‭ ‬جهودها‭ ‬لتنويع‭ ‬مصادرها‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭.‬

وتُفسح‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الخيارات‭ ‬المجال‭ ‬أمام‭ ‬المعلقين‭ ‬للإشارة‭ ‬إلى‭ ‬المنافسة‭ ‬العالمية‭ ‬بين‭ ‬واشنطن،‭ ‬وبكين،‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬ملاحظة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬نفسها‭ ‬تختار‭ ‬جانبًا‭. ‬وفي‭ ‬أكتوبر‭ ‬2021،‭ ‬أشار‭ ‬المستشار‭ ‬الرئاسي‭ ‬الإماراتي‭ ‬أنور‭ ‬قرقاش،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬الاختيار‭ ‬مشكلة‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي،‭ ‬حيث‭ ‬تعتبر‭ ‬واشنطن‭ ‬هي‭ ‬شريكنا‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬مع‭ ‬الهند‭ ‬هي‭ ‬الشريك‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الأول‭ ‬أو‭ ‬الثاني‭ ‬لبلادنا‭. ‬وبالتالي،‭ ‬حذر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المنافسة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الصينية‭ ‬تجبر‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬خيارات‭ ‬مستحيلة‭.‬

لكن‭ ‬الأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين،‭ ‬ليستا‭ ‬القوتين‭ ‬الوحيدتين‭ ‬في‭ ‬تجارة‭ ‬الأسلحة‭ ‬بالمنطقة‭. ‬وأشار‭ ‬فولتون،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون،‭ ‬إلى‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2021،‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬صفقة‭ ‬بقيمة‭ ‬19‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لشراء‭ ‬ثمانين‭ ‬طائرة‭ ‬مقاتلة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬رافال،‭ ‬واثنتي‭ ‬عشرة‭ ‬مروحية‭ ‬نقل‭ ‬عسكرية‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬كاراكال،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬أكبر‭ ‬عملية‭ ‬بيع‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬فرنسا‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭. ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2022،‭ ‬وقعت‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬صفقة‭ ‬بقيمة‭ ‬3‭.‬5‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬مع‭ ‬الإمارات؛‭ ‬لبيع‭ ‬صواريخ‭ ‬تشونغونغ‭ ‬2‭ ‬أرض‭ ‬جو‭. ‬وهكذا،‭ ‬خلص‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ثنائية‭ ‬منافسة‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬تفتقد‭ ‬الدور‭ ‬المهم‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬القوى‭ ‬الأخرى‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بأدوار‭ ‬بكين،‭ ‬وواشنطن،‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬اتفاقيات‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬أكد‭ ‬فولتون،‭ ‬أن‭ ‬البيئة‭ ‬السياسية‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬الأخير،‭ ‬تجعل‭ ‬تحقيق‭ ‬الصفقات‭ ‬التجارية‭ ‬أمرا‭ ‬صعبا،‭ ‬حيث‭ ‬مثّل‭ ‬انسحابها‭ ‬من‭ ‬الشراكة‭ ‬عبر‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬كارثة‭ ‬دبلوماسية‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬أوضح‭ ‬روي‭ ‬يلينك،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬أن‭ ‬الزيارة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬وفد‭ ‬من‭ ‬مسؤولي‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2022؛‭ ‬بهدف‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬علاقات‭ ‬أوثق‭ ‬مع‭ ‬بكين‭ ‬أثارت‭ ‬بالفعل‭ ‬احتمالية‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقية‭ ‬للتجارة‭ ‬الحرة‭ ‬بينهما،‭ ‬وهو‭ ‬الاقتراح‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2004‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬فإن‭ ‬تحليل‭ ‬الخبراء‭ ‬الغربيين‭ ‬لأهمية‭ ‬التجارة‭ ‬كأداة‭ ‬للتعاون‭ ‬بين‭ ‬الخليج‭ ‬وبقية‭ ‬العالم،‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يستبعد‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬مسرحا‭ ‬لتنافس‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭. ‬وأشار‭ ‬يلينك،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بكين،‭ ‬استقبلت‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وزراء‭ ‬خارجية‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬نظرائهم‭ ‬في‭ ‬وزارات‭ ‬التجارة‭ ‬أو‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬التركيز‭ ‬من‭ ‬التجارة‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬إلى‭ ‬الجغرافيا‭ ‬السياسية‭.‬

ومن‭ ‬المهم‭ ‬أيضًا‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬علاقات‭ ‬الصين‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬اتفاقية‭ ‬التعاون‭ ‬التي‭ ‬مدتها‭ ‬25‭ ‬عامًا،‭ ‬والموقعة‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬حيث‭ ‬وصفها‭ ‬يلينك،‭ ‬بأنها‭ ‬جانب‭ ‬رئيسي‭ ‬من‭ ‬العلاقة‭ ‬المستقبلية‭ ‬بين‭ ‬الدولتين‭. ‬وإقرارًا‭ ‬بذلك،‭ ‬خلص‭ ‬فولتون،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬رؤية‭ ‬واشنطن‭ ‬أحادية‭ ‬البعد‭ ‬لدور‭ ‬بكين‭ ‬التجاري‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬تأتي‭ ‬بنتائج‭ ‬عكسية،‭ ‬وأنه‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬لصانعي‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكيين‭ ‬أن‭ ‬يدركوا‭ ‬أن‭ ‬الكثيرين،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬لديهم‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬مختلفة‭ ‬حول‭ ‬الصين‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬حث‭ ‬واشنطن،‭ ‬على‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬شركائها‭ ‬وحلفائها‭ ‬الحاليين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬كمعزز‭ ‬للقوة؛‭ ‬لخلق‭ ‬فرص‭ ‬ونفوذ‭ ‬عندما‭ ‬تعيق‭ ‬السياسة‭ ‬الداخلية‭ ‬الأمريكية‭ ‬قرارات‭ ‬مهمة‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭.

{ انتهى  }
bottom of page