top of page

4/8/2022

تأثير شراء الصين للنفط الروسي الرخيص على دول الخليج

في‭ ‬أعقاب‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬تعرّض‭ ‬سوق‭ ‬تصدير‭ ‬الطاقة‭ ‬لموسكو‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬والمقاطعات‭ ‬الدولية،‭ ‬حيث‭ ‬أوردت‭ ‬صحيفة‭ ‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وكندا‭ ‬فرضتا‭ ‬‮«‬حظرًا‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬الروسي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬أحد‭ ‬العملاء‭ ‬الرئيسيين‭ ‬للنفط‭ ‬الخام‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬الروسي،‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬حدد‭ ‬خطة‭ ‬لإنهاء‭ ‬اعتماده‭ ‬بمقدار‭ ‬الثلثين‭ ‬على‭ ‬نفط‭ ‬موسكو‭ ‬قبل‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬كما‭ ‬تسبب‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭. ‬وسجل‭ ‬مايلز‭ ‬ماكورميك،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬فاينانشال‭ ‬تايمز،‭ ‬كيف‭ ‬ارتفع‭ ‬سعر‭ ‬برميل‭ ‬خام‭ ‬برنت‭ ‬من‭ ‬96‭,‬84‭ ‬دولارا‭ ‬قبيل‭ ‬الغزو،‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬130‭ ‬دولارًا‭ ‬للبرميل‭ ‬بعد‭ ‬قرار‭ ‬غزو‭ ‬الروس‭ ‬لأوكرانيا‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬تم‭ ‬تجنب‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬الأسواق‭ ‬الغربية،‭ ‬فإن‭ ‬الدول‭ ‬الآسيوية‭ ‬التي‭ ‬رفضت‭ ‬إدانة‭ ‬أفعال‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬علنًا،‭ ‬وعلى‭ ‬الأخص‭ ‬الهند‭ ‬والصين،‭ ‬كما‭ ‬تحولت‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬صادرات‭ ‬خام‭ ‬أرخص‭ ‬من‭ ‬موسكو،‭ ‬وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬2022،‭ ‬سجلت‭ ‬ويزين‭ ‬تان،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬سي‭ ‬ان‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬‭ ‬ارتفاعًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬شحنات‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭ ‬إلى‭ ‬الهند،‭ ‬وهي‭ ‬ذات‭ ‬الديناميكية‭ ‬التي‭ ‬تكررت‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬قريب‭ ‬في‭ ‬الصين‭.‬

كما‭ ‬أوضح‭ ‬روبرت‭ ‬موجيلنيكي،‭ ‬كبير‭ ‬باحثين‭ ‬مقيم‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬بواشنطن‭: ‬فإن‭ ‬اعتماد‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬لاستيراد‭ ‬كميات‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭ ‬الرخيص‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬له‭ ‬آثار‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬الطاقة‭ ‬الخليجية‭ ‬الآسيوية،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬بوادر‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬توحي‭ ‬بنهاية‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يمكن‭ ‬توقع‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭ ‬الروسية‭ ‬لبعض‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

وقبل‭ ‬فبراير‭ ‬2022،‭ ‬كان‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬هو‭ ‬السوق‭ ‬الأساسية‭ ‬لتصدير‭ ‬الطاقة‭ ‬للمشترين‭ ‬الصينيين،‭ ‬حيث‭ ‬وصف‭ ‬جون‭ ‬كالابريس،‭ ‬مدير‭ ‬مشروع‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وآسيا‭ ‬بمعهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬الأنشطة‭ ‬التجارية‭ ‬والاستثمارية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬الركائز‭ ‬التي‭ ‬بُنيت‭ ‬عليه‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العقود‭ ‬الثلاثة‭ ‬الماضية‮»‬،‭ ‬وبلغت‭ ‬قيمة‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬السعودي‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬وحدها‭ ‬35‭,‬6‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬و24‭,‬7‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬وتمثل‭ ‬سبب‭ ‬انخفاض‭ ‬التعاملات‭ ‬في‭ ‬2020‭ ‬في‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭. ‬وفي‭ ‬انعكاس‭ ‬للعلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الوثيقة،‭ ‬أوضح‭ ‬أمين‭ ‬الناصر،‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لشركة‭ ‬أرامكو‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2021،‭ ‬أن‭ ‬صادرات‭ ‬الطاقة‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬ستكون‭ ‬‮«‬أولوية‭ ‬قصوى‮»‬‭ ‬للشركة‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬للسنوات‭ ‬الخمس‭ ‬المقبلة‭ ‬ولكن‭ ‬للسنوات‭ ‬الخمسين‭ ‬المقبلة‭ ‬وما‭ ‬بعدها‮»‬‭.‬

وعن‭ ‬بقية‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وصف‭ ‬موجيلنيكي‭ ‬‮«‬الطلب‭ ‬الصيني‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬العمانية‮»‬‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬محوري‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الصينية‭ ‬العمانية‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬شكّلت‭ ‬مشتريات‭ ‬بكين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬45‭%‬‭ ‬من‭ ‬صادرات‭ ‬الطاقة‭ ‬للسلطنة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭. ‬وبالمثل،‭ ‬كانت‭ ‬الصين‭ ‬أكبر‭ ‬سوق‭ ‬منفردة‭ ‬لصادرات‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬الكويتي،‭ ‬حيث‭ ‬استحوذت‭ ‬على‭ ‬28‭,‬6‭%‬‭ ‬من‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تجاوزت‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬واليابان‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2017‭. ‬وبالنسبة‭ ‬لقطر،‭ ‬ذكر‭ ‬موجيلنيكي‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬76‭%‬‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬صادرات‭ ‬الغاز‭ ‬القطري‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬موجهة‭ ‬للصين‮»‬،‭ ‬مضيفًا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬في‭ ‬العقد‭ ‬الذي‭ ‬يسبق‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬نما‭ ‬حجم‭ ‬قطاع‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬والبترول‭ ‬المكرر‭ ‬في‭ ‬تجارة‭ ‬الطاقة‭ ‬الصينية‭ ‬القطرية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬وصف‭ ‬موجيلنيكي‭ ‬طلب‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬ضئيل‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬أرسلت‭ ‬المنامة‭ ‬ما‭ ‬قيمته‭ ‬143‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬صادراتها‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬إلى‭ ‬اليابان‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬ذلك،‭ ‬سجل‭ ‬موجيلنيكي‭ ‬كيف‭ ‬تمكنت‭ ‬أبو‭ ‬ظبي‭ ‬من‭ ‬‮«‬موازنة‭ ‬علاقاتها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬مع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المستهلكين‭ ‬الآسيويين‭ ‬بشكل‭ ‬متساوٍ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬جيرانها‭ ‬الخليجيين‮»‬،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬صادراتها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تمثل‭ ‬3‭.‬98‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬و1‭,‬98‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬للغاز،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬تجارة‭ ‬الطاقة‭ ‬الإماراتية‭ ‬مع‭ ‬اليابان‭ ‬والهند‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬بقيمة‭ ‬19‭,‬4‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬و7‭,‬91‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬على‭ ‬التوالي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬موغيلنيكي‭ ‬أشار‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬كيف‭ ‬‮«‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬التعاون‭ ‬الصيني‭ ‬الإماراتي‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬ينمو‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬حجم‭ ‬صادرات‭ ‬بلغ‭ ‬مستويات‭ ‬قياسية‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2021‭.‬

وبالتفكير‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المزدهرة،‭ ‬أشار‭ ‬أنتوني‭ ‬كوردسمان،‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ (‬CSIS‭) ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2021،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التوقعات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬إدارة‭ ‬معلومات‭ ‬الطاقة‭ ‬الأمريكية‮ ‬‭(‬EIA‭) ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬والأسواق‭ ‬الآسيوية‭ ‬الأخرى‭ ‬‮«‬سيزداد‭ ‬اعتمادها‭ ‬بشكل‭ ‬حاد‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬والخليج‭ ‬والذي‭ ‬قد‭ ‬يمتد‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2050‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬اعتبار‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬‮«‬المصدر‭ ‬الوحيد‭ ‬الموثوق‭ ‬به‭ ‬للصين‭ ‬من‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬والعزلة‭ ‬الدولية،‭ ‬والتوافر‭ ‬اللاحق‭ ‬لصادرات‭ ‬النفط‭ ‬الرخيصة‭ ‬للمشترين‭ ‬الآسيويين‭ ‬قد‭ ‬أثر‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬مستوردي‭ ‬الطاقة‭ ‬الصينيين‭ ‬والهنود‭ ‬لإعطاء‭ ‬الأولوية‭ ‬للمكاسب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬قصيرة‭ ‬الأجل،‭ ‬مع‭ ‬تحليل‭ ‬كالابريس‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الاعتماد‭ ‬المتبادل‮»‬‭ ‬لأمن‭ ‬الطاقة‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والخليج‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬كافيًا‭ ‬لمنع‭ ‬بكين‭ ‬من‭ ‬‮«‬إجراء‭ ‬تعديلات‭ ‬تكتيكية‭ ‬انتهازية‮»‬‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية‭.‬

كما‭ ‬أوضح‭ ‬تشين‭ ‬أيزو،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬رويترز،‭ ‬أن‭ ‬المشترين‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬‮«‬استفادوا‭ ‬من‭ ‬المعروض‭ ‬المنخفض‭ ‬السعر‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تراوح‭ ‬سعر‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬يونيو‭ ‬2022‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬30‭ ‬و40‭ ‬دولارًا‭ ‬للبرميل،‭ ‬مقارنة‭ ‬بتكلفة‭ ‬خام‭ ‬برنت‭ ‬بين‭ ‬110‭ ‬دولارات‭ ‬و120‭ ‬دولارًا‭ ‬للبرميل‭.‬

وقد‭ ‬أدت‭ ‬ديناميكية‭ ‬الأسعار‭ ‬هذه‭ ‬إلى‭ ‬نمو‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الروسية‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬الآسيوية‭ ‬الرئيسية‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الماضية،‭ ‬وقد‭ ‬أشار‭ ‬مات‭ ‬سميث،‭ ‬المحلل‭ ‬بشركة‭ ‬كبلر،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬توثيق‭ ‬وصول‭ ‬12‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬الروسي‭ ‬إلى‭ ‬الهند‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬بأكمله،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2022‭ ‬وحده‭ ‬تم‭ ‬نقل‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬6‭ ‬ملايين‭ ‬برميل‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬ذاته،‭ ‬لكون‭ ‬المشترين‭ ‬الهنود‭ ‬يقومون‭ ‬بشراء‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭ ‬بنسبة‭ ‬تخفيض‭ ‬بحوالي‭ ‬20‭%‬‭ ‬من‭ ‬سعره‭. ‬وفي‭ ‬الصين،‭ ‬ارتفعت‭ ‬مستويات‭ ‬واردات‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬بنسبة‭ ‬55‭%‬‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2022،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬موسكو‭ ‬حلت‭ ‬محل‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬باعتبارها‭ ‬المصدر‭ ‬الرئيسي‭ ‬للطاقة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬ارتفعت‭ ‬واردات‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المسال‭ ‬الروسي‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬56‭%‬‭ ‬خلال‭ ‬الشهر‭ ‬نفسه‭. ‬وفي‭ ‬يونيو‭ ‬2022،‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬بينما‭ ‬استوردت‭ ‬الصين‭ ‬ما‭ ‬يقدر‭ ‬بـ2‭,‬01‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬الروسي‭ ‬يوميًّا،‭ ‬انخفضت‭ ‬الواردات‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬إلى‭ ‬1‭,‬44‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًّا،‭ ‬حيث‭ ‬نشر‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬أويل‭ ‬برايس‮»‬‭ ‬مقالًا‭ ‬لـ«تسفيتانا‭ ‬باراسكوفا‮»‬‭ ‬سلَّطت‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬نقل‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬الروسي‭ ‬عبر‭ ‬خط‭ ‬أنابيب‭ ‬شرق‭ ‬سيبيريا‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ‭ (‬إسبو‭) ‬للصين‭ ‬‮«‬بسعر‭ ‬مخفض‭ ‬بنسبة‭ ‬10‭ ‬في‭ ‬المائة‮»‬‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ«خامات‭ ‬مماثلة‭ ‬الجودة‮»‬‭ ‬من‭ ‬البرازيل‭ ‬أو‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭.‬

وبسبب‭ ‬هذا،‭ ‬أشار‭ ‬كالابريس‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬بعض‭ ‬الانزعاج‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬انتشر‭ ‬بين‭ ‬مُصدّري‭ ‬الطاقة‭ ‬الخليجيين،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أنهم‭ ‬‮«‬قلقون‭ ‬من‭ ‬حصول‭ ‬منافسيهم‭ ‬على‭ ‬موطئ‭ ‬قدم‭ ‬أقوى‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الصينية‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬العالية‮»‬،‭ ‬وأشار‭ ‬موجيلنيكي‭ ‬كذلك‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬طلبات‭ ‬متزايدة‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬الروسي‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬شركة‭ ‬سينوبك‭ ‬الصينية،‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬‮«‬أحد‭ ‬عملاء‭ ‬أرامكو‭ ‬السعودية‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الطلب‭ ‬الصيني‭ ‬الإضافي‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬الروسي‭ ‬قد‭ ‬يؤثر‭ ‬سلبًا‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬العلاقات‭ ‬الصينية‭ ‬الخليجية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬عدم‭ ‬اقتراب‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬من‭ ‬الانتهاء،‭ ‬وتجنُّب‭ ‬موسكو‭ ‬لوطأة‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬الطاقة‭ ‬لديها،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬مشتريات‭ ‬الصين‭ ‬والهند‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭ ‬الرخيص‭ ‬لن‭ ‬تتوقف‭ ‬قريبًا،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬إشارة‭ ‬رويترز‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكاليف‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬لموسكو‭ ‬منخفضة‭ ‬وتبلغ‭ ‬‮«‬3‭ ‬أو‭ ‬4‭ ‬دولارات‭ ‬للبرميل‮»‬،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬الشركات‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأرباح‭ ‬‮«‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬تتراوح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬25‭ ‬و30‭ ‬دولارًا‭ ‬للبرميل‮»‬‭.‬

وعند‭ ‬تحليل‭ ‬مسألة‭ ‬تحول‭ ‬المشترين‭ ‬الصينيين‭ ‬إلى‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير،‭ ‬فإنه‭ ‬اعترافًا‭ ‬بأن‭ ‬الخليج‭ ‬لديه‭ ‬‮«‬تاريخ‭ ‬قوي‭ ‬من‭ ‬الطلب‮»‬‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬صادراته‭ ‬من‭ ‬الطاقة،‭ ‬حذر‭ ‬موجيلنيكي‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتجنب‭ ‬الاعتماد‭ ‬المفرط‭ ‬على‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬التطورات‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الطاقة‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬أشار‭ ‬الأخير‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬استخدام‭ ‬بكين‭ ‬المتكرر‭ ‬لعمليات‭ ‬الإغلاق‭ ‬المتعلقة‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬لمن‭ ‬أجل‭ ‬منع‭ ‬انتشار‭ ‬العدوى‭ ‬‮«‬قد‭ ‬يعيق‭ ‬مستويات‭ ‬الطلب‭ ‬المستقبلية‭ ‬على‭ ‬منتجات‭ ‬الطاقة‭ ‬الخليجية‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬استشهد‭ ‬أيزو‭ ‬بـ‮«‬انخفاض‭ ‬إجمالي‭ ‬واردات‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬أدنى‭ ‬مستوى‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬أربع‭ ‬سنوات،‭ ‬حيث‭ ‬أدت‭ ‬عمليات‭ ‬الإغلاق‭ ‬الصارمة‭ ‬لاحتواء‭ ‬انتشار‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬إلى‭ ‬خفض‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الوقود‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬يرى‭ ‬كالابريس‭ ‬أن‭ ‬ديناميكية‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬والتذبذب‮»‬‭ ‬باتت‭ ‬ديناميكية‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتعايش‭ ‬معها‮»‬‭ ‬صادرات‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬القادمة‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬هذه‭ ‬الديناميكيات‭ ‬قصيرة‭ ‬ومتوسطة‭ ‬المدى‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الصينية‭ ‬الخليجية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة،‭ ‬سلط‭ ‬المحللون‭ ‬الغربيون‭ ‬الضوء‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬تحول‭ ‬موارد‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية‭ ‬إلى‭ ‬مصادر‭ ‬طاقة‭ ‬أنظف،‭ ‬وتأثير‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭. ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬أوضح‭ ‬كالابريس‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تأثيرات‭ ‬مستويات‭ ‬العرض‭ ‬والطلب‭ ‬والديناميكيات‭ ‬الجيوسياسية‮»‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تركيز‭ ‬بكين‭ ‬قصير‭ ‬الأجل‭ ‬على‭ ‬ضمان‭ ‬تدفق‭ ‬إمدادات‭ ‬الطاقة‭ ‬وتعزيز‭ ‬نموها‮»‬‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الصين‭ ‬ستظل‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬وتعتمد‭ ‬بشدة‭ ‬على‭ ‬الإمدادات‭ ‬الخارجية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬الأخير‭ ‬إلى‭ ‬كيفية‭ ‬قيام‭ ‬‮«‬أسواق‭ ‬الطاقة‭ ‬المتسمة‭ ‬بالتقلب‮»‬‭ ‬بـ«زيادة‭ ‬الوعي‭ ‬بين‭ ‬صانعي‭ ‬القرار‭ ‬الصينيين‭ ‬بالمخاطر‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬التحول‭ ‬الفوضوي‭ ‬للطاقة‭ ‬الخضراء‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬‮«‬إيجاد‭ ‬توازن‭ ‬بين‭ ‬ضرورة‭ ‬ضمان‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الكربونية‮»‬‭.‬

وختاما‭ ‬يمكننا‭ ‬القول‭ ‬بأنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬آفاق‭ ‬قوية‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬للتعاون‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والخليج،‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالهيدروجين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الروسية‭ ‬الرخيصة‭ ‬إلى‭ ‬آسيا‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭ ‬تهدد‭ ‬بتقويض‭ ‬علاقات‭ ‬الطاقة‭ ‬الخليجية‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تقليل‭ ‬حصة‭ ‬الصادرات‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬استيراد‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬الصينية‭. ‬ونظرًا‭ ‬لأن‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬لا‭ ‬تظهر‭ ‬أي‭ ‬علامة‭ ‬على‭ ‬الانتهاء‭ ‬قريبًا،‭ ‬فإنه‭ ‬يمكن‭ ‬توقع‭ ‬استمرار‭ ‬صادرات‭ ‬الطاقة‭ ‬الروسية‭ ‬الرخيصة‭ ‬إلى‭ ‬آسيا‭ ‬لعدة‭ ‬أشهر‭ ‬قادمة‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬خلص‭ ‬موجيلنيكي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬التنوع‭ ‬الذكي‭ ‬لشراكات‭ ‬الطاقة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭ ‬والمتوسط‭ ‬‮«‬سيكون‭ ‬مفتاح‭ ‬عملية‭ ‬التنويع‭ ‬الناجح‭ ‬لاقتصادات‭ ‬الخليج‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‮»‬‭.

{ انتهى  }
bottom of page