top of page

10/9/2022

دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية في محاسبة إيران على برنامجها النووي.. رؤية غربية

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إعلان‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬والمعلقين‭ ‬الغربيين‭ ‬إحياء‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬بين‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬والغرب‭ ‬باعتباره‭ ‬وشيكًا‭ ‬عقب‭ ‬شهور‭ ‬من‭ ‬المحادثات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الرفيعة‭ ‬المستوى،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هناك‭ ‬عقبات‭ ‬كبيرة‭ ‬قائمة،‭ ‬فتعنُّت‭ ‬طهران‭ ‬المستمر‭ ‬تجاه‭ ‬التزامها‭ ‬بالشفافية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بطموحاتها‭ ‬وعملياتها‭ ‬النووية‭ ‬السابقة‭ ‬والحالية‭ ‬والمستقبلية‭ ‬يُلقي‭ ‬بظلاله‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬تقدم‭ ‬سياسي‭ ‬يتم‭ ‬إحرازه‭. ‬ويرى‭ ‬ديفيد‭ ‬أولبرايت،‭ ‬رئيس‭ ‬معهد‭ ‬العلوم‭ ‬والأمن‭ ‬الدولي‭ ‬بواشنطن،‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬‮"‬يبذل‭ ‬حاليًا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعه‭ ‬لإخفاء‭ ‬المواد‭ ‬والأنشطة‭ ‬النووية‭ ‬غير‭ ‬المعلنة‮"‬،‭ ‬وأصبح‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬لعبته‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬ومديرها‭ ‬العام،‭ ‬رافائيل‭ ‬غروسي،‭ ‬في‭ ‬تحميل‭ ‬إيران‭ ‬المسؤولية‭ ‬عن‭ ‬أنشطتها‭ ‬النووية‭ ‬الخبيثة‭ ‬مؤخرًا‭ ‬محط‭ ‬اهتمام‭ ‬متزايد‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬المحللين‭ ‬الغربيين‭.‬

وحافظ‭ ‬غروسي،‭ ‬61‭ ‬عامًا،‭ ‬منذ‭ ‬توليه‭ ‬منصبه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬على‭ ‬استقلال‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬عن‭ ‬الضغوط‭ ‬السياسية‭ ‬الخارجية،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أن‭ ‬تحقيقات‭ ‬الوكالة‭ ‬في‭ ‬النشاط‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬غير‭ ‬المبررة‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تكون‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬شروط‭ ‬الاتفاق‭ ‬النهائي‭ ‬لاستعادة‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬لعام‭ ‬2015‭. ‬

إن‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية،‭ ‬التي‭ ‬وصفتها‭ ‬شبكة‭ ‬‮"‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‮"‬‭ ‬بأنها‭ ‬‮"‬جهة‭ ‬رقابية‭ ‬نووية‮"‬‭ ‬تابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬واجب‭ ‬القيام‭ ‬بعمل‭ ‬لدعم‭ ‬معاهدة‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ (‬NPT‭)‬،‭ ‬مثل‭ ‬تفتيش‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬القدرات‭ ‬النووية،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬بغرض‭ ‬الاستخدام‭ ‬المدني‭ ‬أو‭ ‬العسكري‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يرى‭ ‬لورانس‭ ‬نورمان،‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال،‭ ‬أن‭ ‬التحقيق‭ ‬الجاري‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬الوكالة‭ ‬حول‭ ‬الأنشطة‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭ ‬غير‭ ‬المبررة‭ ‬‮"‬نقطة‭ ‬شائكة‭ ‬رئيسية‮"‬‭ ‬في‭ ‬إحياء‭ ‬المفاوضات‭ ‬النووية‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬وإيران‭.‬

ولتوضيح‭ ‬ذلك،‭ ‬وثَّقت‭ ‬كيلسي‭ ‬دافنبورت،‭ ‬مديرة‭ ‬سياسة‭ ‬عدم‭ ‬الانتشار‭ ‬في‭ ‬رابطة‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬ومقرها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬كيف‭ ‬إن‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية،‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬‮"‬تحقق‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬عدم‭ ‬إعلان‭ ‬إيران‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬مخزونها‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬والأنشطة‭ ‬النووية‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬مطلوب‭ ‬بموجب‭ ‬اتفاقية‭ ‬الضمانات‭ ‬الملزمة‭ ‬قانونًا‮"‬،‭ ‬وتتعلق‭ ‬المزاعم‭ ‬بإنتاج‭ ‬مواد‭ ‬نووية‭ ‬في‭ ‬أربع‭ ‬منشآت‭ ‬لم‭ ‬يُعلن‭ ‬التطرق‭ ‬إليها‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬مطلوب‭ ‬بموجب‭ ‬اتفاق‭ ‬الضمانات‭ ‬بين‭ ‬طهران‭ ‬ووكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الذرية،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التحقيق‭ ‬ليس‭ ‬مرتبطًا‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬بالاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬لعام‭ ‬2015،‭ ‬فإن‭ ‬طهران‭ ‬جعلت‭ ‬تعليق‭ ‬التقيد‭ ‬به‭ ‬شرطًا‭ ‬لموافقتها‭ ‬على‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬أعيدت‭ ‬صياغته‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

كما‭ ‬تتواصل‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬وطهران‭ ‬أيضًا‭ ‬بشأن‭ ‬وضع‭ ‬كاميرات‭ ‬مراقبة‭ ‬في‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬موافقة‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2022‭ ‬على‭ ‬خطة‭ ‬مدتها‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬مع‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬‮"‬لحل‭ ‬المشكلة‭ ‬العالقة‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‮"‬،‭ ‬وردًّا‭ ‬على‭ ‬الإجابات‭ ‬الإيرانية‭ ‬غير‭ ‬المُرضية‭ ‬في‭ ‬التحقيق‭ ‬بشأن‭ ‬كاميرات‭ ‬المراقبة،‭ ‬ألقت‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬باللوم‭ ‬على‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2022،‭ ‬فأزالت‭ ‬طهران‭ ‬27‭ ‬كاميرا‭ ‬مراقبة‭ ‬من‭ ‬منشآت‭ ‬رئيسية،‭ ‬واعتبر‭ ‬جروسي‭ ‬تصرفات‭ ‬إيران‭ ‬‮"‬ضربة‭ ‬قاتلة‮"‬‭ ‬لمساعي‭ ‬إحياء‭ ‬صفقة‭ ‬عام‭ ‬2015‭.‬

في‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬التطورات،‭ ‬تبوأت‭ ‬السياسة‭ ‬النووية‭ ‬الصدارة،‭ ‬وأفاد‭ ‬نورمان‭ ‬بأن‭ ‬مشروع‭ ‬الاقتراح‭ ‬المقدم‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬سيشهد‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮"‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تجيب‭ ‬إيران‭ ‬عن‭ ‬أسئلة‭ ‬الوكالة‮"‬‭ ‬بشأن‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي،‭ ‬و"إذا‭ ‬أكدت‭ ‬الوكالة‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬قد‭ ‬تعاونت‮"‬‭ ‬فإن‭ ‬الموقِّعين‭ ‬الآخرين‭ ‬على‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬الأصلي‭ ‬‮"‬سيحثون‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬للدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬على‭ ‬إغلاق‭ ‬التحقيق‮"‬‭.‬

في‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك،‭ ‬ظل‭ ‬جروسي‭ ‬مُصرًّا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬ستحتفظ‭ ‬باستقلالها‭ ‬أمام‭ ‬الضغوط‭ ‬السياسية‭ ‬الغربية‭ ‬وستواصل‭ ‬محاسبة‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬وأنه‭ ‬‮"‬لن‭ ‬يأمر‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‮"‬‭ ‬بإنهاء‭ ‬تحقيق‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬‮"‬لم‭ ‬يقدم‭ ‬لنا‭ ‬التفسيرات‭ ‬ذات‭ ‬المصداقية‭ ‬الفنية‭ ‬التي‭ ‬نحتاج‭ ‬إليها‭ ‬لتوضيح‭ ‬سبب‭ ‬وجود‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬اليورانيوم‮"‬‭ ‬في‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭. ‬وفي‭ ‬حديث‭ ‬له‭ ‬إلى‭ ‬شبكة‭ ‬‮"‬بي‭ ‬بي‭ ‬اس‮"‬‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬أغسطس‭ ‬2022،‭ ‬صرح‭ ‬غروسي‭ ‬بأنه‭ ‬عندما‭ ‬‮"‬تعثر‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬على‭ ‬آثار‭ ‬لمواد‭ ‬نووية‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬لم‭ ‬يُعلن‭ ‬عنه‭ ‬كمكان‭ ‬يجري‭ ‬فيه‭ ‬نشاط‭ ‬نووي‮"‬،‭ ‬فإن‭ ‬‮"‬التزامه‭ ‬القانوني‮"‬‭ ‬يوجب‭ ‬عليه‭ ‬‮"‬طرح‭ ‬سؤال‮"‬‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬حدوث‭ ‬ذلك،‭ ‬ويتطلب‭ ‬أيضًا‭ ‬‮"‬تفسيرًا‭ ‬مناسبًا‮"‬‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإيرانيين‭ ‬لسبب‭ ‬ذلك‭.‬

واستمرارًا‭ ‬لذلك،‭ ‬ظل‭ ‬رئيس‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬مُصرًّا‭ ‬على‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬منع‭ ‬حالات‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي؛‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬بإحدى‭ ‬جلسات‭ ‬مؤتمر‭ ‬أممي‭ ‬معني‭ ‬بمراجعة‭ ‬معاهدة‭ ‬عدم‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬أغسطس‭ ‬2022‭: ‬‮"‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬بناء‭ ‬عالم‭ ‬أكثر‭ ‬أمانًا‭ ‬به‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬الموجودة‭ ‬بالترسانات‭ ‬النووية‭ ‬الراهنة‮"‬‭ ‬أو‭ ‬‮"‬السماح‭ ‬للمزيد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬بالحصول‭ ‬عليها‮"‬‭. ‬كما‭ ‬حذر‭ ‬رئيس‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮"‬عدم‭ ‬إحراز‭ ‬تقدم‮"‬‭ ‬في‭ ‬التحقق‭ ‬من‭ ‬طبيعة‭ ‬التطورات‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬والحاضر‭ ‬‮"‬ستكون‭ ‬له‭ ‬عواقب‭ ‬على‭ ‬المشهد‭ ‬الأمني‭ ‬الإقليمي‮"‬‭. ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬التعليقات،‭ ‬وصف‭ ‬‮"‬أندريا‭ ‬ستريكر‮"‬‭ ‬و"أنتوني‭ ‬روجيرو‮"‬،‭ ‬بمؤسسة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬ومقرها‭ ‬واشنطن‭ ‬العاصمة،‭ ‬غروسي‭ ‬بأنه‭ ‬‮"‬آخر‭ ‬رجل‭ ‬بإمكانه‭ ‬الوقوف‭ ‬ضد‭ ‬منع‭ ‬الانتشار‮"‬،‭ ‬و"على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬تمارسها‭ ‬جهات‭ ‬مختلفة‭ ‬عليه‮"‬،‭ ‬فإنه‭ ‬لن‭ ‬‮"‬يترك‭ ‬إيران‭ ‬بلا‭ ‬مساءلة‭ ‬أو‭ ‬عقاب‮"‬‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬معارضي‭ ‬اتفاق‭ ‬إيران‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬إحياؤه،‭ ‬مثل‭ ‬ستريكر‭ ‬وروجيرو،‭ ‬بمؤسسة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬ومقرها‭ ‬واشنطن،‭ ‬فإن‭ ‬موقف‭ ‬غروسي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬هوادة‭ ‬فيه‭ ‬كان‭ ‬موضع‭ ‬ترحيب‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬به،‭ ‬وأضافا‭ ‬أنه‭ ‬‮"‬قد‭ ‬يكون‭ ‬آخر‭ ‬رجل‭ ‬يقف‭ ‬مع‭ ‬صياغة‭ ‬اتفاق‭ ‬أضعف‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬عام‭ ‬2015‮"‬؛‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬قيامه‭ ‬بذلك‭ ‬سيلحق‭ ‬الأمر‭ ‬‮"‬ضررًا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إصلاحه‭ ‬بنظام‭ ‬حظر‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي‮"‬،‭ ‬أما‭ ‬وكالة‭ ‬‮"‬نور‭ ‬نيوز‮"‬،‭ ‬المقربة‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬الإيراني،‭ ‬فقد‭ ‬وصفت‭ ‬غروسي‭ ‬بأنه‭ ‬‮"‬العقبة‭ ‬الرئيسية‮"‬‭ ‬أمام‭ ‬إبرام‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬موات‭ ‬للنظام‭.‬

وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬غروسي‭ ‬ورفض‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬القاطع‭ ‬لإنهاء‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬الانتهاكات‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬انتقد‭ ‬ستريكر‭ ‬و‭ =‬روجيرو‭ ‬ظهور‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬كشخص‭ ‬‮"‬يائس‭ ‬في‭ ‬أشد‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إحياء‭ ‬نسخة‭ ‬اتفاق‭ ‬أضعف‭ ‬من‭ ‬اتفاق‭ ‬2015‮"‬‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬‮"‬قد‭ ‬يوافق‭ ‬على‭ ‬برنامج‭ ‬نووي‭ ‬مؤقت‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬القيود‭ ‬والعقوبات‭ ‬النسبية‭ ‬مع‭ ‬التغاضي‭ ‬عن‭ ‬انتهاكات‭ ‬الانتشار‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‮"‬‭. ‬وبالمثل،‭ ‬انتقدت‭ ‬وزيرة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬السابقة‭ ‬‮"‬مادلين‭ ‬أولبرايت‮"‬‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬‮"‬لعرضه‭ ‬مكافآت‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تعاونها‭ ‬مع‭ ‬المفتشين،‭ ‬وعدم‭ ‬تحديد‭ ‬عقوبات‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التعاون‮"‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمنح‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬وسيلة‭ ‬‮"‬لمواصلة‭ ‬عرقلة‭ ‬جهود‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‮"‬‭. ‬

وردًّا‭ ‬على‭ ‬مزاعم‭ ‬التدخل‭ ‬السياسي‭ ‬الغربي‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية،‭ ‬أصر‭ ‬روبرت‭ ‬مالي،‭ ‬المبعوث‭ ‬الأمريكي‭ ‬إلى‭ ‬إيران،‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬أغسطس‭ ‬2022‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬لن‭ ‬‮"‬تمارس‭ ‬أي‭ ‬ضغط‮"‬‭ ‬على‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬لإغلاق‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬‮"‬القضايا‭ ‬النووية‭ ‬العالقة‮"‬‭ ‬مع‭ ‬طهران‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬موقفه‭ ‬المتشدد‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬تدخل‭ ‬سياسي‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية،‭ ‬لوحظ‭ ‬أن‭ ‬غروسي‭ ‬لم‭ ‬يحذُ‭ ‬حذو‭ ‬سلفه‭ ‬‮"‬يوكيا‭ ‬أمانو‮"‬،‭ ‬الذي‭ ‬وافق‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬‮"‬الأبعاد‭ ‬العسكرية‮"‬‭ ‬لبرنامج‭ ‬إيران‭ ‬النووي‭ ‬‮"‬بسبب‭ ‬الضغط‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬والصين‭ ‬وروسيا‮"‬،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬كانت‭ ‬‮"‬غير‭ ‬صادقة‮"‬‭ ‬في‭ ‬تحقيقات‭ ‬الوكالة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬وفقًا‭ ‬لما‭ ‬أوضحه‭ ‬ستريكر‭ ‬وروجيرو‭.‬

وفي‭ ‬غضون‭ ‬ذلك،‭ ‬أصر‭ ‬غروسي‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬‮"‬تأكيدات‭ ‬موثوقة‭ ‬بأن‭ ‬برنامج‭ ‬إيران‭ ‬النووي‭ ‬المطور‭ ‬مخصص‭ ‬للأغراض‭ ‬السلمية‭ ‬فقط‮"‬،‭ ‬وعلى‭ ‬أثره‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يمنح‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬‮"‬مفتشي‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬حق‭ ‬الوصول‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬حجم‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬إلى‭ ‬كافة‭ ‬أنشطته‮"‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬تزويده‭ ‬‮"‬بمعلومات‭ ‬كاملة‮"‬‭ ‬عنه‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬يثير‭ ‬حجم‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬أيضًا‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتوسع‭ ‬عمل‭ ‬ونطاق‭ ‬تحقيقات‭ ‬الوكالة‭ ‬ليتجاوز‭ ‬نظيراتها‭ ‬الحالية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬استعادة‭ ‬تدابير‭ ‬المراقبة‭ ‬في‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭ ‬المعروفة؛‭ ‬ففي‭ ‬مايو‭ ‬2021،‭ ‬قدر‭ ‬معهد‭ ‬العلوم‭ ‬والأمن‭ ‬الدولي‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬23‭ ‬منشأة‭ ‬وموقعًا‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬تتطلب‭ ‬تحقيقات‭ ‬بشأن‭ ‬التطويرات‭ ‬النووية‭ ‬المحتملة‭ ‬بها،‭ ‬وجميعها‭ ‬‮"‬ذات‭ ‬صلة‭ ‬وثيقة‮"‬‭ ‬بإجراءات‭ ‬المراقبة‭ ‬الخاصة‭ ‬بالوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬على‭ ‬برنامج‭ ‬إيران‭ ‬النووي‭.‬

‮ ‬وترى‭ ‬أولبرايت‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬الإصرار‭ ‬على‭ ‬إجراء‭ ‬عمليات‭ ‬تفتيش‭ ‬صارمة‭ ‬كشرط‭ ‬مسبق‭ ‬لأي‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬جديد،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ضمان‭ ‬إجبار‭ ‬طهران‭ ‬على‭ ‬‮"‬معالجة‭ ‬انتهاكات‭ ‬اتفاق‭ ‬الضمانات‭ ‬الشاملة‭ ‬بموجب‭ ‬معاهدة‭ ‬حظر‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‮"‬،‭ ‬بينما‭ ‬يرى‭ ‬ستريكر‭ ‬وروجيرو‭ ‬أنه‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬التحقيق‭ ‬أو‭ ‬إغلاقه‭ ‬‮"‬يعود‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬محافظي‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‮"‬،‭ ‬فإنه‭ ‬يمكن‭ ‬إلغاء‭ ‬هذا‭ ‬التحقيق‭ ‬‮"‬حتى‭ ‬لو‭ ‬قدمت‭ ‬إيران‭ ‬تفسيرات‭ ‬جديدة‭ ‬أو‭ ‬إضافية‭ ‬للوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬ليست‭ ‬ذات‭ ‬مصداقية‭ ‬فنية‮"‬‭.‬

في‭ ‬النهاية‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬غروسي‭ ‬تولى‭ ‬منصب‭ ‬مدير‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬حرج،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬الوكالة‭ ‬عالقة‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬اضطرابات‭ ‬سياسية‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬وإيران‭ ‬بسبب‭ ‬انهيار‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬المُوقَّع‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬إمكانية‭ ‬لحدوث‭ ‬سيناريو‭ ‬مقلق،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬تجنب‭ ‬الإشراف‭ ‬الدولي‭ ‬وإجراءات‭ ‬التفتيش‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬الوكالة‭ ‬على‭ ‬منشآته‭ ‬وأنشطته‭ ‬النووية،‭ ‬وقد‭ ‬حثت‭ ‬أولبرايت‭ ‬القادة‭ ‬الغربيين‭ ‬على‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬تقويض‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬ورئيسها،‭ ‬وأكد‭ ‬غروسي‭ ‬أن‭ ‬وكالته‭ ‬‮"‬ستقاوم‭ ‬الضغوط‭ ‬الخارجية‮"‬‭ ‬وستعمل‭ ‬على‭ ‬إقناع‭ ‬الموقعين‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬لهم‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬تحقيقات‭ ‬الوكالة‭ ‬‮"‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‮"‬‭.‬

{ انتهى  }
bottom of page