19/10/2022
النفاق الغربي بين الحالة الروسية والحالة الإسرائيلية
لقد قوبلت عملية ضم روسيا لأربع مقاطعات أوكرانية، بعد إجراء استفتاءات وصفت بالصورية، بإدانة شديدة من قِبَل العديد من الحكومات وخاصة الحكومات الغربية، إلا أننا لم نشاهد أو نسمع أو نقرأ عن مثل هذه الإدانات من قبل تلك الحكومات لإسرائيل التي قامت بعمليات ضم معظم الأراضي الفلسطينية المحتلة وسمحت وأطلقت العنان لقواتها بارتكاب انتهاكات وإجراءات صارخة. فالرئيس الأمريكي جو بايدن أعلن أنه صهيوني حتى وإن لم يكن يهوديًا وذلك خلال زيارته لإسرائيل في يوليو الماضي، وأكد استمرار الدعم الأمريكي لها. وقبل أيام، اعترفت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس أيضًا بأنها صهيونية وتدعم بلا حدود إسرائيل وأنها ستتبع خطوات الولايات المتحدة، بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وهو الأمر الذي رآه المحللون أنه تغيير كبير في ملامح السياسة البريطانية التقليدية في الشرق الأوسط ويبدي مدى موافقتها على ممارسات إسرائيل وخرقها القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات الموقعة، هذا إلى جانب تصريحات مماثلة تقريبًا لمسؤولين فرنسيين وألمان وإيطاليين وغيرهم من زعماء أوروبيين مؤيدين لأوكرانيا ويتجاهلون ممارسات إسرائيل التي لا تختلف عما فعله بوتين في أوكرانيا.
ويشكل ضم روسيا لأربعة أقاليم أوكرانية، خطوة غير قانونية، حيث شهدت عملية الاستفتاءات التي أجريت من خلال حث السكان على المشاركة كما أفادت التقارير، كانت نتائجها متوقعة؛ وهي أن 99% من الأوكرانيين يؤيدون الانضمام إلى روسيا في مقاطعة دونيتسك، و98% في لوهانسك، و93% في زابوروجيا، و87% في خيرسون.
وأعلن بوتين رسميًّا نتائج عمليات الضم في حفل أقامه بالكرملين، بأن سكان المناطق الأربع سيكونون روسيين «إلى الأبد»، وحاول التخفيف من حدة الانتقادات الدولية، من خلال إلقاء اللوم على «النظام الاستعماري» الغربي التي تتبناه الولايات المتحدة لتقسيم العالم إلى دول متحضرة ودول متوحشة، وأكد أن الدول الغربية «ليس لها حق أخلاقي» في ذلك.
وليس مستغربًا أن تثير تصرفات موسكو إدانة واسعة من قِبَل المراقبين والباحثين في الغرب؛ فقد وصفت نائبة مدير مركز أوراسيا بالمجلس الأطلسي «ميليندا هارينغ» وفلاديسلاف دافيدزون بمجلة تابلت الإلكترونية في مجلة فورين بوليسي، الأراضي التي ضمتها روسيا بأنها «مسرح جريمة»، وأن الاستفتاء يعتبر إجراء بمثابة «انتهاك جديد للقانون الدولي»، كما أنه أظهر أيضًا أن فلاديمير بوتين «يائس» من أجل «فرض خطته لغزو أوكرانيا» دون «أي محاسبة لجرائم الحرب التي ارتكبها هو وأتباعه».
وعلى عكس عمليات الضم التي قامت بها روسيا، فإن عمليات الضم التي قامت بها قوات الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري وللأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة يمتد لعقود عديدة إلى الوراء، منذ يونيو عام 1967 وما بعدها، ويعتمد بالأساس على امتلاك قواتها تفوقًا عسكريًّا كبيرًا. ولطالما سمحت الحكومة الإسرائيلية بمصادرة الأراضي ودعم وتوسيع المستوطنات غير القانونية (700 ألف مستوطن يعيشون في مستوطنات أقيمت في الضفة الغربية) وتهويد الأراضي المحتلة، وبسط سيطرتها عليها. ومن بين أحدث الجهود في هذا الصدد، قرار المجلس الأعلى للتخطيط الإسرائيلي في مايو 2022 على بناء 4000 منزل جديد في الضفة الغربية المحتلة.
وردًّا على ضم بوتين للأراضي الأوكرانية، سارع الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى استنكار تلك الخطوة باعتبارها «لا تتمتع بالشرعية»، وتنتهك القانون الدولي، واستهانة بميثاق الأمم المتحدة وبقراراتها» و«إظهار ازدرائه لها»، وأضاف أنه «سيحشد المجتمع الدولي» من أجل «إدانة» تصرفات بوتين و«محاسبة روسيا»، مضيفًا أن «أمريكا وحلفاءها لن يخيفهم بوتين وتهديداته».
وفي تناقض صارخ، بين ما يقوله بايدن عن ضم بوتين للأراضي الأوكرانية وعن الاستهانة بميثاق الأمم المتحدة وانتهاك القانون الدولي، أشار جوناثان غاير، بموقع «فوكس» الإلكتروني، إلى كيف أن بايدن «بدا صامتًا أمام عمليات الضم والانتهاكات الإسرائيلية ومسألة بناء المستوطنات، وزيادة النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية» منذ أن تولى منصبه في يناير 2021، ولم تتراجع إدارته عن قرارها السابق لعام 2019 الذي اعتبر أن المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية «ليست بالضرورة غير قانونية»، كما ذكرت صحيفة الجارديان، أن واشنطن قد حافظت على موقف نقل السفارة الأمريكية في القدس، كما اختارت عدم إعادة فتح القنصلية الأمريكية التي تخدم الفلسطينيين في القدس، وهو أمر تعهدت بإعادة فتحه خلال حملتها الانتخابية.
وفي حين صرح بايدن بأنه لا يزال يعتقد أن حل الدولتين يظل «أفضل طريقة لضمان مستقبل متساوٍ من الحرية والازدهار والديمقراطية للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء»، لم تقدم إدارته أدنى إدانة أو معالجة للظلم الواقع على الفلسطينيين أو حتى سعت لإحياء العملية السلمية من خلال مفاوضات ترعاها إدارته، مما دفع الباحثين والمعلقين للحكم على أن «خطابه» يجعله في نهاية المطاف مماثلا لما كانت تفعله إدارة ترامب السابقة.
ولا يمكن مقارنة إدانة الحكومة البريطانية لضم روسيا للمقاطعات الأوكرانية بمعارضتها الصامتة والخجولة للانتهاكات الإسرائيلية المماثلة في هذا الصدد؛ ففي حين أصرت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس من خلال تصريحات نارية على أنه لن يُسمح لروسيا «بتغيير الحدود الدولية باستخدام القوة الغاشمة» في «حربها غير الشرعية»، فإن التصريحات الخجولة التي تصدر عن وزارة الخارجية البريطانية بشأن بناء مزيد من المستوطنات الإسرائيلية وغيرها من الانتهاكات التي ترتكب لم تُقابل سوى بمعارضة ضعيفة، نذكر منها على سبيل المثال بيان الوزارة الذي صدر في يناير 2021 أفادت فيه أنها «قلقة » من توسيع نطاق المستوطنات الإسرائيلية، وحث وزير شؤون الشرق الأوسط جيمس كليفرلي، في أكتوبر من نفس العام الحكومة الإسرائيلية على «التراجع» عن قرارها ببناء المزيد من المستوطنات على اعتبار أنها تمثل «عقبة أمام السلام والاستقرار».
ولعل أخر مثال الأكثر دلالة على أن الحكومة البريطانية مستعدة لقبول أو التغاضي عن الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة دون أدنى مساءلة هو سعيها نحو نقل السفارة البريطانية من تل أبيب إلى القدس، وهو الأمر الذي أكده «ها هيلير»، من المعهد الملكي للخدمات المتحدة، بأن خطوة النقل «اعتراف بأن غزو إسرائيل واحتلالها للقدس الشرقية أمر شرعي»، ويمثل «رفضًا لتأييد بريطانيا طويل الأمد لخيار حل الدولتين»، وبالتالي ستكون تلك الخطوة «مسمارًا أخيرًا» في نعش سياسة اتبعتها لندن لعقود «سمحت لبريطانيا بالحفاظ على علاقات جيدة مع الإسرائيليين والفلسطينيين».
من ناحية أخرى تلقت كييف مليارات من المساعدات العسكرية والإنسانية، آخرها حزمة من المدفعية والألغام والمركبات بقيمة 625 مليون دولار من الولايات المتحدة للمساعدة في الدفاع عن أمتها. وأدان الفيلسوف السلوفيني سلافوي جيجيك، مدير معهد بيركبيك للعلوم الإنسانية بجامعة لندن، ردود فعل الدول الغربية «بشكل معقول» إزاء طلب أوكرانيا للحصول على أسلحة «لمحاربة الجنود الروس»، ولكن عندما «يطلب الفلسطينيون دعمًا من أي نوع، فهم لا يتلقون سوى تصريحات فارغة، وغالبًا ما تكون مصحوبة بإعلانات تضامن مع مضطهديهم الإسرائيليين»، وبمقارنة الوضعين الأوكراني والفلسطيني، شبّه جيجك أوكرانيا بـ«الضفة الغربية الفلسطينية».
ومؤخرًا، انتقد المسؤولون الأوكرانيون الحكومة الإسرائيلية؛ لعدم تقديمها المساعدة لهم، وأعرب زيلينسكي عن «صدمته» من عدم قيام إسرائيل بتزويد كييف بالدعم العسكري، موضحًا أن «محادثاته مع القيادة الإسرائيلية لم ينتج عنها أي نتائج إيجابية لمساعدة أوكرانيا».
وربما يشير رفض الحكومة الإسرائيلية لمساعدة الأوكرانيين إلى الاعتراف ضمنيًا بأن احتلالها للأراضي الفلسطينية أشبه باحتلال الروس للأراضي الأوكرانية، وأن محنة الأوكرانيين تشبه محنة الفلسطينيين، الذين يقاتلون احتلالًا ويقاومون محاولات ضم أراضيهم.
في النهاية، يبدو أن المعايير المزدوجة لا يمكن إنكارها بين الدعم العام الغربي لقوات أوكرانيا وإدانة الانتهاكات الروسية من جانب، وبين الصمت الغربي إزاء محنة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وتوسيع إسرائيل لنطاق ضم أراض وبناء مستوطنات وتهجير قسري للمواطنين الفلسطينيين وقمع حركات المعارضة. وبدلاً من استخدام مثال حرب أوكرانيا لإعادة تقييم مواقفها السياسية الظالمة ومراجعتها، اختارت حكومتا واشنطن ولندن إما تجاهل قرارات الأمم المتحدة بشأن إسرائيل وانتهاكاتها الصارخة ضد الفلسطينيين، أو -كما في حالة الحكومة البريطانية- الاستعداد لتقديم شكل من أشكال الاعتراف بشرعية إسرائيل من خلال نقل سفارتها إلى القدس والتي لا يكفيها جريمة وعد بلفور وزير الخارجية البريطاني عام 1917 الذي وعد بمنح أراض لا يملكها لمن لا يستحقها.
ولأول مرة منذ 2017، حين صدر تقريره الأول، يضع مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية، البحرين في 2022 ضمن الدول التي يرصدها في تقرير التنافسية الرقمية العالمية، الذي يتناول 64 دولة في 52 مؤشرًا، حيث جاءت مملكة البحرين في المرتبة 32 عالميًّا، واحتلت مراكز متقدمة عالميًّا في العديد من مؤشرات هذه التنافسية، فجاءت في المرتبة السادسة عالميًّا في مؤشر الاستثمار في الاتصالات، و11 عالميًّا في مؤشر الأمن السيبراني، و14 عالميًّا في مؤشر تكنولوجيا الاتصالات والسابعة عالميًّا في مؤشر الخبرة العالمية، و13 عالميًّا في المهارات الرقمية التكنولوجية، و13 عالميًّا في الموهوبين، وجاءت المملكة ضمن أفضل 15 دولة في 14 مؤشرًا، فجاءت الرابعة عالميًّا في عدد مشتركي النطاق العريض المتنقل ومستخدمي الإنترنت، والثالثة عالميًّا في مؤشر النساء الحاصلات على الدرجات العلمية، والسابعة عالميًّا في مؤشر الخبرة الدولية للمدراء، و13 عالميًّا في مؤشر التوجه نحو العولمة، و19 عالميًّا من حيث عدد الباحثات.
وراء هذا الصعود جهودٌ ومثابرة وطنية مستمرة منذ بداية الألفية، مع تحرير قطاع الاتصالات والنهضة التعليمية، وتدشين مدارس المستقبل المعتمدة على توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم، ومبادرة التمكين الرقمي في مدارس المملكة، وتنمية قطاع الاتصالات، وتحقيق جودة البنية التحتية، والسيطرة على تكلفة خدمات الاتصالات، وإطلاق خدمات الحكومة الإلكترونية، وتوسيع مجالاتها وتحقيق حوكمتها، وتغطيتها لكل المناطق لكل الأفراد وتعدد أدواتها، فيما أطلقت المملكة استراتيجية قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 2022 - 2026، ضمن أولويات خطة التعافي الاقتصادي، وتضمنت أربعة محاور رئيسية: البنية التحتية، دعم الاقتصاد الرقمي، تعزيز الحوكمة الإلكترونية، وتطوير القدرات الرقمية.
وجاءت المملكة الأولى على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تقرير الحرية الاقتصادية الصادر عن معهد فريزر الكندي 2022، متقدمة 26 مرتبة عن السنة السابقة، واحتلت المرتبة الـ 39 عالميًّا من أصل 165 دولة، فيما جاءت الأردن في المرتبة الثانية على المنطقة، تليها الإمارات ثم قطر والسعودية ثم الكويت ثم سلطنة عُمان ثم المغرب، وتقدمت البحرين على دول متقدمة كإيطاليا وفرنسا وكوريا الجنوبية، ويقيس هذا المؤشر الحرية الاقتصادية في مجالات: حجم الحكومة، الهيكلة القانونية، ضمان حقوق الملكية، الحصول على الأموال بطريقة قانونية، حرية التجارة على الصعيد الدولي، التشريعات المرتبطة بالتسهيلات الائتمانية، وقوانين سوق العمل، وحصلت المملكة المرتبة 13 عالميًّا في مجال حرية التجارة، والمرتبة 36 عالميًّا في مجال الحصول على الأموال بطريقة قانونية، و38 عالميًّا في مجال التشريعات المرتبطة بالتسهيلات الائتمانية.
إن اقتصاد البحرين أصبح ينمو في الربع الثالث لعام 2022 بأسرع وتيرة منذ 2016، بنسبة 6.9% على أساس سنوي، حيث شهدت الأنشطة الاقتصادية انتعاشًا قويًّا مدعومًا باستمرار تطور أداء القطاعات غير النفطية، ووصل قطاع الفنادق والمطاعم تسجيله لنسب النمو الأعلى على مستوى القطاعات غير النفطية، حيث شهد نموًّا بنسبة 18.1% بالأسعار الثابتة، وجاء قطاع الاتصالات والمواصلات في المرتبة الثانية 15.1% ثم الصناعات التحويلية 7.6%، مدعومًا بنمو الكميات المنتجة في «ألبا، وبناغاز، وبابكو» ثم قطاع التجارة بنسبة 7.5% مع تحقيق زيادة في قيمة مبيعات نقاط البيع والتجارة الإلكترونية، وبلغت نسبة نمو الخدمات الحكومية 7.1% والأنشطة العقارية وخدمات الأعمال 4.5%، والمشروعات المالية 3.6%، والبناء والتشييد 2.6%، وشهدت المشاريع التنموية الكبرى الممولة من قِبَل برنامج التنمية الخليجي تقدمًا ملحوظًا، مع ترسية مشاريع بقيمة 100 مليون دولار، لتصبح قيمة الأعمال التي تمت ترسيتها 6.1 مليارات دولار، نتيجة لذلك احتلت البحرين المرتبة 11 عالميًّا بين 84 اقتصادًا في مؤشر المشروعات الجديدة للاستثمار الأجنبي المباشر الذي تصدره مجلة فايننشال تايمز، ويحصر هذا المؤشر الدول التي نجحت في استقطاب ما لا يقل عن 10 مشاريع ضمن مجالات جديدة من حيث الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2021.
وخلال الثلاثة أرباع الأولى من عام 2022 أسفرت جهود مركز التنمية الاقتصادية عن استقطاب 66 مشروعًا، بإجمالي استثمارات مباشرة تبلغ 921 مليون دولار، وبنسبة تزيد على 90% من هدف الاستثمارات الأجنبية المباشر لعام 2022 الذي حدده مجلس إدارة مجلس التنمية الاقتصادية، وتسهم هذه الاستثمارات الجديدة في خلق 4715 فرصة عمل، في قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والاقتصاد الرقمي والخدمات المالية والصحة والتعليم والصناعة والسياحة والخدمات اللوجستية.
أما تقرير التنمية البشرية الذي يصدر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة منذ 32 عامًا، فقد حافظت فيه مملكة البحرين على مكانتها ضمن الدول الأعلى عالميًّا في التنمية البشرية، واحتلت المملكة المرتبة 35 عالميًّا في تقرير 2022، من أصل 191 دولة، متقدمة 7 مراكز عن العام السابق، وجاء هذا التقرير تحت عنوان «زمن بلا يقين، حياة بلا استقرار، صياغة مستقبلنا في عالم يتحول» ويتعلق هذا التقرير أكثر من غيره بالجوانب الحقوقية خاصة في الصحة والتعليم والدخل والمساواة بين الجنسية، وفي الصحة: العمر المتوقع عند الميلاد، وقد بلغ متوسطه في المملكة 78.8 سنة، وفي التعليم: سنوات التعليم المتوقعة ومتوسط سنوات التعليم، وبلغ عدد السنوات المتوقعة في المملكة 16.3 سنة ومتوسط سنوات التعليم 11 سنة، وفي الدخل: نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي، وقد بلغ متوسطه في البحرين 39 ألف دولار سنويًّا، فيما أشار التقرير إلى ارتفاع قيمة مؤشرات البحرين في مستوى التحصيل الأكاديمي، وتفوق الفتيات على الأولاد في نتائج التعليم، وفيما يترنح العالم تحت وطأة أزمات متزامنة، حذر التقرير من تراجع العالم 5 سنوات في مجال التنمية البشرية بسبب هذه الأزمات، حيث جعلت هذه الأزمات العديد من دول العالم عاجزة عن معالجة جذور المشاكل التي تعانيها، حتى تراجعت قيمة التنمية البشرية عالميًّا إلى المستويات التي بلغتها في عام 2016، وتجلت هذه القيمة في 2022 للسنة الثانية على التوالي في أكثر من 90% من بلدان العالم.
وفي مؤشرات المساواة في المملكة، كما أبرزها تقرير التنمية البشرية 2022، بلغت الحياة المتوقعة عند الولادة للذكور 77.8 سنة والإناث 80 سنة، والسنوات المتوقعة للدراسة عند الذكور 15.9 سنة بينما الإناث 17 سنة، ومتوسط سنوات الدراسة للذكور 11.2 سنة والإناث 10.8 سنوات، ومتوسط نصيب الفرد من الدخل القومي للذكور 53 ألف دولار والإناث 16 ألف دولار، ووضع مؤشر عدم المساواة بين الجنسين الذي يقيس عدم المساواة القائمة على نوع الجنس في مجالات الصحة والتمكين والوظائف البحرين في المرتبة 46 عالميًّا متقدمة 3 مراكز عن السنة السابقة.
ويرصد تقرير المساواة والأعمال والقانون 2022 الصادر عن البنك الدولي تسجيل البحرين تقدمًا في هذا المؤشر عالميًّا وبين الدول العربية، حيث وصلت إلى 65% من هذا المؤشر متقدمة 18 مركزا مرة واحدة خلال عام واحد، وأشار التقرير إلى أن المملكة تقع ضمن الدول التي شهدت تحسنًا كبيرًا في الدرجة النهائية، نتيجة التغيرات التشريعية المتعلقة ببند الأجور، حيث أحرزت الدرجة الكاملة 100%، بعد أن كانت 25% في السنة السابقة، وطبقًا لنتائج تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس لعام 2021، والخاص بقياس الفجوة بين الجنسين في 156 بلدًا حول العالم جاءت البحرين في المركز الأول خليجيًّا والثاني عربيًّا في مجال المشاريع الاقتصادية والفرص المتاحة أمام المرأة، وتمكنت البحرين من إغلاق 63.2% من الفجوة بين الجنسين مقارنة بالمتوسط العالمي 68%، وفي محور الصحة 96% مطابقة للمتوسط العالمي، وفاقت المتوسط العالمي في التعليم بنسبة 98.5% والمتوسط العالمي 95%.
وإذا كان تقدم مملكة البحرين بتقرير التنمية البشرية 2022، يعكس تراجع هذه القيمة في العديد من دول العالم، إلا أنه بشكل أساسي يعكس الجهد الوطني المبذول في مجالات هذه التنمية خلال العام المنصرم، والذي تُوِّج بإنشاء البحرين وزارة معنية بالتنمية المستدامة كأول دولة في العالم تقوم بذلك في يونيو الماضي، ما يعكس ما توليه الحكومة البحرينية من أهمية كبيرة لتحقيق الاستدامة في مجالات هذه التنمية في إطار رؤيتها الاقتصادية 2030.
وعزز تقدم المملكة في مؤشرات التنمية البشرية، وضعها في تقرير السعادة العالمي 2022، وهو التقرير الذي يصدر سنويًّا بإشراف الأمم المتحدة منذ نحو 10 سنوات، وفي 2022 حصدت المملكة المركز الأول عربيًّا و31 عالميًّا، فيما احتلت فنلندا المركز الأول عالميًّا للسنة الخامسة على التوالي، وفي 2022 حصدت فنلندا 189 نقطة في مؤشر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في حين حصلت البحرين على 185 نقطة، كما حصلت البحرين على نقاط متقدمة في مؤشرات: الدعم الاجتماعي، وتوقعات الحياة الصحية، وحرية اتخاذ القرارات المصيرية.
إن ما سبق ورصدته التقارير الدولية هو نتاج جهد وطني متصل قادته رؤى جلالة الملك وسياساته الإصلاحية، وجهود سمو ولي العهد رئيس الوزراء ومؤسسات الدولة والمجتمع، نحو الإسراع في تجسير فجوة التقدم بين المملكة والعالم الأول، لتعبر البحرين في سنوات قليلة ما احتاجت فيه دول إلى عقود طويلة.