top of page

21/10/2022

قراءة في استراتيجية الأمن القومي الأمريكية 2022

عند‭ ‬توليه‭ ‬منصبه‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬وعد‭ ‬الرئيس‭ ‬الديمقراطي‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬بتبني‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬أهداف‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬المغايرة‭ ‬تمامًا‭ ‬للإدارة‭ ‬السابقة،‭ ‬بقيادة‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬السياسات‭ ‬المعتادة‭ ‬للجمهوريين،‭ ‬وعدت‭ ‬التوجيهات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬المؤقت‭ ‬للإدارة‭ ‬الجديدة‭ ‬الصادرة‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2021‭ ‬بأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬ستقوي‭ ‬حلفاءها‭ ‬وتقف‭ ‬وراءهم‮»‬،‭ ‬و«تعمل‭ ‬مع‭ ‬شركاء‭ ‬متشابهين‭ ‬في‭ ‬التفكير‮»‬‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬‮«‬تعزيز‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬وردع‭ ‬التهديدات‭ ‬المماثلة‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فمنذ‭ ‬إصدار‭ ‬النظرة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المؤقتة،‭ ‬تم‭ ‬اختبار‭ ‬عزم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الدولي‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬الخارجية،‭ ‬مثل‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وسحب‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬أفغانستان،‭ ‬وهي‭ ‬الخطوة‭ ‬التي‭ ‬أغضبت‭ ‬الحلفاء‭ ‬الغربيين‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬استشارتهم،‭ ‬كما‭ ‬أثارت‭ ‬أيضًا‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬التزامات‭ ‬واشنطن‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬بأمن‭ ‬حلفائها‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬هذه،‭ ‬أصدرت‭ ‬إدارة‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬الكاملة‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2022،‭ ‬وهي‭ ‬وثيقة‭ ‬قال‭ ‬عنها‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬نفسه‭ ‬إنها‭ ‬‮«‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬اليوم‮»‬‭. ‬وتتميز‭ ‬بتعزيز‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والقيم‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬الاعتراف‭ ‬بمتطلبات‭ ‬الاستجابة‭ ‬للمنافسة‭ ‬الدولية‭ ‬المتزايدة‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا،‭ ‬والتحديات‭ ‬الدولية‭ ‬المشتركة،‭ ‬مثل‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬جاريت‭ ‬رينشو‮»‬،‭ ‬و«مايكل‭ ‬مارتينا‮»‬،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬رويترز‮»‬،‭ ‬أوضحا‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تتضمن‭ ‬أي‭ ‬تحولات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬التفكير،‭ ‬ولا‭ ‬تقدم‭ ‬أي‭ ‬مبادئ‭ ‬رئيسية‭ ‬جديدة‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية»؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إيمي‭ ‬ماكينون‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬رأت‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬نظرة‭ ‬أكثر‭ ‬تعمقًا‭ ‬لرؤية‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬للعالم‭ ‬حتى‭ ‬الآن‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الوثيقة‭ ‬تسعى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬ودعم‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬دولي‭ ‬حر،‭ ‬ومنفتح‭ ‬ومزدهر‭ ‬وآمن»؛‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬رصد‭ ‬تحديين‭ ‬رئيسيين؛‭ ‬هما‭ ‬‮«‬المنافسة‭ ‬المستمرة‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العالمية‭ ‬الكبرى،‭ ‬لتشكيل‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‮»‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الناس‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬يكافحون‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬آثار‭ ‬التحديات‭ ‬المشتركة‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود‮»‬،‭ ‬مثل‭ ‬قضايا‭ ‬‮«‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬وانعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬والأمراض‭ ‬المعدية،‭ ‬والإرهاب،‭ ‬ونقص‭ ‬الطاقة‮»‬،‭ ‬ويبقى‭ ‬‮«‬التضخم‮»‬‭ ‬في‭ ‬طليعة‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬المشتركة‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬تأكيدها‭ ‬أن‭ ‬المنافسة‭ ‬العالمية‭ ‬تكون‭ ‬دائما‭ ‬‮«‬بين‭ ‬الديمقراطيات،‭ ‬والأنظمة‭ ‬الاستبدادية‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬أوضحت‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬أمريكي‭ ‬قوي‭ ‬وفعال‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‮»‬‭. ‬ولمواجهة‭ ‬المنافسة‭ ‬العالمية‭ ‬كما‭ ‬تخطط‭ ‬إدارة‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬تنص‭ ‬الوثيقة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬ستدعم‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬العالمية،‭ ‬وتتضامن‭ ‬مع‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يسعون‭ ‬وراء‭ ‬الحرية‭ ‬والكرامة‭ ‬خارج‭ ‬حدودنا‮»‬،‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬الاعتقاد‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬الحكم‭ ‬الديمقراطي‭ ‬يتفوق‭ ‬على‭ ‬الاستبداد‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬تشكل‭ ‬‮«‬التهديد‭ ‬الأكثر‭ ‬إلحاحًا‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الحر‭ ‬والمنفتح‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬حربها‭ ‬ضد‭ ‬أوكرانيا‮»‬،‭ ‬فإنها‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬‮«‬هي‭ ‬المنافس‭ ‬الوحيد‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة»؛‭ ‬بهدف‭ ‬تشكيل‭ ‬النظام‭ ‬الدولي،‭ ‬وبشكل‭ ‬متزايد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القوة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‮»‬‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتحديات‭ ‬المشتركة،‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تغير‭ ‬المناخ‮»‬،‭ ‬باعتباره‭ ‬‮«‬التحدي‭ ‬الأكبر‭ ‬المحتمل‭ ‬للعالم‮»‬،‭ ‬وأنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬دون‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراء‭ ‬عالمي‭ ‬فوري‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬العقد‭ ‬الحاسم؛‭ ‬ستكون‭ ‬تأثيرات‭ ‬المناخ‭ ‬لا‭ ‬رجعة‭ ‬فيها‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬موضع‭ ‬آخر،‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬جائحة‭ ‬‮«‬كوفيد‭-‬19‮»‬،‭ ‬‮«‬كشفت‭ ‬عدم‭ ‬كفاية‭ ‬الهيكل‭ ‬الصحي‭ ‬العالمي،‭ ‬وسلاسل‭ ‬التوريد‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أدت‭ ‬‮«‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬‮«‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة،‭ ‬وتزايد‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‮»‬‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الاستراتيجية‮»‬،‭ ‬تولي‭ ‬أولوية‭ ‬أقل‭ ‬للمنطقة‭ ‬كما‭ ‬لاحظ‭ ‬المحللون،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالإدارات‭ ‬السابقة،‭ ‬حيث‭ ‬تؤكد‭ ‬‮«‬التفضيل‭ ‬المعلن‭ ‬لاستخدام‭ ‬الأدوات‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬العسكري‮»‬؛‭ ‬فلن‭ ‬تستخدم‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬جيشها‭ ‬‮«‬لتغيير‭ ‬أنظمة‭ ‬حاكمة‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬مجتمعات‭ ‬ما‭ ‬بعينها‮»‬،‭ ‬و«حصر‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬يكون‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬حماية‭ ‬مصالح‭ ‬أمنها‭ ‬القومي‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬أكدت‭ ‬رغبة‭ ‬إدارة‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬في‭ ‬‮«‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والمساعدات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والأمنية‮»‬‭ ‬لدول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬

وحول‭ ‬ما‭ ‬تعنيه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للوجود‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬أوضحت‭ ‬أنها‭ ‬ستسعى‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إطار‭ ‬عمل‭ ‬جديد‮»‬،‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬‮«‬تعزيز‭ ‬قدرات‭ ‬الشركاء‮»‬،‭ ‬و‮«‬تمكين‭ ‬نقاط‭ ‬التكامل‭ ‬الأمني‭ ‬الإقليمي‮»‬،‭ ‬و«التركيز‭ ‬على‭ ‬آلية‭ ‬الردع‮»‬،‭ ‬و«استخدام‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لتهدئة‭ ‬التوترات‮»‬،‭ ‬و«وضع‭ ‬أساس‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬للاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‮»‬،‭ ‬و«الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬عسكري‭ ‬مستدام‭ ‬وفعال‮»‬‭. ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬وضعت‭ ‬‮«‬ثلاثة‭ ‬مجالات‭ ‬ذات‭ ‬أولوية»؛‭ ‬هي‭ ‬‮«‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬المصادر‭ ‬الأساسية‭ ‬لقوة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والعمل‭ ‬مع‭ ‬الحلفاء‭ ‬والشركاء‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬المشتركة،‭ ‬ووضع‭ ‬قواعد‭ ‬طرق‭ ‬التجارة،‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والتكنولوجيات‭ ‬الناشئة‮»‬‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬تأكيد‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬دعم‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تلتزم‭ ‬بالنظام‭ ‬الدولي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬القواعد‮»‬،‭ ‬و«منع‭ ‬أي‭ ‬‮«‬قوة‭ ‬أجنبية‭ ‬أو‭ ‬إقليمية‭ ‬من‭ ‬تهديد‭ ‬حرية‭ ‬الملاحة‭ ‬عبر‭ ‬الممرات‭ ‬المائية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬‮«‬تعزيز‮»‬‭ ‬منظومات‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬والبحري‭ ‬المتكاملة‮»‬‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬افتقرت‭ ‬‮«‬الوثيقة‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬‮«‬ويليام‭ ‬ويشسلر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬التفاصيل‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي،‭ ‬معلقا،‭ ‬بأنها‭ ‬لا‭ ‬ترقى‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬استراتيجية‭ ‬حقيقية‮»‬،‭ ‬ومتسائلاً‭ ‬هل‭ ‬معنى‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬لن‭ ‬‮«‬تتسامح‮»‬‭ ‬مع‭ ‬جهود‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬أخرى،‭ ‬أنها‭ ‬ستوقف‭ ‬جهودها‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬لتعزيز‭ ‬‮«‬المساعدات‭ ‬العسكرية‮»‬‭ ‬لشركائها‭ ‬الخليجيين‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬تهديد‭ ‬إيران؟،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬ألا‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الحال،‭ ‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تأكيدا‭ ‬في‭ ‬الوثيقة‭ ‬لدعم‭ ‬تشكيل‭ ‬‮«‬هياكل‭ ‬دفاع‭ ‬جوي‭ ‬وبحري‭ ‬متكاملة‮»‬‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالرؤية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬حول‭ ‬إيران،‭ ‬كتبت‭ ‬‮«‬باربرا‭ ‬سلافين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬إن‭ ‬رؤية‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تحتو‭ ‬على‭ ‬مفاجآت‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بسياسة‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬طهران،‭ ‬والتي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬التزامات‭ ‬‮«‬غير‭ ‬محددة‮»‬‭ ‬للعمل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الحلفاء‭ ‬لحماية‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭. ‬ونصت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬‮«‬ستواصل‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬حلفائها‭ ‬وشركائها‮»‬؛‭ ‬لردع‭ ‬جهود‭ ‬إيران‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬زعزعة‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وعدم‭ ‬تمكينها‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬سلاح‭ ‬نووي،‭ ‬‮«‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الجهود‭ ‬الدبلوماسية‮»‬،‭ ‬والاستعداد‭ ‬‮«‬لاستخدام‭ ‬أية‭ ‬وسائل‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬فشلت‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‮»‬‭. ‬أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬تأكيد‭ ‬استمرار‭ ‬تبني‭ ‬خيار‭ ‬‮«‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يضمن‭ ‬‮«‬تلبية‭ ‬التطلعات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬آمنة‭ ‬وقابلة‭ ‬للحياة‭ ‬فيها‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬أظهرت‭ ‬مدى‭ ‬‮«‬الدعم‭ ‬الصارم‭ ‬لواشنطن‭ ‬حيال‭ ‬الالتزام‭ ‬‮«‬بأمن‭ ‬إسرائيل،‭ ‬‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬علق‭ ‬‮«‬دانيال‭ ‬شابيرو‮»‬،‭ ‬السفير‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬لدى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بأن‭ ‬استراتيجية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬تقدم‭ ‬‮«‬مبادئ‭ ‬سليمة‭ ‬لتوجيه‭ ‬سياسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬‮«‬زيادة‭ ‬بالموارد‭ ‬أو‭ ‬تجاهل‭ ‬الأولويات‭ ‬العالمية‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬قبل‭ ‬وقت‭ ‬قصير‭ ‬من‭ ‬نشر‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬وأبرزها‭ ‬قرار‭ ‬‮«‬أوبك‭ ‬بلس‮»‬،‭ ‬بخفض‭ ‬حصص‭ ‬إنتاجها‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬قبل‭ ‬شتاء‭ ‬2022،‭ ‬قد‭ ‬يعرقل‭ ‬قدرة‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬‭ ‬على‭ ‬تنفيذها‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬مستشهدا‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬التهديدات‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تمثلها‭ ‬أحدث‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬تعرقل‭ ‬أيضًا‭ ‬شرعية،‭ ‬ومنطق‭ ‬إدارة‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬الانخراط‭ ‬دبلوماسيًا‭ ‬مع‭ ‬نظام‭ ‬يستخدم‭ ‬الإكراه‭ ‬لقمع‭ ‬المعارضة،‭ ‬وخلص‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬كما‭ ‬كان‭ ‬الحال‭ ‬دائمًا،‭ ‬فإن‭ ‬المنطقة‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬تخمة‭ ‬الوثائق‭ ‬الاستراتيجية‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬الأمر‭ ‬سيجبر‭ ‬صانعي‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكيين‭ ‬على‭ ‬إجراء‭ ‬‮«‬مقايضات‭ ‬صعبة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬أولوية‭ ‬ما،‭ ‬مقابل‭ ‬التعويض‭ ‬عنها‭ ‬بأخرى‭ ‬بنفس‭ ‬درجة‭ ‬أهميتها‮»‬‭.‬

وبهذا‭ ‬المعنى،‭ ‬تشعبت‭ ‬أفكار‭ ‬المحللين‭ ‬بين‭ ‬دعم‭ ‬وانتقاد‭ ‬استراتيجية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬لإدارة‭ ‬بايدن‭. ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬أشار‭ ‬السفير‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬لدى‭ ‬بولندا،‭ ‬‮«‬دانييل‭ ‬فرايد‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬تطبيق‭ ‬قوي‭ ‬للتقاليد‭ ‬الليبرالية‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬ووصفتها‭ ‬‮«‬إيما‭ ‬أشفورد‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬‮«‬ستيمسون‮»‬،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬واضحة‭ ‬للغاية‭ ‬وبمثابة‭ ‬منهج‭ ‬لسياسة‭ ‬خارجية‭ ‬أمريكية‭ ‬ليست‭ ‬للأمريكيين‭ ‬فحسب،‭ ‬لكن‭ ‬للعالم»؛‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬غابرييل‭ ‬شاينمان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جمعية‭ ‬ألكسندر‭ ‬هاملتون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬‮«‬التناقضات‭ ‬الداخلية‭ ‬فيها،‭ ‬حيث‭ ‬تظهر‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬مكتوبة‭ ‬بواسطة‭ ‬طرفين‭ ‬مختلفين‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي؛‭ ‬‮«‬كوسيلة‮»‬‭ ‬لإرضاء‭ ‬وتهدئة‭ ‬المواطنين‭ ‬الأمريكيين‮»‬‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬ماكينون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تكن‭ ‬واضحة‮»‬،‭ ‬حيال‭ ‬عدم‭ ‬ذكر‭ ‬الموقف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬تجاه‭ ‬أفغانستان‭ ‬بعد‭ ‬الانسحاب‭ ‬الفاشل‭ ‬منها‭ ‬عام‭ ‬2021‭.‬

وعلى‭ ‬نطاق‭ ‬أوسع،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬ويشسلر‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬‮«‬منقسمة‭ ‬للغاية‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬وثيقة‭ ‬واحدة‭ ‬لن‭ ‬تشكل‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬‮«‬إجماعًا‭ ‬وطنيًا‮»‬،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬استراتيجيات‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأخيرة،‭ ‬التي‭ ‬أصدرتها‭ ‬إدارات‭ ‬واشنطن‭ ‬‮«‬قد‭ ‬تدهورت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬وأصبحت‭ ‬أطروحات‭ ‬سياسية‭ ‬موجهة‭ ‬إلى‭ ‬الداخل‭ ‬الأمريكي،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬توجيهًا‭ ‬إلى‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يتعين‭ ‬عليهم‭ ‬تنفيذ‭ ‬سياساتها‭ ‬خارجيًا‮»‬‭.‬

وبشكل‭ ‬عام،‭ ‬فإن‭ ‬تقييم‭ ‬تلك‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬افتقارها‭ ‬إلى‭ ‬التفاصيل‭ ‬حول‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الرئيسية،‭ ‬فبينما‭ ‬أكدت‭ ‬إدارة‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬ستعزز‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‮»‬‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬استفادتها‭ ‬من‭ ‬مزايا‭ ‬ونقاط‭ ‬قوة‭ ‬واشنطن‮»‬،‭ ‬و«خلق‭ ‬تحالف‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬الحلفاء‭ ‬والشركاء»؛‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬التفاصيل‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬تواجه‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬الدولية،‭ ‬والمخاوف‭ ‬السياسية‭ ‬المحلية؛‭ ‬‮«‬غائبة‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أنها‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬التزام‭ ‬‮«‬أمريكا‭ ‬باغتنام‭ ‬اللحظة‭ ‬والارتقاء‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬التحدي‮»‬؛‭ ‬فقد‭ ‬أوضح‭ ‬محللون‭ ‬توخي‭ ‬الحذر‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتطبيقها‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل،‭ ‬وملاءمتها‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬إشارة‭ ‬‮«‬فرايد‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الاستراتيجيات‮»‬،‭ ‬أسهل‭ ‬في‭ ‬كتابتها‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬مسألة‭ ‬التنفيذ‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬‮«‬حتى‭ ‬أفضل‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬حمايتها‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬أخطاء‭ ‬حال‭ ‬تطبيقها‮»‬‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬أكدت‭ ‬وثيقة‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكية‭ ‬الالتزام‭ ‬بالأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬دعم‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬دولها‭ ‬التي‭ ‬تلتزم‭ ‬بمنظور‭ ‬واشنطن‭ ‬للالتزام‭ ‬بالقوانين‭ ‬الدولية‭. ‬ومع‭ ‬عدم‭ ‬تقديمها‭ ‬أي‭ ‬تفاصيل‭ ‬جديدة‭ ‬حول‭ ‬طبيعة‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاه‭ ‬إسرائيل‭ ‬أو‭ ‬إيران‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬يشكك‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬شابيرو‮»‬،‭ ‬‮«‬ويشسلر‮»‬،‭ ‬و«سلافين‮»‬‭ ‬و«فرايد‮»‬،‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الوثيقة،‭ ‬الغامضة‭ ‬في‭ ‬تفاصيلها،‭ ‬تقدم‭ ‬رؤية‭ ‬محدودة‭ ‬لمداولات‭ ‬واشنطن‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬دائمة‭ ‬التغير‭ ‬الجيوسياسي‭.‬

{ انتهى  }
bottom of page