top of page

01/11/2022

مساعدات التنمية الخليجية ..إضاءات في التعاون الدولي

منذ‭ ‬أن‭ ‬أخذت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬تنعم‭ ‬بإيراداتها‭ ‬النفطية،‭ ‬وهي‭ ‬توظف‭ ‬نسبة‭ ‬منها‭ ‬كمساعدات‭ ‬للتنمية،‭ ‬تقدمها‭ ‬للدول‭ ‬النامية‭. ‬وتختلف‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى،‭ ‬فهي‭ ‬‮«‬غير‭ ‬مسيسة‮»‬،‭ ‬و«لا‭ ‬ترتبط‭ ‬بمشروطية‭ ‬معينة‮»‬،‭ ‬و‮«‬يغلب‭ ‬عليها‭ ‬الطابع‭ ‬الإنساني‮»‬‭. ‬ولم‭ ‬تتوقف‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات‭ ‬في‭ ‬الفترات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬تهبط‭ ‬فيها،‭ ‬وتفوق‭ ‬كنسبة‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى،‭ ‬كما‭ ‬تتسم‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬القروض‭ ‬بطول‭ ‬فترة‭ ‬السماح‭ ‬وانخفاض‭ ‬سعر‭ ‬الفائدة،‭ ‬وأيضًا‭ ‬بالسرعة‭ ‬وكبر‭ ‬الحجم‭ ‬والعطاء‭ ‬الشعبي‭.‬

والجدير‭ ‬بالذكر،‭ ‬أنه‭ ‬حين‭ ‬قرر‭ ‬‮«‬مؤتمر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتجارة‭ ‬والتنمية‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬عُقد‭ ‬بالقاهرة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1964،‭ ‬أن‭ ‬تخصص‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬1%‭ ‬من‭ ‬ناتجها‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي،‭ ‬كمساعدات‭ ‬للدول‭ ‬النامية،‭ ‬تعوضها‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬تدهور‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الأولية،‭ ‬التي‭ ‬تصدرها‭ ‬إزاء‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬تستوردها‭ ‬منها،‭ ‬وتعوضها‭ ‬عن‭ ‬نهب‭ ‬مواردها‭ ‬أثناء‭ ‬فترة‭ ‬الاستعمار؛‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬بتلك‭ ‬النسبة،‭ ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬هو‭ ‬التحويل‭ ‬العكسي‭ ‬للموارد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة،‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬خدمة‭ ‬فوائد‭ ‬وأقساط‭ ‬الديون،‭ ‬وعوائد‭ ‬الاستثمار،‭ ‬حيث‭ ‬استبدلت‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة،‭ ‬مساعداتها‭ ‬باستثمارات‭ ‬أو‭ ‬تقديم‭ ‬قروض‭ ‬للدول‭ ‬النامية‭.‬

ووفقا‭ ‬لتقرير‭ ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‮»‬‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2022،‭ ‬فإن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬النفطية،‭ ‬قدمت‭ ‬منذ‭ ‬ستينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬مساعدات‭ ‬سخية‭ ‬لجاراتها‭ ‬الفقيرة،‭ ‬عندما‭ ‬أنشأت‭ ‬‮«‬الكويت‮»‬،‭ ‬أول‭ ‬صندوق‭ ‬للتنمية‭ ‬في‭ ‬ديسمبر1961،‭ ‬كبداية‭ ‬لمسار‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات،‭ ‬والتي‭ ‬زادت‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬الإيرادات‭ ‬النفطية‭ ‬الخليجية‭. ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭ ‬2022‭ ‬قامت‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬،‭ ‬ودول‭ ‬خليجية‭ ‬أخرى‭ ‬بمساعدة‭ ‬مصر‭ ‬وباكستان‭ ‬وتركيا،‭ ‬حيث‭ ‬تعهدت‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬وقطر‭ ‬بتقديم‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬22‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لمصر‭ ‬لدرء‭ ‬إحتمال‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬عن‭ ‬سداد‭ ‬ديونها‭. ‬

وفي‭ ‬الإطار‭ ‬ذاته،‭ ‬تعهدت‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬2022،‭ ‬بتقديم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬لباكستان،‭ ‬لدعم‭ ‬اقتصادها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬كارثة‭ ‬الفيضانات‭ ‬المدمرة‭. ‬وفيما‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬تركيا‮»‬،‭ ‬تواجه‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬تلقت‭ ‬مليارات‭ ‬من‭ ‬الدولارات‭ ‬الخليجية‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬استثمارات‭ ‬ومساعدات،‭ ‬وقد‭ ‬تزامنت‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات‭ ‬التنموية،‭ ‬التي‭ ‬عززها‭ ‬وفرة‭ ‬الإيرادات‭ ‬النفطية،‭ ‬مع‭ ‬الأزمة‭ ‬المالية‭ ‬الكبيرة،‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬بلدان‭ ‬الدخل‭ ‬المنخفض،‭ ‬والناجمة‭ ‬عن‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭ ‬والغذاء،‭ ‬وزيادة‭ ‬كلفة‭ ‬الاقتراض‭ ‬وارتفاع‭ ‬سعر‭ ‬الدولار،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬لم‭ ‬تستأثر‭ ‬بحصيلة‭ ‬مبيعاتها‭ ‬من‭ ‬النفط،‭ ‬وإنما‭ ‬جعلت‭ ‬جزءا‭ ‬منه‭ ‬يتوجه‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات‭.‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬هذا‭ ‬الواقع،‭ ‬غدت‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬،‭ ‬تحتل‭ ‬المرتبة‭ ‬الثانية‭ ‬عالميًا،‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬قيمة‭ ‬مساعدات‭ ‬التنمية،‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬لدول‭ ‬العالم‭. ‬وفي‭ ‬1975‭ ‬أنشأت‭ ‬المملكة،‭ ‬‮«‬الصندوق‭ ‬السعودي‭ ‬للتنمية‮»‬،‭ ‬كمؤسسة‭ ‬حكومية،‭ ‬تعنى‭ ‬بتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬الإنمائي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قروض‭ ‬تنمية‭ ‬ميسرة،‭ ‬لتمويل‭ ‬مشاريع‭ ‬إنمائية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬النامية؛‭ ‬للإسهام‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الدول،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬الإسهام‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬المستوى‭ ‬المعيشي‭ ‬للمجتمعات‭ ‬الأشد‭ ‬فقرًا‭. ‬ويعد‭ ‬ذراع‭ ‬السعودية‭ ‬التنموي‭ ‬أهم‭ ‬ذراع‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الدولية،‭ ‬ويعمل‭ ‬الصندوق‭ ‬وفقًا‭ ‬لأسس‭ ‬ومناهج‭ ‬التنمية‭ ‬الدولية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬توافق‭ ‬توجه‭ ‬الصندوق‭ ‬إلى‭ ‬المشاريع‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

ومنذ‭ ‬إنشائه،‭ ‬وحتى‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2021؛‭ ‬قدم‭ ‬‮«‬الصندوق‭ ‬السعودي‭ ‬للتنمية‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬مجموعه‭ ‬733‭ ‬قرضًا‭ ‬تنمويًا،‭ ‬لتمويل‭ ‬695‭ ‬مشروعا،‭ ‬وبرنامجا‭ ‬تنمويا‭ ‬في‭ ‬84‭ ‬دولة‭ ‬نامية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬العالم،‭ ‬بإجمالي‭ ‬قيمة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬69‭ ‬مليار‭ ‬ريال‭ ‬سعودي‭. ‬ويمثل‭ ‬عمل‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق‭ ‬نحو‭ ‬30%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬المساعدات‭ ‬الخارجية‭ ‬السعودية‭. ‬ووفقا‭ ‬لـ«موقع‭ ‬منصة‭ ‬المساعدات‭ ‬السعودية‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬إجمالي‭ ‬المساعدات‭ ‬المقدمة‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬قد‭ ‬بلغ‭ ‬83‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬وتتضمن‭ ‬هذه‭ ‬المنصة‭ ‬المشاريع‭ ‬والمساهمات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والتنموية‭ ‬والخيرية‭ ‬والخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬للاجئين‭. ‬وتعد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬اليمن‭ ‬ومصر‭ ‬وباكستان‭ ‬وسوريا‭ ‬وفلسطين‭ ‬ولبنان،‭ ‬أعلى‭ ‬الدول‭ ‬تلقيًا‭ ‬لهذه‭ ‬المساعدات‭. ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬الرياض‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬قررت‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬أكتوبر‭ ‬2022،‭ ‬تقديم‭ ‬400‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬مساعدات‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬فيما‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬المشاريع‭ ‬الإنسانية‭ ‬والتنموية‭ ‬والخيرية‭ ‬4988‭ ‬مشروعا،‭ ‬والدول‭ ‬المستفيدة‭ ‬104،‭ ‬بمبلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬نحو‭ ‬63‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬وبلغ‭ ‬عدد‭ ‬المساهمات‭ ‬في‭ ‬المنظمات‭ ‬والهيئات‭ ‬الدولية‭ ‬705،‭ ‬والجهات‭ ‬المستفيدة‭ ‬53‭ ‬بإجمالي‭ ‬نحو‭ ‬2‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬وبلغت‭ ‬قيمة‭ ‬خدمات‭ ‬اللاجئين‭ ‬داخل‭ ‬المملكة‭ ‬نحو‭ ‬7‭.‬5‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬استفاد‭ ‬منها‭ ‬اللاجئون‭ ‬من‭ ‬اليمن‭ ‬وسوريا‭ ‬والروهينجا‭.‬

وفي‭ ‬أبريل‭ ‬2022،‭ ‬أنشأت‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬،‭ ‬صندوق‭ ‬تنمية‭ ‬مشتركا‭ ‬مع‭ ‬‮«‬فرنسا»؛‭ ‬لمساعدة‭ ‬لبنان،‭ ‬ضمن‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الاتفاقات‭ ‬التي‭ ‬عقدتها‭ ‬لمساعدة‭ ‬بلدان‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬التي‭ ‬أشرفت‭ ‬على‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬هوة‭ ‬الديون؛‭ ‬بسبب‭ ‬الصراعات‭ ‬والأزمات‭. ‬وتركز‭ ‬أولويات‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق‭ ‬على‭ ‬‮«‬الأمن‭ ‬الغذائي‮»‬،‭ ‬و«الرعاية‭ ‬الصحية‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬الشهر‭ ‬ذاته،‭ ‬أودعت‭ ‬لدى‭ ‬‮«‬موريتانيا‮»‬،‭ ‬300‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬وقدمت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬7‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬لدول‭ ‬إفريقية،‭ ‬لمشاريع‭ ‬تنموية‭ ‬وإنسانية‭ ‬وخيرية،‭ ‬خاصة‭ ‬بالأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬والصحة،‭ ‬والتعليم،‭ ‬وذلك‭ ‬وفقًا‭ ‬لبيانات‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬للإغاثة‭ ‬والأعمال‭ ‬الإنسانية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تأسس‭ ‬عام‭ ‬2015؛‭ ‬بغرض‭ ‬توحيد‭ ‬مساهمات‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والإغاثية‭ ‬الحكومية‭ ‬وغير‭ ‬الحكومية‭ ‬خارج‭ ‬المملكة،‭ ‬وفيما‭ ‬استجابت‭ ‬‮«‬المملكة‮»‬،‭ ‬لاحتياجات‭ ‬83‭ ‬دولة‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬فقد‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬المساعدات‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬للناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1‭.‬9%‭.‬

ويعود‭ ‬تقديم‭ ‬‮«‬الإمارات‮»‬،‭ ‬للمساعدات‭ ‬الخارجية،‭ ‬إلى‭ ‬تاريخ‭ ‬تأسيس‭ ‬الدولة‭ ‬ذاته‭. ‬ويذهب‭ ‬نحو‭ ‬25%‭ ‬من‭ ‬دخل‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات،‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬لجميع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬ذات‭ ‬الحاجة،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬اللون‭ ‬أو‭ ‬العرق‭ ‬أو‭ ‬الدين‭ ‬أو‭ ‬الثقافة‭ ‬أو‭ ‬الاختلاف‭ ‬السياسي،‭ ‬حيث‭ ‬استندت‭ ‬إلى‭ ‬النهج‭ ‬الإنساني،‭ ‬الذي‭ ‬وضعه‭ ‬مؤسس‭ ‬الدولة‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬زايد‭ ‬بن‭ ‬سلطان‭ ‬آل‭ ‬نهيان‮»‬‭.‬

ويشير‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتنمية‮»‬،‭ ‬لعام‭ ‬2013،‭ ‬إلى‭ ‬تصدر‭ ‬‮«‬الإمارات‮»‬،‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المساعدات‭ ‬التنموية‭ ‬الرسمية،‭ ‬قياسًا‭ ‬لدخلها‭ ‬القومي‭. ‬وبلغ‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬المستفيدة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات‭ ‬178‭ ‬دولة،‭ ‬منذ‭ ‬1971‭ ‬حتى‭ ‬2014،‭ ‬بقيمة‭ ‬إجمالية‭ ‬173‭ ‬مليار‭ ‬درهم،‭ ‬بينما‭ ‬بلغت‭ ‬هذه‭ ‬القيمة‭ ‬32.3‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬في‭ ‬2015،‭ ‬استفاد‭ ‬منها‭ ‬155‭ ‬دولة‭. ‬ومنذ‭ ‬التأسيس‭ ‬في‭ ‬1971،‭ ‬وحتى‭ ‬أغسطس‭ ‬2021‭ ‬بلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬قيمة‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬320‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭.‬

وتندرج‭ ‬المساعدات‭ ‬الخارجية‭ ‬الإماراتية،‭ ‬تحت‭ ‬ثلاث‭ ‬فئات‭: ‬‮«‬تنموية‮»‬،‭ ‬وتشمل‭ ‬88%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات،‭ ‬و«إنسانية‮»‬،‭ ‬10%،‭ ‬و«خيرية‮»‬‭ ‬2%‭. ‬وبلغت‭ ‬نسبة‭ ‬المنح‭ ‬منها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬59%،‭ ‬بينما‭ ‬بلغت‭ ‬القروض‭ ‬الميسرة‭ ‬نحو‭ ‬41%‭. ‬وفيما‭ ‬تلقت‭ ‬إفريقيا‭ ‬نحو‭ ‬50%‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات،‭ ‬فقد‭ ‬تلقت‭ ‬الدول‭ ‬الآسيوية‭ ‬نحو‭ ‬40%،‭ ‬والمنظمات‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف‭ ‬5%،‭ ‬وأوروبا‭ ‬والأمريكتان‭ ‬وأوقيانوسيا‭ ‬5%‭. ‬وبلغ‭ ‬الدعم‭ ‬الإماراتي‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬نحو‭ ‬30‭.‬1‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬2016‭ ‬–‭ ‬2020‭.‬

وتفصيلاً،‭ ‬دعمت‭ ‬المساعدات‭ ‬الإماراتية،‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬بقيمة‭ ‬تجاوزت‭ ‬537‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬وتمكين‭ ‬وحماية‭ ‬النساء‭ ‬1‭.‬7‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬وقدمت‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬لدعم‭ ‬التعليم‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬2021‭ ‬–‭ ‬2025،‭ ‬وتبنت‭ ‬مبادرة‭ ‬محو‭ ‬الأمية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬2017،‭ ‬مستهدفة‭ ‬محو‭ ‬أمية‭ ‬30‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬حتى‭ ‬2030،‭ ‬وقدمت‭ ‬مساعدات‭ ‬لمواجهة‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬لنحو‭ ‬117‭ ‬بلدًا،‭ ‬وبلغت‭ ‬نسبة‭ ‬مساعداتها‭ ‬80%‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬الاستجابة‭ ‬الدولية‭ ‬لمواجهة‭ ‬التضرر‭ ‬من‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭.‬

أما‭ ‬‮«‬الكويت‮»‬،‭ ‬فكانت‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬خليجية‭ ‬تبادر‭ ‬ببرنامج‭ ‬ثلاثي‭ ‬الأبعاد‭: ‬‮«‬قروض‭ ‬ومساعدات‭ ‬اقتصادية‮»‬،‭ ‬‮«‬إعانات‭ ‬مالية‮»‬،‭ ‬‮«‬استثمار‭ ‬مالي‭ ‬خارجي‮»‬‭. ‬وفاقت‭ ‬ما‭ ‬تقدمه‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‭ ‬والكوارث،‭ ‬ولم‭ ‬تتردد‭ ‬في‭ ‬استقطاع‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬دخلها‭ ‬لمساعدة‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬تثبيت‭ ‬أقدامها‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬التنمية‭. ‬وجاء‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬الصندوق‭ ‬الكويتي‭ ‬للتنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العربية‮»‬،‭ ‬ليكون‭ ‬أول‭ ‬‮«‬أداة‭ ‬مالية‮»‬،‭ ‬و«قناة‭ ‬رسمية‮»‬،‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬لدولة‭ ‬الكويت‭. ‬وتركزت‭ ‬أهم‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تمويلها‭ ‬في‭: (‬الزراعة‭ ‬والري،‭ ‬النقل‭ ‬المواصلات،‭ ‬الطاقة‭ ‬والصناعة،‭ ‬المياه‭ ‬والصرف‭ ‬الصحي‭). ‬

وفي‭ ‬العقد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬إنشائه،‭ ‬قدم‭ ‬الصندوق‭ ‬406‭ ‬قروض،‭ ‬بلغت‭ ‬قيمتها‭ ‬نحو‭ ‬7‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬لـ‭ ‬66‭ ‬دولة،‭ ‬وأمام‭ ‬‮«‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬1988،‭ ‬ألغى‭ ‬أمير‭ ‬دولة‭ ‬الكويت،‭ ‬ديون‭ ‬الدول‭ ‬المتعثرة،‭ ‬وهي‭ ‬الأكثر‭ ‬فقرًا‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬وحتى‭ ‬نهاية‭ ‬2011،‭ ‬استفاد‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬الصندوق‭ ‬102‭ ‬دولة‭ ‬موزعة‭ ‬على‭ ‬ست‭ ‬مناطق‭ ‬جغرافية،‭ ‬بإجمالي‭ ‬عدد‭ ‬قروض‭ ‬803‭ ‬قروض،‭ ‬بقيمة‭ ‬15‭.‬6‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬استأثرت‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بـ‭ ‬55%‭ ‬منها‭.‬

وإلى‭ ‬جانب‭ ‬‮«‬الصندوق‭ ‬الكويتي‭ ‬للتنمية‭ ‬العربية‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬برز‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬القنوات‭ ‬لتقديم‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬وزارة‭ ‬المالية‮»‬،‭ ‬و«جمعية‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‮»‬،‭ ‬و«بيت‭ ‬الزكاة‮»‬،‭ ‬و«الهيئة‭ ‬الخيرية‭ ‬الإسلامية‭ ‬العالمية‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ (‬1990–‭ ‬2014‭)‬،‭ ‬بلغت‭ ‬مساعدات‭ ‬‮«‬وزارة‭ ‬المالية‮»‬،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬فيما‭ ‬بلغت‭ ‬قروض‭ ‬الصندوق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬ومساعدات‭ ‬‮«‬جمعية‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‮»‬،‭ ‬نحو‭ ‬86‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬و«بيت‭ ‬الزكاة‮»‬،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬211‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬و«الهيئة‭ ‬الخيرية‭ ‬الإسلامية‭ ‬العالمية‮»‬،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬14‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭.‬

وفي‭ ‬تأكيد‭ ‬هذا،‭ ‬تبوأت‭ ‬‮«‬الكويت‮»‬،‭ ‬المركز‭ ‬الأول‭ ‬عالميًا‭ ‬في‭ ‬حجم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬التي‭ ‬قدمتها،‭ ‬مقارنة‭ ‬بمستوى‭ ‬الدخل‭ ‬القومي‭ ‬في‭ ‬2016‭. ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬دعم‭ ‬المساعي‭ ‬الدولية‭ ‬لتخفيف‭ ‬المعاناة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬‮«‬سوريا‮»‬،‭ ‬استضافت‭ ‬ثلاثة‭ ‬مؤتمرات‭ ‬دولية‭ ‬للمانحين،‭ ‬بلغت‭ ‬قيمة‭ ‬التبرعات‭ ‬المعلن‭ ‬عنها‭ ‬فيها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬7‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬وترأست‭ ‬المؤتمر‭ ‬الرابع‭ ‬في‭ ‬‮«‬بريطانيا‮»‬،‭ ‬وأسهمت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤتمرات‭ ‬بـ1‭.‬6‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬وحتى‭ ‬نهاية‭ ‬2020،‭ ‬بلغت‭ ‬قيمة‭ ‬عمليات‭ ‬‮«‬الصندوق‭ ‬الكويتي‮»‬،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬ومع‭ ‬مساعدات‭ ‬التنمية‭ ‬الكويتية‭ ‬الأخرى،‭ ‬ترتفع‭ ‬هذه‭ ‬القيمة‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬استفاد‭ ‬منها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬دولة‭ ‬حول‭ ‬العالم‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬فإن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬الغنية‭ ‬بمواردها‭ ‬النفطية،‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬دول‭ ‬نامية‭ ‬تحتاج‭ ‬لكل‭ ‬مواردها،‭ ‬لتجسير‭ ‬فجوة‭ ‬التنمية‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ -‬وهو‭ ‬حق‭ ‬مشروع‭ ‬لها‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬يلومها‭ ‬عليه‭- ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬بروح‭ ‬المسؤولية‭ ‬ولوجودها‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬دولي،‭ ‬يعاني‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أعضائه‭ ‬ضعف‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬التنموية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬والبشرية؛‭ ‬فقد‭ ‬أخذت‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬تخصيص‭ ‬نسبة‭ ‬من‭ ‬إيراداتها،‭ ‬تفوق‭ ‬ما‭ ‬أوصت‭ ‬به‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬لدعم‭ ‬مسيرة‭ ‬التنمية‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تمييز،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬مشروطية،‭ ‬أو‭ ‬أهداف‭ ‬سياسية‭ ‬تبتغيها،‭ ‬ولهذا‭ ‬أصبح‭ ‬للعالم‭ ‬مصلحة‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬وقيامها‭ ‬بهذا‭ ‬الدور‭ ‬الداعم‭. ‬

{ انتهى  }
bottom of page