top of page

03/11/2022

ما وراء قرار أستراليا بالتراجع عن اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل

شهدت‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬توجهًا‭ ‬متباطئا‭ ‬لبعض‭ ‬الدول‭ ‬بالموافقة،‭ ‬أو‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالقدس‭ ‬عاصمة‭ ‬لإسرائيل‭. ‬ولأن‭ ‬احتلال‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الدولي؛‭ ‬فإن‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تقريبًا،‭ ‬تُبقي‭ ‬على‭ ‬وجودها‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬في‭ ‬‮«‬تل‭ ‬أبيب‮»‬،‭ ‬لتجنب‭ ‬تقويض‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

وفي‭ ‬اضطراب‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الغربية‭ ‬تجاه‭ ‬المنطقة؛‭ ‬نقلت‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬رسميًّا‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬سفارتها‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬إلى‭ ‬القدس،‭ ‬بعد‭ ‬اعترافها‭ ‬الرسمي‭ ‬بالمدينة‭ ‬عاصمة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬السابق‭. ‬وفي‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬بدأت‭ ‬‮«‬بريطانيا‮»‬،‭ ‬مداولاتها‭ ‬الخاصة،‭ ‬لنقل‭ ‬وجودها‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬القدس‮»‬‭ ‬أيضا،‭ ‬وهو‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬قُوبل‭ ‬بانتقادات‭ ‬واسعة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السابق،‭ ‬السير‭ ‬‮«‬آلان‭ ‬دنكان‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬وصف‭ ‬الأمر‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬طائش،‭ ‬ومجرد‭ ‬من‭ ‬المبادئ‭ ‬والأخلاق‮»‬،‭ ‬وحذر‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬يمثل‭ ‬تحولًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للمملكة‭ ‬المتحدة‮»‬‭.‬

واقتداءً‭ ‬بالقيادة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬اعترفت‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬الحزب‭ ‬الليبرالي‮»‬‭ ‬الأسترالي‭ -‬من‭ ‬يمين‭ ‬الوسط‭ - ‬برئاسة‭ ‬‮«‬سكوت‭ ‬موريسون‮»‬،‭ ‬رسميًّا‭ ‬بالقدس‭ ‬عاصمة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬تعرضت‭ ‬لانتقادات‭ ‬شديدة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المعارضين‭ ‬السياسيين‭ ‬ونشطاء‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬هناك‭. ‬وعقب‭ ‬أربع‭ ‬سنوات،‭ ‬وفي‭ ‬قرار‭ ‬أثار‭ ‬‮«‬غضبًا‭ ‬إسرائيليًّا‮»‬‭ ‬وفقًا‭ ‬لـ«روبرت‭ ‬هارت‮»‬،‭ ‬في‭ ‬‮«‬مجلة‭ ‬فوربس»؛‭ ‬اختارت‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬العمال‮»‬،‭ ‬الأسترالية‭ ‬المنتخبة‭ ‬مؤخرًا،‭ ‬تغيير‭ ‬قرار‭ ‬‮«‬موريسون‮»‬،‭ ‬وإعادة‭ ‬اعتراف‭ ‬‮«‬كانبيرا‮»‬،‭ ‬بتل‭ ‬أبيب‭ ‬كعاصمة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وليس‭ ‬القدس،‭ ‬وإعادة‭ ‬تأكيد‭ ‬دعم‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وحل‭ ‬الدولتين،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬وصفته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬أثار‭ ‬‮«‬غضب‭ ‬إسرائيل،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬أشادت‭ ‬به‭ ‬القيادة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ورحبت‭ ‬به‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‮»‬‭. ‬

وفي‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬قرار‭ ‬الحكومة‭ ‬الأسترالية‭ ‬الجديد،‭ ‬‮«‬مفاجأة‮»‬‭. ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬علقت‭ ‬‮«‬بيني‭ ‬وونغ‮»‬،‭ ‬زعيمة‭ ‬المعارضة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬الأسترالي‭ ‬–آنذاك‭- ‬على‭ ‬أن‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬رفض‭ ‬‮«‬اعتراف‭ ‬موريسون‭ ‬أحادي‭ ‬الجانب‮»‬،‭ ‬بالقدس‭ ‬عاصمة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وأنه‭ ‬بمجرد‭ ‬توليه‭ ‬الحكومة،‭ ‬سيسحب‭ ‬هذا‭ ‬القرار،‭ ‬‮«‬والذي‭ ‬وصفته‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬طائش‮»‬،‭ ‬و«مجازفة‭ ‬لن‭ ‬تأتي‭ ‬بمكاسب‮»‬‭ ‬لبلدها‭. ‬وفي‭ ‬أكتوبر‭ ‬2022،‭ ‬أعلنت‭ ‬‮«‬وونغ‮»‬‭ ‬بالفعل،‭ ‬عودة‭ ‬البلاد‭ ‬إلى‭ ‬موقفها‭ ‬‮«‬السابق‭ ‬والقديم‮»‬،‭ ‬نحو‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وهو‭ ‬نهج‭ ‬يعيد‭ ‬ضبط‭ ‬سياسة‭ ‬أستراليا،‭ ‬باعتبار‭ ‬قرار‭ ‬بلادها‭ ‬السابق‭ ‬كان‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬غالبية‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‮»‬‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أكدت‭ ‬وزيرة‭ ‬الخارجية،‭ ‬أن‭ ‬بلادها‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬‮«‬ملتزمة‭ ‬بحل‭ ‬الدولتين‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬‮«‬يتعايش‮»‬‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬والفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬‮«‬سلام‭ ‬وأمن‮»‬،‭ ‬داخل‭ ‬‮«‬حدود‭ ‬مُعترف‭ ‬بها‭ ‬دوليًا‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬حكومتها‭ ‬في‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬دعم‭ ‬نهج‭ ‬يقوض‭ ‬هذا‭ ‬الاحتمال‮»‬‭. ‬وذكرت‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬أسوشيتد‭ ‬برس‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأسترالي،‭ ‬‮«‬أعاد‭ ‬تأكيد‭ ‬ضرورة‭ ‬حل‭ ‬وضع‭ ‬القدس‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والفلسطينيين‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إصرار‭ ‬‮«‬وونغ‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬بلدها‭ ‬‮«‬ستكون‭ ‬دائمًا‭ ‬صديقًا‭ ‬لإسرائيل‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬أكدت‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬ستكون‭ ‬بنفس‭ ‬القدر‭ ‬داعمة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬سياسة‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬متوازنة‭ ‬ومقبولة‭.‬

ومن‭ ‬أجل‭ ‬فهم‭ ‬قرار‭ ‬الحكومة‭ ‬الأسترالية‭ ‬الحالي؛‭ ‬فمن‭ ‬الضروري‭ ‬وضع‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬اتخذه‭ ‬‮«‬موريسون‮»‬‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬في‭ ‬سياقه،‭ ‬حيث‭ ‬ادعى‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬–آنذاك‭- ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالقدس‭ ‬كعاصمة‭ ‬لإسرائيل؛‭ ‬بسبب‭ ‬عقبات‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التغلب‭ ‬عليها‮»‬،‭ ‬أمام‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬والذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬جمود‭ ‬سيء‮»‬،‭ ‬و«التزام‭ ‬مُقيد‭ ‬بالنهج‭ ‬التقليدي‮»‬‭ ‬للتفاوض‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إحلال‭ ‬السلام،‭ ‬مع‭ ‬الوعد‭ ‬بأن‭ ‬يتم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالقدس‭ ‬الشرقية‭ ‬أيضًا‭ ‬عاصمة‭ ‬لدولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقبلا‭.‬

ويبقى‭ ‬واضحًا،‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬‮«‬موريسون‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬قوبل‭ ‬بالرفض‭ -‬في‭ ‬حينه‭- ‬حيث‭ ‬اتهمه‭ ‬المعارضون‭ ‬السياسيون‭ ‬بالانتهازية‭ ‬بإعلانه‭ ‬قراره‭ ‬خلال‭ ‬انتخابات‭ ‬فرعية‭ ‬في‭ ‬ضاحية‭ ‬بمدينة‭ ‬سيدني،‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬ناخبين‭ ‬يهود‭ ‬كثيرين،‭ ‬واتهمه‭ ‬‮«‬بيل‭ ‬شورتن‮»‬،‭ ‬زعيم‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬المعارض‭ ‬–آنذاك‭- ‬بتقديم‭ ‬‮«‬مصلحته‭ ‬السياسية‭ ‬على‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية،‭ ‬ووصف‭ ‬القرار‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬تراجع‭ ‬مذل‮»‬،‭ ‬لسجل‭ ‬بلاده‭ ‬الدبلوماسي‭. ‬وبالمثل،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬ريتشارد‭ ‬دي‭ ‬ناتالي‮»‬،‭ ‬زعيم‭ ‬حزب‭ ‬الخضر‭ ‬–وقتها‭- ‬أنه‭ ‬‮«‬ضربة‭ ‬أخرى‭ ‬لعملية‭ ‬السلام‭ ‬وللشعب‭ ‬الفلسطيني‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬موريسون‮»‬،‭ ‬لم‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬إعلان‭ ‬نقل‭ ‬السفارة‭ ‬الأسترالية‭ ‬من‭ ‬‮«‬تل‭ ‬أبيب‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬القدس،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬وصف‭ ‬الفكرة‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬معقولة‮»‬،‭ ‬وذكر‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬منفتح‮»‬‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭. ‬ومع‭ ‬شرح‭ ‬‮«‬هارت‮»‬‭ ‬لذلك‭ ‬الأمر،‭ ‬أفاد‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬موريسون‮»‬،‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬‮«‬كانبيرا‮»‬،‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬‮«‬أطراف‭ ‬دولية‭ ‬متشددة‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬وصف‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأسترالي‭ ‬السابق،‭ ‬‮«‬كيفين‭ ‬رود‮»‬،‭ ‬احتمال‭ ‬نقل‭ ‬السفارة‭ ‬الأسترالية‭ ‬إلى‭ ‬القدس،‭ ‬بأنه‭ ‬سيكون‭ ‬‮«‬تراجعا‭ ‬سياسيًا‮»‬،‭ ‬يهدف‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬استرضاء‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وجماعات‭ ‬الضغط‭ ‬المحلية‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‮»‬‭.‬

ووفقًا‭ ‬لما‭ ‬ذكرته‭ ‬‮«‬هيئة‭ ‬الإذاعة‭ ‬البريطانية‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬بعد‭ ‬إجراء‭ ‬التصويت‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬موريسون‮»‬،‭ ‬لخروجه‭ ‬من‭ ‬السلطة،‭ ‬و«الهزيمة‭ ‬الانتخابية‭ ‬الكبرى‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬مُني‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2022،‭ ‬واستبداله‭ ‬بزعيم‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬الأسترالي‭ ‬‮«‬أنتوني‭ ‬ألبانيزِ‮»‬؛‭ ‬‮«‬حدوث‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬تجاه‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‮»‬‭. ‬وأوضحت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬العمال‮»‬،‭ ‬أثناء‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬المعارضة،‭ ‬أيد‭ ‬مرتين‭ ‬خلال‭ ‬مؤتمراته‭ ‬الوطنية،‭ ‬قرارات‭ ‬‮«‬الاعتراف‭ ‬بإسرائيل‭ ‬وفلسطين،‭ ‬وحقهما‭ ‬في‭ ‬الوجود،‭ ‬كدولتين‭ ‬داخل‭ ‬حدود‭ ‬آمنة‭ ‬ومعترف‭ ‬بها‮»‬‭. ‬

وبمجرد‭ ‬توليه‭ ‬قيادة‭ ‬الحكومة،‭ ‬رفض‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬العمال‮»‬،‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬بيان‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬تشير‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬قلقة‭ ‬للغاية‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬تحقيق‭ ‬مستقل‭ ‬برعاية‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‮»‬،‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬يدين‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والانتهاكات‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬ويعتبرها‭ ‬‮«‬عوامل‭ ‬رئيسية‭ ‬وراء‭ ‬التوترات‭ ‬المستمرة‭ ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬والصراع‮»‬‭. ‬وأشارت‭ ‬الحكومة‭ ‬الأسترالية‭ ‬المنتخبة‭ ‬حديثًا‭ ‬–حينها‭- ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬انتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‮»‬‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬و«عدم‭ ‬إحراز‭ ‬تقدم‭ ‬نحو‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬العادل‭ ‬والدائم»؛‭ ‬هي‭ ‬الأسباب‭ ‬الكامنة‭ ‬وراء‭ ‬رفض‭ ‬‮«‬كانبيرا‮»‬،‭ ‬دعم‭ ‬الاعتراضات‭ ‬الأمريكية‭. ‬ومن‭ ‬جانبه،‭ ‬أشاد‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأسترالي‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬غاريث‭ ‬إيفانز‮»‬‭ ‬بالقرار،‭ ‬باعتباره‭ ‬يقدم‭ ‬‮«‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬تمامًا‮»‬،‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬أستراليا‭ ‬‮«‬ستتبنى‭ ‬نهجًا‭ ‬لائقًا،‭ ‬ومبدئيًا،‭ ‬ومتوازنًا‭ ‬حيال‭ ‬قضايا‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬‮«‬تأخر‭ ‬كثيرًا‮»‬‭.‬

بالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬قرار‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬العمال‮»‬،‭ ‬بإلغاء‭ ‬اعتراف‭ ‬دولتها‭ ‬بالقدس‭ ‬عاصمة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُنظر‭ ‬إليه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬استمرار‭ ‬لنهجها‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬حيال‭ ‬المنطقة‭. ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتغييرات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تتبناها‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬القرارات‭ ‬المذكورة‭ -‬أعلاه‭ ‬التي‭ ‬أقرتها‭ ‬المؤتمرات‭ ‬الوطنية‭ ‬لحزب‭ ‬العمال‭ ‬الأسترالي‭ ‬عامي‭ ‬2018‭ ‬و2021‭- ‬دعت‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬الاعتراف‭ ‬بفلسطين‭ ‬كدولة‭. ‬‮«‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬دانيال‭ ‬هيرست‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬حذر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬تلك‭ ‬العبارة‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تحدد‭ ‬موعدًا‭ ‬نهائيًا‭ ‬محددًا‮»‬‭ ‬للقيام‭ ‬بذلك،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬وشيكًا‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بردود‭ ‬أفعال‭ ‬المراقبين‭ ‬حول‭ ‬قرار‭ ‬‮«‬كانبيرا‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬جاءت‭ ‬‮«‬داعمة‮»‬،‭ ‬و«مؤيدة‮»‬،‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭. ‬ورحب‭ ‬‮«‬بن‭ ‬سول‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬سيدني‮»‬،‭ ‬به‭ ‬باعتباره‭ ‬‮«‬يعيد‭ ‬أستراليا‭ ‬إلى‭ ‬التوافق‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬وكل‭ ‬المجتمع‭ ‬العالمي‭ ‬تقريبًا‮»‬،‭ ‬مضيفًا‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬القديم‭ ‬كان‭ ‬‮«‬استفزازيًا،‭ ‬ومزعزعًا‭ ‬للاستقرار‮»‬،‭ ‬وأظهر‭ ‬‮«‬الانحياز‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬ضد‭ ‬الحقوق‭ ‬المتساوية‭ ‬للفلسطينيين‮»‬‭. ‬فيما‭ ‬أشاد‭ ‬به‭ ‬‮«‬نـاصـر‭ ‬مـشـنـي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬أسـتـرالـيـون‭ ‬من‭ ‬أجــل‭ ‬فلسطين‮»‬،‭ ‬باعتباره‭ ‬يعيد‭ ‬البلاد‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الإجماع‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬و‮«‬يغير‭ ‬مسارها‭ ‬عن‭ ‬الموقف‭ ‬السياسي‭ ‬الخطير‭ ‬للحكومة‭ ‬السابقة‮»‬‭. ‬وتعقيبا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬قال‭ ‬‮«‬ستيف‭ ‬هندريكس‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬،‭ ‬إن‭ ‬‮«‬أستراليا‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬الدول‭ ‬اعترافا‭ ‬بالقدس‭ ‬عاصمة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬‮«‬تتراجع‭ ‬الآن»؛‭ ‬وبالتالي‭ ‬سيكون‭ ‬هناك‭ ‬احتمالات‭ ‬واضحة‭ ‬حول‭ ‬تفكير‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬بفعل‭ ‬الأمر‭ ‬نفسه‭. ‬

وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬‮«‬كوسوفو‮»‬،‭ ‬و«هندوراس‮»‬،‭ ‬و‮«‬غواتيمالا‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬نقلت‭ ‬سفاراتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬استبعدت‭ ‬فيه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬تلك‭ ‬الخطوة‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬السياسية‭ ‬من‭ ‬الجناح‭ ‬اليساري‭ ‬للحزب‭ ‬الديمقراطي؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬اختارت‭ ‬عدم‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬قرار‭ ‬سابقتها‭ ‬بنقل‭ ‬السفارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬تأكيد‭ ‬دعمها‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬أصبحت،‭ ‬‮«‬معزولة‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬عن‭ ‬الساحة‭ ‬العالمية،‭ ‬بشأن‭ ‬مقاربتها‭ ‬إزاء‭ ‬هذه‭ ‬القضية‮»‬‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬موقف‭ ‬أستراليا‭ ‬تجاه‭ ‬إسرائيل،‭ ‬يتناقض‭ ‬مع‭ ‬مسار‭ ‬‮«‬المملكة‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭. ‬وأشارت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فاينانشيال‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تداعيات‭ ‬احتمال‭ ‬نقل‭ ‬السفارة‭ ‬البريطانية‮»‬،‭ ‬من‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭. ‬وقد‭ ‬قوبلت‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة،‭ ‬بانتقادات‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬شخصيات‭ ‬حكومية،‭ ‬وسياسية‭ ‬رفيعة‭ ‬المستوى‭. ‬وعلق‭ ‬السير‭ ‬‮«‬آلان‭ ‬دنكان‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬لندن‮»‬،‭ ‬ستنقل‭ ‬وجودها‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬إلى‭ ‬القدس،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬‮«‬تدمير‮»‬،‭ ‬سمعة‭ ‬البلاد،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬باحترامها‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬سيقوض‭ ‬‮«‬مكانتنا‭ ‬في‭ ‬العالم‮»‬‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أشار‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السابق،‭ ‬‮«‬أليستير‭ ‬بيرت‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة،‭ ‬‮«‬ستنتهك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬و«تتعارض‭ ‬مع‭ ‬قرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬بشأن‭ ‬احتلال‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‮»‬‭.. ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬تحث‭ ‬لندن‭ ‬‮«‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬بشكل‭ ‬متعدد‭ ‬الأطراف،‭ ‬والوفاء‭ ‬بالتزاماتها‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬‮«‬سيُنظر‭ ‬إليها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬تتراجع‭ ‬عن‭ ‬التزاماتها‮»‬‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬فإنه‭ ‬مع‭ ‬إمكانية‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬التأثيرات‭ ‬النهائية‭ ‬لدور‭ ‬الحكومة‭ ‬الأسترالية‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط؛‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكار،‭ ‬أنه‭ ‬وسط‭ ‬تزايد‭ ‬الدعم‭ ‬الحكومي‭ ‬الغربي‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وتزايد‭ ‬الدعم‭ ‬الشعبي‭ ‬للفلسطينيين؛‭ ‬فإن‭ ‬قرار‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬العمال‮»‬،‭ ‬الحاكم،‭ ‬بإلغاء‭ ‬قرار‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالقدس‭ ‬الغربية‭ ‬عاصمة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هناك‭ ‬حكومات‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬خيار‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬القابل‭ ‬للحياة،‭ ‬وملتزمة‭ ‬بعدم‭ ‬تقويض‭ ‬عملية‭ ‬السلام،‭ ‬عبر‭ ‬اعتماد‭ ‬قرارات‭ ‬تهدف‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬إلى‭ ‬استرضاء‭ ‬شعوبها‭ ‬المحلية‭ ‬ومنظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬فيها‭. ‬

ويبقى‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬القرار‭ ‬الأسترالي،‭ ‬سيؤثر‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬ممن‭ ‬نقلت‭ ‬سفاراتها‭ ‬إلى‭ ‬القدس،‭ ‬لتبني‭ ‬هذا‭ ‬النهج،‭ ‬والاعتراف‭ ‬بالحقوق‭ ‬المشروعة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬والسير‭ ‬مع‭ ‬توجهات‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭.

{ انتهى  }
bottom of page