top of page

08/12/2022

تحديد أسعار للنفط الروسي وتأثيره على أسواق الطاقة العالمية

يبدو‭ ‬أن‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬التقلبات‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية‭ ‬سيصل‭ ‬إلى‭ ‬ذروته‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬عام ‭‬2022،‭ ‬ وسط‭ ‬ما‭ ‬حذر‭ ‬منه‭ ‬ديريك‭ ‬بروير،‭ ‬وديفيد‭ ‬شيبارد،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬فاينانشال‭ ‬تايمز،‭ ‬من‭ ‬انهيار‭ ‬محتمل‭ ‬للنظام‭ ‬القديم‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬العالمية،‭ ‬حيث‭ ‬بدأت‭ ‬أوروبا‭ ‬حظر‭ ‬واردات‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬المنقولة‭ ‬بحرًا‭ ‬من‭ ‬روسيا‭.‬ومن‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭ ‬القيود‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬التأمين‭ ‬على‭ ‬السفن‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬الطاقة‭ ‬الروسية،‭ ‬شرطًا،‭ ‬وهو‭ ‬تحديد‭ ‬سقف‭ ‬للأسعار‭ ‬لنقل‭ ‬النفط‭ ‬الروسي،‭ ‬بهدف‭ ‬معاقبة‭ ‬موسكو‭ ‬على‭ ‬حربها‭ ‬مع‭ ‬أوكرانيا‭.‬

وفي‭ ‬إدراك‭ ‬لذلك،‭ ‬ينتظر‭ ‬المراقبون‭ ‬الغربيون‭ ‬ردود‭ ‬أفعال‭ ‬تحالف‭ ‬أوبك‭ ‬بلس‭ ‬النفطي؛‭ ‬لمعرفة‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬سيتخذها‭ ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬الجهود‭ ‬الغربية‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬العالمية،‭ ‬وسط‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬الخطوات‭ ‬المضادة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المنافسين،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة،‭ ‬واستمرار‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬بشأن‭ ‬مستقبل‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬بروير،‭ ‬وشيبارد،‭ ‬بأنه‭ ‬لحظة‭ ‬الخطر‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭.‬

وفي‭ ‬أحدث‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬روسيا،‭ ‬أوضح‭ ‬جو‭ ‬والاس،‭ ‬وآنا‭ ‬هيرتنشتاين،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال،‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬حظر‭ ‬معظم‭ ‬واردات‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬من‭ ‬روسيا،‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬البحر،‭ ‬مع‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬إضافية‭ ‬اعتبارًا‭ ‬من‭ ‬5‭ ‬فبراير‭ ‬العام‭ ‬القادم،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تحديد‭ ‬الواردات‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الروسي؛‭ ‬ومن‭ ‬المقرر‭ ‬أيضا‭ ‬فرض‭ ‬سقف‭ ‬على‭ ‬صادراتها،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬العقوبات‭ ‬الجديدة‭ ‬ستمنع‭ ‬الشركات‭ ‬من‭ ‬تأمين‭ ‬السفن‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬ثالثة،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يرضخ‭ ‬المتلقون‭ ‬إلى‭ ‬سعر‭ ‬النفط‭ ‬الذي‭ ‬تمليه‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭. ‬وتعليقا‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬وصف‭ ‬بروير،‭ ‬وشيبارد،‭ ‬فكرة‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬أقصى‭ ‬لسعر‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الروسية،‭ ‬بأنها‭ ‬مبادرة‭ ‬مهمة،‭ ‬تستهدف‭ ‬تمويل‭ ‬آلة‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا. ‬

وبالفعل،‭ ‬أُقِر‭ ‬حد‭ ‬أقصى‭ ‬للسعر،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجموعة‭ ‬السبع،‭ ‬ووافق‭ ‬عليه‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي؛‭ ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬ضم‭ ‬روسيا‭ ‬رسميًا‭ ‬لمناطق‭ ‬من‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬نشأ‭ ‬جدال‭ ‬شديد‭ ‬حول‭ ‬التفاصيل‭. ‬وأوضحت‭ ‬ستيفيس،‭ ‬وتانكرسلي،‭ ‬ورابيبورت،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬أن‭ ‬سفراء‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لم‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬تسوية‭ ‬أعلى‭ ‬سعر‭ ‬يُمكن‭ ‬أن‭ ‬يدفعه‭ ‬التجار‭ ‬مقابل‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭ ‬المباع‭ ‬خارج‭ ‬الاتحاد،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬دعت‭ ‬بولندا،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الحد‭ ‬الأقصى‭ ‬للأسعار‭ ‬منخفضًا‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬لمعاقبة‭ ‬روسيا‭. ‬وبالمثل،‭ ‬دعا‭ ‬زيلينسكي‭ ‬إلى‭ ‬نطاق‭ ‬سعر‭ ‬منخفض‭ ‬يتراوح‭ ‬بين‭ ‬30‭-‬40‭ ‬دولارًا‭ ‬لبرميل‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭. ‬وسجلت‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬أن‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬صناعات‭ ‬بحرية‭ ‬–اليونان،‭ ‬وقبرص،‭ ‬ومالطا‭- ‬تطلب‭ ‬سقفًا‭ ‬أعلى‭ ‬للسعر‭ ‬يبلغ‭ ‬65‭ ‬دولارًا،‭ ‬واتفقت‭ ‬معها‭ ‬أيضًا‭ ‬ألمانيا،‭ ‬وفرنسا،‭ ‬وإيطاليا‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬والاس،‭ ‬وهيرتنشتاين،‭ ‬أوضحا‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬تحديد‭ ‬الحد‭ ‬الأقصى‭ ‬عند‭ ‬مستوى‭ ‬منخفض،‭ ‬فإن‭ ‬فرص‭ ‬انتقام‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬تخفيضات‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬تزداد‭. ‬وتم‭ ‬وصف‭ ‬المستوى‭ ‬المرتفع‭ ‬المقترح‭ ‬لسقف‭ ‬السعر‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬بأنه‭ ‬غير‭ ‬فعال‭. ‬ومع‭ ‬تداول‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الروسية‭ ‬حاليًا‭ ‬عند‭ ‬66‭ ‬دولارًا‭ ‬للبرميل،‭ ‬خلصت‭ ‬بلومبرج،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحد‭ ‬الأقصى‭ ‬للسعر‭ ‬يبدو‭ ‬ذو‭ ‬تأثير‭ ‬ضئيل‭ ‬على‭ ‬التجارة‭. ‬ومع‭ ‬مواجهة‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الغربية‭ ‬بالفعل‭ ‬احتمالية‭ ‬حدوث‭ ‬ركود‭ ‬متفاقم‭ ‬جراء‭ ‬ارتفاع‭ ‬تكاليف‭ ‬الطاقة،‭ ‬اقترحت‭ ‬هيليما‭ ‬كروفت،‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬RBC‭ ‬capital‭ ‬markets،‭ ‬أن‭ ‬النقاشات‭ ‬بشأن‭ ‬الأسعار‭ ‬الحالية،‭ ‬تبدو‭ ‬وكأنها‭ ‬تمثل‭ ‬جُهدًا‭ ‬لخفض‭ ‬التضخم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬جهود‭ ‬لخفض‭ ‬الإيرادات‭ ‬الروسية‭.‬

لكن‭ ‬الأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يجب‭ ‬ملاحظة‭ ‬أن‭ ‬الحد‭ ‬الأقصى‭ ‬للسعر‭ ‬النهائي‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذه‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬تخفيضه‭ ‬كثيرًا‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬ينوي‭ ‬قادة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬تقديمه‭ ‬في‭ ‬الأصل‭. ‬وأشار‭ ‬بروير،‭ ‬وشيبارد،‭ ‬إلى‭ ‬ضغوط‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تخفيف‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭. ‬وعند‭ ‬تحليل‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬السياسة،‭ ‬علق‭ ‬بوب‭ ‬ماكنالي‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬رابيدان‭ ‬إنرجي،‭ ‬بأن‭ ‬تمديد‭ ‬حظر‭ ‬التأمين‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الناقلات‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬اضطراب‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬الإمداد‭ ‬وازدياد‭ ‬الأمور‭ ‬سوءًا‭.‬

وفي‭ ‬واقع‭ ‬الأمر،‭ ‬فإن‭ ‬فرض‭ ‬حد‭ ‬أقصى‭ ‬للأسعار‭ ‬له‭ ‬تداعياته‭ ‬على‭ ‬نفوذ‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية‭. ‬ووصفه‭ ‬بروير،‭ ‬وشيبارد،‭ ‬بأنه‭ ‬إذلال‭ ‬لبوتين‭. ‬وتقدِر‭ ‬شركة‭ ‬برنشتاين،‭ ‬أن‭ ‬موسكو‭ ‬قد‭ ‬تتطلب‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬سفينة‭ ‬إضافية‭ ‬مستعدة‭ ‬للعمل‭ ‬دون‭ ‬الغرب؛‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬تدفق‭ ‬عائدات‭ ‬النفط‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬ما‭ ‬يُعرف‭ ‬باسم‭ ‬الأسطول‭ ‬المظلم‭ ‬من‭ ‬ناقلات‭ ‬الدول‭ ‬المتحالفة‭ ‬جيوسياسيًا،‭ ‬مثل‭ ‬إيران،‭ ‬فلا‭ ‬يزال‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬حدوث‭ ‬انخفاض‭ ‬في‭ ‬المعروض‭ ‬من‭ ‬صناعة‭ ‬تصدير‭ ‬الطاقة‭ ‬الروسية‭ ‬الكبيرة‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬الديناميكيات،‭ ‬وصف‭ ‬دوج‭ ‬كينج،‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬RCMA‭ ‬Capital،‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬بأنها‭ ‬تجعل‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬محفوفة‭ ‬بالمخاطر‭ ‬للغاية؛‭ ‬حيث‭ ‬أصبحت‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬النفط‭ ‬متدهورة،‭ ‬جراء‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬منظمة‭ ‬أوبك‭ ‬بلس،‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬روسيا‭ ‬عضوا‭ ‬فيها‭. ‬ومن‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬يستعد‭ ‬وزراء‭ ‬نفط‭ ‬التحالف‭ ‬لعقد‭ ‬اجتماعهم‭ ‬في‭ ‬فيينا‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الشهر‭ ‬القادم‭. ‬وأوضح‭ ‬بروير،‭ ‬وشيبارد،‭ ‬أن‭ ‬تطبيق‭ ‬الحد‭ ‬الأقصى‭ ‬للسعر‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭ ‬المنقولة‭ ‬بحرًا‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬سيترك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬لمناقشتها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أعضاء‭ ‬التحالف‭. ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬أشارت‭ ‬كروفت،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬موسكو،‭ ‬سيكون‭ ‬لديها‭ ‬بوضوح‭ ‬كل‭ ‬الرغبة‭ ‬لجعل‭ ‬هذا‭ ‬الشتاء‭ ‬بائسًا‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬بالنسبة‭ ‬للدول‭ ‬الغربية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬أعضاء‭ ‬بارزين‭ ‬آخرين‭ ‬في‭ ‬أوبك‭ ‬بلس،‭ ‬وعلى‭ ‬الأخص‭ ‬السعودية،‭ ‬جذب‭ ‬اهتمام‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬بضرورة‭ ‬الانتباه‭ ‬نحو‭ ‬خفض‭ ‬التصعيد‭ ‬في‭ ‬المنافسة‭ ‬النفطية‭. ‬وأشارت‭ ‬سمر‭ ‬سعيد،‭ ‬وبنوا‭ ‬فوكون،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬زيادة‭ ‬إنتاج‭ ‬أوبك‭ ‬بمقدار‭ ‬500‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا،‭ ‬سيتم‭ ‬مناقشتها‭ ‬في‭ ‬فيينا،‭ ‬لكن‭ ‬ستظل‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬مجرد‭ ‬توقعات‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬أشار‭ ‬روجر‭ ‬ديوان،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬ستاندرد‭ ‬أند‭ ‬بورز،‭ ‬إلى‭ ‬احتمالات‭ ‬وقوع‭ ‬تحولات‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية‭. ‬وأشارت‭ ‬صحيفة‭ ‬الإيكونوميست،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬تمر‭ ‬بعملية‭ ‬إعادة‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬ضبط‭ ‬علاقتها‭ ‬مع‭ ‬منتجي‭ ‬النفط‭ ‬عالميًا؛‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬شعورها‭ ‬بالإحباط؛‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬رغبة‭ ‬الشركاء‭ ‬المصدرين‭ ‬للنفط‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬حصص‭ ‬إنتاجها‭.‬

وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬بدأت‭ ‬واشنطن،‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬فنزويلا،‭ ‬والتي‭ ‬تمتلك ‭ ‬20%‭ ‬من‭ ‬احتياطيات‭ ‬النفط‭ ‬عالميًا‭. ‬وبينما‭ ‬تتعرض‭ ‬روسيا،‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬فإن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬تعيد‭ ‬التعامل‭ ‬بحذر‭ ‬مع‭ ‬فنزويلا‭ ‬للبدء‭ ‬في‭ ‬إلغاء‭ ‬حزمة‭ ‬كبرى‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭. ‬وأوضحت‭ ‬صحيفة‭ ‬الإيكونوميست،‭ ‬أن‭ ‬واشنطن،‭ ‬منحت‭ ‬شركة‭ ‬النفط‭ ‬الأمريكية‭ ‬العملاقة‭ ‬شيفرون،‭ ‬رخصة‭ ‬لإعادة‭ ‬نشاطها‭ ‬بشأن‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬فنزويلا‭ ‬وتصديره‭ ‬إليها‭. ‬وعلقت‭ ‬الصحيفة،‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬بوتين،‭ ‬فقد‭ ‬تأرجح‭ ‬بندول‭ ‬الجغرافيا‭ ‬السياسية‭ ‬لصالح‭ ‬الرئيس‭ ‬نيكولاس‭ ‬مادورو،‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الستة‭ ‬الماضية،‭ ‬لاسيما‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬التداعيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للحرب‭ ‬الأوكرانية‭. ‬ولعل‭ ‬تكبد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬خسائر‭ ‬عزل‭ ‬فنزويلا،‭ ‬عن‭ ‬أسواق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬دفعها،‭ ‬نحو‭ ‬تسهيل‭ ‬عودتها‭ ‬التدريجية‭ ‬إلى‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬التأثير‭ ‬الفوري‭ ‬لعودة‭ ‬النفط‭ ‬الفنزويلي،‭ ‬إلى‭ ‬أسواق‭ ‬الطاقة‭ ‬بالدول‭ ‬الغربية،‭ ‬غير‭ ‬مؤكد‭. ‬وأشار‭ ‬أنجيل‭ ‬ألفارادو،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬بنسلفانيا،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التأثير‭ ‬سيستغرق‭ ‬وقتًا‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬عندما‭ ‬تبدأ‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الفنزويلية‭ ‬تهدئة‭ ‬مستويات‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬النفط،‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يلبي‭ ‬1%‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المستويات‭ ‬بشكل‭ ‬يومي‭. ‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إشارة‭ ‬والاس،‭ ‬وهيرتنشتاين،‭ ‬إلى‭ ‬كيفية‭ ‬قيام‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬بالفعل‭ ‬باللجوء‭ ‬إلى‭ ‬النفط‭ ‬من‭ ‬بحر‭ ‬الشمال،‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وغرب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للتعويض‭ ‬عن‭ ‬الواردات‭ ‬الروسية‭ ‬الغائبة؛‭ ‬فإن‭ ‬نيل‭ ‬كروسبي،‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬أويل‭ ‬إكس،‭ ‬رأى‭ ‬أن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يستخدم‭ ‬800‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا،‭ ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬منخفض‭ ‬عن‭ ‬مستويات‭ ‬الاستخدام‭ ‬المعتادة‭ ‬له،‭ ‬ليوضح‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬كيف‭ ‬تظل‭ ‬مهام‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الصادرات‭ ‬التاريخية‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬المصادر‭ ‬البديلة،‭ ‬نشطة‭ ‬مع‭ ‬اقتراب‭ ‬شتاء‭ ‬2022‭-‬2023‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بما‭ ‬يعنيه‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأسعار‭ ‬النفط‭ ‬العالمية،‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬المحيط‭ ‬بنوايا‭ ‬وأفعال‭ ‬اللاعبين‭ ‬الرئيسيين‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية،‭ ‬قد‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬مخاوف‭ ‬متزايدة‭ ‬بشأن‭ ‬احتمالات‭ ‬تقلب‭ ‬الأسعار‭ ‬مستقبلًا،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬تشبيه‭ ‬أولي‭ ‬هانسن،‭ ‬من‭ ‬البنك‭ ‬الدنماركي،‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬لسوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي‭ ‬بـ"حقل‭ ‬ألغام‮"‬‭‬

واستمرارًا‭ ‬لهذه‭ ‬الحجة،‭ ‬انخفض‭ ‬سعر‭ ‬برميل‭ ‬خام‭ ‬برنت‭ ‬إلى‭ ‬85‭ ‬دولارًا‭ ‬بنهاية‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022،‭ ‬بعدما‭ ‬كان‭ ‬120‭ ‬دولارًا‭ ‬للبرميل‭ ‬قبل‭ ‬خمسة‭ ‬أشهر‭ ‬فقط‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المستهلكين‭ ‬استفادوا‭ ‬مؤقتًا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الانخفاض‭ ‬قبل‭ ‬الشتاء،‭ ‬فقد‭ ‬أكدت‭ ‬صحيفة‭ ‬فايننشال‭ ‬تايمز،‭ ‬أن‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬أعلى‭ ‬مما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2015‭ ‬و2021،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬تداول‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬يقارب‭ ‬خمسة‭ ‬أضعاف‭ ‬المعيار‭ ‬التاريخي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬الاقتصادات‭ ‬العالمية‭ ‬ويزيد‭ ‬مستويات‭ ‬التضخم‭. ‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬محاولة‭ ‬الغرب‭ ‬حظر‭ ‬أو‭ ‬تحديد‭ ‬سقف‭ ‬لأسعار‭ ‬النفط‭ ‬الروسي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الاستجابة‭ ‬المتوقعة‭ ‬اللاحقة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أوبك‭ ‬بلس؛‭ ‬أشار‭ ‬مايكل‭ ‬هاي،‭ ‬من‭ ‬بنك‭ ‬سوسيتيه‭ ‬جنرال،‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬تحليل‭ ‬الأحداث‭ ‬القادمة؛‭ ‬لأنها‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تضغط‭ ‬على‭ ‬الأسعار‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬للغاية‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬مع‭ ‬تأكيد‭ ‬أوروبا‭ ‬على‭ ‬رغبتها‭ ‬في‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الاعتماد‭ ‬التاريخي‭ ‬على‭ ‬واردات‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الروسية،‭ ‬فقد‭ ‬سعت‭ ‬لفرض‭ ‬حد‭ ‬أقصى‭ ‬لسعر‭ ‬مبيعات‭ ‬الأخيرة‭ ‬النفطية‭ ‬لمعاقبتها،‭ ‬فيما‭ ‬بدأت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالتواصل‭ ‬مع‭ ‬فنزويلا،‭ ‬الغنية‭ ‬بالنفط،‭ ‬وبحسب‭ ‬ما‭ ‬ذكرت‭ ‬الإيكونوميست،‭ ‬فإن‭ ‬الغرب‭ ‬بالفعل‭ ‬يعيد‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬علاقته‭ ‬مع‭ ‬المصدرين‭ ‬للطاقة‭ ‬الرئيسيين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭. ‬وعليه،‭ ‬فإنه‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬أسواق‭ ‬النفط‭ ‬العالمية،‭ ‬تمر‭ ‬بفترة‭ ‬من‭ ‬التغييرات‭ ‬الجيوسياسية،‭ ‬وكما‭ ‬توقع‭ ‬ديوان،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬دراماتيكية،‭ ‬وكذلك‭ ‬تصادمية،‭ ‬ومتقلبة‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬استنتج‭ ‬بروير،‭ ‬وشيبارد،‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأحد‭ ‬أن‭ ‬يؤكد‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬قد‭ ‬تلحق‭ ‬القيود‭ ‬الغربية‭ ‬الإضافية‭ ‬الضرر‭ ‬بصادرات‭ ‬النفط‭ ‬الروسية‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإجراءات‭ ‬الحالية‭ ‬بالكاد‭ ‬أثرت‭ ‬على‭ ‬عائداتها‭ ‬النفطية،‭ ‬وفشلت‭ ‬في‭ ‬الضغط‭ ‬عليها‭ ‬لوقف‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭.‬

{ انتهى  }
bottom of page