top of page

12/12/2022

من يعطل حل الأزمة اليمنية؟

أعلن‭ ‬الأسطول‭ ‬الخامس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬ضبط‭ ‬سفينة‭ ‬صيد‭ ‬في‭ ‬خليج‭ ‬عُمان،‭ ‬كانت‭ ‬تهرب‭ ‬ذخائر‭ ‬ووقودا‭ ‬للصواريخ‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬اليمن،‭ ‬ويزيد‭ ‬وزن‭ ‬هذه‭ ‬الشحنة‭ ‬عن‭ ‬50‭ ‬طنا،‭ ‬وهي‭ ‬الشحنة‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬ضبطها‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬شهر‭ ‬واحد‭. ‬ووفق‭ ‬بيان‭ ‬قائد‭ ‬الأسطول‭ ‬الخامس،‭ ‬الأدميرال‭ ‬‮"‬براد‭ ‬كوبر‮"‬،‭ ‬فإن‭ ‬اعتراض‭ ‬السفينة‭ ‬يُظهر‭ ‬بوضوح‭ ‬استمرار‭ ‬سياسة‭ ‬‮"‬إيران‮"‬،‭ ‬وسلوكها‭ ‬المزعزع‭ ‬للاستقرار،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬التوريد‭ ‬المباشر‭ ‬وغير‭ ‬المباشر‭ ‬للأسلحة،‭ ‬أو‭ ‬بيعها‭ ‬أو‭ ‬نقلها‭ ‬إلى‭ ‬الحوثيين‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬ينتهك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وقرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬ذا‭ ‬الصلة‭. ‬وفي‭ ‬فبراير‭ ‬2022،‭ ‬أصدر‭ ‬‮"‬مجلس‭ ‬الأمن‮"‬،‭ ‬حظرا‭ ‬على‭ ‬إيصال‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬اليمن،‭ ‬يشمل‭ ‬منع‭ ‬جميع‭ ‬مليشيات‭ ‬الحوثي،‭ ‬بعدما‭ ‬كان‭ ‬مقتصرًا‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬أفراد‭ ‬وشركات‭ ‬محددة‭.‬

ويبقى‭ ‬واضحًا،‭ ‬أن‭ ‬عمليات‭ ‬تهريب‭ ‬الأسلحة‭ ‬الإيرانية‭ ‬إلى‭ ‬الحوثيين‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬قد‭ ‬تواترت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية؛‭ ‬ما‭ ‬هدد‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة،‭ ‬والأمن‭ ‬الدولي‭. ‬ونخص‭ ‬هنا‭ ‬فقط‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬ضبطه‭ ‬وتوثيقه‭ ‬رسميًا‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مسارات‭ ‬خفية‭ ‬عبر‭ ‬الدروب‭ ‬البرية‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭. ‬وفي‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022،‭ ‬ضبطت‭ ‬‮"‬البحرية‭ ‬الأمريكية‮"‬،‭ ‬سفينة‭ ‬صيد‭ ‬تحمل‭ ‬على‭ ‬متنها‭ ‬كمية‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬المتفجرة‭ ‬آتية‭ ‬من‭ ‬إيران،‭ ‬شملت‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬كولورات‭ ‬الأمونيوم،‭ ‬وسماد‭ ‬اليوريا،‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬المتفجرات‭. ‬وفي‭ ‬23‭ ‬ديسمبر2021،‭ ‬ضبطت‭ ‬شحنة‭ ‬أسلحة‭ ‬إيرانية‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬لمليشيات‭ ‬الحوثي‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬تتألف‭ ‬من‭ ‬1400‭ ‬بندقية‭ ‬هجومية،‭ ‬ونحو‭ ‬ربع‭ ‬مليون‭ ‬طلقة‭ ‬ذخيرة‭. ‬وقبلها‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬شحنة‭ ‬أسلحة‭ ‬آتية‭ ‬من‭ ‬بندر‭ ‬عباس،‭ ‬وبعدها‭ ‬شحنة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2022‭.‬

ووفقا‭ ‬لتقرير‭ ‬أصدره‭ ‬‮"‬مجلس‭ ‬الأمن‮"‬‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2022،‭ ‬فإن‭ ‬المصدر‭ ‬الرئيسي‭ ‬للأسلحة‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬للحوثيين‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ -‬وتشمل‭ ‬آلاف‭ ‬منصات‭ ‬إطلاق‭ ‬الصواريخ‭ ‬والأسلحة‭ ‬الآلية‭ ‬وغيرها،‭ ‬والتي‭ ‬ضبطها‭ ‬الأسطول‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬العرب‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭- ‬هو‭ ‬ميناء‭ ‬تابع‭ ‬للأسطول‭ ‬الإيراني‭. ‬ويعد‭ ‬هذا‭ ‬التقرير،‭ ‬‮"‬وثيقة‭ ‬تفصيلية‮"‬،‭ ‬حول‭ ‬تهريب‭ ‬طهران‭ ‬للأسلحة‭ ‬للحوثيين‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬ومليشيات‭ ‬لها‭ ‬تابعة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى،‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬شهادات‭ ‬بحارة‭ ‬السفن‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بنقل‭ ‬هذا‭ ‬السلاح‭ ‬إلى‭ ‬اليمن‭ ‬وغيرها‭. ‬

واستمرارًا‭ ‬لهذه‭ ‬الحجة،‭ ‬كشف‭ ‬التسجيل‭ ‬المرئي‭ ‬الذي‭ ‬نشره‭ ‬‮"‬التحالف‭ ‬العربي‭ ‬لدعم‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬اليمن‮"‬،‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬ديسمبر‭ ‬2021،‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬خبراء‭ ‬من‭ ‬‮"‬حزب‭ ‬الله‮"‬،‭ ‬اللبناني‭ ‬يتولون‭ ‬إطلاق‭ ‬الطائرات‭ ‬والصواريخ‭ ‬الباليستية‭. ‬وبالفعل،‭ ‬كانت‭ ‬إيران‭ ‬قد‭ ‬اعترفت‭ ‬في‭ ‬3‭ ‬يناير‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬العام،‭ ‬بدعمها‭ ‬الصريح‭ ‬لمليشيات‭ ‬الحوثي‭. ‬ووصف‭ ‬قائد‭ ‬فيلق‭ ‬القدس‭ -‬الذراع‭ ‬الدولية‭ ‬للحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭- ‬الحوثيين‭ ‬بأنهم‭ ‬أولاد‭ ‬ثقافة‭ ‬المقاومة،‭ ‬وأنهم‭ ‬لم‭ ‬يمتلكوا‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬غير‭ ‬أسلحة‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬كلاشينكوف،‭ ‬وأر‭ ‬بي‭ ‬جيه،‭ ‬لكنهم‭ ‬الآن‭ ‬يصنعون‭ ‬صواريخ‭ ‬يصل‭ ‬مداها‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1000كم،‭ ‬وطائرات‭ ‬دون‭ ‬طيار‭.‬

وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الأسطول‭ ‬الأمريكي‭ ‬فقط‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬ضبط‭ ‬أسلحة‭ ‬إيرانية‭ ‬مهربة‭ ‬إلى‭ ‬الحوثيين‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬‮"‬البحرية‭ ‬البريطانية‮"‬،‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬أعلنت‭ ‬في‭ ‬يوليو2022،‭ ‬مصادرتها‭ ‬شحنة‭ ‬أسلحة‭ ‬إيرانية‭ ‬من‭ ‬مهربين،‭ ‬كانوا‭ ‬يقومون‭ ‬بنقلها‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬الدولية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬زوارق‭ ‬سريعة،‭ ‬وحينها‭ ‬وجهت‭ ‬طهران‭ ‬انتقادات‭ ‬حادة‭ ‬للندن،‭ ‬واتهمتها‭ ‬بالتواطؤ‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬اليمن‭.‬

وفيما‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬تأكد‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬‮"‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‮"‬،‭ ‬و"المملكة‭ ‬المتحدة‮"‬،‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬هي‭ ‬الذراع‭ ‬المغذية‭ ‬للحوثيين‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬وأن‭ ‬تهريب‭ ‬الأسلحة‭ ‬منها‭ ‬إليهم،‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يقوي‭ ‬شوكتهم،‭ ‬بل‭ ‬ويحفزهم‭ ‬بإيعاز‭ ‬منها‭ ‬للقيام‭ ‬بأعمال‭ ‬عدائية‭ ‬ضد‭ ‬جيرانهم،‭ ‬ويتسبب‭ ‬في‭ ‬تعطيل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬للأزمة‭ ‬اليمنية‭ -‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬اليمن‭ ‬تحت‭ ‬سيطرة‭ ‬الحوثيين‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬المشروع‭ ‬التوسعي‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭- ‬فإن‭ ‬تحرك‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬ضد‭ ‬السلوك‭ ‬الإيراني،‭ ‬لم‭ ‬يكتسب‭ ‬‮"‬الحزم‭ ‬المطلوب‮"‬،‭ ‬وليس‭ ‬به‭ ‬أي‭ ‬آلية‭ ‬أو‭ ‬خطة‭ ‬لردعه،‭ ‬فيما‭ ‬شكل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬نقطة‭ ‬ضعف‭ ‬دولية،‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬إطالة‭ ‬أمد‭ ‬الأزمة‭ ‬اليمنية،‭ ‬التي‭ ‬دفع‭ ‬الشعب‭ ‬اليمني‭ ‬ثمنها‭.‬

وفي‭ ‬تأييد‭ ‬لهذا‭ ‬الرأي،‭ ‬ففي‭ ‬حين،‭ ‬أن‭ ‬‮"‬إدارة‭ ‬ترامب‮"‬،‭ ‬كانت‭ ‬تصنف‭ ‬‮"‬الحوثيين‮"‬،‭ ‬كجماعة‭ ‬إرهابية،‭ ‬وحملتها‭ ‬مسؤولية‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الإرهابية،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬هجمات‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود‭ ‬تهدد‭ ‬مدنيين‭ ‬وبنى‭ ‬تحتية؛‭ ‬فإن‭ ‬‮"‬إدارة‭ ‬بايدن‮"‬،‭ ‬قررت‭ ‬رفعها‭ ‬من‭ ‬قائمة‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الأجنبية‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬فبراير‭ ‬2021‭. ‬وردا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬القرار،‭ ‬انتقد‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السابق‭ ‬‮"‬مايك‭ ‬بومبيو‮"‬،‭ ‬موقف‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬من‭ ‬الحوثيين،‭ ‬بعدما‭ ‬أدت‭ ‬تصريحاتها‭ ‬بأنهم‭ ‬ليسوا‭ ‬جماعة‭ ‬إرهابية،‭ ‬إلى‭ ‬تحفيزها‭ ‬للقيام‭ ‬بهجمات‭ ‬صاروخية‭ ‬على‭ ‬مطار‭ ‬أبو‭ ‬ظبي‭ ‬الدولي،‭ ‬والمنطقة‭ ‬الجنوبية‭ ‬السعودية‭.‬

وعليه،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬قد‭ ‬أطال‭ ‬أمد‭ ‬الموقف‭ ‬المتأزم‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬والذي‭ ‬تسبب‭ ‬فيه‭ ‬استيلاء‭ ‬الحوثيين‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬صنعاء،‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬نحو‭ ‬ربع‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬ومواجهة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬السكان‭ ‬مستويات‭ ‬حادة‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬فيما‭ ‬استمرت‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الحوثية‭ ‬على‭ ‬مقدرات‭ ‬الشعب‭ ‬اليمني،‭ ‬وممرات‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية،‭ ‬والأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الإقليمي‭.‬

وفيما‭ ‬لم‭ ‬يقدم‭ ‬رفع‭ ‬‮"‬بايدن‮"‬،‭ ‬لجماعة‭ ‬الحوثيين‭ ‬من‭ ‬قائمة‭ ‬المنظمات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬شيئًا‭ ‬يُذكر‭ ‬لتحسين‭ ‬الوضع‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬اليمن؛‭ ‬فقد‭ ‬دعت‭ ‬مجموعة‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬17‭ ‬عضوًا‭ ‬بالكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2022،‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬تصنيف‭ ‬مليشيات‭ ‬الحوثي،‭ ‬‮"‬منظمة‭ ‬إرهابية‮"‬،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬عقب‭ ‬قراره،‭ ‬حولت‭ ‬المليشيات‭ ‬الحوثية‭ ‬المدن‭ ‬اليمنية‭ ‬إلى‭ ‬ساحات‭ ‬معارك،‭ ‬وزجت‭ ‬بعشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬عناصرها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أعمال‭ ‬القرصنة‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر،‭ ‬وتصعيد‭ ‬استهداف‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬بصواريخ‭ ‬باليستية‭.‬

يأتي‭ ‬هذا‭ ‬فيما‭ ‬أعلنت‭ ‬‮"‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‮"‬،‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2022،‭ ‬أن‭ ‬الهجمات‭ ‬الحوثية‭ ‬تعوق‭ ‬الحل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬وأنها‭ ‬لن‭ ‬تتردد‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬قيادات‭ ‬الحوثيين‭. ‬وكشفت‭ ‬تقارير‭ ‬أن‭ ‬‮"‬إدارة‭ ‬بايدن‮"‬،‭ ‬بصدد‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬مالية‭ ‬على‭ ‬مليشيات‭ ‬الحوثي‭ ‬وقيادتها‭. ‬وعقب‭ ‬هجمات‭ ‬الحوثي‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬‮"‬أبها‮"‬‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2022،‭ ‬أكد‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬‮"‬جيبك‭ ‬سولفان‮"‬،‭ ‬أن‭ ‬‮"‬واشنطن‮"‬،‭ ‬ملتزمة‭ ‬بدعم‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬شعبها‭ ‬وأرضها‭ ‬ضد‭ ‬هجمات‭ ‬مليشيا‭ ‬الحوثي،‭ ‬وأدانت‭ ‬بشدة‭ ‬إطلاقها‭ ‬طائرة‭ ‬مسيرة‭ ‬تجاه‭ ‬مطار‭ ‬أبها‭. ‬

ومرددًا‭ ‬هذه‭ ‬المخاوف،‭ ‬أعلن‭ ‬‮"‬بايدن‮"‬،‭ ‬حينها‭ ‬أن‭ ‬إعادة‭ ‬تصنيف‭ ‬الحوثيين،‭ ‬كمنظمة‭ ‬إرهابية‭ ‬قيد‭ ‬النظر‭. ‬وخلال‭ ‬اتصال‭ ‬هاتفي‭ ‬له‭ ‬مع‭ ‬العاهل‭ ‬السعودي‭ ‬الملك‭ ‬‮"‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‮"‬،‭ ‬أكد‭ ‬التزامه‭ ‬بدعم‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬شعبها‭ ‬وأرضها‭. ‬فيما‭ ‬أكد‭ ‬زعيم‭ ‬الأقلية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬الأمريكي،‭ ‬‮"‬ميتش‭ ‬ماكو‭ ‬نيل‮"‬،‭ ‬أن‭ ‬رفع‭ ‬مليشيات‭ ‬الحوثي‭ ‬من‭ ‬قائمة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬قد‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬هجماتها،‭ ‬وأن‭ ‬عدم‭ ‬الرد‭ ‬بقوة‭ ‬على‭ ‬هجماتها‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬ضد‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬المخاطر‭ ‬على‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬فيما‭ ‬أرجع‭ ‬قائد‭ ‬المنطقة‭ ‬المركزية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬سبع‭ ‬سنوات‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬إيران‭ ‬للحوثيين‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي،‭ ‬تأكد‭ ‬أن‭ ‬الحوثيين‭ ‬ليسوا‭ ‬جادين‭ ‬في‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬سلمي‭ ‬للحرب‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬فلم‭ ‬يظهروا‭ ‬أي‭ ‬اهتمام‭ ‬بعملية‭ ‬سلام،‭ ‬أو‭ ‬بمسألة‭ ‬تفاوضية،‭ ‬ولم‭ ‬ينخرطوا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬جهد‭ ‬لتحقيق‭ ‬تسوية‭ ‬للأزمة،‭ ‬بل‭ ‬وعبرت‭ ‬بياناتهم‭ ‬ومواقفهم‭ ‬العملية‭ ‬عن‭ ‬تعنت‭ ‬شديد‭ ‬يربط‭ ‬أي‭ ‬محادثات‭ ‬سلام‭ ‬بالاستجابة‭ ‬لمطالبهم،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنهم‭ ‬غير‭ ‬مستعدين‭ ‬لتقديم‭ ‬تنازلات‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬مسائل‭ ‬التدابير‭ ‬الإنسانية،‭ ‬كفك‭ ‬حصار‭ ‬مدينة‭ ‬‮"‬تعز‮"‬‭ ‬الذي‭ ‬دام‭ ‬سنوات،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬المسائل‭ ‬السياسية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتقاسم‭ ‬السلطة‭ ‬والحكم،‭ ‬ووضع‭ ‬نظام‭ ‬سياسي‭ ‬يمكن‭ ‬لجميع‭ ‬اليمنيين‭ ‬الموافقة‭ ‬عليه،‭ ‬فهم‭ ‬يمتلكون‭ ‬حاليًا‭ -‬بالدعم‭ ‬الإيراني‭- ‬السلطة‭ ‬كلها،‭ ‬ولا‭ ‬يتعرضون‭ ‬لضغط‭ ‬دولي‭ ‬جاد‭ ‬يجعلهم‭ ‬يتنازلون،‭ ‬فلماذا‭ ‬إذن‭ ‬يخسرون‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬السلطة‭.‬

ومع‭ ‬وجود‭ ‬مؤشرات‭ ‬قد‭ ‬تدعم‭ ‬قيام‭ ‬‮"‬إيران‮"‬،‭ ‬بالضغط‭ ‬على‭ ‬الحوثيين،‭ ‬كعودة‭ ‬سفيري‭ ‬الإمارات‭ ‬والكويت‭ ‬إلى‭ ‬طهران،‭ ‬واقتراحات‭ ‬السعودية‭ ‬لنقل‭ ‬الحوار‭ ‬الثنائي‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬المستوى‭ ‬الوزاري،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬وجود‭ ‬قنوات‭ ‬ثنائية‭ ‬للتواصل‭ ‬بينهما،‭ ‬وفرص‭ ‬للضغط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التعاون‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭ ‬السياسية‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬‮"‬إيران‮"‬،‭ ‬قد‭ ‬أوجدت‭ ‬داخل‭ ‬مجموعة‭ ‬الحوثيين‭ ‬الحاكمة‭ ‬في‭ ‬صنعاء،‭ ‬‮"‬فريقًا‮"‬،‭ ‬يتظاهر‭ ‬أن‭ ‬قوته‭ ‬لا‭ ‬ترجع‭ ‬إلى‭ ‬مساندتها‭ ‬له،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يستجيب‭ ‬لضغطها،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬شحنات‭ ‬الأسلحة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬ضبطها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأسطولين‭ ‬الأمريكي‭ ‬والبريطاني،‭ ‬تعني‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬جادة‭ ‬في‭ ‬حمل‭ ‬الحوثيين‭ ‬على‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل،‭ ‬وقد‭ ‬تتعلل‭ ‬أنها‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬قدرة‭ ‬الضغط‭ ‬عليهم‭. ‬وعلى‭ ‬إيران‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬جادة‭ ‬أن‭ ‬تسحب‭ ‬عناصر‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬التابع‭ ‬لها،‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭ ‬من‭ ‬اليمن،‭ ‬وأن‭ ‬تنهي‭ ‬إمدادات‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬الحوثيين‭.‬

وبالفعل،‭ ‬بيّن‭ ‬تواتر‭ ‬تهريب‭ ‬إيران‭ ‬للأسلحة‭ ‬للحوثيين،‭ ‬أنهم‭ ‬قد‭ ‬اعتبروا‭ ‬الهدنة‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬ستة‭ ‬أشهر،‭ ‬وانتهت‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2022‭ ‬دون‭ ‬تجديد؛‭ ‬فرصة‭ ‬لتعزيز‭ ‬أوضاعهم‭ ‬العسكرية،‭ ‬وليست‭ ‬فرصة‭ ‬ممهدة‭ ‬للسلام‭ ‬وحل‭ ‬النزاع‭ ‬المستمر‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬حيث‭ ‬رفض‭ ‬‮"‬الحوثيون‮"‬،‭ ‬خطة‭ ‬المبعوث‭ ‬الأممي‭ ‬لتمديد‭ ‬الهدنة‭ ‬وتوسيعها،‭ ‬وفرضوا‭ ‬مطالب‭ ‬تعجيزية،‭ ‬كدفع‭ ‬رواتب‭ ‬المدنيين‭ ‬والعسكريين‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الخاضعة‭ ‬لسيطرتهم،‭ ‬ودخول‭ ‬الشحنات‭ ‬النفطية‭ ‬والسفن‭ ‬التجارية‭ ‬لهم،‭ ‬أي‭ ‬إنهم‭ ‬باختصار‭ ‬طالبوا‭ ‬دعمهم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعد‭ ‬تنازلا‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬أي‭ ‬محادثات‭ ‬سلام‭ ‬منتظمة،‭ ‬معتقدين‭ -‬بسبب‭ ‬الدعم‭ ‬الإيراني‭- ‬أنهم‭ ‬الطرف‭ ‬الأقوى،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬موقف‭ ‬أمريكي‭ ‬ودولي‭ ‬يكفي‭ ‬لحمل‭ ‬إيران‭ ‬وأتباعها‭ ‬من‭ ‬الحوثيين،‭ ‬إلى‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬متوازن‭ ‬ينهي‭ ‬الأزمة‭ ‬اليمنية،‭ ‬وينقذ‭ ‬الشعب‭ ‬اليمني‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬يبدو‭ ‬الموقف‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬معقدا؛‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أن‭ ‬‮"‬إيران‮"‬،‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬موقفها‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬ورفع‭ ‬العقوبات‭ ‬الأمريكية‭ ‬عنها،‭ ‬وتركها‭ ‬تبسط‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وعليه،‭ ‬فشلت‭ ‬جهود‭ ‬تمديد‭ ‬الهدنة‭ ‬رسميًا‭ ‬برغم‭ ‬موافقة‭ ‬الحكومة‭ ‬الشرعية‭ ‬عليها،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬رفضها‭ ‬الحوثيون،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬تجددت‭ ‬المعارك‭ ‬بين‭ ‬قوات‭ ‬الجيش‭ ‬اليمني‭ ‬ومليشيا‭ ‬الحوثي،‭ ‬وواصلت‭ ‬الأخيرة‭ ‬انتهاج‭ ‬لغة‭ ‬العنف‭ ‬والتهرب‭ ‬من‭ ‬دعوات‭ ‬السلام،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬تدفق‭ ‬الأسلحة‭ ‬الإيرانية‭ ‬إليها‭ ‬جعلها‭ ‬تضع‭ ‬موافقتها‭ ‬على‭ ‬الهدنة،‭ ‬مقابل‭ ‬منحهم‭ ‬وضعًا‭ ‬طبيعيًا‭ ‬متكاملاً‭ ‬واقتسام‭ ‬عائدات‭ ‬النفط‭. ‬

ومع‭ ‬استمرار‭ ‬تدفق‭ ‬الأسلحة‭ ‬الإيرانية‭ ‬إلى‭ ‬جماعة‭ ‬الحوثي،‭ ‬فإنها‭ ‬تواصل‭ ‬عمليات‭ ‬الابتزاز‭ ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تريد‭ ‬وافقت‭ ‬على‭ ‬هدنة‭ ‬ثانية‭ ‬بشروط‭ ‬جديدة‭ ‬وهكذا،‭ ‬معلنة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تصرح‭.. ‬أن‭ ‬الحل‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬صنعاء‭.‬

{ انتهى  }
bottom of page