14/12/2022
كيف يرى الغرب الحكومة اليمينية الجديدة في إسرائيل؟
جاءت نتيجة الانتخابات الإسرائيلية في نوفمبر 2022، بإعلان تشكيل الحكومة اليمينية الأكثر تطرفا في البلاد. وعلى الرغم من أن تشكيل الائتلاف الذي سيقوده "بنيامين نتنياهو"، من حزب الليكود، لم يتم الانتهاء منه بعد -مع طلب رئيس الوزراء الجديد مزيدًا من الوقت لاستكمال مفاوضاته مع الأحزاب الأخرى- فمن المعروف فعليًّا أن حكومته ستضم العديد من القوميين المتطرفين، الذين أشار إليهم "جيمس شوتر"، في صحيفة "فاينانشال تايمز"، بأنهم معروفون جيدًا "بخطابهم المعادي للعرب والفلسطينيين".
وعلى نطاق واسع، شجب المحللون الغربيون الطابع السياسي للحكومة الجديدة، وتأثيرها المحتمل في عملية السلام بالشرق الأوسط، وبشكل خاص على حقوق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. وقال "آرون ميللر"، من "مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي"، و"دانيال كيرتزر"، من "جامعة برينستون"، إن التحالف "راديكالي"، فيما وصفت صحيفة "الجارديان"، التطرف اليميني بأنه "تهديد داخلي لإسرائيل".
وعلى وجه الخصوص، تمت الإشارة إلى تعيين سياسيين من اليمين المتطرف لهم تاريخ طويل من التصريحات والأفعال المعادية لحقوق الفلسطينيين، مع ترشيح "إيتمار بن غفير"، زعيم حزب "القوة اليهودية"، و"بتسلئيل سموتريتش"، من حزب "الصهيونية الدينية"، لتبوء مناصب "مؤثرة" في الحكومة. وردا على ذلك، حذرت صحيفة "الجارديان"، من أن "نتنياهو"، "يلعب بالنار من خلال اختياره قوميين متطرفين لمناصب أمنية مهمة". لكن مع استمرار اتهامات الفساد التي تلاحقه، ومع حزب الليكود الذي يتزعمه أيضًا من دون أغلبية في الكنيست، أشار "شوتر"، إلى أن القوميين المتطرفين، مثل "بن غفير"، و"سموتريتش"، يمتلكون "وضعا أفضل ليطالبوا بأدوار من شأنها منحهم نفوذاً كبيراً، فيما يخص العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
وتعليقا على ذلك، أشارت "إيزابيل كيرشنر"، في صحيفة "نيويورك تايمز"، إلى كيف مُنح "بتسلئيل سموتريتش" -الذي يسعى إلى ضم الضفة الغربية، وبناء مستوطنات جديدة في الأراضي المحتلة- "نفوذا سياسيا"، من خلال تعيينه وزيرا للمالية، بينما عُين "بن غفير" -الذي أدين سابقا بالتحريض على العنصرية- وزيرا للأمن القومي، وهو المنصب الذي سيمنحه "نفوذا هائلا"، على سياسات إسرائيل في الأراضي المحتلة، واستخدام القوة ضد المدنيين الفلسطينيين. ومع تسجيل "شوتر"، كيفية استفادة الأخير من منصبه الوزاري وتعزيز سلطاته لتشمل السيطرة على قوات "شرطة الحدود"؛ أشارت "كيرشنر"، إلى إثارته بالفعل "نزاعًا شديدًا بين كبار الضباط والحكومة المغادرة والقادمة؛ حول مسألة تسييس الجيش"، بعد ما قدمه من دعم علني للجنود الذين تم تأديبهم بسبب ما اقترفوه من انتهاكات.
وتماشيًا مع الانتقادات التي وجهت لتعيين مثل هذه الشخصيات في مناصب يمكن أن تزيد من التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين؛ فقد تمت إدانة دور "نتنياهو"، في هذا الشأن. وانتقدته صحيفة "الجارديان"، باعتباره "السبب المباشر لوجود المتطرفين في الحكومة الجديدة"، مستنكرة كيف يبدو "مستعدا لدفع أي ثمن" لتهدئة مشاكله القانونية، وما يلاحقه من تهم فساد.
علاوة على ذلك، تمت الإشارة إلى الصعود السياسي للمتطرفين، مثل "بن غفير"، و"سموتريتش"، على أنه انعكاس لما وصفته صحيفة "الجارديان"، بأنه "تطور مؤسف" للمنحى الذي تتجه إليه "السياسة الإسرائيلية". ونظرًا إلى أن ما يصل إلى 60% من الناخبين الإسرائيليين يعتبرون الآن أنفسهم يمينيين -وهو رقم يكاد يرتفع إلى نسبة الـ70% من الشباب الإسرائيلي بأكمله- فقد أوضحت "داليا شيندلين"، من "مؤسسة القرن"، أن الانتخابات كانت "نقطة تحول"، حيث أظهرت مدى التزام المرشحين المتطرفين، "علنًا"، بـ"تقويض المؤسسات الديمقراطية، والدفع باتجاه ضم الضفة الغربية".
أما بالنسبة إلى مستقبل عملية السلام في الشرق الأوسط، ووضع الفلسطينيين حيالها، فليس غريبًا أن تكون التحليلات الغربية "متشائمة". وكتب "ميللر"، و"كيرتزر"، إنه "على الأقل فإن تقوية شوكة القوميين المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية، يهدد بإلغاء خيار حل الدولتين المحتضر بالفعل". وأضافت صحيفة "الجارديان"، أن هناك "مهزلة" قد ترتكبها إسرائيل من خلال إقدامها على احتلال مزيد من الأراضي الفلسطينية، معتبرة ذلك الأمر بأنه "شكل من أشكال الفصل العنصري"، متوقعة بشكل كبير أنه إذا تم تنفيذ إصلاحات اليمينيين، فإن "الانتفاضة الثالثة، لن تكون بعيدة الحدوث".
وفيما يتعلق بردود الفعل الغربية تجاه إسرائيل ردا على التعيينات الوزارية في الحكومة الجديدة. ففي حين جرت مناقشات على مستوى عال في "واشنطن"، حول مستقبل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، فقد وصف المتحدث باسم "الخارجية الأمريكية"، "نيد برايس"، خطاب "بن غفير"، أمام النصب التذكاري للحاخام المتطرف "مائير كاهانا" في القدس، بأنه "مقيت"، معربًا عن امتناع "إدارة بايدن"، حتى الآن عن اتخاذ إجراءات ملموسة لتغيير علاقاتها، وفي الوقت نفسه عدم حدوث تغيير في مستوى الدعم المالي والعسكري المقدم المتوقع لإسرائيل.
وحول ما يجب أن تفعله "الولايات المتحدة"، ردًا على تعيين الحكومة اليمينية المتطرفة، حث "ميللر" و"كيرتزر"، البيت الأبيض على "الرد بجرأة"، من خلال إرسال "رسائل واضحة" ضد السياسات المتطرفة ومحاولات الضم المعادية للأراضي الفلسطينية. وبالتحديد من خلال الكف عن توفير أسلحة هجومية "للهجمات الإسرائيلية في كل من القدس أو الأراضي المحتلة"، وكذلك "التحذير العلني من الجهود المبذولة لتغيير وضع الضفة الغربية".
علاوة على ذلك، أشار الباحثان إلى ضرورة ألا يكون للمسؤولين الأمريكيين "أية تعاملات" مع "بن غفير"، أو "سموتريتش"، "إذا استمروا في تبني سياسات وأفعال عنصرية"، وأن يكونوا مستعدين لإدانة الانتهاكات الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، أوضح "برايان فينوكين"، من "مجموعة الأزمات الدولية"، أنه يجب على "واشنطن"، أيضا إلغاء اعترافها السابق بهضبة الجولان كأرض إسرائيلية، بحجة أن القيام بذلك يتعارض مع إدانة الغرب لضم روسيا أجزاء من الأراضي الأوكرانية؛ حيث إنه يجب أن تُظهر "الولايات المتحدة التزامها بحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة، سواء مام أمام أعدائها أو أصدقائها على حد سواء."
على العموم، كانت ردود الفعل الغربية إزاء آفاق السياسات المستقبلية التي قد تتبناها الحكومة الإسرائيلية الأكثر يمينية، "انتقادية"، و"متشائمة". ومع تحذير "شيندلين"، من أن الحكومة الجديدة "ستضع توجهًا ثيوقراطيًا بشكل أساسي"، تتبعه مؤسسات الدولة، أفاد "ميللر"، و"كيرتزر"، بأنه يجب على الولايات المتحدة وحلفائها إظهار "القوة، والعزم" لمحاسبة إسرائيل على السياسات البغيضة والخطاب التصعيدي الذي من المرجح أن يستخدمه القوميون المتطرفون الآن لإذكاء التوترات مع الفلسطينيين.