14/01/2023
دول الخليج تتصدر مراتب متقدمة في استطلاع أفضل وأقوى الدول في العالم
مع التطورات السياسية والاقتصادية والثقافية التي تشهدها دول العالم المختلفة، هناك دائما دافع للمقارنة بين الأنظمة والموارد والمعايير المشتركة والمتباينة. وعلى الرغم من أن تحديد بلد ما، بأنه البلد «الأفضل»، سيكون دائمًا عرضة لشكل من أشكال التحيز، فإن البيانات التي أعدتها مؤسسة «يو اس نيوز» الأمريكية تُقدم مسحًا مقارنًا موثوقًا لنقاط القوة والضعف في البلدان، عبر مجموعة من المعايير، ومن ثم تسمح برصد قائمة بالمتصدرين.
وفي بداية عام 2023 أصدرت المؤسسة أحدث قوائمها، حيث تصدرت «الولايات المتحدة، والصين، والمملكة المتحدة، وفرنسا» صدارة الترتيب الدولي في مقاييس مثل «الاقتصاد، والتراث، والتعليم، والتأثير الجيوسياسي، ونوعية الحياة»، فيما احتلت دول الخليج «مكانة عالمية» في مثل هذه القضايا.
وعلى الرغم من أن هذه المسألة متأثرة بشدة بنظرة فردية فإن الدراسة الاستقصائية عن أفضل دول العالم تهدف إلى فحص جدارة 85 دولة، بما في ذلك معظم دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وعكس التصورات العالمية للدول التي لديها القدرة على دفع التجارة، والسفر، والاستثمار في المستقبل. وفي هذه الحالة تم تحديد 73 «سمة» منفصلة للنظر فيها عبر عدة فئات، مع تحويل نتائجها «إلى مقياس يمكن مقارنته في جميع المجالات».
ومن بين النماذج الأكثر بروزًا تلك الخاصة بـ«جودة الحياة»، التي تشمل «سوق عمل مستقرًا»، و«القدرة على تحمل التكاليف»، و«الاستقرار الاقتصادي»، و«توافر أنظمة تعليم ورعاية صحية متطورة»، و«ريادة الأعمال»؛ أي ما إذا كانت الدولة تعتبر «متصلة ببقية العالم»، بينما تستفيد هي نفسها من مجتمع متعلم «مبتكر»، يستخدم بشكل أفضل «بنية تحتية وطنية متطورة»؛ وتوافر «هدف اجتماعي»؛ يُحدد من خلال «تعزيز حقوق الإنسان»، و«المساواة بين الجنسين»، و«الحرية الدينية»، و«احترام حقوق الملكية»، بالإضافة إلى «التأثير الثقافي»، فيما يتعلق بالترفيه، والأعمال، والأزياء، وما إلى ذلك، وتأثرها بشدة بالتراث التاريخي، وإمكانية الوصول إلى الثقافة في الوقت الحاضر، مثل المأكولات والسياحة.
وفي المجال الجيوسياسي، تقدم «يو اس نيوز» أيضًا تصنيفات لـ«القوة»، لمقارنة بلدان العالم، وهو مقياس يُعرَّف بأنه «أولئك الذين يتصدرون باستمرار عناوين الأخبار، ويشغلون صانعي السياسات، ويشكلون الأنماط الاقتصادية العالمية»، ولكنهم أيضًا «يبرزون تأثيرهم على المسرح العالمي»، من خلال «التحالفات، والقوة العسكرية، وكذلك النفوذ السياسي والاقتصادي خارج حدودهم».
وبالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط، احتلت «الإمارات» «المرتبة الأولى» في التصنيف، والـ«21» في الحصيلة النهائية للبلدان «الأفضل»، والـ«9» في قائمة المتصدرين «السلطة». ومع إجمالي ناتج محلي وطني بلغ 359 مليار دولار أمريكي، ونصيب للفرد من هذا الناتج أكثر من 66.000 دولار؛ سجلت «يو اس نيوز» كيف أن الاقتصاد الإماراتي بات «على قدم المساواة مع اقتصادات دول أوروبا الغربية الرائدة»، فيما اعتبره «المنتدى الاقتصادي العالمي» أنه «الأكثر تنافسية في العالم العربي».
ومن حيث المعايير التي حصلت بموجبها «الإمارات» على «الأعلى»، في الاستطلاع، وُصفت أيضا بأنها «ديناميكية»، (برصيد 96.8/100)، و«تقدمية» بـ(72/100)، وتجذب الشركات بنجاح، نظرًا إلى كونها «مرتبطة جيدا ببقية العالم» (73.5/100). وتوفر «وصولاً سهلاً إلى رأس المال» (72.3/100)، مع الاستفادة أيضًا من «بنية تحتية متطورة» (85/100)، و«بيئة ضريبية مواتية» (79.6/100). وفيما يتعلق بـ«جودة الحياة»، التي تحتل فيها المرتبة «26» عالميًا، أكدت المؤسسة «فوائد الاستقرار الاقتصادي» (89.6/100)، و«سوق العمل الجيد» (69.9/100)، و«الاستقرار السياسي» (64.9%).
وفيما يتعلق بترتيبها من حيث «القوة» تم الاستشهاد بأن لها تأثيرا دوليا في الاقتصاد (90.9/100)، والسياسة (63.6/100)، وأنها تستفيد من «التحالفات الدولية القوية» (73.2/100). وتُظهر علامة أخرى بروزها على الساحة الدولية من خلال «مؤشر جواز السفر»، حيث يأتي «الأقوى في العالم»، حيث يُسمح لحامله بالسفر بدون تأشيرة إلى 122 دولة، و59 دولة بتأشيرة لدى الوصول إلى المطار، ومتطلب تأشيرة مسبقة لـ17 دولة فقط. وبالمقارنة، يوفر نظيره الأمريكي السفر بدون تأشيرة إلى 118 دولة، ولكنه يتطلب أيضًا توفير تأشيرة مسبقة عند زيارة 25 دولة.
كما جاءت «السعودية» في المرتبة «34»، كأفضل دولة في العالم، حيث تقدمت مرتبة واحدة عن العام الماضي. ومع إجمالي ناتج محلي إجمالي بلغ 834 مليار دولار، ونصيب فرد يقترب من 50.000 دولار، تم تصنيفها بأنها «عملاق في الشرق الأوسط»، من حيث «مساحة الأرض، والثروة»، وسجلت أعلى درجاتها في «ثقافتها المؤثرة» (60.3/100)، و«علاقاتها ببقية العالم (53.5/100)، و«تاريخها الثري» (63.3/100)، فضلاً عن كونها مستقرة اقتصاديًا (76.7/100)، أما فيما يتعلق بمعايير «القوة» وتصنيفاتها فقد احتلت المرتبة «11» من حيث التأثير الاقتصادي (86.5/100)، والتأثير السياسي (61.6/100)، بينما تم تقييم «تحالفاتها الدولية القوية» بنحو (53.5/100)، وتعد تلك المعايير نقاط القوة الرئيسية لدى الرياض.
ووفقًا للتصنيف فإن البحرين التي تم إدراجها في قائمة أقوى دول العالم لعام 2022 احتلت حاليًا المرتبة «67»، حيث إن موقعها المحوري لنقل النفط يمنحها «مزايا استراتيجية»، و«أدوارًا مهمة»، في علاقاتها الخارجية، بالإضافة إلى أنها تعد «وجهة جذابة» في المنطقة من قبل الوافدين عليها والسائحين الأجانب، ومختلف الشركات الأجنبية. ومن بين نقاط التقييم التي سجلت أعلى الدرجات بها عنصر «الانفتاح التجاري» (49.5/100)، و«تجنبها للبيروقراطية» (70.4/100)، وتمتعها ببيئة ضريبية مواتية للمستثمرين (100/35.1). وإجمالاً ووفق تصنيفات ومعايير «القوة»، احتلت المرتبة الـ«61»، في ضوء إبراز استقرارها الاقتصادي وأمنها وسلامتها.
وبالمقارنة، جاءت سلطنة «عُمان» متأخرة مع نظرائها الخليجيين في القائمة، حيث احتلت المرتبة الـ«78»، ومع ذلك وُصفت بأنها «دولة ذات دخل مرتفع»، ولطالما كانت موضع اهتمام للقوى الأجنبية؛ بسبب موقعها الاستراتيجي بالنسبة إلى التجارة. كما أحرزت أعلى الدرجات في «فئة الاستثمار الاقتصادي»، و«عدم وجود بيروقراطية ملحوظة»، (76.8/100)، إلى جانب «تكاليف التصنيع الرخيصة» (28.7/100)، وتمتعها بـ«بيئة ضريبية مواتية» 100/17.9)).
وفي جميع أنحاء دول الخليج، سلطت القائمة الضوء على الأهمية الكبيرة لهذه البلدان، باعتبارها «أكبر دول محركة عالميًا»، وهو مقياس لمعدلات النمو المستقبلي لدولة ما من حيث الناتج المحلي الإجمالي. وتعتمد القائمة في ذلك على توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2026، من قبل «صندوق النقد الدولي»، وكذلك مدى استعداد تلك الدول لمواجهة التحديات التي يفرضها الاقتصاد العالمي؛ ولتحقيق النجاح الذي تحتاج إليه من أجل اكتساب المرونة والزخم.
وبهذا المعنى، تتصدر «الإمارات» الدول الخليجية بالنسبة إلى هذا المقياس، بدرجة تبلغ (100/100)، ثم تأتي «السعودية» (70.1/100)، فيما جاءت «البحرين»، الـ«38»، (22.3/100)، و«عُمان»، الـ«48» (17.4/100). ولا شك أن هذه الدرجات وضعت دول الخليج فوق مستوى أداء الاقتصادات الغربية الراسخة، مثل هولندا، وكندا، والمملكة المتحدة، في هذا الصدد، وهو ما يؤكد كيفية استعداد هذه الدول للاستمرار في عمليات التنمية الاقتصادية، والتقدم خلال العقود المقبلة.
وفضلا عن ذلك، هناك دول احتلت الصدارة بناءً على معايير أخرى. وحول الدول «الأكثر نفوذًا في العالم» تصدرت «الولايات المتحدة»، و«الصين»، و«المملكة المتحدة»، و«فرنسا»، القائمة. وحلت «الإمارات» في المرتبة الـ«9»، و«السعودية» الـ«15»، و«البحرين»، الـ«69»، و«عمان» الـ«80». وبالنسبة إلى «جذب الاستثمارات الخارجية» كانت «الإمارات» في المرتبة «السابعة»، متقدمة على سويسرا، وكندا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، و«السعودية» الـ«28»، و«البحرين» الـ«38»، و«عُمان» الـ«58». كما تعتبر «الإمارات» أيضًا من بين الدول العشر «الأكثر تطلعًا وتفاؤلاً بشأن المستقبل في العالم»، و«السعودية» الـ«59»، و«عُمان»، الـ«71»، و«البحرين» الـ«74».
ووفقًا لمقياس «جودة التعليم» احتلت «الإمارات» المرتبة «الأولى خليجيًا»، حيث جاءت الـ«28»، و«السعودية» الـ«32»، و«البحرين» الـ«60»، و«عُمان» الـ«70». وفيما يتعلق بـ«أفضل الدول التي يمكن للمرأة العيش والعمل فيها» احتلت «السويد، والنرويج، وفنلندا، والدنمارك» الصدارة في هذا الصدد، وجاءت «الإمارات» في المرتبة «31»، و«السعودية» الـ«41»، و«البحرين» الـ«51» و«عُمان» الـ«63».
أما بالنسبة إلى بقية منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فقد أحرزت العديد من الدول «تقييمات جيدة» في معايير متعددة. واحتلت «تركيا» المرتبة الـ«30»، و«مصر» الـ«35»، و«المغرب» الـ«43»، و«الأردن» الـ«66»، و«تونس» الـ«69»، و«لبنان» الـ«79»، و«الجزائر» الـ«80»، و«إيران» الـ«83».
وبالمقارنة، أحرزت «تركيا»، التي احتلت المرتبة «17» في قائمة أقوى دول العالم، درجات عالية من حيث «التأثير الثقافي والتراثي» بـ(87.6/100)، وبالنسبة إلى «أطعمتها الرائعة» (89.9/100)، وقُيمت قدرة العديد من المعالم الثقافية بها على جذب السائحين بـ(82.8/100). وبالمثل حصلت «مصر» على درجات عالية في عنصري «التأثير الثقافي عبر التراث»، حيث حصلت على (100/100)، وبالنسبة إلى «التاريخ الغني والفريد» على حد سواء.
وبالنسبة إلى بقية دول العالم اعتُبرت كل من «سويسرا» و«ألمانيا» و«كندا» و«الولايات المتحدة» و«السويد»، و«اليابان» دولا رائدة في جميع المقاييس الخاصة بالقائمة. ومن بين الاقتصادات الرئيسية الأبرز عالميًا احتلت «المملكة المتحدة» و«فرنسا» المرتبة «8 و9» على التوالي، و«الصين» الـ«17»، و«روسيا» الـ«36»، فيما جاءت كازاخستان وأوزبكستان وبيلاروسيا في المراتب الأربع الأخيرة.
على العموم، من المهم ملاحظة أن قائمة «يو إس نيوز» حول أفضل الدول وأقواها عالميًا لا تزال أداة محدودة في تحديد دقة أوجه مقارنة جميع دول العالم، ولا سيما أن عناصر «سهولة تحديد وقياس النقاط المتعلقة بـ«القوة العسكرية»، و«الاقتصادية»، و«عوامل الجذب السياحي»، بالإضافة إلى العناصر مثل «التأثيرات الثقافية»، و«السعادة المحلية»، و«الوعي الاجتماعي»، كلها مقاييس يمكن التلاعب في تفسيراتها وجوانب تحيزها. علاوة على ذلك فإن بيانات المسح الخاصة بالقائمة غير مكتملة، حيث لم يتم إدراج «الكويت»، مع العلم أنها تقع بمنطقة الخليج، كما لم يتم إدراج سوى تسع دول من إفريقيا.
ومع ذلك، فإن هذه القائمة واستطلاعاتها لأفضل البلدان عالميًا تقدم «لمحة سريعة» عن حجم التصورات العالمية للبلدان المختلفة، ونقاط القوة والضعف فيها، وسبل تحسينها. وفي ضوء ذلك فإن الأهمية المتزايدة لدول الخليج في جميع المجالات جديرة بالملاحظة.