top of page

مقالات رئيس المركز 

د. عمر الحسن

Picture No.3.JPG
07/02/2023

مجلس التعاون الخليجي.. أمين عام جديد وطموحات مشروعة

أعلن‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‮»‬،‭ ‬تعيين‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الكويتي‭ ‬‮«‬جاسم‭ ‬البديوي‮»‬،‭ ‬أمينا‭ ‬عاما‭ ‬جديدا‭ ‬للمجلس،‭ ‬اعتبارا‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬فبراير2023،‭ ‬خلفا‭ ‬للدكتور‭ ‬‮«‬نايف‭ ‬الحجرف‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬انتهت‭ ‬فترة‭ ‬ولايته‭ ‬في‭ ‬31‭ ‬يناير‭. ‬وتتعلق‭ ‬الآمال‭ ‬بالأمين‭ ‬العام‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬إنجازات‭ ‬المجلس،‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬هدفه‭ ‬الأسمى‭ ‬في‭ ‬الوحدة‭ ‬الخليجية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكانته‭ ‬كمنظمة‭ ‬إقليمية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬وتدعيم‭ ‬العلاقات‭ ‬البينية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات‭ ‬بين‭ ‬دوله‭ ‬في‭ ‬مناخ‭ ‬إقليمي‭ ‬ودولي‭ ‬حافل‭ ‬بالأطماع‭ ‬التي‭ ‬تهددها‭. ‬

وفي‭ ‬واقع‭ ‬الأمر،‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الطموحات‭ ‬شخصية‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬الجديد،‭ ‬وتأهيله‭ ‬الأكاديمي‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والإعلامي،‭ ‬والمناصب‭ ‬التي‭ ‬شغلها،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬سفيرًا‭ ‬لبلاده‭ ‬لدى‭ ‬واشنطن،‭ ‬ورئيسا‭ ‬لبعثة‭ ‬الكويت‭ ‬لدى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وحلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلنطي،‭ ‬وسفيرها‭ ‬لدى‭ ‬جمهورية‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭. ‬ومنذ‭ ‬التحاقه‭ ‬بالخارجية‭ ‬الكويتية،‭ ‬ملحقًا‭ ‬دبلوماسيًّا‭ ‬في‭ ‬1992،‭ ‬شغل‭ ‬مناصب‭ ‬دبلوماسية‭ ‬عديدة‭ ‬لدى‭ ‬النمسا‭ ‬واليابان‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬فيما‭ ‬يساند‭ ‬هذا‭ ‬الطموح‭ ‬أيضا‭ ‬الدور‭ ‬المحوري‭ ‬الذي‭ ‬أدّته‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الكويتية‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬اللُحمة‭ ‬الخليجية‭ ‬وعودة‭ ‬المجلس‭ ‬إلى‭ ‬مسار‭ ‬إنجازاته‭.‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الشعوب‭ ‬الأوروبية‭ ‬التي‭ ‬حفل‭ ‬تاريخ‭ ‬علاقاتها‭ ‬البينية‭ ‬بالصراعات‭ ‬والحروب،‭ ‬قد‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬إنجاز‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الذي‭ ‬بلغ‭ ‬مع‭ ‬تولي‭ ‬‮«‬البديوي‮»‬،‭ ‬43‭ ‬عامًا،‭ ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬تحقق‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز؟‭.. ‬ومن‭ ‬المعلوم،‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬إنشاء‭ ‬مجلس‭ ‬للتعاون‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الست،‭ ‬قد‭ ‬نبعت‭ ‬من‭ ‬مبادرة‭ ‬أمير‭ ‬البحرين‭ ‬الراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ -‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭- ‬ونفذها‭ ‬باقتدار‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‮»‬،‭ ‬ورحبت‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬دولة‭ ‬الكويت،‭ ‬حيث‭ ‬حظيت‭ ‬بمباركة‭ ‬أميرها‭ ‬المرحوم‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬جابر‭ ‬الأحمد‭ ‬الصباح‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬أيدها‭ ‬وتبناها،‭ ‬وعهد‭ ‬إلى‭ ‬جامعة‭ ‬الكويت‭ ‬بدراسة‭ ‬المقترح‭ ‬الوليد‭ ‬وإخراجه‭ ‬إلى‭ ‬النور‭.‬

ومنذ‭ ‬قيام‭ ‬المجلس‭ ‬عام‭ ‬1981،‭ ‬تعاقَبت‭ ‬على‭ ‬أمانته‭ ‬شخصيات،‭ ‬لم‭ ‬يقتصر‭ ‬دورها‭ ‬على‭ ‬تسيير‭ ‬عمله‭ ‬الإداري،‭ ‬وإنما‭ ‬واجهت‭ ‬تحديات‭ ‬وأدارت‭ ‬أزمات‭ ‬اختلفت‭ ‬في‭ ‬حجمها‭ ‬وقوة‭ ‬تأثيرها‭ ‬من‭ ‬فترة‭ ‬لأخرى،‭ ‬بعضها‭ ‬متواصل‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭.. ‬وبمناسبة‭ ‬تولي‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬السابع‭ ‬للمجلس‭ ‬نستعرض‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬أداء‭ ‬وإنجازات‭ ‬الأمناء‭ ‬العامين‭ ‬السابقين،‭ ‬وكيف‭ ‬أداروا‭ ‬تحديات‭ ‬وأزمات‭ ‬واجهتهم‭ ‬أثناء‭ ‬توليهم‭ ‬مهامهم‭.‬

أول‭ ‬أمين‭ ‬عام‭ ‬هو‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الكويتي‭ ‬‮«‬عبد‭ ‬الله‭ ‬يعقوب‭ ‬بشارة‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬تولى‭ ‬أمانة‭ ‬المجلس‭ ‬من‭ (‬مايو‭ ‬1981‭ ‬وحتى‭ ‬31‭ ‬مارس‭ ‬1993‭).. ‬وسأتكلم‭ ‬عن‭ ‬‮«‬بشارة‮»‬،‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬معرفتي‭ ‬به،‭ ‬أثناء‭ ‬وبعد‭ ‬توليه‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة،‭ ‬فقد‭ ‬واجه‭ ‬صعوبة‭ ‬النشأة‭ ‬والتأسيس،‭ ‬ونجح‭ ‬في‭ ‬تثبيت‭ ‬المجلس‭ ‬على‭ ‬خريطة‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬الفاعلة،‭ ‬وأصبح‭ ‬يحتل‭ ‬موقعًا‭ ‬مميزًا‭ ‬داخل‭ ‬تلك‭ ‬المنظمات؛‭ ‬بسبب‭ ‬سياسته‭ ‬المتوازنة‭ ‬والعقلانية،‭ ‬كما‭ ‬استطاع‭ ‬خلق‭ ‬إدراك‭ ‬لدى‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬منفردة‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬بها،‭ ‬وأن‭ ‬عليها‭ ‬التعاون‭ ‬لردعها،‭ ‬وأن‭ ‬المجلس‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭ ‬وليس‭ ‬انفصالًا‭ ‬عنه،‭ ‬فيما‭ ‬بذل‭ ‬جهودًا‭ ‬وافرة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الخلافات‭ ‬الحدودية‭ ‬بين‭ ‬أعضائه‭ ‬بحكمة‭ ‬واقتدار،‭ ‬فتم‭ ‬تسوية‭ ‬النزاع‭ ‬الحدودي‭ ‬السعودي‭ ‬الإماراتي‭ ‬في‭ ‬1984،‭ ‬ومع‭ ‬عُمان‭ ‬1990،‭ ‬وأدار‭ ‬بنجاح‭ ‬مساندة‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬للعراق‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬خلال‭ ‬الثمانينيات،‭ ‬واستثمر‭ ‬اتصالاته‭ ‬العربية‭ ‬والدولية‭ ‬ومهاراته‭ ‬الإعلامية‭ ‬في‭ ‬تحرير‭ ‬الكويت‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬العراقي‭.‬

ومنذ‭ ‬السنوات‭ ‬الأولى‭ ‬لإنشاء‭ ‬المجلس،‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬التنسيق‭ ‬الدفاعي،‭ ‬والتشابك‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بين‭ ‬دوله،‭ ‬فكان‭ ‬توقيع‭ ‬‮«‬الاتفاقية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الموحدة‮»‬‭ ‬في‭ ‬1981،‭ ‬وإنشاء‭ ‬‮«‬قوات‭ ‬درع‭ ‬الجزيرة‮»‬‭ ‬في‭ ‬1982،‭ ‬و«اتفاقية‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‮»‬‭ ‬في‭ ‬1983،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬السماح‭ ‬للمؤسسات‭ ‬والوحدات‭ ‬الإنتاجية‭ ‬بفتح‭ ‬مكاتب‭ ‬تمثيلية‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬عضو،‭ ‬فارتفع‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬البينية‭ ‬من‭ ‬نحو‭ ‬6‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬1984،‭ ‬إلى‭ ‬9‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬1992‭. ‬وتحول‭ ‬المجلس‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬دولية‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬لها‭ ‬إمكانيات‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬حيث‭ ‬سعى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬اتفاق‭ ‬تجارة‭ ‬حرة‭ ‬معها‭. ‬وكان‭ ‬‮«‬بشارة‮»‬،‭ ‬بارعًا‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬التهديدات‭ ‬منطلقًا‭ ‬للتطوير‭ ‬والتضامن‭ ‬والبناء‭ ‬الموحد،‭ ‬وحين‭ ‬كشفت‭ ‬أزمة‭ ‬الغزو‭ ‬العراقي‭ ‬للكويت،‭ ‬قصورًا‭ ‬في‭ ‬أساليب‭ ‬وآليات‭ ‬عمل‭ ‬المجلس‭ -‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬العسكري‭ ‬والأمني‭- ‬عمل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬نقطة‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬المجلس،‭ ‬نحو‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬والاستقرار‭.‬

الأمين‭ ‬العام‭ ‬الثاني،‭ ‬هو‭ ‬الإماراتي‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬فاهم‭ ‬القاسمي‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬تولى‭ ‬الأمانة‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ (‬1‭ ‬أبريل‭ ‬1993،‭ ‬حتى‭ ‬31‭ ‬مارس‭ ‬1998‭)‬،‭ ‬واستطاع‭ ‬بقدراته‭ ‬القيادية‭ ‬والشخصية‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬وصعاب،‭ ‬انتقل‭ ‬بعضها‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬الفترة‭ ‬السابقة،‭ ‬مثل‭ ‬قضية‭ ‬جزر‭ ‬الإمارات،‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬مستجد،‭ ‬مثل‭ ‬العراق‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬حليفًا‭ ‬ثم‭ ‬أصبح‭ ‬معتديًا،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬ملفات‭ ‬أخرى،‭ ‬منها‭ ‬إيران‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬تتوعد‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬لوقوفها‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬العراق‭.. ‬وتلك‭ ‬الشخصية‭ ‬أعرفها‭ ‬جيدًا،‭ ‬فهو‭ ‬مبادر‭ ‬عروبي‭ ‬دمث‭ ‬الخلق،‭ ‬متواضع،‭ ‬وقد‭ ‬زار‭ ‬مركز‭ ‬‮«‬الخليج‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬أرأسه‭ ‬في‭ ‬لندن‭. ‬وبصفتي‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬الفخري‭ ‬لمجموعة‭ ‬أصدقاء‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬البريطاني،‭ ‬أقمت‭ ‬له‭ ‬غداء‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البرلمان،‭ ‬حضره‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬وأعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬اللوردات،‭ ‬وسفراء‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وشخصيات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬وإعلامية،‭ ‬تحاورت‭ ‬معه‭ ‬بشأن‭ ‬أوضاع‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬وهمومها،‭ ‬وخرجوا‭ ‬بانطباع‭ ‬إيجابي‭ ‬عن‭ ‬شخصيته‭ ‬وأشادوا‭ ‬بها‭.‬

عمل‭ ‬‮«‬القاسمي‮»‬،‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬الداخل‭ ‬أولًا‭ ‬لمواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬الخارج‭ ‬بقوة‭ ‬الصف‭ ‬الواحد،‭ ‬وفي‭ ‬عهده‭ ‬تمت‭ ‬إحالة‭ ‬النزاع‭ ‬الحدودي‭ ‬البحريني‭ ‬القطري‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1994،‭ ‬فيما‭ ‬سعى‭ ‬إلى‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إقرار‭ ‬نظام‭ ‬جديد‭ ‬لأمن‭ ‬المنطقة،‭ ‬وعدم‭ ‬الارتكان‭ ‬في‭ ‬حمايتها‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬فقط‭. ‬ومع‭ ‬عدم‭ ‬قبول‭ ‬فكرة‭ ‬إنشاء‭ ‬جيش‭ ‬خليجي‭ ‬موحد،‭ ‬استطاع‭ ‬الخروج‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬الرياض‭ ‬1993‭ ‬بصيغة‭ ‬بديلة،‭ ‬وتشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬عليا‭ ‬لمتابعة‭ ‬تنفيذها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أثمر‭ ‬عن‭ ‬توافق‭ ‬وزراء‭ ‬الدفاع‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬1995‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬فعالية‭ ‬قوات‭ ‬درع‭ ‬الجزيرة،‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬فرقة‭ ‬مشاة‭ ‬كاملة،‭ ‬وإجراء‭ ‬تدريبات‭ ‬مشتركة،‭ ‬وإقامة‭ ‬مركز‭ ‬عمليات‭ ‬مشترك‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي،‭ ‬وشبكات‭ ‬اتصالات‭ ‬موحدة،‭ ‬ودراسة‭ ‬إنشاء‭ ‬شبكات‭ ‬إنذار‭ ‬مبكر‭ ‬لتأمين‭ ‬حدودها‭.‬

كما‭ ‬تولى‭ ‬رعاية‭ ‬المطالب‭ ‬الكويتية‭ ‬لدى‭ ‬العراق،‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬قضايا‭ ‬الأسرى‭ ‬والمفقودين،‭ ‬والتعويضات،‭ ‬وترسيم‭ ‬الحدود،‭ ‬ومتابعة‭ ‬القرارات‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة،‭ ‬مع‭ ‬تأكيد‭ ‬الثوابت‭ ‬الخليجية‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬العراق‭ ‬وسلامة‭ ‬أراضيه،‭ ‬وأقنع‭ ‬سوريا‭ -‬التي‭ ‬كانت‭ ‬حليفة‭ ‬لإيران‭- ‬بالتوقيع‭ ‬على‭ ‬بيان‭ ‬قمة‭ ‬مسقط‭ ‬1995،‭ ‬بشأن‭ ‬حق‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬جزرها‭ ‬الثلاث،‭ ‬ودعوة‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬التفاوض‭ ‬أو‭ ‬إحالة‭ ‬القضية‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬وتفعيل‭ ‬ما‭ ‬قررته‭ ‬تلك‭ ‬القمة،‭ ‬بشأن‭ ‬الوقوف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬تتخذها‭ ‬لتحقيق‭ ‬أمنها‭ ‬واستقرارها،‭ ‬وإدانة‭ ‬قمة‭ ‬الدوحة‭ ‬في‭ ‬1996‭ ‬الأعمال‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬الخبر‭ ‬السعودية‭. ‬واقتصاديًّا‭ ‬كانت‭ ‬إقامة‭ ‬مركز‭ ‬التحكيم‭ ‬التجاري‭ ‬في‭ ‬1993،‭ ‬وارتفاع‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬البينية‭ ‬من‭ ‬9‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬1992،‭ ‬إلى‭ ‬12‭.‬3‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬1996،‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬بلورة‭ ‬آلية‭ ‬تنسيق‭ ‬خليجية‭ ‬أوروبية‭.‬

و«جميل‭ ‬الحجيلان‮»‬،‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬الثالث‭ (‬من‭ ‬1‭ ‬أبريل‭ ‬1998‭ ‬–‭ ‬31‭ ‬مارس‭ ‬2002‭).. ‬السعودي‭ ‬الذي‭ ‬جمع‭ ‬بين‭ ‬ثلاثية‭ ‬الخبرات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والسياسية‭ ‬والإعلامية،‭ ‬ومنح‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬خلاصة‭ ‬هذه‭ ‬الخبرات‭ ‬والتجارب،‭ ‬وبنى‭ ‬على‭ ‬إنجازات‭ ‬سلفه،‭ ‬وحافظ‭ ‬على‭ ‬استمرارية‭ ‬المجلس،‭ ‬كواحد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬التكتلات‭ ‬الإقليمية‭. ‬وفي‭ ‬عهده‭ ‬تم‭ ‬حل‭ ‬النزاع‭ ‬الحدودي‭ ‬بين‭ ‬السعودية‭ ‬واليمن‭ ‬عام‭ ‬2000،‭ ‬وبين‭ ‬قطر‭ ‬والبحرين‭ ‬في‭ ‬2001،‭ ‬وبين‭ ‬قطر‭ ‬والسعودية‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬العام،‭ ‬لتكتمل‭ ‬مسارات‭ ‬دور‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬مشكلة‭ ‬الخلافات‭ ‬الحدودية‭. ‬وبعد‭ ‬تحسن‭ ‬العلاقات‭ ‬الإيرانية‭ ‬الخليجية‭ ‬بعد‭ ‬وصول‭ ‬خاتمي‭ ‬إلى‭ ‬سدة‭ ‬الحكم،‭ ‬حاول‭ ‬تسوية‭ ‬قضية‭ ‬الجزر‭ ‬الإماراتية،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬وجد‭ ‬مماطلةً‭ ‬وتسويفًا‭ ‬إيرانيًّا،‭ ‬وفي‭ ‬الشأن‭ ‬العراقي‭ ‬أسهمت‭ ‬جهوده‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬لهجة‭ ‬الخطاب‭ ‬الخليجي،‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬يسعى‭ ‬لتخفيف‭ ‬معاناة‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ (‬قمة‭ ‬الرياض‭ ‬1999‭)‬،‭ ‬والتخفيف‭ ‬من‭ ‬وطأة‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬عليه‭ (‬قمة‭ ‬المنامة‭ ‬2000‭)‬،‭ ‬كما‭ ‬أثمرت‭ ‬جهوده‭ ‬في‭ ‬محاولات‭ ‬الوساطة‭ ‬بين‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬والكويت‭ ‬والسعودية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2000‭ ‬لتعود‭ ‬العلاقات‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها‭. ‬

وفي‭ ‬المجال‭ ‬الاقتصادي‭ ‬أسهمت‭ ‬جهوده‭ ‬في‭ ‬الارتقاء‭ ‬بحجم‭ ‬التجارة‭ ‬البينية‭ ‬من‭ ‬12‭.‬3‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬1996‭ ‬إلى‭ ‬15‭.‬1‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬2002،‭ ‬وتم‭ ‬توقيع‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬2001،‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬اتحاد‭ ‬جمركي،‭ ‬وسوق‭ ‬مشتركة،‭ ‬واتحاد‭ ‬اقتصادي‭ ‬ونقدي،‭ ‬كما‭ ‬شهدت‭ ‬فترته‭ ‬بدء‭ ‬مشروع‭ ‬الربط‭ ‬الكهربائي،‭ ‬وإصدار‭ ‬‮«‬استراتيجية‭ ‬التنمية‭ ‬الخليجية‭ ‬الشاملة‭ ‬2000‭ ‬–‭ ‬2025‮»‬،‭ ‬و«الاستراتيجية‭ ‬الخليجية‭ ‬الصناعية‭ ‬الموحدة‮»‬‭. ‬وقاد‭ ‬حملة‭ ‬إعلامية‭ ‬سياسية‭ ‬بعد‭ ‬تفجير‭ ‬برجي‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬نيويورك‭ ‬سبتمبر‭ ‬2001،‭ ‬تطالب‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬بعدم‭ ‬التسرع‭ ‬واتهام‭ ‬البيئة‭ ‬الخليجية‭ ‬برعاية‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬تعاني‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬الإرهاب‭ ‬كغيرها‭.‬

و«عبدالرحمن‭ ‬العطية‮»‬،‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬الرابع‭ ‬للمجلس‭ (‬1‭ ‬أبريل‭ ‬2002‭ ‬–‭ ‬31‭ ‬مارس‭ ‬2011‭)‬،‭ ‬هو‭ ‬السياسي‭ ‬والدبلوماسي‭ ‬القطري‭ ‬القدير،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬واسعة‭ ‬بالصعوبات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬العمل‭ ‬الخليجي،‭ ‬وقد‭ ‬ورث‭ ‬تحديات‭ ‬متراكمة‭ ‬من‭ ‬الفترات‭ ‬السابقة،‭ ‬زاد‭ ‬عليها‭ ‬الغزو‭ ‬الأمريكي‭ ‬للعراق‭ ‬في‭ ‬2003،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬بداية‭ ‬لتحول‭ ‬العراق‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬فاشلة،‭ ‬وأوجد‭ ‬خللًا‭ ‬في‭ ‬التوازن‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لصالح‭ ‬إيران،‭ ‬الذي‭ ‬أخذ‭ ‬نفوذها‭ ‬يتسع‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬تصاعد‭ ‬أزمة‭ ‬ملفها‭ ‬النووي،‭ ‬وتدخلاتها‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬لدول‭ ‬المجلس،‭ ‬وزرع‭ ‬الفتنة‭ ‬الطائفية‭ ‬بين‭ ‬شعوبها،‭ ‬وتعددت‭ ‬أوجه‭ ‬تهديداتها،‭ ‬وتم‭ ‬التحسب‭ ‬لهذه‭ ‬التهديدات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إعداد‭ ‬التقارير‭ ‬الدورية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬وتقديمها‭ ‬إلى‭ ‬قادة‭ ‬المجلس،‭ ‬ما‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬بلورة‭ ‬استراتيجية‭ ‬خليجية‭ ‬علمية،‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬إعادة‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬للعراق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعم‭ ‬إقرار‭ ‬حكومة‭ ‬وحدة‭ ‬وطنية،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬ترك‭ ‬المجال‭ ‬مفتوحًا‭ ‬أمام‭ ‬إيران،‭ ‬بإعادة‭ ‬فتح‭ ‬السفارات‭ ‬الخليجية‭ ‬في‭ ‬بغداد،‭ ‬والدخول‭ ‬في‭ ‬علاقات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتجارية‭ ‬وسياسية‭ ‬معها‭.‬

وكانت‭ ‬فترة‭ ‬‮«‬العطية‮»‬،‭ ‬حافلة‭ ‬بالإنجازات،‭  ‬لما‭ ‬اتسم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬حزم‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬استشراف‭ ‬الأمور‭ ‬والاطلاع‭ ‬الواسع،‭ ‬وأهمية‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬بنوك‭ ‬الأفكار‭ ‬من‭ ‬أكاديميين‭ ‬وخبراء‭ ‬لبحث‭ ‬مختلف‭ ‬القضايا‭. ‬وفي‭ ‬إدارته‭ ‬للملف‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬ركز‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬النووية‭ ‬السلمية،‭ ‬لكن‭ ‬بشرط‭ ‬إشراف‭ ‬الهيئات‭ ‬الدولية‭ ‬عليها،‭ ‬وتوفير‭ ‬معايير‭ ‬سلامة‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭. ‬ولمواجهة‭ ‬الإرهاب‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬تفعيل‭ ‬اتفاقية‭ ‬الدفاع‭ ‬الخليجي‭ ‬المشترك،‭ ‬وتبني‭ ‬استراتيجية‭ ‬خليجية‭ ‬شاملة‭ ‬لمكافحته،‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬لإنشاء‭ ‬مركز‭ ‬دولي‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أقرته‭ ‬القمة‭ ‬التشاورية‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2006،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬تشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬دائمة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب‭. ‬وفي‭ ‬المجال‭ ‬الاقتصادي‭ ‬يحسب‭ ‬له‭ ‬إقامة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي‭ ‬في‭ ‬2003،‭ ‬والسوق‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬2008،‭ ‬وإقرار‭ ‬مشروع‭ ‬السكة‭ ‬الحديدية‭ ‬الخليجية‭ ‬في‭ ‬2009،‭ ‬والاتحاد‭ ‬النقدي‭ ‬في‭ ‬2010‭.‬

والأمين‭ ‬العام‭ ‬الخامس‭ ‬هو‭ ‬البحريني‭ ‬د‭. ‬‮«‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬الزياني‮»‬‭ (‬من‭ ‬1أبريل‭ ‬2011–31‭ ‬يناير2020‭)‬،‭ ‬وقد‭ ‬تولى‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬زادت‭ ‬فيه‭ ‬التحديات،‭ ‬وارتفع‭ ‬فيه‭ ‬منسوب‭ ‬التوتر‭ ‬الأمني؛‭ ‬بسبب‭ ‬تزايد‭ ‬تدخل‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬الداخلية،‭ ‬وزرع‭ ‬خلايا‭ ‬تجسس‭ ‬وشبكات‭ ‬إرهابية‭ ‬فيها،‭ ‬ونشر‭ ‬الفتنة‭ ‬الطائفية‭ ‬بين‭ ‬شعوبها،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬استمرار‭ ‬أزمة‭ ‬ملفها‭ ‬النووي،‭ ‬وزيادة‭ ‬تدخلاتها‭ ‬في‭ ‬الأزمة‭ ‬اليمنية‭ ‬وانتهازها‭ ‬أحداث‭ ‬ما‭ ‬سُمي‭ ‬بالربيع‭ ‬العربي‭ ‬لمدّ‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬واليمن،‭ ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬تداعيات‭ ‬أمنية‭ ‬وسياسية‭ ‬خطيرة‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬تعثر‭ ‬إنجاز‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي،‭ ‬وتأجيل‭ ‬استحقاقاته‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬حاليًا‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬وعدم‭ ‬التوافق‭ ‬على‭ ‬الاتحاد‭ ‬النقدي،‭ ‬وأزمة‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬منظمات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية،‭ ‬ثم‭ ‬كان‭ ‬أخطر‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬الأزمة‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الخليجي‭ ‬نفسه‭.‬

ومع‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬أسهم‭ ‬‮«‬الزياني‮»‬،‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬التنموية‭ ‬الخليجية،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والصحة‭ ‬والكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬والغذاء‭ ‬والشباب‭ ‬والمرأة‭ ‬والإعلام،‭ ‬وكان‭ ‬له‭ ‬دوره‭ ‬الفاعل‭ ‬نحو‭ ‬التوافق‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬دعوة‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ - ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭- ‬الملك‭ ‬‮«‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‮»‬،‭ ‬بقيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬الرياض‭ ‬2011،‭ ‬وتعزيز‭ ‬المواطنة‭ ‬الخليجية،‭ ‬وتنفيذ‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬بإعلان‭ ‬الرياض‭ ‬2015،‭ ‬بشأن‭ ‬مضاعفة‭ ‬الجهد‭ ‬لاستكمال‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬تقود‭ ‬مسيرة‭ ‬المجلس،‭ ‬نحو‭ ‬التكامل،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬حضوره‭ ‬الفاعل‭ ‬في‭ ‬المشاركات‭ ‬الدولية،‭ ‬وإسهامه‭ ‬في‭ ‬التطوير‭ ‬الإداري‭ ‬للمنظومة‭ ‬الخليجية،‭ ‬وتفعيل‭ ‬دورها‭ ‬سياسيًّا‭ ‬ودبلوماسيًّا‭. ‬وكانت‭ ‬ثمرة‭ ‬نجاحه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬تكليفه‭ ‬بقيادة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية‭ ‬خلفًا‭ ‬للشيخ‭ ‬‮«‬خالد‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‮»‬‭.‬

والأمين‭ ‬العام‭ ‬السادس‭ ‬د‭. ‬‮«‬نايف‭ ‬الحجرف‮»‬‭ (‬1‭ ‬فبراير‭ ‬2021‭ ‬–‭ ‬31‭ ‬يناير‭ ‬2023‭)‬،‭ ‬ثاني‭ ‬كويتي‭ ‬يتولى‭ ‬هذا‭ ‬المنصب،‭ ‬وهو‭ ‬صاحب‭ ‬خلفية‭ ‬اقتصادية‭ ‬ومالية‭ ‬كبيرة،‭ ‬وتم‭ ‬التعويل‭ ‬عليه‭ ‬لتحقيق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الإنجازات‭ ‬التي‭ ‬ينتظرها‭ ‬المواطن‭ ‬الخليجي،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬التعافي‭ ‬من‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬وارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط،‭ ‬وعودة‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬إلى‭ ‬مواصلة‭ ‬تنفيذ‭ ‬رؤاها‭ ‬المستقبلية،‭ ‬وإعطاء‭ ‬دفعة‭ ‬لحجم‭ ‬التجارة‭ ‬البينية‭ ‬التي‭ ‬وقفت‭ ‬عند‭ ‬حد‭ ‬11‭%‬‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬التجارة‭ ‬الخليجية‭ ‬الخارجية،‭ ‬وبقيمة‭ ‬نحو‭ ‬90‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭. ‬وقد‭ ‬عُرف‭ ‬عنه‭ ‬قربه‭ ‬من‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬الراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬صباح‭ ‬الأحمد‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬قام‭ ‬بوساطات‭ ‬عدة‭ ‬استهدفت‭ ‬تقريب‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬بين‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬والبحرين‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وقطر‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬ليعمل‭ ‬على‭ ‬تأكيد‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الكويتية‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬الخلافات‭ ‬الخليجية،‭ ‬ما‭ ‬وضع‭ ‬‮«‬الحجرف‮»‬،‭ ‬أمام‭ ‬اختبار‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخرجات‭ ‬قمة‭ ‬العُلا‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬العلاقات‭ ‬الخليجية–الخليجية‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها‭ ‬قبل‭ ‬الأزمة،‭ ‬واعتبار‭ ‬الأزمة‭ ‬الخليجية‭ ‬وضعًا‭ ‬استثنائيًّا‭ ‬لسنوات‭ ‬مضت‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬قمة‭ ‬العُلا‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬القمة‭ ‬الخليجية‭ ‬‮«‬41‮»‬،‭ ‬هي‭ ‬قمة‭ ‬‮«‬رأب‭ ‬الصدع‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬عليها،‭ ‬بدت‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬ملحة‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬دفع‭ ‬تعيد‭ ‬الدفء‭ ‬إلى‭ ‬العلاقات‭ ‬الخليجية–الخليجية،‭ ‬وتحقق‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬المنطقة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬بينها،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬المسببات‭ ‬والخلافات‭ ‬الماضية‭. ‬وفي‭ ‬القمة‭ ‬الخليجية‭ (‬42‭) ‬في‭ ‬الرياض،‭ ‬التي‭ ‬عُقدت‭ ‬وسط‭ ‬منعطفات‭ ‬مفصلية،‭ ‬أبرزها‭ ‬استمرار‭ ‬التهديدات‭ ‬الإيرانية،‭ ‬والتراجع‭ ‬الأمريكي‭ ‬عن‭ ‬الالتزام‭ ‬بأمن‭ ‬المنطقة؛‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬حرص‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات،‭ ‬وفيها‭ ‬طلبت‭ ‬الكويت‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بمنصب‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للمجلس،‭ ‬وبعد‭ ‬نحو‭ ‬شهر‭ ‬من‭ ‬موافقة‭ ‬المجلس،‭ ‬أعلن‭ ‬تعيين‭ ‬الكويتي‭ ‬‮«‬جاسم‭ ‬البديوي‮»‬،‭ ‬ليكون‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬السابع،‭ ‬والذي‭ ‬أمامه‭ ‬مسؤوليات‭ ‬جسام،‭ ‬أبرزها‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخرجات‭ ‬القمة‭ ‬الخليجية‭ ‬42،‭ ‬وقبلها‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الأزمة‭ ‬الخليجية‭ ‬كشيء‭ ‬من‭ ‬الماضي،‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬المجلس‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الدولي‭.‬

{ انتهى  }
bottom of page